تكدس..زحام..إرهاق..تذمر..شجار.. ملامح أساسية للمواصلات العامة في ظل ما نعانيه من عدم تشغيل أسطول النقل العام بكامل طاقته نظرا لما تعانيه من تهالك عدد كبير منه, فضلا عما تعج به الشوارع والميادين من اختناق مروري أوشك علي الانفجار.. وسط هذه الأجواء أصدر محافظ القاهرة قرارا بتزويد أسطول النقل العام بنحو1500 أتوبيس إضافي خلال عام كخطوة أولي قد تسهم في تقليل الضغط علي وسائل المواصلات.. بالإضافة إلي محاولة الارتقاء بمستوي خدمة النقل العام لجذب أكبر عدد ممكن من أصحاب السيارات الخاصة ومن ثم إحداث نوع من السيولة المرورية بالشوارع.. يأتي ذلك وسط تخوفات من قبل خبراء المرور من عدم نجاح المشروع ومن ثم إسهامه في زيادة الأزمة تعقيدا, ///// ركاب النقل العام يرحبون بالقرار ويقترحون افكار لتعظيم الاستفادة رحب عدد من مستخدمي وسائل المواصلات العامة بقرار تزويد أسطول النقل العام.. معربين عن تعطشهم لإيجاد وسيلة مواصلات آمنة ومريحة ومتوسطة الأجرة لتحد من معاناتهم اليومية أثناء الذهاب والعودة من العمل وتغنيهم عن جشع أصحاب شركات المواصلات الخاصة علي حد سواء.. تقول سميرة أحمد, طالبة بجامعة أكتوبر, إن الفكرة جيدة لأنها ستقلل من حدة الزحام داخل أتوبيسات النقل العام, حيث يتم ملؤها بالركاب حتي باب الأتوبيس, لافتة إلي أن هناك العديد من المواطنين الغلابة- وهم كثر- الذين لا يجدون بديلا عن وسائل النقل العام نظرا لرخص الأجرة, وبالتالي فإن زيادة عدد الأتوبيسات سيحد من الضغط علي وسائل المواصلات بصفة عامة ومترو الأنفاق بصفة خاصة. فيما يرحب خالد جمال, بائع ملابس بمنطقة وسط البلد, بالقرار لأنه سيحد من الزحام في وسائل المواصلات خاصة في أوقات الذروة المتمثلة في وقت ذهاب وإياب المواطنين من وإلي العمل, حيث تتكدس الأتوبيسات مما يجبر البعض علي الانتظار طويلا علي رصيف المحطة لحين وجود أتوبيس غير مزدحم, مما يؤدي إلي ازدحام المحطات بالمواطنين وتأخرهم عن الوصول في مواعيدهم. قرار ممتاز..قالتها سمية مصطفي, ربة منزل, مشيرة إلي أنها تعاني من جراء ركوب الأتوبيسات المزدحمة, حيث تضطر أحيانا كثيرة للوقوف وسط الرجال مما يعرضها لمواقف محرجة يمكن تفاديها بتقليل حدة الزحام من خلال زيادة عدد الأتوبيسات, مقترحة بتخصيص عدد من الأتوبيسات الجديدة للسيدات فقط, علي أن يكون لها ألوان مخصوصة لحل مشكلة التحرش التي باتت سمة المواصلات العامة بسبب شدة ازدحامها. هي الطرق ناقصة زحمة.. بهذه الكلمات بدأ عبد الفتاح محمد, بائع فاكهة, حديثه, مشيرا إلي أن الطرق لا تتسع لمزيد من الأتوبيسات, مقترحا إمكانية اقتصار تشغيل الأتوبيسات الجديدة علي المناطق النائية والتي تتميز بعدم الزحام, أما في حال تشغيلها في خطوط السير التي تمر بوسط البلد فمن المؤكد أنها ستزيد من حدة الاختناق المروري, موضحا أن القرار يعتبر جيدا, ولكن يجب تفعيله بصورة سليمة. فيما توضح سلوي محمود, موظفة بإحدي الشركات الحكومية, أن الفكرة رائعة, كما أن جميع المقترحات غالبا ما تشهد بداية جيدة عند التنفيذ, إلا أنها سرعان ما تشهد تدهورا نتيجة الإهمال من قبل المواطنين وغياب دور الدولة في المتابعة والإشراف والتوعية بحسن استخدام الخدمات المقدمة من قبل الحكومة, مشيرة إلي الأتوبيس المكيف المعروف بCTA, والذي كان يعد طفرة في وسائل المواصلات العامة عند بداية تشغيله, ولكن سرعان ما تدهور ليصبح شأنه كشأن بقية الأتوبيسات, بسبب سوء الاستخدام وغياب الصيانة والمتابعة من قبل الحكومة. ///// المسئولون يؤكدون المشروع سيجذب اصحاب السيارات ويحد كم الاختناق المرورى ويخفف اعباء المواطنين يؤكد المسئولون القائمون علي هذا المشروع أنه بناء علي العديد من الدراسات فإن خطوة زيادة أسطول النقل العام سيلعب دورا محوريا في الحد من الأزمة المرورية وتخفيف الحمل الذي يقع علي عاتق المواطنين أثناء استقلالهم وسائل المواصلات العامة التي دائما ما تكتظ بالركاب في مشهد غير آدمي.. ويقول اللواء هشام عطية, نائب رئيس هيئة النقل العام, إن إجمالي عدد الأتوبيسات المقرر إضافتها لأسطول النقل العام هو1500 أتوبيس خلال عام, حيث سيتم توقيع عقد توريد أول دفعة والتي يبلغ عددها400 أتوبيس في غضون هذا الأسبوع, ويتبعها600 أتوبيس سيتم تدبيرها في المرحلة الثانية عن طريق القوات المسلحة بقرض أو منحة من دولة الإمارات, وتتضمن المرحلة الثالثة توريد200 أتوبيس بقرض من البنك الدولي, علي أن تتضمن المرحلة الأخيرة توريد300 أتوبيس بقرض من البنك الدولي. وعن فترة التجربة للمشروع, يوضح أن هناك400 مركبة تم تجريب نوعية المحركات المستخدمة بها من قبل ومن ثم فلا تحتاج إلي فترة اختبار, أما الأتوبيسات التي ستعمل بالغاز الطبيعي فسيتم وضعها تحت الاختبار لمدة زمنية محددة, وإذا ثبت نجاح التجربة سيتم تعميمها. ويلفت إلي أنه بعد توريد كامل الكمية المقررعددها بنحو1500 أتوبيس, سيتم تخصيص جزء منها بأسعار معينة لخدمة مناطق وخطوط محددة كالقاهرة الجديدة ومنطقة السادس من أكتوبر ومحيط منطقة الجامعة الألمانية, وذلك لتشجيع أصحاب السيارات الخاصة للاستغناء عن سياراتهم في مقابل استخدام وسائل النقل العام, والتي ستتضمن بعض العوامل الجاذبة كتوفير الأماكن للجلوس ووجود المكيفات داخلها, مشيرا إلي أنه منذ4 أشهر تمت تجربة أتوبيس مكيف ميني باص33 راكبا علي جميع الخطوط, بسعر أجرة3 جنيهات, والذي أثبت نجاحه وإقبال المواطنين عليه. ويقول خالد مصطفي, المستشار الإعلامي لمحافظة القاهرة, إنه تم التنسيق مع وزارة المالية لتوفير ملياري جنيه وهي التكلفة الإجمالية لتوريد الأتوبيسات, موضحا أن أسطول النقل العام الحالي مكون من560,2 أتوبيسا, ويعمل منه فعليا ما بين200,1 و250,1 أتوبيسا فقط, حيث يوجد العديد من المركبات المتهالكة بسبب كثرة الاستخدام فمنها ما يتعدي أعمارها ال20 عاما. وعن توقعات نجاح المشروع, يشير المستشار الإعلامي إلي أن المشروع بناء علي العديد من الدراسات, سيحد من الاختناق المروري في العاصمة حيث أن الدفعة الجديدة من الأتوبيسات ستحمل وحدها نحو مليون مواطن يوميا, ومن ثم ستخفف معاناة المواطنين الممثلة في التكدس في وسائل المواصلات, مشيرا إلي أن هذه المركبات ستتميز بالعديد من عوامل الجذب, والتي قد تشجع أصحاب السيارات الخاصة علي الاستغناء عن سياراتهم واستقلال وسائل المواصلات العامة. //// اصحاب السيارات الخاصة نحتاج مواصفات خاصة لاستبدال النقل العام بالسيارة يؤكد عدد ممن يمتلكون سيارات خاصة أنه من الصعب الاستغناء عن السيارة الخاصة التي تعد الوسيلة الأئمن والأفضل بالنسبة لهم كما أنها تقيهم شر ازدحام المواصلات..لافتين إلي أنه في حال توفير معايير الراحة والأمان وإيجاد معاملة آدمية فمن الممكن استبدال سياراتهم بالمواصلات العامة.. يشيد عمر زهوي, طالب ثانوي, بقرار محافظ القاهرة, لافتا إلي أنه يستقل سيارته الخاصة للذهاب إلي أماكن تلقي الدروس الخصوصية, لأنها ذات مواعيد محددة, فيصعب الاعتماد علي وسائل المواصلات التي لا مواعيد لها, مشيرا إلي أنه في حال توافر أتوبيسات بمواعيد سوف تلقي قبولا من قبل العديد من المواطنين, وقد تغني عن استخدام السيارات الخاصة. فيما يقول مهدي مصطفي, تاجر فاكهة بسوق العبور, إنه يصعب عليه الاستغناء عن سيارته أثناء الذهاب للعمل, لأنها الوسيلة الوحيدة التي توفر له كل سبل الراحة, مؤكدا أنه في حال توفير أماكن للجلوس في الأتوبيسات العامة ومعاملة آدمية للركاب فقد يستغني عن سيارته في بعض الأوقات. وتري مني حسن, ربة منزل, صعوبة في التنقل بالأتوبيسات العامة بصحبة أطفالها الثلاثة, خاصة وأنها تلاحظ المعاملة السيئة التي يتلقاها ركاب النقل العام من قبل السائق الذي يقود أحيانا بسرعة جنونية التي قد تتسبب في إيذاء بعض الركاب أو وقوعهم علي الأرض أثناء النزول من الأتوبيس, كما يتعرضون أحيانا للسباب وسماع ألفاظ بذيئة من قبل السائق, بالإضافة إلي عدم تنظيف الأتوبيسات بصورة جيدة, الأمر الذي يؤدي إلي تراكم الفيروسات داخلها. المواصلات أرخص بس بهدلة..بهذه الكلمات بدأت بتول محمد, مدرسة, حديثها, قائلة إنها تنفق كثيرا من المال علي وقود سيارتها الخاصة, إلا أنها تري أن ذلك أفضل من ركوب المواصلات العامة المزدحمة, مؤكدة أنه في حال توافر مواصلات تتوافر بها الشروط الآدمية, فمما لا شك فيه أن ذلك سيدفعها للاستعاضة بها عن سيارتها الخاصة. ويوافقها الرأي محمد سامي, موظف بأحد البنوك, مشيرا إلي أن متطلبات عمله تتطلب منه ارتداء زي رسمي والتحلي بمظهر أنيق, ومن ثم فيصعب الحفاظ علي مظهره هكذا وسط تكدس الركاب في المواصلات صباحا, لافتا إلي أنه اضطر ذات مرة لاستقلال أتوبيس نقل عام بسبب تعرض سيارته لحادث, إلا أن ملابسه تعرضت للتمزق, مؤكدا أنه في حال إتاحة أماكن مريحة للجلوس في الأوتوبيسات, بجانب التهوية الجيدة, فقد يغري ذلك العديد من أصحاب السيارات الخاصة. //// لخبراء المرور حسابات اخرى يقول اللواء مجدي الشاهد, خبير مروري, إن مشروع زيادة أسطول النقل العام يعد تفكيرا إيجابيا إلا أن هناك بعض الأولويات التي يجب أن تسبق هذا المشروع, وذلك من أجل توفير عوامل النجاح له وحتي يؤتي المشروع ثماره, وتتمثل هذه الأولويات في الارتقاء بمستوي المحاور والطرق حتي تكون لدينا طرق ممهدة قابلة للسير عليها من قبل المركبات الجديدة, لافتا إلي أن من أبرز العوامل المؤدية لتهالك الطرق هي الحمولات الكبيرة التي يسمح بمرورها علي الطرقات دون مراعاة للحد الأقصي للحمولة الواجبة. ويوضح ضرورة تفعيل دور المجلس الأعلي للمرور والذي تم تأسيسه بقرار جمهوري منذ عام1982, علي أن يتولي مهمة وضع الاستراتيجية العامة للمرور علي مستوي الجمهورية, ويتكون من ممثلين للمحافظين ومديريات المرور وأساتذة الجامعات وجميع الهيئات والوزارات المعنية بالمرور وعن مدي احتمالية نجاح مشروع تزويد أسطول النقل العام, يؤكد اللواء الشاهد أن طرح هذا الكم الهائل من الأتوبيسات الجديدة والمقدر ب1500 أتوبيس جديد سيؤدي إلي تفاقم الأزمة المرورية في العاصمة, وقد يحدث شلل تام, كما أن الاعتقاد بأن اصحاب السيارات الخاصة سيقومون بالاستغناء عن سياراتهم في مقابل استخدام وسيلة النقل العام يعد تصورا خاطئا, لأن نسبة المواطنين الذين لا يملكون سيارات خاصة تفوق نسبة من يمتلكون سيارات أضعاف المرات, ويتضح ذلك من مشاهد تكدس وسائل النقل العام ومترو الأنفاق يوميا بالركاب. ويوضح الخبير المروري أن السبيل الوحيد للاستفادة من هذا المشروع تتمثل في إما إحلال الأتوبيسات الجديدة محل الأتوبيسات المتهالكة, أو توجيهها للجمهور الخارجي أي المسافرين القادمين من الوجه البحري والقبلي, نظرا لأن30% من حركة المرور في القاهرة تتمثل في القادمين من المحافظات, ومن ثم فتوفير هذه الأتوبيسات لهذا الغرض قد يسهم في تقليل حدة الزحام المروري في القاهرة, خاصة في ظل توقف حركة القطارات. في المقابل يري اللواء أحمد عاصم, المنسق العام للإعلام المروري, أن قرار محافظ القاهرة يأتي في إطار تنفيذ إحدي أهم التوصيات التي طالما خرجت بها المؤتمرات المعنية بالأزمة المرورية في مصر, والتي ناشدت بضرورة التطوير والارتقاء بمستوي وسائل النقل العام للحد من استخدام السيارات الخاصة. ويشير إلي بعض المشروعات التي يجب تنفيذها بالتوازي مع هذا المشروع, كدراسة كيفية إيجاد مسارات مستقلة وخاصة ب الأتوبيسات الجديدة, بخلاف مسارات السيارات, حتي تكون أسرع ومن ثم يزداد الإقبال عليها, لافتا إلي ضرورة فرض تسعيرة متوسطة حتي تكون في متناول المواطن العادي. رابط دائم :