كشفت دراسة مصرفية حديثة أن الانخفاض الفعلى فى الاحتياطيات الدولية الرسمية وغير الرسمية بلغ 18.1 مليار دولار خلال ثمانية أشهر. موضحةً أن الاحتياطيات الرسمية لمصر تراجعت بنحو 11 مليار دولار بخلاف ودائع بالعملة الأجنبية لدى البنك المركزى لم يتم إدراجها ضمن الاحتياطيات الرسمية والتي كانت تبلغ خلال ديسمبر الماضى 7.1 مليار دولار وأصبحت حاليًا صفرا. وقالت الدراسة، التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم وتنفرد بنشرها "بوابة الأهرام"، إن التراجع الكبير للاحتياطي لم يكن بسبب تراجع فى الموارد الدولارية لمصر، حيث كشفت الأرقام المعلنة لميزان المدفوعات بنهاية مارس الماضى أنها زادت بمقدار 0.8 مليار دولار عن الفترة المقابلة من العام السابق، فإيرادات السياحة بلغت 8.7 مليار دولار، ولم تنخفض أو ترتفع بينما زادت إيرادات قناة السويس بواقع 0.3 مليار دولار خلال الفترة المقارنة ذاتها، بينما زادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بواقع 2.6 مليار دولار فى مارس الماضى عن الشهر ذاته من عام 2010 السابق، واستعوضت تلك الزيادة الانخفاض الذى حدث بصافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة والذى بلغ 2.2 مليار دولار. وأضافت أن تراجع الاحتياطيات الرسمية وغير الرسمية من بداية يناير وحتى نهاية مارس الماضى وبمقدار 13 مليار دولار كانت له أسباب أخرى، أهمها الانخفاض لتحويلات تمت لرءوس أموال قصيرة الأجل من مصر كانت مستثمرة بأذون الخزانة، وبلغت الأموال خلال شهور يناير وفبراير ومارس وإبريل ومايو 35.1 مليار جنيه تمثل ما يزيد على 5.9 مليار دولار خرجت من مصر فى 5 أشهر. وأوضحت أن الأجانب سبق أن انسحبوا من الاستثمار بأذون الخزانة بعد إشاعة إخضاع عائدها للضريبة أوائل عام 2009 ثم تحولت الإشاعة لحقيقة فيما بعد وبدأت استثماراتهم تنخفض من 32.2 مليار جنيه فى نهاية 2008 ل 2.4 مليار جنيه فقط بأغسطس 2009 ثم عادت للزيادة بغرابة خلال العام الماضى، الذي يمثل عام الانتخابات لمجلسى الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية لتصل أقصاها بأكتوبر الماضى وتبلغ 62.8 مليار جنيه أى ما يوازى 11.0 مليار دولار طبقا لسعر الصرف آنذاك. ودعت الدراسة إلى الحد من استثمارات الأجانب فى أدوات الدين المحلى، نظراً لأن زيادة نسبة استثمارات الأجانب بالدين المحلى يحوله لدين خارجى بماله من تأثيرات على القرارات السيادية لمصر، كما أنها تتحول لقماشة عريضة للتآمر الاقتصادى على مصر. ولفتت إلى أن الاستثمارات الداخلة بأدوات الدين المحلى استثمارات أجنبية قصيرة الأجل، وهى شديدة الحساسية لأى متغيرات خارجية أو داخلية قد تطرأ على الساحتين العالمية والمصرية وسرعة رد الفعل بالانسحاب والخروج، وهو ما سيؤدى فى هذه الحالة إلى ضغط كبير على سعر صرف الجنيه أمام الدولار وكذلك على الاحتياطيات الدولية لمصر وعلى ميزان المدفوعات المصرى وهو ما حدث ويحدث حالياً. وأضافت أن عدم الاهتمام بمخاطر استثمار الأجانب بأدوات الدين المحلى يعزز الاحتمالات بأن وزارة المالية على الأقل كانت تعلم أن هذه الاستثمارات أجنبية الاسم مصرية الأصل، وربما تكون صناديق أجنبية مملوكة لأحد الساسة أو لمجموعة منهم دخلت للاستفادة من ارتفاع العائد على أذون الخزانة وبشكل غير مسبوق مقارنة بأسعار الفائدة المتدنية بالخارج على العملات الأجنبية مع ضمان دخولها وخروجها بأسعار صرف جيدة. وتابعت: بخلاف الاستفادة فممكن أن يتحول جزء منها كتجميل للأرقام للاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل قبل الانتخابات الرئاسية، وتدق طبول الإعلام الحكومى عن خروج مصر من مرحلة انخفاض الاستثمارات الأجنبية إلى مرحلة الانتعاش للثقة العالمية المتناهية فى الاقتصاد المصرى. مما يتطلب بحث أمر استثمار الأجانب فى أذون الخزانة لأن هناك استثمارات لم تخرج حتى مايو الماضى بقيمة 24.2 مليار جنيه تمثل ما يوازى 4.1 مليار دولار وقد تكون استثمارات لصناديق مملوكة لساسة مشاركين فى قضايا فساد. ولفتت إلى وجود ودائع دولارية لم تدرج بالاحتياطيات الرسمية لمصر بلغت فى أكتوبر من العام الماضى 9.9 مليار دولار تلاشت ماماً فى شهر فبراير وتحديداً بلغت 36.5 مليون دولار وهو رقم غير قابل للتقريب إلى المليار دولار، برغم أن خروج الأجانب خلال ذات الفترة من الاستثمار بأذون الخزانة بلغ فقط 28.9 مليار جنيه أى ما يوازى 4.9 مليار دولار، فأين ذهبت 5 مليارات دولار كانت مكونة لمقابلة خروج الأجانب من استثماراتهم بأذون الخزانة؟. وأوضحت أن شهرى ديسمبر ويناير تواترت بهما أنباء عن إجراء بنوك مصرية لتحويلات لأموال متهمين حاليين بقضايا فساد، برغم رصد إجراء هذه التحويلات من قبل بعض وسائل الإعلام المصرية ومطالبة الخبراء للبنك المركزى بإيقاف التحويلات لرجال الأعمال المصريين ومزدوجى الجنسية وهو ما لم يحدث، وبعد تنحى الرئيس حسنى مبارك فى 11 فبراير الماضى نفى البنك المركزى إجراء أى تحويلات لرءوس أموال، مما يتطلب فتح هذا الملف وتشكيل لجنة محايدة لدراسته.