روحى مشتهى، أحد الرموز الكبيرة فى حركة حماس، كان من أوائل المؤسسين لكتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحماس، واعتقل وغاب لسنوات طويلة فى سجون الاحتلال، وعاد للحرية أخيرا وأصبح عضوا بالمكتب السياسى بالحركة، وفى الحوار معه فى مكتبه بغزة، أكد أن حماس لا خيار أمامها سوى أسر جنود أو مستوطنين إسرائيليين لمبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين. البعض يقول إن حل الأزمة الداخلية والانقسام الفلسطينى يتوقف على الاستقرار فى مصر، فما رأيك؟ أعتقد أن مصر فى مفترق طرق، وهى انتقلت من موقع التبعية إلى موقع المسئولية، ولديها استحقاقات كثيرة جدا، وأولها مصلحة أمريكا وموقفها من إسرائيل، وحسب معايشتى ورؤيتى لمصر، فإن موقفها موقف “الشعب والحكومة والقيادة المنتخبة"، لن يحقق لأمريكا ما تريد، ولذلك أعتقد أن المؤامرة على مصر كبيرة، ومصر ستشهد عقبات كثيرة، لكن دائما صوت الشعوب سينتصر بالنهاية، أمريكا وإسرائيل حاولتا أن يكون لهم دور سلبي، وبالتالى سيكون لها موقف سلبى جدا، ولكن مصر عادت الآن لتحمل لواء العروبة والإسلام، وهذه هى المرحلة المقبلة، وبالتالى فأعتقد جازما أن الاستقرار والأمن فى مصر وعودتها لريادة الأمة سيكون فى مصلحة القضية الفلسطينية، وإذا استعرضنا التاريخ سنجد ذلك واضحا، فعندما كانت مصر ضعيفة وتابعة للدويلات فإنها كانت ضعيفة ومتناحرة، وإذا عادت شكلت الجناح القوى فى مصر، فلسطين والشام، والآن نشهد انتفاضة الشعوب ضد الأنظمة التى انتهت صلاحيتها واستباحت الأمم. لاحظنا أخيرا وجود تصريحات لبعض مسئولى حماس متوعدين خطف جنود إسرائيليين، فهل تستعد حماس فعلا للقيام بذلك؟ تحرير الأسرى هو واجب دينى ووطني، وعلينا أن نبذل كل الجهد لذلك، وهؤلاء الأسرى هم رجال خرجوا للدفاع عن قضيتهم ووطنهم، ما تتحدث عنه هو قرار قديم وليس جديداً، وليس أدل على ذلك من إعلان الحاكم العسكرى للاحتلال فى الضفة الغربية وهو قائد المنطقة الوسطى عن إحباط 18 محاولة لخطف الجنود أو مستوطنين خلال ال 3 أشهر الماضية، أى بمعدل 6 محاولات شهريا، ومعظم الخلايا كانت تعمل لصالح حماس، وحماس تبذل جهدا كبيرا بهذا الاتجاه، والمحاولات مستمرة، ولهذا يتخذ الجنود الإسرائيليون حذرهم خوفا من الوقوع فى براثن تلك العمليات، والخطف أثمر فى قضية جلعاد شاليط، ولكن هناك العشرات بل المئات من الأسرى ما زالوا بسجون الاحتلال، وهذا هو الخيار الوحيد لأن المسيرة السلمية لم تستطع أن تفرج عن أسرانا. الجميع يتساءل هل ستتحقق المصالحة فعلا أم سنستمر فى لقاءات ومناقشات بدون حل؟ حماس تنطلق نحو المصالحة من منطلقين وطنى وإسلامي، فقد بدا واضحا بعد الانتصار فى معركة “حجارة السجيل" أن العدو لا يفهم إلا مفهوم القوة، وبالتالى سندفع نحو المصالحة، ولهذا اتخذت حماس بعد الحرب إجراءات عديدة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وسمحت لمن هربوا من غزة سواء للضفة أو مصر، بالعودة واستثنى من عليهم جرائم قتل حتى تتم معالجة هذا الملف فى إطار المصالحة المجتمعية، وأعطت حماس مساحة كبيرة لحركة فتح للاحتفال بذكرى الانطلاقة، وساعدتهم فى تنظيمها وللأسف فشلوا فى ترتيب المهرجان، فقد كنت مدعوا للحضور للتحدث باسم حماس، ولكن جاءتنى رسالة “ لا نستطيع السيطرة على الحشود ونرجو عدم حضورك"، ومن الواضح أن الإخوة فى حركة فتح لا يملكون قرارهم، ويشهد بذلك الإخوة فى مصر والقيادة المصرية، فأبو مازن يحاول عرقلة مسيرة المصالحة وهو يستخدم ورقة حماس باعتبارها ورقة ضاغطة فى المفاوضات مع إسرائيل، وينتظر من باراك أوباما وبنيامين نتنياهو جديدا، ولكنهما لن يقدما له أى شىء.. وبالتالى الكرة الآن فى ملعب حركة “فتح"، وأؤكد أن حماس لم تدخر جهدا فى بذل كل ما هو ممكن للمصالحة، والدليل قبولنا بتولى أبو مازن وهو الخصم لنا، رئاسة الحكومة الانتقالية، ولكننا ندرك تماما أن أبو مازن خياره الوحيد هو المفاوضات. ما توقعات للانتخابات؟ تقديرى أن الشعب الفلسطنى سيقول مقولته الصادقة التى تعبر عن أمانيه بالمستقبل، وسيكون التفريق بين صانع الانتصارات والآخر، ولا أريد أن أسمى الآخر، ولكنه معروف وسجله معروف بالاستسلام والهزيمة، وثقتنا وقناعتنا الجازمة أننا سنفوز، وهذا سيحدث فى غزة والضفة الغربية والشتات، وقد يتفاجأ العالم بنتيجة الانتخابات، ونطمح أن نحكم الفلسطينيين، ولا نريد الانفراد لا بالحكم ولا بالسياسة، ولو فزنا بالأغلبية بالانتخابات فنحن مستعدون لتشكيل حكومة وطنية تشمل كل الأطراف. الحرب الأخيرة كشفت بعض قدرات حماس، لكن يقال إن لديها إمكانات أكبر فما صحة ذلك؟ كانت هناك مفاجآت عديدة بانتظار إسرائيل لو أقدمت على الحرب البرية، ولهذا فإنه مع بداية الحرب انسحب العدو وابتعد عن حدود قطاع غزة، بنحو 3 كيلومترات ونصف كيلومتر، خشية المفاجآت، وخشية أن يتم أسر جنوده، ووجدناه يتفاجأ بضرب تل أبيب من الساعات الأولى للحرب، وتفاجأ بوجود مضادات الطائرات ومنها ما سقط بالبحر المتوسط، والبوارج الحربية ابتعدت عن الشواطئ، فالمقاومة اليوم لديها من العتاد والسلاح ما يجعل أكثر من نصف سكان الاحتلال تحت مرمى نيرانها، كما أن طائراته وبوراجه ليست فى مأمن. ما يوضح بأن نصف سكانه سيكونون فى النيران، هل تقصد وصول الصواريخ إلى تل أبيب؟ تل أبيب وما بعد تل أبيب، فالضفة كانت محوراً أساسياً فى النصر فى حرب حجارة السجيل، وسأعطيك دليلا على ذلك، فنتنياهو قرر نقل أموال الضرائب إلى رام الله دون تأخير بعد اتصال مكتبه بعباس لوقف انتفاضة الضفة، إذا يسر لنا الله الأمور، ستكون القدسورام الله أقرب من غزة، وأقصد دخول الضفة الغربية فى الحرب.. اليوم الضفة تتحرك بسبب وفاة الأسير عرفات جرادات، وهناك محاولات لوقف انتفاضة الضفة ومحاولة السيطرة على الضفة الغربية، ولو خرجت الضفة لتعبر عن نفسها وقضيتها ستشكل عبئا كبيرا، ومن عناصر نصرنا فى الحرب الأخيرة وقفة الضفة ومحاولتها الانتفاض على الاحتلال، ونعتقد أن الأجهزة الأمنية لأبو مازن لن تنجح فى السيطرة على الشعب الثائر فى الضفة لأبد الدهر، وسيأتى اليوم الذى يتحرر فيه شعبنا فى الضفة ويعبر عن نفسه. هل تلمح لإمكانية وجود صواريخ المقاومة أو الهاون فى الضفة؟ أخذنا 25 سنة لنصل من العبوة التى طيرت إصبعي، إلى الصاروخ ال 75، ولكن نقل الخبرة للضفة الغربية لن يحتاج أكثر من 6 أشهر إذا ما توافرت الظروف، ولن نكون فى حاجة بالضفة إلا إلى ال 75، لنجعل الجيش الإسرائيلى يضع يديه على رأسه وينبطح على الأرض..والانتفاضة فى الضفة يعتبرها الجيش الإسرائيلى “قريبة"، ونحن فى حماس شعارنا المقاومة، وفى غزة أثبتت المقاومة جدارتها وقوتها، وفى الضفة أثبتت قوتها قبل سيطرة الأجهزة الأمنية بالتنسيق الأمنى مع إسرائيل، وسيأتى اليوم للمقاومة للتعبير عن نفسها فى الضفة، وهو ليس ببعيد. هناك اتهامات عديدة لحماس منذ الثورة آخرها دعم مرسى ضد المعارضة، فما ردكم؟ لا نخفى حبنا لمصر وشعبها، وعلى مدار التاريخ فإن مصر هى رئتنا التى نتنفس بها وهى المدرسة التى علمتنا والبيت الذى يأوينا، ولكن للأسف مصر تخضع لمؤسسة إعلامية ظالمة، ولا تنظر بعين المصلحة المصرية، وأنا لا أعمم، ولكن هناك فضائيات وصحفاً تهدف للنيل من مصر، والزج بحماس هو لون من ألوان الإثارة، والحقيقة أننا فى حماس وفى فلسطين لدينا سياسة راسخة هي، أننا لا نتدخل فى شئون الدول العربية سواء نحب أو نبغض، وهذا واضح فى تاريخ حماس، وأقول لشعبنا المصرى اطمئن، فنحن لا نقبل بديلا عن فلسطين، ولا نقبل للمصريين بديلا عن مصر. كيف تصف العلاقة مع مصر بعد ثورة يناير، خصوصاً أن هناك ملفات عديدة لم تشهد أى تقدم؟ الطموح والأمل فى شعب وقيادة مصر كبيران، وفى نفس الوقت ندرك حجم الأعباء الملقاة على الشعب والقيادة المصرية، ونقول إن أمن واستقرار مصر ورفعتها تنعكس إيجابا على الشعب الفلسطيني، وإن كنا محاصرين فيمكن أن نصبر على الحصار إذا كان الأمر يعود على مصر بالنفع، هناك الآن بعض التحسن، ولكنه غير مرضى ولا كاف، ولكن ننظر للمستقبل الذى تكون فيه سيطرة للقانون والهيئات المنتخبة لتقول وتعبر عن تصورها لطبيعة العلاقة مع فلسطين. هناك أقاويل أن حماس على علم بمصير ضباط الشرطة المختطفين من مصر منذ الثورة، فما حقيقة ذلك؟ هذا موضوع من ضمن الفبركة الإعلامية، والمخابرات المصرية تعرف جيدا أن غزة ليست لها علاقة بهذا الأمر، بل نحن نسعى للوصول لأى خبر عنهم، ونسأل الله أن يعودوا لأهلهم سالمين وغانمين، ونحن لا ندخر جهدا فى ذلك، ولو كانوا فى غزة لكانوا عادوا منذ فترة طويلة. ما تصوركم لإنهاء الحصار ووقف التهريب عبر الأنفاق الذى يضر مصر اقتصاديا وأمنيا؟ حصار غزة جاء بقرار دولى وخضعت مصر له، ولو كانت العلاقة طبيعية بين دول الجوار لكانت العلاقة التجارية بيننا وبين مصر كما بينها وبين ليبيا والسودان، حدود مفتوحة وموانئ حرة وتجارية، وما كنا بحاجة لاختراق الأرض لنأتى بالسلع الأساسية لشعبنا، ومن اللحظات الأولى للثورة نادينا بأن تكون هناك منطقة حدودية حرة، وأن يفتح معبر رفح تجاريا، وأننا مستعدون لإغلاق الأنفاق، فهى ضرورة وليست غاية، ولو قدر للنظام فى مصر أن يسمح بالتجارة الحرة فما كنا لجأنا للأنفاق، كذلك فإن العلاقة التجارية بيننا وبين إسرائيل تتجاوز 3مليارات دولار سنويا، ولو فتح التبادر التجارى بيننا وبين مصر لكان هناك لون من ألوان الرخاء على الأقل فى سيناء، ونحن ندفع ثمن كل احتياجاتنا، وأرخص علينا أن تأتى من فوق الأرض، مع ملحوظة أن البترول القطرى حتى الآن لم تصلنا كل الكمية الموجودة فى الميناء، وشعبنا الفلسطينى يعانى من نقص الكهرباء والبترول والسلع الأساسية، ولم يكن هناك التحسن المأمول بنسبة كبيرة، خلال العام المنصرم، كثيرة هى المشروعات والآمال ولكن على أرض الواقع ليس هناك كثير من الإنجازات، وللأسف السياسة هى التى تعرقل العلاقات التجارية بين مصر وغزة، والدولة المصرية تحاول أن تكون على مسافة واحدة بين أبو مازن وحكومة غزة.