لا خلاف أن المجتمع المصري يعيش مرحلة زخم وحراك وعراك سياسي لاجراء انتخابات مجلس الشعب مع نهاية شهر نوفمبر, والجميع يتطلع إلي تحقيق أمرين أساسيين. هما: أولا: حسن اختيار الأحزاب السياسية وفي المقدمة الحزب الوطني الديمقراطي للمرشحين المؤهلين لتحمل المسئولية البرلمانية من قدرة علي التشريع والرقابة والالتحاق بالجماهير والسمعة الحسنة حتي لانفاجأ بنواب تلاحقهم الطعون بإسقاط العضوية مثل نواب القروض والمخدرات ونواب العلاج علي نفقة الدولة, وعلي الناخبين التحلي بالعقلانية والابتعاد عن العواطف عند الاختيار لأجل تشكيل برلمان يحقق طموحات وتطلعات أبناء مصر. ثانيا: إجراء الانتخابات بنزاهة وشفافية دون تدخلات بأشكالها المختلفة لتزييف رغبة الناخبين فعملية التزوير وصمة عار في جبين الحياة السياسية للمجتمع يصعب محوها من ذاكرة التاريخ. وتعتبر عملية التصويت عصب العملية الانتخابية من المؤسف أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة تتراوح مابين20% و25% ممايعني أن هناك عزوفا من الأغلبية المطلقة من المقيدين في الجداول الانتخابية عن الذهاب إلي صناديق الاقتراع. وتأتي الجمعيات الأهلية في مقدمة مؤسسات المجتمع المدني التي تتحمل العبء الأكبر في تعبئة وحشد الجماهير لزيادة نسبة المشاركة. وقد يتساءل البعض هل للجمعيات الأهلية الحق في المشاركة في العمل السياسي بالمجتمع؟ الإجابة نعم فقانون الجمعيات الأهلية رقم84 لسنة2002 م ينص علي حق الجمعيات الأهلية العمل في الميادين المختلفة لتنمية المجتمع ويحظر عليها ممارسة الأنشطة التالية: تكوين السرايا والتشكيلات العسكرية ذات الطابع العسكري. تهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين. بناء عليه فإن للجمعيات الأهلية الحق في المشاركة السياسية بأدوار محددة بفاعلية في المجتمع. أما لماذا يقع العبء الأكبر علي الجمعيات الأهلية دون بقية مؤسسات المجتمع المدني؟ لما تتسم به من خاصتين أساسيتين, الانتشار الجغرافي والثقل الديموغرافي بالمجتمع, فيصل عددها الي30 ألف جمعية أهلية منتشرة في كل أنحاء مصر ابتداء من المدينة إلي أصغر قرية وتضم في عضويتها أكثر من ثلاثة ملايين عضو بجانب ملايين المواطنين الذين يتلقون خدماتها المتعددة, وهي أكثر مؤسسات المجتمع قدرة علي النفاذ إلي أعماق المجتمع للتواصل مع الجماهير. فالجمعيات الأهلية إجمالا والنسائية خاصة يقع عليها العبء الأكبر في تعبئة الناخبين للمشاركة بالتصويت بعد إقرار قانون الكوتة للمرأة المصرية بإضافة64 مقعدا للمرأة في دوائر يقتصر الترشيح فيها علي المرأة فقط مما يحقق زيادة تمثيلها في البرلمان, والمتتبع للتاريخ السياسي للمرأة المصرية يشعر بالفخر والاعتزاز منذ ثورة1919 م حتي الآن, فضلا عن تمثيلها40% من أصوات المقيدين في الجداول الانتخابية وتمثل نصف المجتمع ومسئولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن النصف الآخر, فعلي الجمعيات الأهلية النسائية أن تبرهن علي تقديرها للتعديلات الدستورية الأخيرة بالتخلي عن السلبية واللامبالاة والعزوف عن المشاركة بجدية في العملية السياسية الراهنة, فلا حظر عليها من عقد الندوات التوعوية واللقاءات الجماهيرية داخل مقارها وخارجها لشرح أهمية المشاركة في الانتخابات, مع التخلي مطلقا عن تبني برامج أي من الأحزاب السياسية عند ممارسة هذه الأنشطة. كما يمكنها المساهمة في متابعة إجراءات العملية الانتخابية كضمان لنزاهة وشفافية الانتخابات من حشد وتجنيد مراقبين ومتطوعين يتم تأهيلهم وتدريبهم لهذه المهام, مع مراعاة القيام بهذه الأدوار وفقا للأسس والقواعد القانونية التي تتيح القيام بتحقيق ذلك باستقلالية وحيادية. ختاما علي الجمعيات الأهلية أن تبني ثقافة المشاركة الايجابية باعتبارها أحد أهم محاور منظومة الإصلاح السياسي والثقافي بالمجتمع.