الفن هو سفير بلاده خارج حدوده, والفن يتقدم بالموهبة والابداع وإذا أضفنا عنصرا ثالثا فهو بلا تردد الحرية. لا تصنع الأموال إبداعا ولا فنا, ولا يمكن أن تصنع الدول فنا محترما يكون عنوانا لها في المحافل الدولية عبر إنفاقها أموالا علي الفنون, السينما هي إحدي تلك الفنون التي تلعب الأموال فيها دورا مهما بل أساسيا ولكن مع ذلك لا يمكن للدول النفطية الغنية ولا سلطنة بروناي صناعة فيلما عالي المستوي يرفع اسم بلادها في المهرجانات السينمائية فكما قال الراحل أمل دنقل, تلك أشياء لا تشتري. لكن ممكن أن ترفع سينما راقية اسم بلادها في المحافل الدولية حتي لو كانت تلك الدولة من أفقر دول العالم( كما حدث مع جمهورية تشاد وبنجلاديش) أو كانت الدولة مغضوبا عليها سياسيا كما هو الحال مع السينما الإيرانية التي أذهلت العالم ومازالت بفنها السينمائي الراقي ورفيع المستوي بالرغم من تصوير الغرب لدولة إيران نفسها كإمبراطورية الشر. آخر تلك الدول التي بدأ العالم يعلم عن سينماتها الكثير ويهتم بظروف الصناعة فيه هي تايلاند, وذلك من بعد فوز فيلهما( العم بونمي الذي عاش حياة سابقة) بسعفة مهرجان كان السينمائي الأخير. الفيلم من إخراج المخرج التايلاندي ابتشاتبونج وير اسيتاكول, وقد فاز الفيلم بالسعفة لمهرجان كان2010 لأسلوبه المتفرد في السرد, وبالتالي لعدم تشابهه مع أساليب السرد المعتاد عليها وهو يعني أصالة إبداع المخرج وعدم تقليده لأساليب الغير, فهو عبر أسلوب فنتازي يسرد الحياة السابقة لأحد العجائز ومن خلال قصته تلك يتعرف العالم علي الحياة اليومية في تايلاند. من بعد هذا الحدث بدأ العالم يهتم بمخرج الفيلم بشكل خاص وبالسينما التايلاندية بشكل عام وبدأت الصحف الأجنبية تلقي الضوء علي ظروف صناعة السينما التي لا نعرف عنها شئ سوي كونها بلدا سياحيا وإعصار تسونامي والإضرابات السياسة هناك. فقد ألقت الصحف الغربية الضوء علي وضع الرقابة في تايلاند والصراع الذي خاضه المخرج ضد لجنة الرقابة في تايلاند من أجل ألا يتم حذف أي مشهد من مشاهد فيلمه حيث رأت الرقابة هناك أن به بعض المشاهد تتعرض للدين والمعتقدات. وخلال الأحاديث التي أدلي بها المخرج بعد فوزه بالسعفة الذهبية أعلن أن السينمائيين في بلاده لا يستطيعون العمل لحظر تناولهم لموضوعات سينمائية تتناول الدين والسياسة وهو ما يجعل معظم أفلام السينما التايلاندية أفلاما للحركة أو أفلاما كوميدية. فقد منعت الرقابة في تايلاند فيلما يقدم رجال عصابات يتنكرون في زي رهبان بوذيين في الوقت الذي تزخر أفلام الحركة بمشاهد عنف مقيت. هذا النجاح ألقي الضوء علي تايلاند وسينما تايلاند, فكم من الممكن أن يكون عمل سينمائي واحد مساويا لكل الجهود المبذولة من قبل الجهات الرسمية للتعريف بثقافة دولة أو بالتعريف بها ولنا في أفلام شادي عبد السلام خير مثال. [email protected]