ترصد مجلة "الأهرام العربي" في عددها الجديد الصادر السبت، واقع الاختلافات في لبنان الذي دفع ثمن التكفير السياسى اغتيال اثنين من رؤساء الجمهورية وثلاثة من رؤساء الوزراء ووزراء وكتاب وإعلاميين وسياسيين، بالإضافة إلى اندلاع حرب أهلية ضروس بين الطوائف والمذاهب اللبنانية استمرت منذ أواسط السبعينيات وحتى اتفاق الطائف فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى، بعد أن استمرت عشرين عاما وخلفت وراءها نحو 200 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعاقين، ولكن لماذا يكون ثمن الاختلاف فى الرأى فى لبنان هو الإلغاء الجسدى والمعنوى؟ لبنان بلد يختلف عن بقية الدول العربية بأن دستوره يشترط أن يكون رئيس الجمهورية من المسيحيين الموارنة، ورئيس الوزراء من المسلمين السنة، أما رئيس السلطة التشريعية – مجلس النواب - فيكون من المسلمين الشيعة، وهؤلاء أكبر الطوائف اللبنانية البالغ عددها 18 طائفة ، بالإضافة إلى أكثر من 113 حزبا، وتتوزع بقية المناصب السياسية من وزارات ووكلاء وزارة وقضاء ومديرين حتى الوظائف الصغيرة بنظام المحاصصة حسب الطوائف وحسبما ينظمه الدستور والقانون. وهذا التنوع بقدر ما يثرى الحياة الثقافية والاجتماعية، إلا أنه ليس كذلك على المستوى السياسى، حيث أصبح الانتماء للطائفة أهم من الانتماء لأى شئ آخر، وأصبح زعيم الطائفة حاكما بأمره على الطائفة، يأمر فيطاع حتى وإن طلب من أبناء الطائفة أن يلقوا بأنفسهم فى البحر لفعلوا، وهو الأمر الذى يجعل من الانتماء إلى الطائفة أولوية عن الانتماء إلى ما عداها، ولايمكن اختراقها بسهولة، وبالتالى يصبح التكفير السياسى أو المذهبى أو الطائفى، أمرا واقعا وسهل الاشتعال فى أية لحظة. ونظرا لكل ماسبق لم يكن ولن يكون سهلا القضاء على التكفير السياسى أو غيره، بعدما أصبح واقعا فى الثقافة الشعبية والسياسية والعرقية والدينية والطائفية فى لبنان. وبسبب هذا التنوع الدينى والطائفى والمذهبى والسياسى حدثت الحرب الأهلية منذ أواسط السبعينيات واستمرت لمدة عشرين عاما، وكان القتل يحدث على الهوية والمذهب والدين والطائفة، فى ظل توافر السلاح وتدفقه من بعض الدول العربية والغربية المستفيدة من هذا الطرف أو الآخر، وبسبب هذه الحرب احتلت سوريا لبنان لما يقرب من 30 عاما، وحصدت تلك الحرب أرواحا أكثر من 200 ألف لبنانى، وخلفت وراءها مئات الآلاف من الجرحى والمعاقين واليتامى والأرامل. وترصد "الأهرام العربي" أكثر عمليات الاغتيال فى لبنان تأثيرا على مستوى العالم وهى عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان ورجل الأعمال رفيق الحريرى 2005 بسيارة مفخخة، وذلك لأنه اختلف مع الرئيس السورى بشار الأسد وبعض الخصوم فى الداخل حول التمديد لرئيس الجمهورية وقتها إميل لحود بما يخالف الدستور اللبنانى.