البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    محافظ الإسماعيلية يعتمد درجات القبول بأولى ثانوي عام وفني (صور)    قرار قضائي بشأن «مدرس الجيولوجيا» صاحب حصة صالة «حسن مصطفى»    تشكيل الحكومة الجديد.. رحيل وزير شؤون مجلس النواب    وفد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يتابع أنشطة زراعة القمح بالأقصر    محافظ الدقهلية يستعرض مشروع تحديث المخطط الاستراتيجي ل 27 قرية بمركز بلقاس    «الشيوخ» يحذر من خطورة الذكاء الاصطناعي.. و«عبدالرازق»: نحتاج إلى جهاز تشريعي    محافظ كفر الشيخ: تحرير 98 محضر مرور وإشغالات من خلال منظومة الكاميرات    مطالبات بالشيوخ باستحداث وزارة للذكاء الاصطناعي    سها جندي: نعتز بالتعاون مع الجانب الألماني ونبني على ثمار نجاح المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة    "النرويجي للاجئين": غضب الشارع الإسرائيلي سيستمر بسبب تعقد اتفاق وقف إطلاق النار    وسائل إعلام إسرائيلية: انفجار طائرة انتحارية في قاعدة للجيش الإسرائيلي قرب نهاريا شمالي إسرائيل    استقالة قيادة حزب الخضر "إيكولو" البلجيكى من منصبها    ترامب يتراجع عن موقفه الرافض للتصويت بالبريد    روسيا تسيطر على قرية في شمال أوكرانيا    أنشئت لاستضافة كأس العالم لليد، تأجير صالة حسن مصطفى لمدرس يثير الغضب، والنشطاء: فضيحة    الأهلي يكشف حقيقة العرض السعودي لضم مروان عطية (خاص)    التعليم: وفاة طالب في حدائق القبة أثناء أدائه امتحان التربية الدينية    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    وزيرة التضامن تستقبل وفدا من أكاديمية العلوم الشرطية بالإمارات    8 شهداء فى قصف إسرائيلى استهدف منزلا جنوب شرق خان يونس    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    أسترازينيكا مصر ومشاركة فعالة في المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي Africa Health Excon بنسخته الثالثة    الصحة تكشف تأثير ارتفاع درجة الحرارة على المواطنين، وهذه الفئات ممنوعة من الخروج    أمريكا تقترب من التغلب على الصين كأكبر سوق تصديري لكوريا الجنوبية لأول مرة منذ 22 عاما    تمهيدا لقصفها.. رسالة نصية تطلب من أهالي بلدة البازورية اللبنانية إخلاء منازلهم    أمين الفتوى يكشف فضل وثواب العشر الأوائل من ذي الحجة.. فيديو    الخضروات ترتفع ب31.9% على أساس سنوي خلال مايو الماضي.. وتتراجع ب8.7% على اساس شهري    اليوم.. "ثقافة الشيوخ" تفتح ملف إحياء متحف فن الزجاج والنحت بالجيزة    تحمي من أمراض مزمنة- 9 فواكه صيفية قليلة السكر    فنانون حجزوا مقاعدهم في دراما رمضان 2025.. أحمد مكي يبتعد عن الكوميديا    محطات بارزة في حياة زهرة العلا.. تلميذة يوسف وهبي وأهم نجمات الزمن الجميل (فيديو)    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    ابني كان داخل انتخابات مجلس الشعب وقلم عمرو دياب دمره.. والد سعد أسامة يكشف التفاصيل    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    أبو الوفا: اقتربنا من إنهاء أزمة مستحقات فيتوريا    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يشيد بإسهامات ندوة الحج العملية لخدمة ضيوف الرحمن    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو ثقافة مضادة للتحرش.."ارفعوا أيديكم عن جميلة الجميلات"!
نشر في بوابة الأهرام يوم 12 - 12 - 2012

لم تعد القضية مجرد اعتداء على حياء أنوثة خافت فسارعت الخطى!، واقع الحال أن التحرش ظاهرة عالمية وبالتالى فهى عربية، كما هى غربية، وقد يتسع نطاق القضية أبعد من نظرات جائعة أو ايماءات جامحة وحركات مبتذلة، غاب عنها النبل وفرت منها الشهامة!، القضية تشمل التحرشات بالهويات والأوطان، فهل حان الوقت للتخلى عن الصمت المكبل وبناء ثقافة مضادة للتحرش؟.
وفى سياق هذه الجهود -أثار فيلم قصير حول التحرش فى الأردن يتضمن شهادات لطالبات جامعيات وأشرفت عليه أكاديمية بارزة هى الدكتورة رلى قواس أستاذة الأدب الإنجليزى ودراسات المرأة فى الجامعة الأردنية جدلا بين مؤيدين لفضح هذه الظاهرة، ومعارضين اعتبروا أن هذا الفيلم يشكل إساءة للنساء والرجال الأردنيين وتشويها لسمعة هذا البلد العربى.
وعقب طرح الفيلم القصير بعنوان "هذه خصوصيتى" على موقع يوتيوب - أقيلت قواس من منصبها كعميدة لكلية اللغات بالجامعة الأردنية-، غير أن الجامعة التى تعرضت لانتقادات من منظمات غربية تتبنى قضايا المرأة - نفت أن يكون القرار بسبب إنتاج هذه الأكاديمية للشريط الذى يناقش قضية التحرش.
وفيما يعد التحرش ظاهرة عالمية وقد يكون أحيانًا تحرشًا نسائيًا بالرجال كما تشير بعض الصحف الأمريكية، فضلًا عن أفلام هوليوود- باتت بعض وسائل الإعلام الدولية ووكالات الأنباء العالمية تتحدث عن ظاهرة التحرش بالنساء فى مصر أثناء المظاهرات ومن بينهن بعض الصحفيات والمراسلات الأجنبيات مع نشر احصاءات لمراكز حقوقية تؤكد أن الظاهرة تحولت إلى قضية هامة رغم الغياب الملحوظ لاحصاءات رسمية فى هذا الشأن.
وتحدثت صحيفة نيويورك تايمز عن جهود تطوعية لنشطاء من الشباب المصرى ذكورا وأناثا لملاحقة المتحرشين بالنساء فى محيط ميدان التحرير بقلب القاهرة، وردعهم بأساليب غير عنيفة مثل "رشهم بطلاء يحمل عبارة "أنا متحرش"، فيما أعادت الصحيفة الأمريكية للأذهان أن التحرش يبقى دخيلا ووافدا جديدا على الشخصية المصرية، "حيث كان الرجال يحترمون النساء دائما".
ويبدو أن ثقافة التحرش كانت تتنامى فى ظل النظام الاستبدادى حيث أفاد تقرير "للمركز المصرى لحقوق الانسان" فى عام 2008 أن التحرش طال نسبة تربو على 80 فى المائة من النساء غير أن السؤال الذى قد يكون بحاجة لتفسير هو :"لماذا استمر التحرش بعد ثورة يناير؟!".
وإذا كان التاريخ يقول بأن اى ثورة تولد مع نقائضها المجتمعية فلعل السياق بحاجة لنظرة أكثر شمولا ومن ثم فهو ينطوى على مزيد من الأسئلة مثل:"تعريف التحرش"، و"هل يقتصر على التحرش الجسدى من جانب عناصر غوغائية ام أن هناك تحرشات عديدة ومختلفة وقد تبلغ حد التحرش الخطر بالأوطان وأحلام الشعوب؟" وماذا عن"فئات المتحرشين وانماطهم"؟.
التحرش كفعل مبتذل وانحطاطى، وإن تعددت معانيه فهو فى جوهره يشكل اعتداء على العفة والحياء وينطوى بظلاله الاغتصابية على انتهاك لحق الحرية الإنسانية بقدر ماهو إهانة للحرية كقيمة سامية.
وإذا كان بعض النشطاء قد أطلقوا مبادرات وشرعوا فى حملات لمكافحة التحرش بالنساء من جانب عناصر الغوغاء أثناء المظاهرات الحاشدة او فى الاحتفالات بالأعياد، فلعل الفهم المتكامل لثقافة التحرش وألوانها وتياراتها وممارساتها يفضى إلى بناء ثقافة مضادة للتحرش بقدر مايسهم فى ملاحقة المتحرشين على اختلاف تصنيفاتهم وأصنافهم.
فالتحرش عندما يتحول إلى ثقافة مستحبة لدى البعض يكون الأمر كارثة ثقافية حتى لو تقنع بعض المتحرشين بأقنعة اكاديمية او رطانات أيديولوجية للتعمية على بؤس الطرح واعوجاج التنظير وفساد المسعى وبهتان النوايا، فالمثقف الحقيقى لايمكن أن يقف فى خندق مضاد لمصالح الجماهير او ينفصل عن مشكلات شعبه، وهموم رجل الشارع، او "الناس والمجتمع"، ناهيك عن أن يتحول إلى "نمط مفترس لأحلام البسطاء فى الوطن".
وإذا كان نموذج المثقف النقدى مطلوبا بشدة فى اى مجتمع فهذا النموذج الذى يدفع نحو التقدم يختلف كل الإختلاف عن ثقافة التحرش المستمر بذلك الاستقرار المجتمعى المطلوب شعبيا للنضال من أجل تحويل أهداف ثورة يناير من شعارات إلى واقع معاش، وقبل ذلك الحوار الجاد للتوافق الوطنى على أمهات القضايا بكل الشفافية ودون اى اخفاء للحقائق.
وثقافة الاختلاف جد مختلفة عن التحرش بالوطن والمواطن والخروج السافر عن سلمية المظاهرات ومحاولات تعطيل مترو الأنفاق ووسائل النقل والمرافق العامة او حصار مؤسسات سامية، ولها رمزيتها فى الضمير الوطنى المصرى وتوريطها فى صراعات سياسية وإحراق مقار حزبية، فيما تبقى الثورة المضادة هى المستفيد الحقيقى من هذه التحرشات الخطيرة.
إن التحرشات بالحلم المصرى الكبير فى الحرية والعدالة والكرامة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بلغت مبلغا خطيرا، فيما لم يعد الصمت ممكنا والتحرش يكاد يتحول إلى اغتصاب وتخاطف للثورة وسط ممارسات الشحن والتجييش والترويع، و"التشبث بالمعادلات الصفرية ومبدأ كل شىء او لاشىء" فهناك أكثر من فارق جوهرى بين التنافر المؤدى للنفور وديمومة الانقسام والخلاف الملتزم بقواعد اللعبة الديمقراطية والاختلاف لصالح الوطن.
وفيما لن يغيب عن ذهن اى مصرى مغزى ما تقول الصحفية الإسرائيلية "سميدار بيرى" فى سياق تناولها لأوضاع النساء المصريات بعد ثورة يناير، إن معدل التحرش مثير للتقزز "- قال الكاتب سمير كرم فى جريدة الشروق إن "الأمر الذى يدعو لأكثر من الدهشة وربما يصل بنا إلى نقطة الغضب هو أن ظاهرة التحرش فى المجتمع المصرى لقيت اهتماما سياسيا من جانب القوى المعادية لمصر سياسيا وثقافيا" .
واضاف:"كأنما وجدت هذه القوى فرصة لابد من انتهازها والقفز عليها للنيل من الشعب المصرى وإدانته سياسيا وثقافيا وأخلاقيا"، معتبرا أن الأمر يتعلق بالرغبة فى شن هجمة ثقافية عنيفة على الأوضاع فى مصر.
ويرى كرم أن التفكير فى الحلول قد أفلت منا بصورة او بأخرى كما هى العادة عندما ينصب اهتمامنا على واحدة من قضايانا الملحة، وربما يرجع هذا إلى طبيعة المشكلة وصعوبتها وحساسيتها التى تتطلب قدرا من الصراحة الذاتية والموضوعية كثيرا مايفلت منا.
وبينما لاحظ سمير كرم أن مشكلة التحرش بدأت تتخذ طابعا سياسيا- فمن الحق القول أنه فى خضم العنف المعنوى وخشونة الألفاظ وغباء ووقاحة التحرشات وحماقات المتوهمين بالشهرة عبر الفضائيات وأحاديث "النخب المحنطة"، تتردد كلمات وعبارات غير مسؤولة مثل التلويح بحرب أهلية او اسقاط الدولة او عدم الاعتراف بنتائج الصندوق الانتخابى الحر، كما يستسهل البعض إطلاق اتهامات التكفير والتخوين!.
فليعلم الذين يدبرون بليل لتحويل الربيع الثورى إلى خريف يراق على أوراقه الصفراء الدم المصرى الحرام وتعزيز شعور رجل الشارع بالاجهاد إن لم يكن الانهاك وتصعيد التحرش إلى عدوان على المزاج العام للشخصية المصرية بخصائصها التاريخية والحضارية والإيمانية ووقف عجلة الانتاج وتكريس الفقر والبطالة وخلق حالة من الرهاب النفسى فى الشارع أن رجل الشارع لن يتسامح او يسمح لأحد من الفرقاء المتحرشين بأن يتحرش بحلمه فى بناء دولة على أسس ديمقراطية راسخة، الشعب فيها هو مصدر كل السلطات.
وإذا كانت الثورة محصلة مخاض سياسى واجتماعى، فهى بالدرجة الأولى تعبر عن مخاض ثقافى كما أن الثورة التى هى بضميرها النقى نقيض التحرش قادرة على الفرز بين الثوار والمتحرشين، وإن اختفوا خلف شعاراتها او ارتدوا أثوابًا ثورية مستعارة!، إن جغرافيا الشهداء فى ميادين وساحات ثورة 25 يناير لاتعرف ابتذال التحرش ..أيها المتحرشون بجميلة الجميلات:أرفعوا أيديكم عن مصر..فلمصر شعب يحميها ورب يرعاها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.