ليس مطلوبا أن نتعامل مع محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي من منظور تبادل الأدوار مع المخلوع حسني مبارك, أو أن يحتل الإخوان مقاعد إحنا آسفين ياريس وأن تتحول إلي فصول من التسلية والمعارك الكلامية أمام مقر المحاكمة تنتهي بحكم لا يرضي القاتل ولا. وبعيدا عن الاتهام بالتخابر أو الجاسوسية أو قتل المتظاهرين أو التفريط في أرض الوطن, فإنه لا ينبغي أن تخلو محاكمة المعزول من أدلة تحاسبه علي الفساد السياسي وأن تكون تلك الأدلة بمثابة المحرك الذي يغير أوراق وملفات محاكمة المخلوع فقد أفسد كلاهما وارتكب حماقات باسم السياسة في حق الوطن فعلها المعزول من اجل الأهل والعشيرة وأرتكبها المخلوع إرضاء للمنتفعين من رجال الأعمال والمستثمرين وخدم ملف التوريث المفقود. وكنت أتمني ألا تكون بين محاكمة المعزول وقضايا المخلوع أي رابط للشماتة, أو مبرر للاستقطاب, أو أي وسيلة تشير إلي أن ما يحدث مجرد تبادل للكراسي, فهذا غير صحيح ولا أساس له أمام إرادة الشعب التي نسفت المخلوع وفجرت أكاذيب المعزول وأبطلت شظايا قنابل جماعته ومن معه. والذي يؤسف أن أنصار المعزول أنفسهم هم من يتعاملون مع القضية من هذا المنظور بدليل أنهم يدعون للزحف الكبير علي المحاكمة وإبطالها خروجا علي طاعة من يسمونهم برجال النظام السابق ويبررون بأنه يريد العودة للانتقام من محمد مرسي وإخوانه علي دورهم في ثورة25 يناير وكأن سرقة الجماعة للثورة ومحاولة توظيفها لخدمة أغراض دنيئة وصفقات سرية مع المجلس العسكري والقوي السياسية وحلفاء الخارج دور بطولي يستحقون عليه المكافأة. وكنت أتمني ألا يدمن طرف من الطرفين قلب الحقائق والأوضاع عملا بالمثل الشعبي المجدد سياسيا: كلم السياسي يلهيك واللي فيه يجيبوا فيك فالإخوان يدعون إلي الزحف الكبير بحجة أن الخيانة تحاكم الأمانة, والديكتاتورية تحاكم الديمقراطية, والفساد يحاكم الإصلاح, والقتلة يحاكمون الشهداء, والعملاء يحاكمون الوطنيين, و الدمويون يحاكمون إرادة الشعب وكأن الإخوان أبرياء في معارك الخيانة والديكتاتورية والفساد والقتل والدموية والعمالة رغم أن غالبية المصريين أدركوا أن التنظيم المحظور هو المادة الخام لتلك الصفات التي تعد من مكملات شخصية الإخواني, والمباركيون ينظرون إلي الموقف وكأنه انتصار لتاريخ مبارك وأنهم كائنات منزوعة الفساد خالية من الاستبداد مجردة من القمع كاملة الممارسة الديمقراطية والاستقرار ومكملة الأمن وبانية الوطن رغم أن هؤلاء المباركيين هم النماذج الواضحة لكل فساد ورمز الدكتاتورية وأساس وأد أية ولادة شعبية للديمقراطية. وبالتالي فإننا ينبغي أن نتجاهل حراك الإخوان وزحفهم وسيناريوهاتهم لتخريب الوطن وأن نتجاهل أيضا صيحات المباركيين الذين يحلمون بالعودة إلي أحضان الفساد الأكبر وأن تكون محاكمة المعزول تجديدا لدماء محاكمة المخلوع وأن يكون النصر للشعب وليس للجماعة أو عبيد التوريث. رابط دائم :