كان الأقرب الى عقل المصريين ذلك التطبيق الخاطئ لبرنامج الخصخصة الذى كان له الأثر البالغ والكبير لتكون »الفوبيا« الحقيقية من الاستثمار الأجنبى ذلك لما أحاط به من ممارسات أضاعت على الدولة الكثير من مقدراتها الاقتصادية ناهيك عن تشريد الآلاف من العمالة الحقيقية المنتجة لينضموا إلى طابور البطالة الذى امتد لتصل نسبته الى أكثر من 14٪ فى فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك وعراب الخصخصة »عاطف عبيد« . التحقيق التالى يرصد الانعكاس السيئ لتلك التجربة على تكون »فوبيا« الاستثمار الأجنبى مستعرضا أهم سلبياته فى شركات قطاع الأعمال العام. ويقول سمير شاهين المستشار الاقتصادى لبرايس ووترهاوس إن هناك من لديهم شعور بالخوف تجاه سابقة الاستثمار الأجنبى خاصة فى الشراكة والاستحواذ على مشروعات وطنية قائمة وهذا الشعور نابع من حدوث حالات استغناء عن بعض العاملين بسبب التقنية المستخدمة او استبدال العمالة الأجنبية بالمصرية، ومن جهة أخرى ربما يساعد الاستثمار الأجنبى على خروج بعض المنشآت المحلية من السوق مما يؤثر سلبا على معدل الاستثمار الوطنى الخاص ومما يزيد عن درجة الخوف من الاستثمار الأجنبى أنه قد لا يستجيب لاحتياجات الجماهير الشعبية من سلع وخدمات، حيث انها لا تكون فى متناول دخولها وإنما تستهلكها طبقة الصفوة وكل ذلك يزيد من درجة »فوبيا« الخوف من الاستثمار الأجنبى الذى تولد من بعض الممارسات التى نشأت من برنامج الخصخصة الذى شابه بعض حالات فساد عند التنفيذ، موضحا أن هذا الخوف يعد عنصر طاردا للاستثمار وعلى الدولة أن تنتهج أسلوب الشفافية لبث الطمأنينة فى نفوس الذين ينتابهم الخوف والحذر من الاستثمار الأجنبى وهنا يأتى دور الإعلام فى توضيح الأمور المتعلقة بجوانب الاستثمار الأجنبى حتى لا تحدث بلبلة مجتمعية ليس لها أى أساس نتيجة الجهل بالمعلومة وآخر ذلك عندما أقدمت شركة كالوج على شراء شركة بسكو مصر فتوهم البعض أن رياح الخصخصة بدأت تهب من جديد وهم لا يدركون ان شركة »بسكو مصر« أصبحت قطاعا خاصا منذ فترة ونموذج ايجابى من جراء تنفيذ برنامج الخصخصة. ويقول د. محمود سالم مدير المكتب الفنى لوزارة قطاع الاعمال - سابقا - إن قوانين الاستثمار الهدف منها تشجيع الاستثمار بصفة عامة وتعطى امتيازات للمستثمرين دون التفرقة بين المصرى او الأجنبى ولكن ما يحدث حاليا من هجوم على الاستثمارات ناتج عن تمسك بشعارات واهية أو بهدف الهجوم على أنظمة سابقة فبطبيعة الحال ان العامل له حقوق وعليه واجبات لكن ليس من ضمن حقوقه هو التدخل فى سياسات الدولة وقد خضع الكثير من المسئولين لما يسمى »بابتزاز« العمالة نتيجة أنهم فى كثير من الاحيان الأعلى صوتا وهو ما حدث أثناء تنفيذ برنامج الخصخصة وبسبب تخبط السياسات وعدم اكتمال البرنامج سجل الكثير من الآثار السلبية وإذا كان قد تم تنفيذه بالكامل بالتأكيد كان سيسفر عن نتائج ايجابية اكثر بكثير من النتائج السلبية. ويرى د. سالم أن التوعية الدائمة بأهمية الاستثمار لاسيما الأجنبى من شأنها تغيير الكثير من الثقافة المتوارثة عن الصورة السلبية للاستثمار الأجنبى، ويقول د. سالم إنه لابد من شن حملة قومية لتوضيح حقوق العمالة وأيضا التزاماتها من ناحية والاهتمام بتثقيف وتدريب العمالة بحيث تكون كفؤة ولا يلجأ المستثمرون ومنهم المصريون الى تسريحها أو التخلص منها موضحا أنه لابد للدولة ان تعلن عن استراتيجيتها فيما يتعلق بالاستثمار هل ترغب فى جذب الاستثمار الأجنبى أم لا ؟! فإذا كانت الإجابة بنعم فلابد من ترجمة ذلك فى خطوات عملية واجراءات تتخذها لتذليل العقبات والمشكلات التى يعانى منها الاستثمار ولا تلتفت او تسمع للأصوات التى تهاجم الاستثمار لأنها بذلك لا تهاجم الاستثمار إنما تهاجم وتهدم سياسات الدولة. ويؤكد د. سالم ان تجارب الشركات الأجنبية مع الخصخصة ليست كلها كما يقول البعض تجارب سيئة فهناك شركات الاسمنت التى اصبحت تحقق ارباحا كبيرة بعد البيع وخضعت العمالة فى الشركات للتدريب والتأهيل فى كثير من المواقع وقامت الشركات باستقدام عمالة جديدة بعد افتتاح أكثر من مصنع للشركات بعد البيع. ويرى محسن الجيلانى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج - سابقا أن تجربة الأجانب فى شركات الغزل والنسيج من خلال »بيوت الخبرة« كانت تجربة فاشلة ليس لعدم كفاءة بيوت الخبرة التى تم التعاقد معها فقط ولكن ايضا »لتفشى« حالة التعثر التى كانت تعانى منها الشركات بمعنى ان شركات الغزل والنسيج لم تكن تعانى من سوء إدارة فقط بل هناك مشكلات، ومازالت موجودة مرتبطة بتعثر مالى وانتاجى وسوء سياسات لابد من علاجها حتى تخرج هذه الشركات من عثرتها موضحا أنه يجب على الدولة طالما تنهج سياسة معينة عليها ان تسير فيها فهل الدولة تنهج الاقتصاد الشمولى؟ فإذا كانت كذلك فعليها ان تتخذ الخطوات اللازمة لذلك وإذا كانت تتبنى فكر الاقتصاد الحر وتعظيم دور القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية فعليها ايضا ان تتخذ الاجراءات والتسهيلات المرتبطة بذلك ولكن أسلوب »التقدم خطوة والرجوع فى أخرى« مصيره الفشل دائما علما بأن كل تجربة لابد أن تشهد إيجابيات وسلبيات ولكن لابد أن تكتمل التجربة لتقييم ذلك .