الفتنة أشد من القتل... تلك الحقيقة أدركها ولعب عليها ما يمكن تسميتهم دون تجاوز أعداء الثورة... والهدف كان دق أسفين بين الثوار والجيش. لكن اللعبة الكبري كانت هناك في الميدان يوم الجمعة الماضي الذي يوصف حاليا ب جمعة الوقيعة, الأقاويل عديدة لكن الحقيقة يرويها الداعية الإسلامي د. صفوت حجازي الذي كان شاهدا علي ما حدث ومشاركا في محاولات وأد الفتنة.. والتفاصيل في هذا الحوار: متي وكيف بدأت الوقيعة بين الجيش والشعب بميدان التحرير. يوم الجمعة الماضي ظهرت أعداد كبيرة تبدو غريبة عن الثوار الحقيقيين, وتمركزوا حول المنصة منذ مساء الخميس منهم العسكريون, ومنهم المثقفون وأكثرهم البلطجية هؤلاء بدأوا يفتعلون مشكلات ضخمة لدرجة أنهم حاولوا هدم المنصة منهم أناس نعرفهم جيدا, وهم من الحزب الوطني ومشهورون, ولن نذكر أسماءهم لعلهم يعودون إلي رشدهم ولأننا لا نريدها دماء بل نريدها بناء.. وعندما وصلت إلي الميدان صباح الجمعة أحسست برائحة الوقيعة والفتنة في الميدان حين رأيت العسكريين والبلطجية حول المنصة أدركت أن ثمة وقيعة بين الجيش والشعب يخطط لها.. فركزنا علي شعارات وهتافات الوحدة مثل الجيش والشعب أيد واحدة مسلم ومسيحي كلنا مصريين, وإيد واحدة.. إيد واحدة, وظللنا نجوب الميدان بهذه الهتافات حتي قبيل الصلاة بنصف ساعة, وعدت إلي المنصة وفوجئت بأحد الشباب الغريب عنا وعن الميدان يشير إلي رقبته, ويقول لي مش حتخطب الجمعة يا صفوت يا حجازي في إشارة إلي ذبحي إذا خطبت, فرددت عليه بنفس القوة. بل سأخطب غصبا عنك.. والموقف شاهده كل الناس, وعلي الفور أعددنا خطة لمواجهة هؤلاء إذا ما أقدموا علي أي عمل من شأنه إفساد المظاهرة, والخطة باختصار انتشار عدد كبير من شباب الثورة حول المنصة لاختطاف أي بلطجي يحاول النيل من المنصة أو الخطيب وحمله خارج الميدان, ولاحظ البلطجية ذلك فالتزموا الصمت!! معركة المنصة بعد الخطبة حاول بعض الذين يرتدون الملابس العسكرية الصعود إلي المنصة, وكانت لدي اللجنة المنسقة معلومات غير رسمية عن وجود هؤلاء, ونحن لا نعلم حقيقتهم, وظننا أنهم قد يكونون مخابرات عسكرية حقيقية وجدوا لالتفاف الآخرين حولهم, ومن ثم التعرف عليهم أو القبض عليهم, لهذا قررنا أنه لا شأن لنا بهم إلا أنهم حاولوا الصعود إلي المنصة بالقوة عن طريق السلم, وحينما فشلوا بعد أن تصدي لهم شباب الثورة حملهم بعض البلطجية, وغيرهم إلي أعلي المنصة, وتم الاستيلاء عليها.. وكان كل همنا عدم الاشتباك معهم حتي لا تكون فضيحة أمام الفضائيات التي كانت تصور الاحداث, ولم نملك حينها إلا أن نعلن أن المنصة خارج اللجنة المنظمة, وأن الثوار غير مسئولين عما يدور عليها. وبالفعل استولي علي المنصة البلطجية والعسكريون, وبعض اعضاء من الحزب الوطني, وذلك لمدة ساعة تقريبا, بعدها تم استرداد المنصة من قبل الثوار والاستيلاء عليها من جديد, وذلك حتي تتمكن المحكمة الشعبية برئاسة المستشار محمود الخضيري من إعلان الحكم أجلت المحكمة حكمها للجمعة المقبلة, وأوشك اليوم أن ينتهي, حيث كانت اللجنة التنسيقية قد قررت أن تنتهي فعاليات المظاهرة الساعة الخامسة مساء كآخر موعد للوجود في الميدان, وأنه لن يسمح بالاعتصام لكن بعض الثوار أصروا علي الاعتصام, وهذا خطأ... كانت الساعة في ذلك الوقت الرابعة والنصف, وبقي من البرنامج فقرتان لكل من الدكتور محمد عبد المقصود أحد كبار علماء السلفية ود. سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية, وكان علي أن أقدمهما وما أن شرعت في تقديم د. محمد عبد المقصود حتي فوجئت بمجموعة العسكريين متقدمين إلي المنصة وسط حشد من البلطجية الذين اصروا علي رفعهم إلي المنصة, وحاولت اثناءهم في الوقت نفسه صعد عدد كثيف من غير الثوار إلي المنصة, وفوجئت بمن يدفعني عنوة ويوقعني من فوق المنصة, وصارت معركة لكننا تداركنا خطورتها وانصرفت إلي بيتي بعد أن انتهي اليوم حسب ما حددت اللجنة, ولم يبق في الميدان من الثوار إلا عدد قليل جدا قرروا الاعتصام من تلقاء أنفسهم.. اعتداء غادر وما إن وصلت إلي بيتي وخلدت إلي الراحة, وفي الثامنة والنصف مساء جاء تليفون من أحد الثوار الموجودين بالميدان أن اللواء حمدي بدير قائد الشرطة العسكرية نزل الميدان بسيارتي شرطة عسكرية إلا أن الناس اعتدوا عليه وطلبوا مني ضرورة العودة لتدارك هذا الخطر.. فعدت بسرعة. من الذي اعتدي علي اللواء حمدي بدير؟ حين عدت اكتشفت أن عددا من الذين يرتدون الزي العسكري إنضموا مساء إلي المجموعة التي كانت بالميدان من الصباح, والتف حولهم عدد كبير من البلطجية وأفراد من الحزب الوطني, واقاموا خيمة كبيرة بوسط الميدان واعتصموا فيها.. وقيل أنه قد سرت إشاعة أن الجيش سوف يقبض علي هؤلاء العسكريين, وما أن نزل اللواء حمدي بدير إلي أرض الميدان لفض الاعتصام حتي تم الاعتداء عليه من قبل البلطجية وميليشيا الحزب الوطني. وماذا عن وساطتكم وإلي أي شيء توصلتم؟ طلب مني الجميع أن أتوسط لتدارك المشكلة قبل أن تتفاقم دخلت خيمة ذوي الزي العسكري, وجدت عددهم قد زادوا وصل إلي عشرين تقريبا وكلهم يرتدون الزي العسكري, ومعهم عدد كبير من المدنيين من الثورة المضادة, وأنا متأكد من ذلك, بل أعرفهم بالاسم طلبت خروجهم المدنيين من الخيمة وبعد تفاوض خرجوا.. وبدأ التفاوض والصلح قالوا نريد منكم أن تحمونا فقط حتي الصباح... في ذلك الوقت كانت الساعة قد اقتربت من الواحدة صباح السبت.. وكان الناس قد انصرفوا من الميدان, ولم يبق سوي ألف أو أكثر بقليل أغلبهم حزب وطني, وبلطجية, وليس من بينهم سوي بضع مئات من الثوار الذين لا يستطيعون تأمين الميدان, وبالتالي يصعب حماية المعتصمين... أبلغتهم بهذا وبصراحة, وأمام جمع من المدنيين وأكدت لهم أن تأمين الميدان أمر صعب واقترحت عليهم احضار ملابس مدنية لارتدائها والخروج من الميدان بأمان إلا أنهم رفضوا.. طلبت منهم الحديث إلي أحد ضباط الشرطة العسكرية, رفضوا أيضا... وطلبوا مني الانصراف ليفكروا ويقرروا وخرجت فوجدت غوغائية شديدة من البلطجية والحزب الوطني, حيث قالوا إنك تريد تسليمهم للجيش.. في هذا الوقت وجدت زحاما حول اللواء سعيد عباس, وهو لواء عسكري معروف لدينا أيضا تحدثت معه بشأن العسكريين المعتصمين, فقال لي بهدوء وحسم.. لا شأن لنا بالثوار نحن جئنا من أجل أولادنا من العسكريين المعتصمين سألته ماذا تريد منهم هل تريد القبض عليهم قال لا نريد أن ينصرفوا إلي منازلهم.. قلت له سوف تحضرونهم من منازلهم.. قال نعم قلت نتمني ألا تعاقبونهم قال علشان خاطركم سوف نجازيهم جزاء مخففا إذا إنصرفوا, وهذا وعد منا بذلك ولعلكم تذكرون موقفنا مع الضابط أحمد شومان وما ينفعش أقل من كده لأن الجيش له هيبته وكرامته هكذا قال لي بالنص كانت الساعة قد وصلت إلي الثانية والنصف, ولاحظت وجود قوات مسلحة وأمن مركزي بكثافة جهة المتحف, فشعرت بخطورة الموقف فعدت إلي العسكريين المعتصمين بالخيمة, ونقلت لهم ما جري من رغبة الجيش من انصرافهم إلي منازلهم والجزاء المخفف, وقلت لهم لو حدث غير ذلك, فنحن علي استعداد للوقوف معكم لكنهم رفضوا أيضا, حينها حدثت مشادة واعتدي علي بعض البلطجية وحدثت حالة من الهياج بين البلطجية والثوار الذين تدخلوا للدفاع عني, وما هي إلا دقائق حتي سمعنا طلقات الرصاص بكثافة, ومن كل جانب, كانت الساعة حينها قد تجاوزت الثالثة فجرا, لم يكن أمام الجميع إلا الجري خارج الميدان بمن فيهم العسكريون لم يبق في الميدان أحد لم يكن الرصاص حيا, بل كان فشنك إلا القليل من الرصاص الحي في الهواء.. ويستمر إطلاق الرصاص لأكثر من ساعتين. خرجت مسرعا إلي الشوارع المحيطة بالميدان لم أر قتلي لكني رأيت جرحي... أثناء سيرنا واجهتنا مجموعة من الشرطة العسكرية, وتقدم إلي أحدهم, وكان ضابطا وشهر في وجهي السلاح, وقلت له أحنا مصريين أنا فلان صفوت حجازي فأخذ سلاحه بيده اليسري وحضنني باليمني, وبكي بكاء شديدا, وبكينا جميعا ثم قال لي أرجوكم امشوا دول عايزين يضيعوا البلد ساعتها أدركت معني الكلمة وانهرت باكيا. تجدر الإشارة إلي أن د. حجازي بكي أيضا أثناء التسجيل عندما كان يسرد هذه الاحداث, توقف إطلاق النار الساعة الخامسة والنصف, وبدأ الجيش في الانسحاب.. كانت هناك سيارتا جيش تم احراقهما, كما هوجمت سيارة مدرعة. وبعد هذه التفاصيل الخطيرة إلي متي هذه الثورة المضادة, وما مدي خطورتها. سوف تقهر هذه الثورة المضادة, وسوف نحقق أهدافنا أن شاء الله, والطبيعي أن لكل ثورة أعداء والثورة المضادة ممنهجة ومخطط لها. والكلمة التي ألقاها مبارك أخيرا جزء من هذه الثورة المضادة, خاصة في توقيتها, ولذلك أمر رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تقصي حقائق هذه الكلمة لتحديد هل القانون يسمح لمن هو قيد الإقامة الجبرية بالإدلاء بالتصريحات والأحاديث أم لا؟ والكلمة تهديد للشعب المصري وأنا شخصيا سأقاضيه علي جريمة التهديد, الكلمة زادت من غضبنا, وإن كان البعض سيخرج في مظاهرات تأييد مثل آسفين ياريس وهؤلاء نقول لهم مصر أولي من أي شخص والدلائل واضحة علي الفساد وعليكم أن تتدبروا صالح بلادنا.