في الذكرى العشرين لليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحمل هذه السنة شعار 'التحدث بأمان: ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام"، يجب ألا يغيب عن البال الصحافيون الذين دفعوا ثمناً باهظاً أودى أحياناً بحياتهم في سبيل الحفاظ على حرية الرأي والتعبير. ففي أعقاب رياح "الربيع العربي" التي عصفت بالمنطقة، أثبتت الأحداث قوة "السلطة الرابعة" ولاسيما منها صحافة الإنترنت والإعلام الجديد. هذه الأحداث أعطت الجميع درساً مهماً وهو أن قمع الصحافة وتجاهل القضايا والهموم الإنسانية المهمة لا يفضيان إلى شيء. ويُفضل مواجهة تلك المظاهر بمزيد من الانفتاح والتفهم بنظرة إصلاحية لا قمعية. ويشير تقرير صادر من منظمة "مراسلون بلا حدود" مطلع الشهر الجاري عن وضع الحريات الصحافية خلال العام 2012 إلى أن الدول التي شهدت تحولات سياسية لا تزال تحتل مرتبة متأخرة في التصنيف الدولي المتضمن 179 دولة، وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حلت في المرتبة الأخيرة ب 48.5 نقطة. وبلغة الأرقام، يوضح التقرير أن بعض الدول العربية شهدت تراجعاً حلت فيه سوريا في ذيل القائمة "البلد الأكثر دموية للصحافيين في العام 2012" بحسب التقرير. وفي المقابل، سجل المصدر قفزة ليبيّة وموريتانية ملحوظة وتقدما بحرينيا نسبياً، فيما حافظت الكويت على الوضع الأفضل عربيّاً. أمام هذا الواقع، تعبر الحكومة البريطانية عن قلقها من أوضاع الصحافيين وحرية التعبير في البلاد العربية التي تجتاز ظروفا صعبة، والقيود المفروضة على حرية التعبير بما في ذلك الإطباق على المؤسسات الإعلامية. وتصر على ضرورة إرساء حريات عامة تحترم حقوق الإنسان وتضمن شروطاً حقيقية لوجود حرية التعبير، بحسب تقرير وزارة الخارجية البريطانية، الخاص بحقوق الإنسان للعام 2012. وعلى رغم أننا نقر بأن حرية التعبير وصفة الإعلام الحر تمران أحيانا بمخاضات عسيرة ومنعطفات، فنحن نعتبر أن لا إصلاح سياسيا حقيقيا من دون توفير هامش من حرية الفكر والتعبير. وتعمل الحكومة البريطانية منذ زمن طويل على تقديم الدعم لوسائل إعلام مستقلة ومتنوعة في البلدان العربية، والبلدان التي تعيش مرحلة انتقالية. وقد اتخذت هذه المساندة أشكالا متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر: - دعم مشروع تطوير المهارات الصحافية مع "ميدان"، مركز جامعة مدينة بيرمينغهام للأبحاث الثقافية والإعلامية، للتثقيف والتطوير الإعلامي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. - "المساعدة القانونية الإعلامية للصحافيين العرب" في مصر وتونس في مرحلة أولى (2012-2013) ، لتشمل في ما بعد المغرب (2014-2013)، لتحسين مستوى سلامتهم وأمنهم بتقديم تسهيلات قانونية مجانية. - دعم حرية التعبير من خلال مشروع "أصوات الشباب العرب" في كل من مصر وتونس والأردن والمغرب والجزائر وليبيا، بالتعاون مع المجلس البريطاني الثقافي، لتعزيز فرص الحوار والنقاش الحر بين الشباب والمساهمة في بناء مجتمعات تنمو فيها ركائز التعددية والديمقراطية. - إطلاق برامج إعلامية جديدة في ليبيا تتيح للجمهور مناقشة قضايا سياسية واجتماعية بصراحة ومباشرة على الهواء لأول مرة منذ عقود. - تعزيز قدرات وإمكانات المجتمع المدني في سوريا بالتركيز على تسهيل التواصل المحلي والدولي ومساعدة الناشطين الشباب على تعزيز حرية التعبير عن آرائهم السياسية. - دعم مادي لتطوير قناة بث حكومية في تونس وتأسيس قناة إذاعية لتوفير فرصة للشباب في الأماكن المكتظة وغير النامية للتعبير عن آرائهم. يأتي كل ذلك ضمن إطار صندوق الشراكة العربية-البريطانية الذي تأسس في فبراير 2011، برأسمال 110 ملايين جنيه إسترليني، من أجل دعم بريطانيا للإصلاح السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي تساهم وزارة الخارجية البريطانية منه بمبلغ 40 مليون جنيه إسترليني، لتعزيز المشاركة السياسية وحرية التعبير عن الرأي. ولا بد من التأكيد على أن بريطانيا ستواصل تشجيع الصحافة الفاعلة والحوار المفتوح من أجل شرق أوسط أكثر ازدهاراً وحرية. وتحرص على أن تلقى حرية التعبير عن الأفكار والآراء والمعلومات التي يتداولها الصحافيون والمدونون الحماية اللازمة، لأنها تمثل الحجر الأساس لاستقرار المجتمعات وازدهارها. *روزماري ديفيس - الناطقة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا