تضع النظم السياسية في كثير من بلدان العالم قواعد تحكم ترشح الوزراء في الانتخابات البرلمانية حتي ان بعض الدول امعانا في الفصل بين الأدوار تمنع ترشح الوزراء. وانتهج الدستور المصري منطقة وسطي بين النظم السياسية السائدة في دول العالم واتاحة الفرصة امام الوزراء للترشح في الانتخابات البرلمانية دون قيد او شرط كون ترشحهم يكفله الدستور. وقد أشاع سباق ترشح الوزراء في الانتخابات القادمة مناخا أحاط البعض بمخاوف من تداعيات وآثار تعميق التجربة علي نطاق واسع وحصول الوزراء علي مكاسب اثر دخولهم البرلمان. الدكتور محمد كمال امين التثقيف والتدريب بالحزب الوطني واستاذ العلوم السياسية بالقاهرة: كان محددا وقاطعا بشأن ترشح الوزراء لانتخابات مجلس الشعب حيث قال: لايجب النظر لترشيح الوزراء من منظور ضيق وكثير منهم يملك شعبية جارفة في دائرته الانتخابية بين اهله وعشيرته ولايمكن تجاهلها وبترشحه سيحظي بكل الدعم اللازم الذي يعينه علي الفوز في الانتخابات وبعض الوزراء تمرسوا في هذه العملية وبات لهم ثقل في الدوائر التي ينتمون اليها وتلاحموا مع ناخبيهم وعملوا علي مدي سنوات في تحقيق مطالبهم وكونوا لانفسهم شعبية قوية وراسخة وترشحهم امر طبيعي. وهناك في المقابل وزراء يخوضون تجربة الانتخابات لاول مرة وهؤلاء يملكون سمعة طيبة وقاعدة جماهيرية تعينهم علي التواصل مع ناخبيهم. لم يذهب الدكتور انور رسلان استاذ القانون الدستوري بالقاهرة بعيدا عن رأي قاطع يتيح الفرصة للوزراء بالترشيح للانتخابات فيقول: الدستور المصري واضح ومحدد في هذا الشأن, وسمح للوزراء بخوض الانتخابات وفق توجهاتهم ومعتقداتهم الخاصة دون ان يفرض عليهم التزامات محددة يشترط تحقيقها كتصريح للترشيح ترشيحهم يأتي كأي مواطن عادي يخضع لشروط محدده وضعت سلفا وطالما انطبقت عليه وتوافرت فيه فإنه يحقق له ما أراد. وفي تصوري والكلام علي لسان الدكتور انور رسلان لم تسفر تجربة تمثيل الوزراء في البرلمان عن شيوع جوانب سلبية ومحاولة الخلط بين الجانب التشريعي والتنفيذي وذوبان كليهما في الآخر. واعتقد ان اتجاه الحزب الوطني الذي ساد بشأن ترشح الوزراء يكشف عن رؤي عاقلة ومباديء راسخة تتيح مناخا طيبا تجعل مسألة ترشيحهم مسألة طبيعية.. خاصة انه لم تحدد دوائر بذاتها يخوض فيها الوزراء الانتخابات او تضع شروطا لاتنطبق الا عليهم. ومن ذات المنطلق يطرح الدكتور جهاد عودة استاذ العلوم السياسية بحلوان رؤيته بقوله لايوجد موانع من اي نوع تحول دون ترشيح الوزراء للانتخابات كون ذلك حقا يكفله الدستور كأي مواطن عادي يؤدي دوره في الحياة. والحزب الوطني كان واضحا عندما شاء تطبيق كل ضوابط الترشح علي الوزراء واخضاعهم للمراحل المتبعة في هذا الصدد, وهو بذلك يصون حقوق المرشحين الآخرين دون تحيز بينهم. اما النائب المستقل الدكتور جمال زهران فقد حذر من شبه المصلحة السياسية للحزب الوطني جراء هذه الترشيحات, والتي يري ان الهدف منها هو التنكيل السياسي بالمعارضة ومنافسي اعضاء الحزب الحاكم, واعتبر زهران في ترشيح الوزراء للبرلمان اغتصاب وإعطاء من لايستحق مالا يملكه الحزب. واوضح الدكتور زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن مصر تتبع نظاما برلمانيا رئاسيا وبالتالي فمن حق الوزراء دستوريا الترشيح لخوض الانتخابات البرلمانية ولكن لماذا هذا الصراع علي كرسي البرلمان من مجموعة من الوزراء حديثي العهد بالعمل العام, صحيح ان هناك عددا محدودا من الوزراء اصحاب تاريخ سياسي وبرلماني ولهم دور نقابي بارز امثال الدكتور شهاب والوزيرة عائشة عبدالهادي وهؤلاء مقبول خوضهم المنافسة علي المقاعد البرلمانية امام الاخرين حديثي العهد بالعمل العام في وزارتهم فهم وزراء بلا تاريخ سياسي وبالتالي لايجوز ان يسمح الحزب الوطني بترشيحهم خاصة انهم لم يحدثوا اي اثر بوزاراتهم اما اصرار الحزب علي ترشيحهم او سماحه لهم بالترشيح فيشير الي ان الحزب يفكر في استغلال موارد وزاراتهم داخل دوائر الوزراء أمام منافسيهم من المرشحين الآخرين وأوضح زهران أن الحزب الحاكم ملقي عليه مسئولية تدعيم القيم السياسية الايجابية وتطوير العملية الديمقراطية وترسيخ القيم الايجابية في الممارسة السياسية, مشيرا إلي أن الحزب الوطني بهذا التصرف يسعي للتنكيل بخصومه السياسيين ويلغي مبدأ تكافؤ الفرص فكيف لأي مرشح مهما كانت قوته أن ينافس وزيرا سخرت امكانيات الدولة لمساندته داخل دائرته خاصة في ظل عدم وجود أي تقاليد او ضوابط لحملات الوزراء الانتخابية وهذا التوسع في ترشيح الوزراء للبرلمان يضر بالحياة السياسية.