لازالت أصداء قرار شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى منع النقاب فى المعاهد الأزهرية تتفاعل ففى توقيت متزامن يجرى الإعداد لجبهتين إحداهما للدفاع عن طنطاوى ودعم موقفه والأخرى للمطالبة بعزله. وعلى رأس التى إتفقت مع طنطاوى أستاذة الفقه المقارن فى جامعة الأزهر د. سعاد صالح، تصريحات والتى أعربت عن تأييدها لفكرة حظر النقاب فى الجامعات، قائلة 'إنه ليس بفرض ولا بسنة'، معللة ذلك بأنه يترتب عليه عزلة اجتماعية للمنقبات، حيث يشكل جدارا عازلا بينهن وبين محيطهن الاجتماعي، كما أنه يجسد نظرة سلبية لغير المنتقبات لا تمت إلى الدين بصلة. وجاءت هذه التصريحات عقب أنباء تفيد باعتزام شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوى إصدار قرار يمنع ارتداء النقاب فى المعاهد التابعة لجامعة الأزهر، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة من قبل علماء دين مسلمين ومنظمات حقوقية. من جانبه دعا المفكر جمال البنا لضرورة دعم طنطاوى وقال ل'القدس العربي' لا ينبغى على العلماء أن يدعوه يواجه كل هذا الهجوم بمفرده.ودعا لضرورة تفعيل قراراته الصادرة عنه بصفته الأمام الأكبر. كما أعرب رموز فى الكنيسة الأرثوذكسية عن دعمهم للشيخ طنطاوى وطالب مستشار البابا شنود للشؤون القانونية نجيب جبرائيل بضرورة وقف الهجمة الشرسة التى يتعرض لها ودعا لضرورة تفعيل قراراته الصادرة عنه بصفته الأمام الأكبر. لها.كما ندد العلمانيون الأقباط بالحملة وأعلنوا تضامنهم معى شيخ الأزهر ومن هؤلاء المحامى ممدوح نخلة والمفكر كمال زاخر وأثنى هؤلاء على الوسطية التى يتبناها طنطاوى والشجاعة التى يتحلى بها. وكان عالم الدين السعودى محمد النجيمى قد دعا شيخ الأزهر، إلى العدول عن قراره 'حتى لا يقع فى مصيبة وإلى ضرورة احترام الأديان والمذاهب'، مشدداً على أن النقاب ورد ذكره فى الحديث النبوي. أما النائب السيد عسكر فدعا للتضامن مع أولياء الأمور وجميع المنتقبات أو المحجبات وغيرهن للتضامن مع طالبات جامعة القاهرة، كما أعلن المحامى نبيه الوحش ورابطة طالبات العمل الإسلامى تضامنهم مع الطالبات المنتقبات وقد نظمت طالبات جامعة القاهرة أمس وقفة احتجاجية أخرى أمام المدينة الجامعية للطالبات بالجيزة، اعتراضا على منع المنتقبات وبعض المحجبات من السكن فى المدينة الجامعية، مطالبين الكشف عن الأسباب الحقيقية للقائمة التى تضم 126 طالبة ممنوعة من السكن بأوامر عليا. وكانت الطالبات قد إتهمن بهيجة أبو العينين مديرة المدينة الجامعية بمنع المنتقبات من السكن حتى بعد خلعهن النقاب. حيث وضعت قائمة سوداء بأسماء طالبات محرومات من السكن بينهن متفوقات وحاصلات على تقديرات مرتفعة، فضلا عن قدومهن من محافظات نائية. ويقول مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، إن منظمته لا تدعم ارتداء النقاب، ولكنها تدافع عن الحرية الشخصية والحق فى اختيار الزى الذى يتماشى مع المعتقدات الدينية، حتى وإن لم تكن هذه المعتقدات محل اتفاق فقهى وديني، واصفاً إقصاء المنتقبات بأنه سلوك تمييزى مخالف للدستور والقانون، وعلى الرغم من أنه يتفق مع الأزهر فى أن النقاب لا علاقة له بالدين الإسلامى وأنه دخيل على الثقافة المصرية، إلا أنه يشدد فى الوقت نفسه على أنه لا يحق للأزهر أن يفرض رأياً دينياً معيناً على المسلمات. من جانبها أعلنت الدكتورة ليلى سويف عضو مجموعة العمل من أجل استقلال الجامعات 9 مارس رفضها تقييد حرية الطالبات قائلة: 'بعيدا عن اتفاقنا أو اختلافنا حول النقاب إلا أنه يعد من الحريات الشخصية، وسبق أن تضامنا مع طلاب المدينة الجامعية العام الماضى بسبب حرمانهم أيضا من السكن الجامعي'. كما أعلنت نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية المستشارة د. نهى الزيني، ما صدر من شيخ الأزهر سيد طنطاوى منذ أيام بشأن نقاب تلميذة صغيرة فى إحدى معاهد الأزهر ب'الجريمة الكاملة' وقالت: 'لا أظن الحديث إلى مثل هذا الرجل الفظ غليظ القلب بذى جدوى'.. واستحلفت كل قارئ بالله يعلم بمكان من وصفتها ب'الضحية البسيطة' أن يدلها عليها لكى تتجه إليها من فورها وتضمها إلى صدرها وتخفف عنها وتعتذر لها 'تخاذلنا جميعا أمام أفعال هذا المتخاذل الأكبر' على حد وصفها. وقالت الزينى فى بيان لها إن 'القبيح حقاً هو من تلفظ بتلك العبارات القبيحة التى كشفت عن مكنون الإناء الذى نضح بها' بحسب تعبيرها، وأضافت : ولكى أقول لها بصدق أنها هى جميلة الجميلات لأنها أرادت التشبه بأجمل نساء الأرض وأطهرهن' حول ما إذا كان النقاب فريضة أو سنة، مؤكدين أن محاربة السفور والانحراف أولى من محاربة الاحتشام والعفاف. وقالت الزيني: بقى سؤال واحد أوجهه إلى ذلك الوفد الأزهرى المبجل الذى رافق الشيخ فى جولته البائسة والذى وقف أعضاؤه صامتين أمام تلك الجريمة الشنعاء، أقول لهم: ياقوم أليس منكم رجل رشيد وقال الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ الفلسفة والأخلاق الإسلامية إن تصرف شيخ الأزهر يأتى فى إطار رغبته مسايرة سياسات النظام الساعية إلى القضاء على المظاهر الإسلامية والتيار الإسلامى عموما، وفرض الأجندة العلمانية الغربية على المجتمع المصرى المسلم، لافتا إلى أن النقاب أحد الاجتهادات التى لا يجوز شرعا تحريمه أو منعه، لأن ذلك يعد محاربة لأحد الرموز الإسلامية. وفى الوقت الذى اعتبر فيه أن محاربة النقاب تأتى فى إطار جهود النظام العلمانى لمحو الهوية الإسلامية لمصر، تساءل قائلا: لماذا لا يعتبر شيخ الأزهر والنظام ارتداء النقاب حرية شخصية للمرأة مثلما أصبح السفور وكشف الرأس والصدر من باب الحرية الشخصية فى ذلك النظام العلماني؟. أما الشيخ عبد الله مجاور الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر فاعتبر أن موقف شيخ الأزهر ضد النقاب هو تدخل سافر فى شئون المرأة المسلمة، مشيرا إلى أن إجبار المرأة المسلمة على خلع النقاب قد يكون لإجراءات أمنية عند الدخول للتعرف على هويتها، بشرط أن يتولى هذا الأمر امرأة مثلها وليس رجلا. وأوضح أنه لا يجوز إصدار قرارات بمنع دخول الفتيات المنتقبات المعاهد الأزهرية أو المدارس، وأنه يمكن اعتبار النقاب من الحرية الشخصية للمرأة إذا انه من الثابت إن الحجاب هو الفرض حتى الآن، بينما هناك اختلافات فقهية حول النقاب، لكن هذا ليس مبررا لمنع الفتيات من ارتدائه. فى حين قال الدكتور محمد عبد المنعم البرى المراقب العام ل 'جبهة علماء الأزهر' إنه حتى لو لم يكن النقاب فريضة أو لا علاقة له بالدين، فإنه لا يجوز منعه أو محاربته لأنه يعنى مزيدا من الأدب والاحتشام والعفاف وقد يوقظ الضمائر. وقال البري: من الأولى محاربة الانحراف وليس الالتزام والاحتشام ومحاربة ظاهرة التحرش الجنسى التى انتشرت فى ربوع المجتمع بسبب السفور وانحراف العديد من الفتيات فى ملبسهن وسلوكياتهن من جهته، أبدى الأستاذ الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر اعتراضه على عزم شيخ الأزهر إصدار أمر بمنع ارتداء طالبات المعاهد الأزهرية النقاب داخل فصولهن. وقال: لسنا مع شيخ الأزهر فى منع النقاب عمن تريد أن تتنقب فهى لها الحرية فى ذلك دون حرج، وذلك فى أى مرحلة من مراحل عمرها ولو كانت دون سن العاشرة لأنها تكون بذلك لديها الرغبة فى أن تتحوط لنفسها بأن تزيد من التستر كما لا يجوز أيضا أجبار فتياتنا على النقاب إذا لم تكن لديهن الرغبة فى ذلك. وأوضح أن جمهور العلماء قال بأن النقاب لا يجب إلا حالة واحدة فقط وهى إذا كانت الفتاه أو المرأة بارعة الجمال ويُخشى منها الفتنة، وفى هذه الحالة يجب عليها الانتقاب وما عدا هذه الحالة يكون للمرأة حرية الاختيار، فإن انتقبت فلا ينبغى إجبارها على خلع النقاب وإذا لم تنتقب فلا يجوز إجبارها على الانتقاب. من جانبه، توجه النائب حمدى حسن عضو مجلس الشعب بسؤال برلمانى إلى رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بصفته وزير شؤون الأزهر طالب فيه بعزل شيخ الأزهر لمنعه المعلمات المنقبات أو الطالبات من دخول المعاهد الأزهرية، فيما اعتبره يسيء إلى الحكومة وللمؤسسة الدينية التى ينتمى إليها، مشيرا إلى أن شيخ الأزهر لا يدرى أن مدارس مصر ومعاهدها وجامعاتها كلها منتقبة الآن طلابا ومدرسين رجالا ونساء وفقا لما نراه فى الصور بكمامات للوقاية من أنفلونزا الخنازير. وقال حسن فى إشارة إلى واقعة قيام شيخ الأزهر بإجبار الطالبة الأزهرية على خلع النقاب، إنه تسبب فى إحراجها وطعنها فى أعز ما تفخر وتعتز به فتاة فى بداية العمر ولا ندرى أية صدمات نفسية أو جروح داخلية سببتها لها تلك الكلمات الغادرة والغير مسئولة متجاهلا أو جاهلا بأن الجمال شيء نسبى وأن جمال الروح أبقى من جمال الجسد، فضلا عن حقيقة أن ما يراه فضيلته جميلا ويفعله تراه الأمة كلها قبيحا وترفضه. وتساءل النائب: بأى حق سيصدر شيخ الأزهر قرارا بمنع المنقبات سواء كن معلمات أو طالبات من دخول المعاهد الأزهرية، لافتا إلى انه نسى أنه يزور معهدا دينيا وسيجد فيه عددا كبيرا من المنتقبات فإذا أراد أن يزور معهدا ولا يرى منتقبات ولا محجبات فعليه أن يزور معهدا للرقص الشرقى وحينها لن يجد منتقبة واحدة ولن يجد نفسه مضطرا لأن يصدر قرارا بمنع النقاب.