تواجه مصر بعد ثورة25 يناير2011 تحديات كبري نسجتها وشكلت معالمها عهود الحكم السابقة عبر أعوام طويلة مضت من الاهمال الجسيم في بناء جسد الاقتصاد الوطني والاغفال الشديد لبث الروح في هذا الجسد والتي هي العدل الاجتماعي. وتولد عن ذلك اقتصاد مريض يسري في اعضائه الظلم الاجتماعي..فبلغة الأرقام نري إقتصاد مصر يتوجع ويتألم من بطالة لاكثر من3 ملايين من أبناء هذا الوطن الذين هم في سن العمل ويقدرون عليه ويبحثون عنه ولكن لايجدونه, ويتركز هؤلاء في محافظات القاهرةوالجيزة, والبحيرة, وكفر الشيخ والغربية, والمنيا, واسيوط, وسوهاج وقنا, ونحو16 مليونا من المصريين يعيشون تحت خط الفقر وهم غير القادرين علي تغطية احتياجاتهم الضرورية من مسكن ومأكل وملبس وعلاج وتعليم وانتقال. ويتركز معظم هؤلاء في محافظات الجيزة, والفيوم, واسيوط, وسوهاج وقنا والأقصر وبإضافة أفقر20% من سكان باقي المحافظات يقترب إجمالي الفقراء في مصر من نحو30 مليون مواطن. ويقدر عدد الأحياء الفقيرة في القاهرة وحدها بنحو50% من سكان العاصمة, وهذه الأحياء هي حلوان, والمطرية, والبساتين وحدائق القبة, والزيتون, وعين شمس, والزارية الحمراء, ودار السلام ومنشية ناصر, والدويقة. وعلي الجانب المقابل لهذا المشهد نري فئة قليلة من المصريين تتمتع بثراء فاحش ودخول ضخمة وهذه الفئة هي التي تمتلك القصور والفيلات والمنتجعات والسيارات واليخوت الفاخرة والطائرات الخاصة وهي ايضا التي تقوم بالسياحة الترفيهية الخارجية باهظة النفقات وتعتمد علي المنتجات والخدمات المستوردة من الخارج وتجسد هذه الفئة بجانب ضآلة الأجور, والمرتبات والمعاشات للطبقة العاملة وعدم العدالة الضريبية والحرمان من الخدمات العامة والظلم الاجتماعي الجائر الذي يئن منه هذا الوطن. وأمام هذا المشهد المؤلم للواقع الاقتصادي والاجتماعي في مصر, نعرض دور الدولة ومايجب أن تقوم به ومن ذلك توفير الأمن الداخلي والخارجي والاستقرار السياسي ووضع السياسات والقوانين والتشريعات التي تحفز الاستثمار وتستنهض مصر اقتصاديا, والرقابة علي الاداء والتدخل عند الضرورة لمنع الانهيار تصحيح المسار وكذلك إقامة مشروعات البنية التحتية الاساسية اللازمة للتوسع الاستثماري, وتحقيق العدل الاجتماعي من خلال مد مظلة التأمين الصحي,الشامل للأسر الفقيرة وأصحاب المعاشات ودعم التعليم لابناء هذه الاسر ووضع حد أدني للاجور والمعاشات يكفل الحياة الكريمة لابناء هذا الوطن وحد أقصي للأجور يساهم في تحقيق العدل الاجتماعي مع إقرار الضرائب التصاعدية علي الدخل واعفاء الدخول المنخفضة حتي1000 جنيه شهريا من الضرائب ولكن نجد أن هذا الدور يصطدم بموازنة عامة يلتهمها خدمة الدين الذي تجاوز التريليون جنيه والدعم والاجور ولايبقي إلا القليل للانفاق علي التعليم والصحة والبنية الاساسية لذلك فاننا نقدم مقترحا نراه مناسبا كمخرج وآلية فعالة للاستنهاض الاقتصادي ويقوم هذا المقترح علي مبدأين الاول أن الاستنهاض الاقتصادي والعدل الاجتماعي هما الاساس للاستقرار السياسي واقامة الدولة المدنية الديمقراطية اذ لا استقرار سياسي ولاديمقراطية مع استمرار الفقر والبطالة والظلم الاجتماعي والمبدأ الثاني الذي يقوم عليه المقترح هو أنه لن يبني مصر: لا المصريون بسواعدهم وعقولهم وأموالهم ويتكون هذا المقترح من عنصرين يختص الاول بالاستنهاض الاقتصادي ويتمثل في قيام الدولة بالاعلان عن تأسيس خمس شركات قابضة مساهمة مصرية تمول بأموال المصريين في الداخل والخارج بقيمة مائة جنيه فقط للسهم الواحد وتوزيع هذه الشركات علي مناطق قناة السويس, الوجه البحري, والقاهرة الكبري, والوجه القبلي* وشبه جزيرة سيناء, وتركز هذه الشركات علي مناطق تركز البطالة والصناعات كثيفة العمالة أما العنصر الثاني فيتعلق بالاستنهاض الاجتماعي ويتضمن هذا العنصر من المقترح انشاء مؤسسة عملاقة للتكافل الاجتماعي تغذي من أموال الزكاة, ونسبة من موارد الكنيسة, ونسبة من المنح التي تحصل عليها الدولة ونسبة من فائض مؤسسات الاعمال بعد الضرائب بجانب التبرعات وتوجه أموال هذه المؤسسة الي إقرار معاش لكل من هو ليس له دخل وغير قادر علي العمل, واعانة بطالة لمن هو قادر علي العمل ويبحث عنه ولايجده, ودعم هيئة التأمين الصحي لمد مظلة التأمين الصحي للاسر الفقيرة بالاضافة الي دعم الجمعيات الأهلية التي لها رصيد من الانجازات الوطنية علي أن يعمل هذا المقترح جنبا الي جنب مع قيام الدولة بدورها في مجال وضع السياسات والقوانين والتشريعات والرقابة واجراءات إقامة العدل الاجتماعي الاخري السابق ذكرها