لا شك أن مصر والعالم العربي يمران بمخاض عسير; وأزمة حكم فاقمت منها ومن تأثيراتها الضارة أزمة ثقة بين تيارات العمل الوطني علي امتداد الخريطة العربية ألا وهي جماعات العمل الإسلامي من ناحية والتيارات القومية واليسارية من ناحية أخري. وبقدر ما فتحت ثورات الربيع العربي بدءا من ثورة تونس في الرابع عشر من يناير عام2011 مرورا بالانتفاضة الثورية المصرية في الخامس والعشرين من يناير من نفس العام وانتهاء بالثورة اليمنية و رياح حرية تهب علي البحرين والسعودية والكويت وغيرها; فأنها فتحت جراح ميراث كان ساكنا من عدم الثقة المتبادلة والخوف من الاستئثار و الانفراد بالحكم من هذا الفصيل أو ذاك. والأن.. مصر كلها علي محك التجربة التاريخية القاسية; إما أن تكون نبراسا للأخرين في إمكانية التعايش بين التيارات الوطنية والإسلامية التي ناضلت منفردة أو سوية لسنوات طويلة للتخلص من أنظمة حكم عميلة وفاسدة أو علي العكس تسقط مصر والمنطقة كلها في أتون صراعات وحروب داخلية لا نهاية لها. وليس فيها منتصر علي الأطلاق; بل ربما المنتصر الوحيد هو إسرائيل و الولاياتالمتحدة. وإذا جاز لنا أن نتحدث عن مصالحة وطنية بأبعادها الإسلامية والقومية من جديد فينبغي أن تكون معالمها وخريطة طريقها علي النحو التالي: أولا: المشاركة بالغرم والغنم ذلك المبدأ يعني إننا مثلما كنا نعاني السجن والمطاردة معا قبل الثورة ينبغي الآن أن نكون في إدارة شئون الدولة والمجتمع معا; دون استئثار من جانب جماعة الإخوان المسلمين بالحكم و الإدارة وتبدأ أولي خطواتها بتشكيل حكومة وطنية ائتلافية جديدة لإنقاذ البلد من مصير صدام محتوم باد في الأفق المنظور; يستتبعها إعادة النظر في بعض المواد الدستورية محل الخلاف. ثانيا: أن تقبل قوي المعارضة الوطنية التي شاركت في الثورة المصرية وقواها الشبابية بالمشاركة في الحكم سواء علي المستوي الوزاري أو المحافظين أو إدارة الهيئات و المؤسسات العامة من أجل إجراء تطهير منظم ومحسوب للإدارة الحكومية. ثالثا: تشكيل هيئة استشارية معاونة لرئيس الجمهورية مكونه من رموز وطنية ويكون لها اختصاص قانوني أصيل تعاونه في إدارة شئون الدولة وتقدم له تقديرات المواقف ومسارات الحركة في الداخل والخارج. رابعا: تشكيل جبهة إنقاذ وطنية من رموز العمل الوطني وقواه السياسية تكون من ضمن فاعليتها حزب الحربة و العدالة للنظر في طبيعة التغيرات العاصفة التي تجري في المنطقة العربية كلها وتهدد كياناتها الجيو- سياسية; وإدارة العلاقات السياسية الدولية لمصر من منظور وطني جماعي بعيدا عن انفراد فصيل واحد تحكمه حتي الأن نظرة ثأرية ايدلوجية تجاه أحزاب وقوي حاكمة في هذا البلد العربي أو ذاك. خامسا: إدارة حوار وطني جاد وحقيقي; تشارك فيه فعاليات حقيقية وتكون توافقاته شبه ملزمة لكافة قيادات الدولة التنفيذية للمرحلة الراهنة التي قد تمتد لعدة سنوات قادمة للخروج من هذا النفق المظلم داخليا وعربيا. سادسا: التحذير من لغة الخطاب المذهبي الدافع إلي فتنة مذهبية سيكون المستفيد الوحيد منها هو إسرائيل والولاياتالمتحدة. سابعا: تنظيم مؤتمر لخبراء الاقتصاد المصريين المرموقين وليس الهواة لإدارة ورش عمل جادة للخروج بخطة مشتركة لإنقاذ الوضع الاقتصادي المنهار في مصر حاليا. فهل يقدر الرئيس علي اتخاذ المبادرة ولم الشمل؟