رؤوس أموال سعودية.. استثمارات أمريكية.. شراكات إقليمية ودولية سعت المملكة السعودية بجدية لإقامة قمة الرياض، لتستضيف ترامب كأول محطة من زياراته الخارجية، فقد تكبدت مبالغ طائلة لتقنع ترامب الذى صرح بضرورة منع المسلمين من دخول أمريكا أثناء حملته الانتخابية، ليجعل أولى زياراته الخارجية لقلب العالم الإسلامى، ولا يُمكننا أن نغفل عقلية ترامب الاقتصادية، ومبدأ رجل الأعمال الذى رفع شعار "أمريكا أولاً"، فوجد أن العرض السعودى فرصة جيدة ليُضخم المكاسب الأمريكية على المستوى الاقتصادى، وبالفعل فقد حقق مكاسب مادية لأمريكا على دفعة واحدة، لم يحدث مثلها من قبل، كما أنه أراد من تلك الزيارة أن يؤكد على الدور القيادى للولايات المتحدةالأمريكية وإرسال رسالة تطمين لحلفائها فى المنطقة أنها لن تتخلى عن وجودها فى المنطقة . كما أنه يُفكر بمبدأ أن الجميع عليه أن يدفع، لذا فسعى لإقناع دول الخليج بقيادة سعودية بتحمل نفقات مُحاربة الإرهاب، خصوصا مواجهة داعش من خلال التحالف الدولى بقيادة الولاياتالمتحدة، ولذا كانت لقاءاته مع رؤساء دول الخليج التى لم تتعد 20 دقيقة لكل منهم، صفقات ناجحة له بإقناعهم بشراء سلاح أمريكى متطور. وأخيراً وليس آخراً، ليستغل العداء المُتفاقم بين إيران ودول الخليج، ليُشكل حلفاً عربياً سنياً ضد إيران ليقود من خلاله حملته لتحجيم النفوذ الإيرانى، وتصبح إيران هى العدو، وإسرائيل هى الحليف القابل لمواءمات وتنازلات.
المملكة السعودية تضرب النظام الإيرانى بالصفقات الأمريكية: استهل خادم الحرمين الملك سلمان كلمته، بإبداء فخره بأن القمة تضم اجتماع 55 دولة إسلامية، يتجاوز عدد سُكانها المليار ونصف المليار نسمة، كشريك قوى وداعم ومهم لمحاربة الإرهاب. الجدير بالذكر أن دول الخليج لا تزال فى نظر الغرب مصدر تمويل ضخم لإرهاب مالياً وبشرياً، فقد صرحت دينا باول "نائبة مستشار الأمن القومى الأمريكى للشئون الاستراتيجية" قبل انعقاد القمة، مُعلقة على القمة الخليجية "نأمل أن يكون أقوى التزام بعدم تمويل التنظيمات الإرهابية تراقبه وزارة الخزانة الأمريكية مع كل من نظرائها"، وأضافت "ما يميز ذلك الالتزام أن كلاً منهم سيوقع على طريقة تحمله المسئولية وسيُحاكم بالفعل المسئولين عن تمويل الإرهاب بما فى ذلك الأفراد"، لذا أتى التأكيد فى بداية كلمة الملك سلمان على إدراك المملكة لأهمية وقف سُبل تمويل الإرهاب بل وتجفيف منابعه. و استطرد الملك سلمان فى الحديث عن النظام الإيرانى والتنظيمات التابعة له، الحوثيين وحزب الله وداعش، مُستنكراً أطماعها التوسعية ومُضيها قُدماً للتدخل فى الشئون الداخلية للبلاد العربية، وهنا توافق معه ترامب فى ضرورة تحجيم النفوذ الإيرانى، ورصد حزب الله على قائمة الإرهاب، كما حمل ترامب السلطات الإيرانية المسئولية عن عدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط برمتها، قائلاً: "إن إيران تدرب وتسلح الميليشيات فى المنطقة وكانت لعقود ترفع شعارات الموت للولايات المتحدة وإسرائيل وتتدخل فى سوريا"، وتم الإعلان عن إطلاق المركز العالمى لمحاربة الإرهاب والتطرف، لتكون السعودية المقر الرسمى له، ويفتح أبواب التعاون مع الدول المُحبة للسلام، كما اقترح ترامب فى كلمته أيضاً. على مستوى آخر عبر الملك سلمان عن حماس المملكة السعودية لتعزيز التعاون مع الولايات المُتحدة الأمريكية، الجدير بالذكر أن الصفقات التى تم إبرامها بين الجانب السعودى والجانب الأمريكى، تم السعى لبلورتها خلال زيارة ولى العهد محمد بن سلمان إلى الولايات المُتحدة الأمريكية، وكان ترتيب الاتفاقات تتم بينه وبين جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى وأحد مستشاريه، حيث كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" البريطانية، يوم 1 مايو، عن تقرير منسوب لمصادر داخل البيت الأبيض، بأن تفاصيل الصفقة التى هندسها كوشنر مع السعوديين، تبدأ قيمتها ب110 مليارات دولار أمريكى، لتضم صفقة أسلحة ضخمة تضم طائرات وسفنا وقنابل موجهة بدقة، ومنظومة رادار متطورة قادرة على إسقاط الصواريخ الباليستية. وقد حصل ترامب فى يومه الأول بالرياض على صفقات بقيمة أكثر من 660 مليار دولار من السعودية منها 460 مليارا صفقات أسلحة ونحو 200 مليار صفقات تجارية واقتصادية. كما كتب ظريف على تويتر "إيران التى أنهت للتو انتخابات حقيقية تتعرض لهجوم من رئيس الولاياتالمتحدة فى معقل الديمقراطية والاعتدال. هل هى سياسة خارجية أم استخلاص 480 مليار دولار من السعودية ببساطة؟".
القضية الفلسطينية بين الأجندة العربية والرؤية الأمريكية تدفقت تحليلات وتوقعات قبل انعقاد قمة الرياض، مع تخوف وحذر فيما يتعلق بالملف الفلسطينى، حيث رجح معظم المُتخصصين أن ترامب سيستغل القمة ليضغط على الجانب العربى حتى يصل الأمر لتوقيع الفلسطينيين على السلام وعلى حل القضية، لكن بمقاييس ورؤى ومصالح إسرائيلية. فى حقيقة الأمر أن القمة لم تشهد نوعا من التفاوض أو المُناقشات، لكن كل كلمة ألقاها الرؤساء حددت مواقف الدول من قضايا المنطقة، حيث تحدثت كلا من السعودية وأمريكا بالنص عن " حل القضية وتدعيم السلام الإسرائيلي -الفلسطينى". فى حين أن كلمة مصر أكدت على الموقف المصرى فيما يخص القضية الفلسطينية وضرورة تسويتها عن طريق حل عادل وشامل ونهائي، وعلى أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة. وفى إطار مُتصل، جاءت كلمة الملك عبد الله ملك الأردن - ولقد ألقاها باللغة الإنجليزية وكأنه يُخاطب ترامب مُنفرداً، مؤكداً ضرورة حل الدولتين للقضية الفلسطينية - الإسرائيلية، كما تكلم عن حماية القدس، كمدينة مقدسة للأديان الثلاثة، وتجديد التزام الأردن كوصية على القدس وأن تستلهم دورا رياديا، حيث إنها حملته عن الأمة العربية والإسلامية- وهى الكلمة الوحيدة التى صفق لها ترامب بحماس شديد.