خرج السلف إلي الشارع وهذا حسن, فمن حق كل مصري أن يتنسم هواء الحرية خاصة إن كان قد حرم منها, ومن حقه أن يرتدي الزي الذي يعجبه وأن يقول ما يشاء. 1 فالثورة وفضاء حريتها ليست حكرا علي جماعة دون غيرها, فلماذا كان الظهور السلفي مزعجا ومخيفا لكثيرين ؟, هل لأنهم نزلوا الشارع بعد عزلة دامت30 عاما فانتشرت اللحي الطويلة والجلابيب القصيرة في مشهد جديد علينا, أم لأن مفردات التكفير داهمتنا في الصحف وعلي الفضائيات والفيس بوك وتويتر مصاحبة لعودتهم ومشاركتهم السياسية الأولي ؟!. لاحظت في الأيام الأخيرة حالة تحفز غير مسبوقة تنتاب كثيرين من معارفي وأصدقائي وزملائي, الجميع يسن أسلحته ليكون جاهزا بالرد إذا تم تكفيره أو اتهامه في دينه, وتحولت مصر كلها إلي طابور ينتظر دوره, ولسان حال الجميع يقول: مين دول عشان يكفروني ؟ الذين نشروا الاعلانات في الصحف وعلقوا اللافتات في الشوارع مطالبين بتطبق شرع الله واختيار النعم هم الإخوان والسلفيون, واولئك وبافتراض حسن النوايا وسلامتها فتية أمنوا بربهم وزدناهم هدي, أي أنهم أكثر مني علي الأقل علما وإحاطة بعلوم الدين وجزاؤ هم عند الله كبير, وعندما يشككون في صحة إسلام غيرهم, فلابد وأن نأخذ كلامهم محمل الجد ونعيد حساباتنا. أنا عن نفسي أخذت كلامهم محمل الجد, وقررت أن أتعلم منهم وأستقي إسلاما صحيحا فأفوز فوزا عظيما. 2 وبدأت الرحلة بتسجيلات علي موقع يوتيوب للشيخ والعلامة السلفي أحمد النقيب , وقضيت ثلاث ساعات من الهم والغم, ليس من منهج الشيخ والعياذ بالله ولكن علي حالي وحال كثيرين ممن أعرفهم ويعرفونني ونعتبر انفسنا مسلمين موحدين بالله!, فلم نحلم يوما مثلا بالوصول إلي درجات الإيمان التي وصل إليها شباب الإخوان المسلمين وشيوخهم ونسائهم فتلك قدرات يمنحها رب العباد لبعض من خلقه, ولكنني وبكل أسف فوجئت بالشيخ النقيب يلمز ويغمز ويلمح ويشير ثم يقول صراحة:ان الإخوان مواقفهم من العقيدة مش ولابد, صحيح هم أفضل من العلمانيين, وصحيح أن نعل الإخواني بأمة من العلمانيين كما قال الشيخ, إلا أنهم علي خطأ وإسلامهم ليس كما يجب وينبغي!! ويتضاعف الهم والغم, فموقف الشيخ ممن كنت اعتبرهم غايتي ومرادي, ليس سوي امتداد لموقف ثابت تتبناه الدعوة السلفية منهجا لها, فقد سئل المرجع السلفي الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز عن جماعة حسن البنا فقال:.. وأما الإخوان المسلمون فليس لهم نشاط واضح في بيان التوحيد وبيان عقيدة أهل السنة والجماعة, وإنما دعوتهم عامة إلي الإسلام, وهذا لا يكفي بل يجب علي الإخوان المسلمون, وعلي غيرهم من الدعاة أن يكون نشاطهم تفصيليا وعلمهم بالعقيدة الصحيحة, وأن يوضحوها للناس حتي يخرج مدعي الإسلام من عقيدة الكفر إلي العقيدة الصحيحة; لأنه قد يدعي الإسلام, وقد يتكلم به, ويصلي مع الناس وهو مع ذلك يعبد الأموات, ويستغيث بالبدوي, أو بالحسين, أو بالشيخ عبد القادر, أو بفلان وفلان, ويسألهم المدد والغوث إذا مر بقبورهم, وهذا كفر أكبر نعوذ بالله من ذلك, وقد يكون عندهم طريقة من طرق الصوفية خبيثة, فالواجب البيان والإيضاح.. انتهي الاقتباس.. وأصبح الموقف أكثر صعوبة مع تكفير كل هؤلاء, 3 اتضح الموقف إذن, وفهمت لماذا كان الشيخ النقيب السلفي يهزأ من الإخوان ومن مواقفهم المتراخية مع العلمانيين والليبراليين والنصاري لا يستخدم السلف وصفا أخر بالمناسبة وفهمت لماذا قال احنا بقي لازم نخوفهم.. ناس تحايل وتدادي وناس تدي ع القفا.. الكل مرعوب من الأسد السلفي, فالصراع قديم, وأهل السلف يجدون انفسهم الأصح إسلاما والأكثر قربا إلي الله ودعوته. والإخوان من جانبهم يدافعون عن عقيدتهم وإيمانهم ويرفضون تكفيرهم, وقالوا بل إن إيمان السلف ناقص لأن الخروج علي الحاكم ولو جلد ظهرك وأخذ مالكومعارضته غير جائز لديهم إن لم يكن من المعاصي!. وعلي موقع الإخوان المسلمين كتب أمير بسام يقول عن السلفيين: إن من يحرم دخول الانتخابات حين كان يبطش النظام بخصومه, ويضعهم في السجون والمعتقلات,بدعوي أن هذا خروج علي الحاكم, وهذه دنيا ولا يصح التنافس عليها, ثم هو نفسه من يحلل هذا الأمر الآن, هو متبع لهواه وليس قاصدا إرضاء مولاه, وإنني أخشي علي شيوخ السلف والذي أكن لكثير منهم الاحترام من ذلك. وبين اتباع الهوي وتبادل اتهامات الكفر,اكتشفت أن غبار المعركة الممتد بين الطرفين قد طال كثيرين وأن هناك مقالات متنوعة وفتاوي للشيخ عبد العزيز بن باز بشأن الإخوان وجماعة التبليغ يقول فيها لا يصح التعصب والتحزب لجماعة التبليغ ولا الإخوان المسلمين.. والانتساب إليهم لا يجوز, ولكن زيارتهم للصلح بينهم وتوجيههم للخير لا بأس منها!!. وهناك مؤلفات وفيديوهات لمشايخ ودعاة تطعن في عقيدة القرضاوي و عمرو خالد والدكتور مصطفي محمود.. وعدد آخر لا يحصي ولا يعد ممن كنت أحسبهم غير ذلك وأخجل من تواضع إيماني مقارنة بهم!. إذا كان الأمر كذلك, وإذا كان هؤلاء العلماء الأجلاء يتبعون الهوي علي أقل تقدير, فمن نجا من الكفر يا رب العالمين ؟!, من صاحب القبضة الأقوي علي الإيمان والفهم الصحيح للإسلام ؟ وماذا عنا نحن البسطاء من المسلمين متواضعي الإيمان مقارنة بهؤلاء ؟ وهل يجوز السؤال في تلك الحالة عن إسلام فرق أهل الشيعة والطرق الصوفية الخبيثة ؟ وهل يعقل أن نذكر موقف في هذا الصدد العلمانيين والبهائيين والنصاري أو الأقباط والعياذ بالله ؟. الصور المصاحبة بعدسة الكاتب ومصمم الأغلفة السكندريحاتم عرفة. [email protected]