تحتم الظروف ومجريات الأمور ان نعود إلي جذورنا وتجارب ماضينا لنستلخص منها ما نطبقه علي واقعنا بغية سيادة العدل الذي جعله الله سبحانه وتعالي شرعة ومنهاجا مصداقا لقوله تعالي: ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي اهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل سورة النساء58, ومن مفاخر ديننا الحنيف ان عرف ما سمي بقضاء المظالم الذي اقتضت الضرورة انشاءه عندما اتسع نطاق الفتح الإسلامي وازدهرت الامبراطورية العربية الإسلامية ودانت لها الدول والممالك, وقد كان علي أبي طالب اول قاض للمظالم, كما جلس للقضاء فيها عبدالملك بن مروان وعمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين. وحين غلب الطابع الدنيوي علي الدولة العربية منذ عهد بني امية وتجاهر الناس بالظلم ولم تعد تكفهم ظواهر العظة فاحتاجوا في ردع المتغلبين وانصاف المغلوبين إلي نظر المظالم الذي تمتزج فيه قوة السلطة بنصفه القضاء.. فنشأت ولاية المظالم واستقلت بذاتيتها عن القضاء. وكان الخلفاء الاولون يباشرون ولاية المظالم بانفسهم ثم اصبح للمظالم ديوان خاص عرف بديوان المظالم. وقد لعب ديوان المظالم دورا مهما في الدولة الإسلامية علي مر العصور اذ كان ركنا اساسيا في النظام الإسلامي منوطا به الاشراف علي تطبيق مبدأ الشرعية واحترام سيادة القانون. ومما نفخر به ان ديوان المظالم الإسلامي كان له دور واختصاصات تماثل اختصاصات مجلس الدولة سواء في فرنسا أو في مصر في الوقت الحاضر. والحكم في المظالم يقتضي رد الحقوق المغتصبة لمالكها الحقيقي وذلك من مقتضيات الشريعة الإسلامية واوأمرها المفروضة علي الامة مصداقا لقوله تعالي: ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون. وقد عرفت مصر في وقت قريب ديوان المظالم حيث صدر قرار رئيس الجمهورية رقم1001 لسنة1974 بانشائه وكان ملحقا بديوان رئيس الجمهورية, واختص ببحث شكاوي المواطنين والرد عليها, غير ان هذا الديوان لم يقدر له ان يعيش طويلا فقد الغي عند إعادة تنظيم ديوان رئيس الجمهورية في عام1980 وفي تقديري انه ينبغي انطلاقا من روح ثورة25 يناير ان يعاد تشكيل ديوان للمظالم ليبحث مظالم اصحاب الحقوق.