عاجل.. أسعار الذهب ترتفع في مصر خلال التعاملات المسائية    قطر تطلب اعتذارًا من إسرائيل لاستئناف جهود الوساطة في غزة    مصر تؤكد دعمها الكامل للصومال وتواصل تعزيز الشراكة الاستراتيجية    عاجل- ضابطة أمريكية سابقة: واشنطن «خانت قطر» وما يحدث في غزة إبادة جماعية مكتملة الأركان    مودريتش يقود ميلان أمام أودينيزي في الدوري الإيطالي    «يريد أن يكون الأفضل».. روني: محمد صلاح ليس سعيدًا بتعاقد ليفربول مع إيزاك    الأربعاء.. «بروفة» حفل افتتاح بطولة العالم لأندية كرة اليد بالعاصمة الإدارية الجديدة    الأرصاد: درجات الحرارة مستقرة وتسجل 34 درجة هذا الأسبوع    سرقة الإسورة الذهبية.. الأعلى للآثار يكشف مفاجأة: معمل الترميم كان بلا كاميرات    وزير الشئون النيابية يشارك في حفل استقبال العام الجامعي الجديد بجامعة حلوان    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    تفاعل كبير مع ورشة هشام سليمان وسامح الصريطي في التمثيل ضمن فعاليات بورسعيد السينمائي    كارول سماحة تفجر مفاجأة عن وفاة زوجها وليد مصطفى    "نور مكسور".. تفتتح آخر حكايات "ما تراه ليس كما يبدو" وبداية صادمة لرحلة نور إيهاب    «تنسيقي محافظة الأقصر» يبحث استعدادات تنفيذ التجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    رئيس النواب الأمريكي يحذر من كارثة ستواجه بلاده مطلع أكتوبر المقبل    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    الحبكة المقدسة.. الدين في السينما الغربية    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    "فستان قصير وجريء".. مي عمر بإطلالة جريئة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    نقابة "العلوم الصحية" تنظم حلقة نقاشية مع الخريجين والطلاب    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    أحمد السبكي: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل ستشهد إشراك أكبر للمستشفيات الجامعية وللقطاع الخاص    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي والفكر الدستوري الحديث

يمر عالمنا المعاصر بفترة تشهد تطورا جذريا في تحديث الفكر الدستوري وعلاقته بالديمقراطية وكان هذا التطور من توابع السقوط المدهش للنظامين أحدهما شمولي في أوروبا الشرقية والآخر عنصري في جنوب أفريقيا‏.‏ أدي هذا السقوط إلي وضع دساتير جديدة لعديد من الأمم حول العالم كما تشهد دساتير عديد من الدول حتي العريقة منها مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وإنجلترا تعديلات في نصوصها علي أسس تطور النظرية الدستورية وكان محور هذا التطور هو النظام الديمقراطي ودوره في الحياة السياسية لتحقيق العدالة والمساواة في مواجهة بدائل أخري كانت قائمة علي تقاليد وايديولوجيات لم تعد صالحة للعصر ومتطلباته كما أصبح الهدف الأول والأساسي من وثيقة الدستور هو خلق شروط وعوامل إقامة النظام الديمقراطي الفاعل يحكم من خلاله المواطنون أنفسهم ويتمتعون فيه بكل حقوقهم وحرياتهم الأساسية وبمعني آخر تكون مصالح المواطنين هي الناتج النهائي من هذا النظام وليس مصالح الحكام.
الملاحظ أنه علي الرغم من وضوح المحور الأساسي للنظرية الدستورية الجديدة وعلاقتها بالديمقراطية فإن هناك مفاهيم عدة لمبدأ الديمقراطية فالبعض يتصور أنها تعني ببساطة حكم الأغلبية بينما يري آخرون أن النظام الديمقراطي الحق هو النظام الذي يستجيب لإرادة الشعب علي أن هناك من يعترض علي هذه الآراء علي اعتبار أن الدستور ينبغي أن يقوم ويسعي إلي تأسيس آلية الديمقراطية التشاورية بمعني أن يخضع النظام السياسي للمحاسبة وفي الوقت يتميز بدرجة عالية من المصداقية والالتزام بالمنطق المجرد والموضوعية.

يري المؤمنون بالديمقراطية التشاورية أن مبدأ حكم الأغلبية هو شكل هزلي (كاريكاتوري) للديمقراطية وليست هي في حقيقتها إذ إن الممارسة الديمقراطية تقوم علي المنطق والحجة وتلتزم بالتشاور بين الفرقاء والفصائل المشاركة في العملية السياسية كما أنها تعبر عن مصالح الشعب الحيوية وليس مجرد الحصول علي أغلبية أصوات الناخبين والاستحواذ علي السلطة بالإضافة إلي ذلك فالديمقراطية الحقة لها أخلاقياتها الداخلية (الخاصة) التي تتطلب توفير الحماية الدستورية لكل الحقوق والحريات الفردية والجماعية بمعني أن الديمقراطية التشاورية تفرض القيود الدستورية لمنع استبداد الأغلبية وانتهاكها لحقوق جميع المواطنين وخاصة الجماعات المهمشة ولذلك تكتب الدساتير في إطار هذه الرؤية.

أضف إلي ذلك يؤكد الديمقراطيون التشاوريون أن إدارة الحكم عن طريق الاستفتاء هي أمر مرفوض ويتنافي من روح الديمقراطية إذ يرون إن صلاح الممارسة الديمقراطية يتطلب اقامة مؤسسات تكفل عرض كل الأفكار والآراء والموضوعات حتي التي لم يتعود عليها الشعب حتي يتمكن الشعب من المشاركة والاختيار من بين البدائل بوعي كامل من هنا كانت أهمية وضرورة عملية التشاور عند كتابة الدساتير وخلال الممارسة الديمقراطية في المجالس التشريعية علي وجه الخصوص فهذا هو الطريق الآمن والعملي للوصول إلي أفضل الحلول للمشكلات المجتمعية, كما أن النظام الدستوري الصالح يتطلب توفير مجال كاف للتشاور بين الجماعات السياسية وعناصر المجتمع كافة الأمر الذي يقلل من سوء الفهم وعدم اللجوء إلي العنف وخاصة في المجتمعات التي لم تتأصل فيها ثقافة الحوار والممارسة الديمقراطية.

يتوجه الدستور الديمقراطي بنصه وروحه نحو تحقيق أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تتضافر معا للسعي نحو إدارة شئون الدولة بشكل يكفل الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة من جهة وضمان حقوق المواطنين جمعيا وخاصة الجماعات المهمشة من جهة أخري ولكن قد يتسع نطاق هذه الأهداف في حال كتابة الدستور في ظروف غير عادية وعلي سبيل المثال في أعقاب الثورات أو تغير الأنظمة أو لمسايرة التطوير بوجه عام وفي مثل هذه الظروف قد يكون من الضروري وضع نصوص دستورية جديدة لعلاج مشكلات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية قائمة وهذا ما حدث علي سبيل المثال في جنوب أفريقيا بعد سقوط النظام العنصري وبعد سقوط النظام الشيوعي في بلاد شرق أوروبا.

لا شك أن وضع مصر الآن بعد ثورة25 يناير وما تواجهه من تحديات عديدة وما لدي المصريين من طموحات ثورية يتطلب تغيرات جذرية في المفاهيم الدستورية الحالية وإحلالها بضمانات تحمي حقوق المواطنين والأجيال القادمة من جهة وتحد من هدر ثورة البلاد من جهة أخري ولا شك أيضا في أن هناك تقاليد وموروثات معيقة للتطور والنهضة التي تحتاجها مصر وهذه أيضا ينبغي التأكد من خلو الدستور الجديد منها بل وضع نصوص وضمانات دستورية معاصرة لتشجيع الإبداع ومواجهة تحديات عصر العولمة.

لقد لوحظ إن استمرار إجتماع أعضاء أي جماعة لها الفكر ذاته مع عدم تعرضها لأفكار أخري مغايرة لأفكارها غالبا ما يؤدي إلي نشأة حركات تطرف هنا يظهر الاستقطاب الأمر الذي لا يهدد فقط الاستقرار المجتمعي بل قد يؤدي إلي تشظي المجتمع ولمواجهة هذا التحدي لابد من أن يدخل أصحاب الآراء المختلفة في نقاشات ومشاورات تتسم بالمرونة واستخدام المنطق ووضع المصالح العامة في الإعتبار الأول وهنا تقل درجة الاستقطاب.
هذه رسالة أوجهها للتيار الإسلامي السياسي ممثلا بحزبي الحرية والعدالة والنور ليراجعوا ما إتخذوه من إجراءات منافية للتوافق الوطني الذي كثيرا ما حدثونا عنه وأكدوا الالتزام به قبل أن يستحوذوا علي السلطة التشريعية فلا شك أن في استمرار سيطرة هذه الأحزاب بتوجهاتها المتصلبة علي اللجان البرلمانية واللجنة التأسيسية للدستور دونما فتح قنوات المشاركة الفعلية للتيارات السياسية الأخري وعناصر المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان لتحقيق الوفاق الوطني لهي أمور تقوض فكرة الديمقراطية الدستورية ذاتها بل قد تهدد السلم الأهلي فالدستور الذي يطالب جميع المصريين بالمشاركة في كتابته هو دستور مصر الحديثةوليس دستور حزب سياسي مهما كانت توجهاته وبكل تأكيد إنه دستور مصر الحاضر والمستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.