لم تكن طرق مصر علي اختلاف تفريعاتها واتجاهاتها تحتاج إلي هذه الشبورة الليلية التي استمرت اسبوعين وأسفرت عن عدد من القتلي والمصابين وعشرات من السيارات المدمرة لتؤكد لنا أن حالتها سيئة. فالطرق باستثناءات قليلة في مصر تعاني السوء ويعاني عليها المارون الأمرين. ومن خلال جولة ليلية لتحقيقات الأهرام علي طرق المحلة كفرالشيخ, الاسكندريةطنطا وكفرالشيخ مطوبس اكتشفنا أن هيئة الطرق سببا رئيسيا من أسباب حوادث السيارات بالاشتراك مع مسئولي الوحدات المحلية ومحافظات الدلتا التي كانت ردود مسئوليها متفاوتة. رئيس هيئة الطرق قال الخطوط البيضاء علي الطرق تتسخ بفعل الأتربة والمواشي وإذا استخدمنا السلك والصابون وغسلناها سوف تظهر!! أما محافظ الغربية فإن استجابته الفورية للأمر بتحسين الحال وضبط المحاور وانارة الطرق مثلت لنا بعضا من أمان يرجوه الناس علي هذه الطرقات فإذا كانت حوادث الطرق في مصر التي ينتج عنها سنويا500 قتيل علي الأقل فضلا عن عشرات المصابين بعضهم تصل اصاباته الي حد العجز الكلي وتكلف الدولة4 مليارات جنيه بشكل مباشر فان الرقم يزيد بسبب عدم اهتمام هيئة الطرق ومسئولي المحليات استعدادا للشبورة. وان كانت موازنة هيئة الطرق قفزت من450 مليون جنيه سنويا قبل ثلاثة أعوام الي مليار جنيه تقريبا هذا العام فهل نطمع في أن تهتم الهيئة بالعابرين علي الطرق في ليال قضت مضاجعهم بضرورة التحرك عليها سواء للعمل أو لطاريء ألم, وكانت انطلاقة سيارة الأهرام من الاسكندرية علي الطريق الزراعي الي طنطا ليلا تمثل مخاطرة كبيرة حيث يفتقد الطريق في مسافات طويلة منه الي العلامات الارشادية أو خطوط الطلاء الأبيض خصوصا علي الجانب الأيمن من الطريق وهو ما أسفر عن حادثة اصطدام كما يقول الحاج حسن مهران عندما توقفت سيارة علي أقصي يمين الطريق انتظارا لانكشاف الطريق أو أن تخف كثافة الشبورة فماكان من سيارة قادمة من الخلف لم ير سائقها ملامح الطريق لعدم وجود الخط الأبيض إلا أن اصطدمت بها ومن لطف الله أن السيارة كانت تسير بسرعة30 كيلو مترا مما ساهم في تخفيف أثر الاصطدام, وهو ما حدث علي الطريق الزراعي القاهرة اسكندرية عند قليوب. أقل كفاءة! المهندس عادل الكاشف رئيس الجمعية المصرية لسلامة الطرق يري أن الخطوط ذات اللون الأبيض أقل كفاءة وانها لا تظهر بوضوح أثناء الشبورة الكثيفة كما حدث في الأيام الماضية ولذلك فلابد من دهان هذه الخطوط باللون الأصفر. كما يجب أن تضع الهيئة في الطرق السريعة خطوط أمان تحذيرية خط مشكل وهو خط بارز بكتلة علي الخط لتنبيه السائقين عند انحرافهم الي جانبي الطرق. وان كان اهمال وتراخي هيئة الطرق ليس السبب الأول في هذه الحوادث كما نري فإن تهور السائقين خصوصا سائقي النقل الثقيل وثقتهم في متانة سياراتهم تجعلهم نظرا لقلة الوعي سببا في عدد من الحوادث المسئول عنها لذا يجب علي ادارات المرور تأكيد الكشف الدقيق علي السيارة وتحديد قدرتها علي السير في الشبورة وما اذا كان لديها مصابيح مناسبة لها أم لا, فضلا عن التأكد من علم السائقين عند اختبارهم في المرور بقواعد المرور الاستثنائية لمثل هذه الحالات. رئيس هيئة الطرق المهندس طارق العطار بدأ حديثه بنفي مسئولية الهيئة عن هذه الحوادث مؤكدا أن هذه الطرق في الظروف الاستثنائية مسئولية ادارات المرور باغلاقها عند الرؤية الضعيفة ومنع المرور. ولكن العلامات والحواجز الاسمنتية واللافتات ووجود مسافات خالية من علامة الخط الأبيض مسئولية من؟ سألنا رئيس هيئة الطرق فأجاب قائلا: حجم العمل الحالي من العلامات الارشادية والحواجز المعدنية والاسمنتية يمثل عشرة أضعاف العمل قبل خمس سنوات بتكلفة تصل الي ثمانية اضعاف أما اختفاء الخط الأبيض يضيف المهندس طارق العطار فإن ذلك يحدث بفعل التراب والطين ولو نظفناه باستخدام سلك وصابون سيظهر الخط! ولعدم قدرة المصريين علي غسل الطريق سألت رئيس هيئة الطرق المهندس العطار عن الحل؟ فأجاب: خلال الشهور القادمة سيتم استيراد ماكينات لغسل الطرق حتي تظهر الخطوط البيضاء وهي وان كانت جديدة علينا فإنها موجودة في العالم كله منذ زمن, وأن هناك طرق تم تنفيذ خطوط جديدة بارزة كتجربة جديدة في شرم الشيخ بطول28 كم حتي محمية رأس محمد وجزء من الطريق الدائري بداية من تقاضع السويس. أما المهندس سيد متولي مدير ادارة أمان الطرق بالهيئة الذي أبدي ترحيبه وترحيب الهيئة بأي معلومة تصل اليهم لاصلاح قصور ما في الطرق فقد اتفق مع رئيس الهيئة في أن الطرق والمداخل الترابية, وسير الدواب والمواشي عليها يؤثر علي جودة التخطيط ولذلك كان التفكير في رفع مستوي وكفاءة التخطيط وايجاد آلية للتنظيف, كما سيتم تركيب90 ألف عاكس واعادة تخطيط هذه المسافات. أما عن اللافتات الحديدية فإن بعض المواطنين ينزعونها لجعلها أبوابا حديدا لبيوتهم. وان كانت حالة الطرق من حيث العلاقات الارشادية واللافتات بهذا السوء, وتلك كانت ردود المسئولين عنها! فإن ظلامها الذي يؤدي الي موت البشر وتحطيم سياراتهم فهل نجد حكومة في مصر تحاسب محافظيها ورؤساء مدنها علي ذلك قبل أن يحاسبهم الله عنها يوم القيامة كما قال الفاروق عمر عن البعير التي لو عقرت في العراق لسأله الله عنها يوم القيامة وتجيء محافظة كفرالشيخ هي الأسوأ في الطرق التي مرت بها سيارة الأهرام خصوصا في جزء كبير من دسوق الي كفرالشيخ ومن دسوق الي سيدي سالم والأسوأ هو طريق دسوق فوة مطوبس وهو طريق فردي صغير يعج بحركة السيارات خصوصا النقل الثقيل لنقل المحاصيل وآلاف الأطنان من الارز لوجود عشرات مضارب الارز علي جانبي الطريق, والملحوظة الرئيسية هي وجود مئات من أعمدة الانارة علي الجانب الايمن في طريق فوة مطوبس لم يتم تركيب مصابيحها بعد يقول زين عبدالله سائق من فوة! هذه الأعمدة منتصبة القامة منذ شهور قامت الوحدات المحلية بدهانها مرتين ولم يتم الي الآن تركيب المصابيح لها. أما محافظة الغربية فإن طريق طنطا المحلة ينقصه بعض الاهتمام في اعادة انارة مصابيح عدد من الاعمدة أما الأهم فهو ازالة الاشغالات التي تلتهم مسافة غير قليلة التي تحتلها عدد من المحلات الترفيهية والقري السياحية التي تقف أبنيتها وأعمدتها الاسمنتية علي حافة الطريق ولاتعزية للدولة أو سلطاتها التي لا يحترمها أصحاب هذه القري السياحية رغم الشكاوي العديدة لكل الجهات, يقول حسن سالم محمد.. تسببت هذه المحلات والقري قبل اسبوع في اصطدام عدد من السيارات نتيجة ضيق الطريق خصوصا أمام قريتي الميريلاند وجراند بابليون فضلا عن الزحام الشديد الذي تسببه أثناء وجود أفراح بها واصطاف مئات من السيارات أمامها, ورغم قرارات إزالة إلا أنها لم تتم فلماذا؟ كما يفتقر طريق المحلة كفرالشيخ مرورا بقرية نمرة البصل والمحور الدائري المحلة المنصورة إلي خدمة العلامات والارشادات وخطوط التحديد والاضاءة. يقول اللواء عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية: حالة الرصف علي هذه الطرق مرضية وان كانت تفتقر الي الانارة فسيتم التوجيه السريع لانارتها ووضع اللافتات الارشادية بها ورفع كفاءتها كما سيتم الأمر بتيسير الدوريات المرورية وتأكيد علي الوجود المروري المستمر في المحاور والطرق لتأمينها. أما الطريق الي رشيد من الرحمانية وادكو فهو أفضل حالا في الانارة حيث تضيء الطريق المصابيح وان كانت اللافتات وخطوط تحديد الحارات غير موجودة نهائيا تقريبا يقول اللواء فتح الله الجندي رئيس مدينة رشيد: انتبهنا الي احتمالات وجود شبورة كثيفة, قبلها بأيام بعد اعلان هيئة الأرصاد عنها وكان توجيه اللواء محمد سيد شعراوي محافظ البحيرة لرؤساء المدن بالمرور ليلا علي الطرق للتأكد من حالة الانارة وهو ما قمت به مع عدد من رؤساء الوحدات المحلية القروية وخلال يومين كانت الطرق كلها مضاءة ليلا بعد استبدال عدد من المصابيح التالفة وان كانت طرق الدلتا خصوصا في اضاءتها بهذا الظلام فان محور26 يوليو من والي مدينة6 أكتوبر تعاني مصابيحها أيضا الأعطال أو كما يقول المخرج التليفزيوني محمد السماحي: المحور بعد الثانية عشرة ليلا وخلال المسافة التي تصل الي21 كم كانت مصابيحها مطفأة لمسافة4 كيلو مترات تحديدا وهي ثلث المسافة ولا يقتصر ذلك علي ليالي الشبورة الكثيقة وهذا الحال دائم والغريب كما يضيف المخرج محمد السماحي أن اطفاء4 كيلو من المسافة التي تصل الي21 كيلو احيانا يكون من أول الطريق الي اكتوبر واحيانا الأربعة كيلو في المنتصف وهو ما يعني أن اضاءة الطريق مقسمة الي ثلاث وحدات كل وحدة بخط منفصل يتم تبادل اضاءته واطفائه حسب المتحكم في لوحة الكهرباء.