سددت الأممالمتحدة ضربة قوية لقانون الجمعيات الأهلية، الذي وافق عليه مجلس الشورى، حيث انتصرت لتلك الجمعيات ومنعت إمكانيات الحظر القانوني أو السياسي عنها بسبب تلقيها تمويلًا خارجيًا، ما يعني إمكانية الصدام مع مصر وغيرها من بلدان العالم، التي تقييد مثل هذا التمويل الخارجي لنشاط الجمعيات الأهلية. فقد حظر القانون، المتوقع صدوره، حظر التمويل الأجنبي لمنظمات التنمية السياسية وقصرها على التمويل المحلي فقط، وعلى أرض الواقع لا يوجد مصادر تمويل من هذا النوع، وجعل أموال الجمعيات أموال عامة، مما يعني أن الموظفين يمكن أن يمثلوا للتحقيق أمام الجنايات. إذ شهدت الدورة رقم 22 لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، تقديم النرويج لمشروع قرار وصفه الكثير بالتاريخي لكون يؤمن حماية دولية للمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث طالبت الدول الأعضاء بوقف تقييد وتجريم أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان وتحديدا الجمعيات الأهلية، من خلال التدابير القانونية والإجرائية، التي وصفت بالقمعية في منظومة القانونية الداخلية. كما دعا القرار الحكومات إلى وقف محاولات تقييد قدرة منظمات حقوق الإنسان على تلقى وتحويل التمويل، وضمان تفاعل المدافعين الحقوقيين مع المجتمع الدولي دون خوف من التعرض للهجوم أو التهديد جراء ذلك. وجاء القرار استجابة لتقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان بشأن القيود القانونية القمعية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وبعد مشاورات بين المقرر الخاص وعدد من المدافعين الحقوقيين من مختلف أنحاء المنطقة العربية. ويقول زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إن القرار الذي قدمته النرويج بالغ الأهمية، حيث نص على أنه: "لا يجب على أي قانون أن يجرم أو ينزع الشرعية من أنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان على أساس أصل تمويلها"، ومنوط بمكتب المفوضية السامية والدول الأعضاء في الأممالمتحدة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان تطبيق ما يطالب به هذا القرار من إتاحة حرية العمل للمدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية، خاصة فيما يتعلق بالقيود على تمويل المجتمع المدني والتي يناقشها حاليًا مجلس الشورى المصري". وأضاف بينما تعد رعاية مصر لهذا القرار خطوة إيجابية، عليها أن تلتزم بمسئوليتها القانونية وتسحب فوراً مشروع قانون تنظيم عمل الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية الذي يتم مناقشته الآن في مجلس الشورى والذي يهدف إلى خنق عمل منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية. من جانبها صرحت سهير بالحسن، رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بأن القرار إشارة قوية لدعم الأممالمتحدة للمدافعين حول العالم، الذين يمنعون من تمويل أنشطتهم إلى جانب نزع شرعيتهم وأحياناً تجريم أنشطة حقوق الإنسان. وقال جيرالد ستابروك، الأمين العام للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب: "نحن نرحب بتبني هذا القرار المهم حيث يطالب مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة بحماية أقوى للأطراف الفعالة التي تعمل على التغيير وضمان حرية المجتمعات كما يلزم على الدول الالتزام بهذا القرار وضمان حصول منظمات حقوق الإنسان على التمويل لأن وضع مثل هذه القيود تهدف إلى إسكات المنظمات". وقد وجه عدد كبير من المنظمات الحقوقية المصرية انتقادات شديدة لمشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي يتم مناقشته في مجلس الشورى واعتبروه تأميما و تقييدا للمجتمع المدني مطالبين بعدم وضع عراقيل أمام العمل الأهلى ووصفوا المشروع بأنه يعمل علي إغلاق كافة المنظمات التي تعتمد على المنح من المؤسسات الدولية. وأصدر مرصد المدافعين عن حقوق الإنسان هو برنامج مشترك بين الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، تقريرا يقدم دراسة شاملة للقيود على إتاحة الحصول على التمويل الأجنبي للمدافعين عن حقوق الإنسان كما يشير التقرير إلى إن إتاحة الحصول على التمويل الأجنبي في أغلب الحالات مشكلة تصعّد منها الحكومات بشكل متزايد حيث تتجه الحكومات إلى استخدام القوانين القمعية وحملات التشهير والمضايقات القضائية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان كوسيلة لمنع الانتقاد للسلطة مثل ما يحدث في الجزائر والبحرين وبنجلادش وبيلاروس ومصر وروسيا وأيضاً أذربيجان وإثيوبيا والهند وبلدان أخرى عديدة حول العالم. وفي سياق متصل ودفاعًا عن الانتفاضات العربية، قدمت سويسرا وكوستاريكا وتركيا قرارًا تم اعتماده في هذه الدورة حول تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق الاحتجاجات السلمية القرار يدعو جميع الدول إلى تجنب استخدام القوة خلال المظاهرات السلمية، وإذا تم استخدام القوة في حالات الضرورة القصوى، ينبغي التأكد من عدم تعرض أي فرد للاستخدام المفرط أو العشوائي للقوة والتحقيق في أي وفاة أو إصابة ارتكبت خلال الاحتجاجات، كما دعا القرار إلى عقد "ندوة حول التدابير الفعالة وأفضل الممارسات لضمان تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق الاحتجاجات السلمية".