أثارت مبادرة "امنع النقاب" التي أطلقتها حملة "لا للأحزاب الدينية" منذ أيام جدلًا واسعًا في الأوساط المختلفة ما بين مؤيد ومعارض، فيرى البعض أنها دعوة عنصرية، معتبرين أن النقاب حرية شخصية، وآخرون يرون فيه خطرًا يحدق بالأمن القومي. الدكتور عبد الحميد زيد، رئيس قسم الاجتماع، بجامعة الفيوم، كانت له وجهة نظره الخاصة بشأن هذه الظاهرة، حيث يرى أن موضوع ارتداء النقاب من عدمه، حرية شخصية تحكمها المعتقدات الدينية التي تتوقف على اتجاه فهم الإنسان وعلاقته بخالقه، مستنكرًا، محاربة النقاب بأي حال من الأحوال، متسائلًا: "كيف ندعي الديمقراطية ونفرض وجهة نظر في مسألة مثل النقاب؟!". وأوضح رئيس قسم الاجتماع، أن ارتداء النقاب ظاهرة ترجع لقدرة الشخص على تفسير العقيدة ورؤيته إليها، ولا يحق لأحد فرض وجهة نظره، وتابع قائلًا: إن رجال الدين هم الأولى في الحديث في تلك المسألة، لبيان مدى مشروعيتها. وأرجع عبدالحميد انتشار النقاب بشكل ملحوظ إلى فترة السبعينيات، خاصة بعد اتصال مصر بالدول العربية والخليجية، حيث برز النقاب كأحد أساسيات التراث في "الملابس"، كما كان هناك تطورات أخرى في "الأزياء" بمصر، لاتصالها بدول أخرى. الدعوة التي أحدثت ضجة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تصدى لها سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، معتبرًا إياها توصية دينية غير مقبول بها، مشيرًا إلى أنه ليس لأحد فرض النقاب أو منعه على غيره، أما العلماء، فلهم دورهم فى إظهار العلم والدين للناس وليس فرضه عليهم، إعمالًا بقوله تعالى "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ". وأشار الهلالي، إلى أن فكرة منع النقاب لتحديد الهوية الشخصية، مرتبطة برجال الأمن، ومن حقهم وضع الضوابط العامة لتأمين الوطن. وجاء رأي الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، موافقًا للهلالي، حيث رأى أن منع النقاب حركة لا يمكن إقرارها من قريب أو بعيد، معتبرًا أن قضايا الوطن أكبر من أن ننشغل بثقافة الأزياء. وتساءل أستاذ الفقه المقارن، أن الذين يريدون منع النقاب لماذا لا يمنعون ملابس التبرج؛ لأن النقاب ليس فرضًا، وليس مكروهًا ولا حرامًا فهو من الأمور الجائزة التي تترك لعرف المجتمع والقناعة الشخصية. من جانبها، قالت دينا فاروق، المتحدث الإعلامي باسم حملة "لا للأحزاب الدينية"، إن حملة "امنع نقاب"، ليست حملة مطلقة، وإن هناك قرارًا بمنع النقاب داخل أسوار الجامعة، مضيفة: "نطالب بمنعه في المؤسسات الحكومية التي تشهد اتصالًا مباشرًا بين المواطنين والمنتقبات"، واصفة النقاب ب"البدعة" التى تهدد الأمن القومي، فكل يوم هناك فقد في صفوف قواتنا، وهناك رجال يتخفون وراء النقاب، ومن حقي كمواطنة أكون على علم بمن أتحدث إليها، كما أن المطالبة بمنع النقاب في المؤسسات الحكومية، لا يعتبر اعتداء على الحرية الشخصية. نورا محمد، طالبة بكلية آداب جامعة عين شمس، دفعها شعورها بعدم الآمان إلى التضامن مع الحملة، حيث يستدعى الأمر تحديد هوية بعض الأشخاص، خاصة مع انتشار ظاهرة "المتسترين خلف النقاب". فيما أشارت نسرين سامي، طالبة بالجامعة نفسها، إلى أنها ليست معترضة علي فكرة "النقاب" لكن الوقت الحالي يتطلب المعارضة- علي حد قولها- ففترة الستينات كانت وقتًا مثاليًا للأمان ولم يلق النقاب وقتها أي حملات معارضة. ومع انتشار حملة "امنعوا النقاب" أطلق سلفيون حملة "دعم النقاب"، معلنين عن إجراء تخفيضات على عدد من السلع للسيدات المنتقبات لتشجيعهن عن ارتداء النقاب وتأييدهن. وأكد الشيخ سامح عبد الحميد، داعية سلفي، خلال تصريحات تليفزيونية، أن الفكرة هدفها تشجيع على النقاب والدعوة للاحتشام والصيانة والحياء، مشيرًا إلى أن "الدستور والقانون يكفلان للمرأة حرية ارتداء النقاب، والنقاب لا يُعيق الفتاة عن التعلم في المدارس والجامعات والعمل فى مختلف الوظائف". كان الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، عند تفقده أحد المعاهد الأزهرية، وجد في أحد معاهد البنات فتاة في الصف الثاني الإعدادي مرتدية النقاب برغم أن الموجودات في الفصل هن مدرساتها وزميلاتها وبالتالي لا داعي لارتداء النقاب، فأفتى بأن النقاب عادة وليست عبادة، وأيد منعه في المدارس والمعاهد والمدن الجامعية. وبرغم أن البعض عارضوه وحاربوه فإن علماء الدين أيدوا فتواه، مؤكدين أن كشف الوجه واليدين ليس بعورة. وأبدى الدكتور أحمد الطيب، والذي كان يشغل منصب رئيس جامعة الأزهر وقتها، تجاوبه مع موقف شيخ الأزهر، حيث تقرر منع الطالبات والمعلمات من ارتداء النقاب داخل المحاضرات والكليات الخاصة بالبنات، خاصة التي تقوم بالتدريس فيها المدرسات من النساء فقط. موقف الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، جاء متوافقًا لرأى شيخي الأزهر الراحل والحالي، وقد اتخذ قرارًا بمنع المنتقبات من أعضاء هيئة التدريس من دخول المحاضرات مرتدين النقاب، نهاية سبتمبر الماضي، موضحًا أن القرار تم اتخاذه لاعتبارات تربوية، ولا علاقة له بتقييد الحرية الشخصية.