مأزق الأمين العام! أشعر بتعاطف لا يخلو من شفقة علي الدكتور نبيل العربي الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية.. فكم هو صعب وقاس هذا المنصب في ظل هذه الظروف والأحوال التي تمر بها أمتنا العربية. ولا أظن أنني أبالغ إذا قلت إن هذا المكان يقتل الملكات والقدرات والإمكانيات الخاصة مهما عظمت أو كثرت لدي الشخص الذي يعتلي هذا الكرسي. فالتحديات التي تواجه العالم العربي حاليا اكبر جدا في تقديري من الإمكانيات التي تمتلكها هذه المؤسسة الاقليمية العتيدة.. والتغييرات والاصلاحات التي يمكن إدخالها لتغيير مسارها أو تجديد شبابها أو تفعيل قراراتها قليلة ومحدودة لا تتعلق مطلقا بمواهب وقدرات الرجل الذي يعتلي رئاستها ولكنها مرتبطة أساسا بالإرادة السياسية لمجموع الدول الأعضاء بها.. وهي في الواقع وبلا مجاملة أو عبارات دبلوماسية منمقة ضعيفة, إذا لم تكن منعدمة بين هذه الأقطار التي تختلف سياساتها وأنظمتها وتوجهاتها وإن جمعتها عوامل اللغة والتاريخ و الجغرافيا والثقافة وكثير من القواسم المشتركة!! أقول بصراحة إن اختلاف النظم السياسية والأهداف الاستراتيجية والطموحات القطرية للدول الاثنين والعشرين التي يضمها البيت العربي.. وضعف قوتهم الإقليمية تفرض علي الأمين العام للجامعة أن يتعامل بقدر عال جدا من الحنكة الدبلوماسية.. والتوازنات التي لا تخلو من مجاملات مع كل دولة عربية علي حدة.. بشكل يعطل قدراته علي تحقيق الهدف الأكبر والأهم لدفع مسيرة العمل العربي المشترك والارتقاء بالاداء العربي الجماعي في الحظيرة الدولية ليجد الرجل نفسه في النهاية مكبلا بقيود سياسية وبيروقراطية لا يستطيع أن يغيرها أو أن يفلت منها مهما بلغ حجم الجهد الذي يبذله أو الكاريزما التي يتمتع بها!! وهذا الوضع الصعب جعل الأمين العام خصوصا علي مدار العقدين الماضيين إما صامتا أو متحفظا علي النهج الذي اتبعه الأمين العام الأسبق عصمت عبدالمجيد أو نشيطا ومتحديا وفي المقابل مثار جدل وغيرة وانتقادات كما كان عمرو موسي الأمين العام السابق.. أما الدكتور نبيل العربي فتبقي نهايته مفتوحة طبقا لطبيعته وسياسته وأدائه والأهم الظروف الإقليمية والدولية المحيطة به.. ولكنه يظل في رأيي في موقف ومنصب لا يحسد عليه!! [email protected] المزيد من أعمدة مسعود الحناوي