في ظل غياب النظم المحاسبية للمسئولين والعاملين داخل مؤسساتنا علي مر السنوات , تفشت ظواهر الفساد الاداري, والمالي بأساليبه المختلفة باحترافية مطلقة مما أسفر عن مصطلح عرف لدينا بالبيروقراطية المصرية الذي يعبر عن اختلاط البيروقراطية بالفساد الإداري واتسمت المؤسسات الحكومية بالبطء الشديد في اتخاذ القرار وتعطيل لمصالح المواطنين من قبل مقدمي الخدمة بها, بل التفنن أحيانا في اختلاق العراقيل في أثناء إنهاء مصالح المواطنين من أجل الحصول علي الرشوة نظرا لضعف الأجور والمحاباة في التعيينات والترقيات وغيرها من السلبيات المعروفة لدينا, فكانت هذه البيروقراطية المصرية المقرونة بالفساد الإداري سببا في تأخر التعليم والبحث العلمي والصحة والاقتصاد والصناعة والتجارة والسياحة, وسببا أيضا في إهدار أموال الدولة نتيجة المشروعات القومية النافقة الأمر الذي يتطلب منا في مصر: 1- التعامل مع مشكلة الفساد الإداري ليست علي إنها مشكلة أخلاقية بحسب, ولكنها مشكلة تفشت بين العاملين بالحكومة بسبب ضعف الأجور مقارنة بالأسعار مع عدم وجود نظام للمحاسبة يضمن العدالة الاجتماعية في توزيع موارد الدولة, الأمر الذي يتطلب ضرورة تحسين أجر الموظف الحكومي أولا بحيث يصل الحد الأدني للأجور إلي1200 جم مع الزيادة التدريجية للأجور لتكون متماشية مع التضخم في الأسعار. 2- ضرورة وضع استراتيجية واضحة ومعلنة لمكافحة الفساد بأنواعه المختلفة داخل مؤسسات الدولة بأكملها بحيث يتم تفعيل نظم الرقابة الأولية( داخل الوحدة ذاتها) ونظم الرقابة الخارجية( جهاز محاسبات- رقابة إدارية-...). 3- تفعيل نظم الرقابة الأولية للفساد من خلال تنويط لجان لمكافحة الفساد داخل كل مؤسسة من العاملين الأكفاء بالمؤسسة نفسها لكشف الأساليب المحترفة للأفراد في الفساد والرشوة من خلال فكرة المواطن المتخفي أو عمل استبيانات لمعرفة آراء المواطنين في الخدمة المقدمة دون رشاوي. 4- إنشاء مكتب مختص لشكاوي الفساد داخل كل مؤسسة يتبع الأجهزة الرقابية الخارجية للدولة للتحقيق ومتابعة الشكاوي والبلاغات المقدمة للفساد للتعامل معها أو رفعها للبرلمان. 5- تفعيل القوانين واللوائح الخاصة بالفساد الإداري والمالي وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب بحزم من خلال الغرامات أو الفصل من العمل. 6- الاستعانة بالخبراء من داخل وخارج مؤسسات الدولة في تطبيق النظم الإدارية الحديثة بهذه المؤسسات ومتابعتها بشكل يضمن تطبيقها بكفاءة لغلق صنابير الفساد بها ولعدم التحايل علي القوانين واللوائح مرة أخري. ولا يمكننا أن ننكر عندما أهملنا التربية والتعليم والأسرة في مصر, انتشرت لدينا قيم مجتمعية مدمرة و دخيلة علي مجتمعنا, فأصبحت تمثل جزءا من الثقافة المجتمعية السائدة لدينا, ومن ثم لا يمكن أن نقتص الفساد من جذوره من البيروقراطية المصرية دون توجيه اهتمامنا مرة أخري علي التربية والتعليم والأسرة كما كان الحال في عصر الدولة المصرية الحديثة. المزيد من مقالات د.أية ماهر