بعد دراسة متأنية للمسودة الدستورية والتي وجدنا بها العديد من البنود التي تعلي من ضمانات للحقوق والحريات, راعنا وجود نصوص أخري تقوض من هذه الحقوق والحريات, كما لاحظنا أن المسودة لم تلب تمامامتطلبات الدولة الجديدة التي قامت الثورة من أجلها. نعلم جميعا أن مصر قد شهدت مرحلة انتقالية مليئةبالتحديات والتردد والخطأ المتكرر فياتخاذ القرارات. و كانت جموع المصريين- و لا تزال- تأمل أن تنتهي هذه الحال مع إنتقال السلطة من المجلس العسكري إلي سلطة مدنية منتخبة; ولكن- وللأسف- لم يتحقق هذا الأمر, لذات الأسباب التي اكتنفت المرحلة الانتقالية,والتي تتمحور في عدم السيرعلي أسس سياسية علمية معاصرة ومدروسة بعيدا عن التحزب والتكالب علي السلطة. تعلم أن تحقيقكل مطالب الشعب المصري واستحقاقات ثورته التاريخية المجيدة هو أمر يتطلب مزيدا منالوقت للتخطيط السليم وتوفرالإمكانيات المالية الضخمة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولةحتي تتمكنأيةحكومة من تأدية واجباتها نحو الوطن والمواطنين. ونعلم جميعا أيضا أن الدستور المصري, وخاصة بعد ثورة25 يناير المجيدة, و ارتفاع سقف طموحات المصريين الذين قدموا التضحيات الكبري لإقامة دولة القانون و الحريات والحقوق والكرامة والرفاة,هو في مجمله ما يتطلبه الاستقرار و بناء الدولة المصرية الحديثة. لذلك,و أمام ما نري من تخبط وتجاذب حول مشروع الدستور الجديد,و ما رأيناه من تناقضاتعديدة في مسودات منهطرحت بشكل تشوبه الريبة,بل ومنها ما يتعارض مع منظومة الحقوق والحريات الفردية والجماعية المتعارف عليها دوليا., الأمر الذي أدي إلي حيرة ملايين المواطنين وعدم إلمامهم بما يدور وراء الكواليس, وهو الأمر الذي لا يمكن في ظله إجراء الاستفتاء علي هذا المشروع الدستوري, وخاصة أن اللجنة التي قامت بكتابته مطعون في تشكيلها قانونيا, كما أنها لم تمثل كل فئات الشعب بالشكل العادل,ولم تضم بين أعضائها العدد الكافي من فقهاء القانون الدستوري المشهود لهم, ولا من منظمات المجتمع المدني, وخاصة منظمات حقوق الإنسان. نحن أمام موقف يستلزم التروي والحكمة, حتي نصحح المسار الخاطئ الذيأشرت إليه, والذي أوصلنا إلي ما نحن فيه الآن. إننا نخشي- بكل صدق و وطنية- أن يؤدي الاستفتاء علي دستور بهذا الشكل, و قبل تعديل تشكيل لجنة كتابته, و صدور حكم القضاء في شرعية هذه اللجنة, إلي مزيد من الارتباك, بل و تهديد استقرار الوطن وعرقلة بناء مؤسسات مصر الحديثة التي يبتغاها كل الوطنيين.