أكد خبراء أن إلغاء عقود الخصخصة يهدد الاستثمار الأجنبي في مصر، جاء ذلك على خلفية حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان عقد بيع شركات "طنطا للكتان" و"مصر شبين الكوم للغزل والنسيج" و"النصر للمراجل البخارية"، ليكمل سلسلة بطلان عقود الخصخصة التى كان أشهرها أزمة "عمر أفندى" والتى صدر فيها حكم ببطلان العقد ورد الشركة للدولة مرة أخرى. وبعد هذا الكم من القضايا أثيرت التساؤلات عن مستقبل الاستثمارات الأجنبية فى مصر، ومدى نجاح برنامج الخصخصة، وهل هو برنامج فاشل، أم أن المشكلة تكمن فى القائمين عليه؟ واتفق الخبراء على أن الخصخصة فى حد ذاتها برنامج ناجح، وأن المشكلة تكمن فى الإجراءات والقوانين نفسها والمسئولين عنه، ويجب إعادة النظر فى طرق التحقيق فى عقود البيع بالشكل الذى يضمن للشعب حقه ولا يدفع المستثمرين للهروب خوفا من ملاقاة نفس المصير، وذلك من خلال الشفافية فى التحقيقات وتوضيح الأسباب التى تؤدى إلى إلغاء عقد البيع وتبسيط الإجراءات. وقال الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق إنه يجب انتظار حكم المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم تشكيل لجنة لدراسة الجوانب المختلفة لهذا الحكم بالشكل الذى لا يعترض على أحكام القضاء أو الاستثمار الأجنبى فى مصر، فصدور حكم ببطلان عقود خصخصة ثلاث شركات اليوم، سيبث الخوف فى نفوس المستثمرين من مواجهة نفس المصير، لذلك يجب إجراء تحقيق فى عمليات الخصخصة التى تمت لتوضيح أى شبه جنائية أو مسئول تقاضى رشاوى. وأضاف لطفى أن المشكلة ليست فى نظام الخصخصة وإنما فى طريقة تنفيذه والقائمين عليه، فبرنامج الخصخصة وضع لمصلحة الشعب ويجب تنفيذه بكل شفافية واستثمار أمواله بالشكل الذى يخدم المواطن. وقال الدكتور حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن مرحلة الثورة وعدم وضوح الرؤية السياسية والاقتصادية فى مصر له تأثير سلبى كبير على الاستثمار الأجنبى المباشر، فضلا عن أن تحويل ملكية الشركات إلى الدولة مرة أخرى إجراء من شأنه إلحاق الخسائر بالمستثمرين. وأَضاف عبد العظيم أن برنامج الخصخصة أثبت فشله فى مصر وأشتهر بالفساد، على الرغم من نجاحه فى الكثير من دول العالم، فالخصخصة لا تعنى التفريط فى ملكية الدولة وإنما يجب أن ينفذ البرنامج وفقا لمعايير معينة وأبرزها عدم بيع أصول الدولة بشكل نهائى، وإنما بحق الانتفاع أو خصخصة الإدارة فقط مع الحفاظ على حقوق العمال. واعتبر الدكتور جلال حربى عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة الأهرام الكندية أن الأمور القضائية وبطلان بيع العديد من عقود الشركات سيكون لها تأثير سلبى على الاستثمار الأجنبى فى مصر، كما أن بطلان هذه العقود لا يعنى أن الخصخصة برنامج غير مجد أو فاشل، وإنما تمت فى وقت غير مناسب أو بإجراءات لا تتناسب مع قوانين الاستثمار فى مصر. وأكد حربى أن إلغاء هذه العقود سيؤثر على علاقات مصر الاقتصادية مع الدول، ولكن دون الإعلان عن ذلك مثلما حدث مع دولة الإمارات بعد أزمة مجموعة "الفطيم"، ولكن مراجعة عقود الخصخصة ليس لها داع، خصوصا إذا تسببت فى بطلان الكثير من العقود، وبالتالى هروب المستثمرين.