الطبيعة الساحرة وانضباط المرور ونظافة الشارع تلفت الانتباه من النظرة الأولى تقع عيناك على الطبيعية الساحرة التى تتميز بها معظم الدول الإفريقية، والتى تتوقعها فى دولة استوائية مثل غانا تتساقط عليها الأمطار معظم شهور السنة، ولكن ما يدهشك بحق هو الانضباط فى الشارع، السيارات تلتزم بإشارات المرور، رغم عدم وجود عسكرى المرور فى الشارع، ونظافة الشارع تبهرك، لن تقع عيناك على أكوام القمامة، أو تفاجأ بمن يلقى بالقمامة من السيارة. علمت بالزيارة قبلها بأيام قليلة وفوجئت بموعد السفر فى اليوم نفسه، وهو ما جعلنى مترددا فى السفر والتفكير فى الاعتذار، ولاسيما أننى لم أحصل على التطعيمات اللازمة للسفر، كما قال لى البعض إن غانا ليس بها صرف صحى مغطى، وهو ما عزز الانطباع لدى بالاعتذار، ولكنى شكرت الله أنى لم أتسرع وأعتذر، فقد تعرفت على بلد جميل وتجربة جديرة بالمتابعة، بصحبة زملاء أعزاء. المبانى الحكومية شيدها عثمان أحمد عثمان .. ولكن المقاولون العرب انسحبت مؤخرا مباني الوزارات شاهدة علي العلاقات مع مصر حاولت أن أتعرف خلال الزيارة عن قرب على أوجه التعاون الاقتصادى بين مصر وغانا، معلوماتى أن مصر تربطها بغانا علاقات تاريخية وسياسية قوية منذ خمسينيات القرن الماضى، حيث ساندت مصر بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حركات التحرر الوطنى فى الدول الإفريقية كما فى غانا بقيادة الزعيم الراحل نيكروما الذى قاد بلاده للاستقلال فى عام 1957 كأول دولة فى جنوب الصحراء وغرب إفريقيا، ما أكسبها وضعا متميزا بين تلك الدول، كما تدعمت العلاقات بين مصر وغانا بعد زواج نيكروما من السيدة فتحية المصرية، وهو الأمر الذى يلقى بظلاله حتى الآن بين المجتمع الغانى، فعندما يعلم أى من المواطنين هناك أنك مصرى، يسارع على الفور بذكر اسم، فاتيا، أى السيدة فتحية، مضيفا نحن تربطنا علاقات مصاهرة. العلاقات الاقتصادية بين البلدين كانت قوية، معظم المبانى الحكومية فى أكرا، بما فيها مبنى البرلمان، قامت بها شركة المقاولون العرب فى عهد المهندس عثمان أحمد عثمان، كما أن كثيرا من السلع المصرية، كان يتم تصديرها إلى غانا من خلال شركة النصر للتصدير والاستيراد، وللأسف فإن الشركتين انسحبتا من السوق، المقاولون العرب سحبت نشاطها منذ سنوات، والنصر للتصدير والاستيراد تراجع دورها كما فى جميع الدول الإفريقية، وقد ملأ الفراغ شركات من تركياوجنوب إفريقيا ومن الصين، وكذلك من إسرائيل ولبنان، ولكن القطاع الخاص أعاد مصر إلى أكرا من جديد. 2 مليار دولار استثمارات مصرية حجم الاستثمارات المصرية فى أكرا تجاوز2 مليار دولار، 65% من هذه الاستثمارات نحو 1.2 مليار دولار فى مشروع مصفاة الذهب ""Refaining باستثمارات تصل 110 ملايين دولار، إلى جانب إقامة مستشفيات لصالح الحكومة بالإضافة إلى إنشاء مصنع لمياه الشرب المعبأة، تقوم بهذه المشروعات شركة يوروجيت، مصفاة الذهب تم الانتهاء منها منذ شهور فى نوفمبر 2016، وقام بافتتاحها الرئيس الغانى الجديد عقب فوزه فى الانتخابات منذ شهور، إذ تتجاوز تكلفتها الاستثمارية 110 ملايين دولار، وهى ثانى أكبر مصفاة للذهب فى إفريقيا، إذ تصل الطاقة الاستيعابية لخزائنها من الذهب النقى الخارج من المصفاة إلى ما قيمته 4 مليارات دولار، وضمن 20 مصفاة للذهب معترف بها عالميا، تتوافق مع جميع المعايير والمواصفات العالمية التى تحددها المؤسسات الدولية المعنية. المستثمر المصرى الدكتور سعيد دراز رئيس شركة "يورويجبت للاستثمار" يشير إلى افتتاح المشروع فى نوفمبر الماضى، لافتا إلى أن اختيار إقامة هذه المصفاة فى غانا ينطلق من كونها إحدى أكبر الدول المنتجة للذهب فى إفريقيا وثانى أكبر منتج للذهب فى وسط إفريقيا، ولديها أكبر مخزون للذهب، كان يطلق عليها اسم "ساحل الذهب"، وأضاف أن الطاقة الإنتاجية للمصفاة تصل إلى 180 طنا سنويا، حال تشغيلها 8 ساعات فقط يوميا، وتصل الطاقة إلى 300 طن حال تشغيلها "شفتين يوميا " أى 16 ساعة يوميا خلال أيام العمل، وأضاف أن إنتاج غانا يصل إلى 105 أطنان سنويا من الذهب الذى يتمتع بأعلى مستوى من النقاء بدرجة خمس تسعات 99.999%، وأربع تسعات 99.99%. ويضيف دراز أن من الأسباب التى شجعت الاستثمار فى مصفاة الذهب فى أكرا، المستقبل الاقتصادى والفرص الهائلة للنمو فى خليج غينيا خلال السنوات المقبلة، إلى جانب الاستقرار الذى تتمتع به غانا بعد نجاح تجربة التحول الديمقراطى والدعم الكبير من قبل الدول الأوروبية لدفع جهود التنمية فيها. البيروقراطية .. والرجوع الي الحكومة للتعويض ويرى دراز أن التحدى الوحيد الذى يواجه المستثمر فى غانا، يتمثل فى البيروقراطية، خاصة ما يتعلق بالحصول على التراخيص والحصول على موافقات الجمارك والعمل وفقا لقواعد المناطق الحرة، حيث تؤدى إلى تعطيل الاستثمار، وللأسف هذه الإجراءات تستغرق وقتا طويلا قد يمتد إلى سنة، ما يؤدى إلى تعطيل الاستثمارات، ويستدرك، أنه فى حالة تعطيل العمل بسبب الحصول على التراخيص والموافقات، ما يؤثر فى تعطيل الاستثمارات التى تم ضخها، فإنه من حق المستثمر أن يرجع إلى الحكومة للحصول على تعويض عن الأضرار التى لحقت به، ولاسيما الرواتب التى يتم دفعها، وفوائد الديون التى يتحملها المستثمر، طبقا لمنظمة "الفيديك" التى تنظم العقود وحقوق المستثمر وغرامات التأخير فى بدء النشاط. 612 مليون دولار لإقامة مستشفيات أما المشروع الثانى الضخم الذى يجرى تنفيذه من خلال القطاع الخاص المصرى، فيتمثل فى إقامة 6 مستشفيات عامة لصالح وزارة الدفاع والحكومة، بتكلفة 612 مليون دولار، وتنفذها أيضا شركة "يوروجبت "، ويكشف الدكتور سعيد دراز رئيس الشركة، عن كيفية توفير هذا التمويل من جانب الشركة من خلال مؤسسات مالية دولية لصالح إقامة هذه المستشفيات بتسهيلات كبيرة للحكومة الغانية، حيث تصل فترة السماح إلى 4 سنوات، وبفائدة 1.6% فقط، لافتا إلى أن سعة إجمالى المستشفيات ال6 تتضمن نحو ألف سرير، وقد تم الانتهاء من نحو 75% من مراحل التنفيذ، وسيتم افتتاحها على مدى الأشهر القادمة حتى منتصف العام القادم، حيث سيتم افتتاح 4 مستشفيات فى مارس المقبل، والباقى فى يوليو المقبل ونهاية العام. استثمارات مشتركة وتعزيز للعلاقات دراز رئيس الشركة المصرية يوروجبت، يؤكد أهمية هذه الاستثمارات المصرية فى غانا، حيث تسهم فى تعزيز العلاقات المشتركة على جميع الأصعدة، ولاسيما أن العلاقات الاقتصادية والاستثمارات هى التى تقود العلاقات السياسية الدولية فى الوقت الراهن، كما أن تنفيذ شركة مصرية لمشروعات استثمارية فى مجالات الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية من خلال إقامة عدد من المستشفيات فى العاصمة والمدن الرئيسية والأقاليم وبعضها لصالح وزارة الدفاع، يكتسب أهمية خاصة، إذ إن مردود هذه المشروعات خاصة عند تنفيذها بجودة عالية كما هو الحال، فإن المواطنين يرتبط فى أذهانهم اسم الشركة المنفذة وأنها مصرية، ما يعزز الصورة الذهنية لمصر، لافتا إلى مردودها على مستوى تعزيز العلاقات بين البلدين، إلى جانب تعظيم القيمة المضافة للاقتصاد الغانى، وخلق وظائف والمساهمة فى التشغيل والتدريب، إضافة إلى استمرار الوجود المصرى فى هذه الأسواق المهمة لمصر على جميع الأصعدة، ولاسيما بعد خروج الشركات العامة، إلى جانب مساهمة هذه الاستثمارات فى توفير فرص عمل للخبراء والمهندسين المصريين فى تلك المشروعات حيث يصل عددهم إلى نحو 56 مهندسا استشاريا إلى جانب بعض العمالة الأخرى وهم يحصلون على رواتبهم وأتعابهم بالعملة الصعبة. ويكشف دراز، عن بدء المرحلة الثانية من تنفيذ 10 مستشفيات جديدة فى نوفمبر 2018، بنفس التسهيلات فى التمويل وفترة السماح والفائدة المنخفضة، وسوف تنتشر هذه المستشفيات فى كل أنحاء غانا، ما يوسع من دائرة المستفيدين من خدماتها مستقبلا ويصب فى صالح تعزيز العلاقات بين البلدين، كما يمثل بداية للدخول إلى أسواق جديدة فى إفريقيا بنفس الشروط والتسهيلات، انطلاقا من السمعة التى اكتسبتها الشركة المصرية من تنفيذ المشروعات فى المدى الزمنى المحدد وبجودة عالية، وبتسهيلات كبيرة فى التمويل فى دولة غانا. ويدعو دراز الحكومة إلى الاهتمام بعقد اجتماعات دورية مع المستثمرين المصريين فى الأسواق الإفريقية لتبادل المشورة، والتعرف على المشكلات التى قد تواجههم والعمل على حلها بالاتصال مع الجهات الحكومية فى تلك الدول، كما تقوم باقى الحكومات مع القطاع الخاص الذى يعمل بتلك الدول الإفريقية، حيث تقوم الحكومات وكذلك سفراء تلك الدول بتقديم كل المساندة والدعم لشركات بلدانهم التى تعمل فى تلك الدول، وفى مقدمتها إسرائيل وتركياوالصين، حيث تجد هناك مقابلات دورية ومستمرة لسفراء ووزراء هذه الدول مع نظرائهم فى غانا لمساندة الشركات التى تعمل بها. 135 مليون دولار استثمارات جديدة وحول الاستثمارات الجديدة، كشف علاء دراز نائب رئيس "يوروجبت " عن الانتهاء من دراسة الجدوى لإقامة مصنع جواهر يلحق بمصفاة الذهب، للاستفادة من إقامة صناعة متكاملة تعظم القيمة المضافة، حيث سيتم تصميم وتنفيذ براند جديد، إلى جانب تصميمات عالمية وعربية وأخرى تلبى جميع الأذواق العالمية والإفريقية إلى جانب إمكانية تنفيذ تصميمات حسب ذوق العميل فى صناعات الجواهر من الذهب والماس والأحجار الكريمة ويتم تسويقه عالميا، لافتا إلى الحصول على الأرض اللازمة لإقامة المشروع بالفعل وهى ملحقة بالمصفاة، وتبلغ مساحتها 9 آلاف متر، حيث ستتم إقامة مول، يتضمن مصنع الجواهر، ومعرضا دائما، كما ستتم إقامة منافذ حديثة للبيع، وكذلك خطوط للتصدير إلى جميع الأسواق الدولية، إلى جانب إقامة فندق للزائرين من الدول الأخرى، متوقعا أن يصل إجمالى الاستثمارات فى هذا المشروع إلى نحو 135 مليون دولار، على أن يبدأ تنفيذه فى منتصف العام المقبل، ويستغرق تنفيذه نحو 3 سنوات. مشاورات وزيارات متبادلة ومستمرة هناك زيارات متبادلة ومستمرة بين المسئولين فى مصر وغانا، حيث زار وزير الخارجية سامح شكرى العاصمة الغانية أكرا، فى مايو الماضى، كما يوجد فى أكرا حاليا، وزير الطيران المدنى شريف فتحى، على رأس وفد فى زيارة تستغرق أياما للقاء مسئولين، فى معرض دولى للطيران، كما تتضمن الزيارة بحث سبل التعاون فى مجال النقل الجوى، وذلك مع نظيره وزير الطيران الغانى. كما تشارك جمعية المصدرين المصريين (إكسبولينك) برئاسة المهندس خالد الميقاتى بالتعاون مع المجلس التصديرى للصناعات الهندسية برئاسة المهندس عمرو أبو فريخة، ووفد من رؤساء وممثلى 15 شركة، بالصناعات الهندسية المشاركة فى مناقشات مع نظرائهم فى غرفة التجارة بغانا للتعريف على الاستثمارات المتاحة وفرص التبادل التجارى بين البلدين.