انتخابات النواب 2025.. أهالي قنا يواصلون الإدلاء بأصواتهم بثاني أيام التصويت    مدير نيابة عن الوزير.. مدير «عمل القاهرة» يُلقي كلمة في افتتاح اجتماع «حصاد مستقبل الياسمين في مصر»    طن الشعير الآن.. سعر الأرز اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 في الأسواق    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    طن عز الآن.. سعر الحديد اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 أرض المصنع والسوق    رويترز: خلافات دولية حول مستقبل غزة وتقسيم محتمل للقطاع    روبيو: تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر لتحقيق مستقبل أفضل    «سنبقى على عهد التحرير».. حماس تحيي الذكري 21 لرحيل ياسر عرفات    هيئة محامي دارفور تتهم الدعم السريع بارتكاب مذابح في مدينة الفاشر    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    كريستيانو رونالدو: أنا وأسرتي سعداء بالتواجد في السعودية.. وكأس العالم 2026 قد يكون الأخير بالنسبة لي    مصدر باتحاد الكرة: لجنة الانضباط تملك حق تحديد العقوبة في واقعة رفض زيزو مصافحة هشام نصر    تعرف على بدائل لاعبي بيراميدز في منتخب مصر الثاني    أوباميكانو يثير الجدل حول مستقبله مع البايرن    ضبط 142848 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    الأمن يكشف حقيقة فيديو «مسنّة كفر الشيخ» المتضررة من نجلها بعد تداول الواقعة على مواقع التواصل    طقس الخميس سيئ جدا.. أمطار متفاوتة الشدة ودرجات الحرارة تسجل صفر ببعض المناطق    الأوراق المطلوبة للتصويت فى انتخابات مجلس النواب 2025    «سقطت فاقدة الوعي».. انهيار زوجة إسماعيل الليثي أثناء تشييع جثمانه    أين تشاهد أفلام مهرجان القاهرة السينمائي داخل الأوبرا وخارجها؟    «إهانة وغدر».. ياسمين الخطيب تعلق على انفصال كريم محمود عبدالعزيز وآن الرفاعي في «ستوري»    «الحوت يوم 26» و«القوس يوم 13».. تعرف علي أفضل الأيام في شهر نوفمبر لتحقيق المكاسب العاطفية والمالية    مراسل إكسترا نيوز ينقل كواليس عملية التصويت فى مرسى مطروح.. فيديو    وزارة الصحة تكشف النتائج الاستراتيجية للنسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للصحة والسكان    وزير الصحة يستقبل نظيره الهندي لتبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إدارة التراث الحضاري بالشرقية تنظم رحلة تعليمية إلى متحف تل بسطا    تحرير 110 مخالفات للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    إقبال متزايد في اليوم الثاني لانتخابات النواب بأسوان    معلومات الوزراء يسلط الضوء على جهود الدولة فى ضمان جودة مياه الشرب    بعد قرأته للقرأن في المتحف الكبير.. رواد السوشيال ل أحمد السمالوسي: لابد من إحالة أوراقه للمفتي    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات جلسة الثلاثاء    اليوم.. استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في الجيزة    مشاركة إيجابية فى قنا باليوم الثانى من انتخابات مجلس النواب.. فيديو    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    بالأسماء.. إصابة 7 أشخاص في تصادم 4 ميكروباصات بطريق سندوب أجا| صور    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    وفد حكومي مصري يزور بكين لتبادل الخبرات في مجال التنمية الاقتصادية    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي يشاركان في ندوة جامعة حلوان حول مبادرة "صحح مفاهيمك"    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين للإدلاء بأصواتهم بمدرسة الشهيد جمال حسين بالمنيب    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    أحمد موسى يطالب إدارة المتحف المصري الكبير بإصدار مدونة سلوك: محدش يلمس الآثار ولا يقرب منها    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام جديد وسياسات قديمة

نجحت الثورة المصرية في إزاحة رموز النظام القديم‏,‏ وفتحت الباب أمام تشكل نظام جديد‏,‏ استنادا إلي آليات التحول الديمقراطي‏,‏ وعلي رأسها إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية‏,‏ واختيار رئيس مدني هو الدكتور محمد مرسي‏. والذي تمكن في غضون عدة أسابيع من إنهاء ازدواجية الحكم أو تقاسم السلطات علي رأس الدولة المصرية.
بيد أن هذا النظام الجديد في تقديري وربما في تقدير الكثير من المواطنين والساسة علي حد سواء, قد أبقي علي السياسات القديمة, مع بعض التعديلات, وضمن خطاب سياسي آخر مختلف; من حيث مفرداته وتراكيبه اللغوية وبعده عن الاستعلاء علي المواطنين والاقتراب منهم بقدر ما تسمح به الظروف.
وقد تجلي هذا الأمر في أمور عديدة سواء علي المستوي الخارجي أو المستوي الداخلي, فعلي صعيد السياسة الخارجية بدا للكثيرين أن السياسة الخارجية المصرية تتجه شرقا إلي الصين, بينما بقي في واقع الأمر أن الأولوية للتوجه غربا أي إلي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي, وبدأ التوجه شرقا كما لو كان لصرف الانتباه عن بقاء التوجه غربا كمحور أساسي للسياسة الخارجية المصرية; للحصول علي الاعتراف والأهلية والمصداقية الدولية وتجنب ردة الفعل الغربية إزاء القادم الجديد إلي الحكم إذا ما أبدي توجها مختلفا يشتم منه العداء.
ورافق هذا التوجه في ظل الإدارة العسكرية وإدارة الرئيس مرسي الحالية طمأنة الدوائر السياسية الغربية بمختلف مستوياتها إلي الإبقاء علي المعاهدة المصرية الإسرائيلية, وعدم المطالبة بتعديل الملحق الأمني علي نحو خاص, الذي يعالج الوجود العسكري المصري خاصة في المنطقة( ج) الحدودية المجاورة لإسرائيل, وهي المطالبة الشعبية التي نادي بها الكثيرون منذ ما قبل سقوط النظام بل وأثناء بقائه وذلك تحت مقولة' احترام مصر لالتزاماتها الدولية', وهكذا يبدو أن الانتقال من المعارضة إلي الحكم قد يعني أيضا الانتقال من المثال والنموذج إلي الواقع بتعقيداته والسقف المفروض بتوازناته القائمة. ولم تتمكن إدارة المجلس العسكري أو إدارة الرئيس مرسي من تطوير وصياغة لمنظور مصر إزاء التسوية بعد ثورات الربيع العربي, ولم تبادر أي من هاتين الإدارتين لتطوير مبادرة السيد نبيل العربي ورؤيته حول عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط برعاية الأمم المتحدة.
أما علي الصعيد الداخلي فحدث ولا حرج, حيث بقيت سياسات النظام القديم الاقتصادية والاجتماعية, ودخل مفهوم العدالة الاجتماعية وهو أحد الشعارات الثلاثة للثورة المصرية, دهاليز البيروقراطية المصرية والسياسات السابقة, وقد بدا ذلك جليا في لجوء الإدارة الجديدة إلي الاقتراض من المؤسسات الدولية.
من المؤكد أن الوضع الاقتصادي في مصر بعد الثورة في صورة لا يحسد عليها, تمثل ذلك في توقف الإنتاج جزئيا وتآكل الاحتياطي النقدي وتدهور السياحة وما دون ذلك, ومع ذلك فإن إقرار الاقتراض كعلاج سوف يرتب مضاعفات كثيرة, مصر والمصريون في غني عنها; ثمة اشتراطات علنية وضمنية علي طالب القرض تلبيتها وتنفيذها حتي ولو اتخذت طابعا مصريا نابعا من الداخل. والأهم من هذه المضاعفات المعروفة هو بالتأكيد مناقشة الافتراضات الضمنية التي تتأسس عليها السياسة الاقتصادية المصرية الراهنة, خاصة فيما يتعلق بسياسة الاقتراض من المؤسسات الدولية.
الافتراض الأول الذي تستند إليه هذه السياسة يتمثل في أن الاقتراض من هذه المؤسسات كوسيلة لإصلاح الوضع الاقتصادي لا غبار عليها, بل يكمن العيب في تطبيق هذه السياسة وانعدام الضوابط وشيوع الفساد, وكأنه بمجرد وضع ضوابط لإنفاق هذا القرض ومراقبة هذا الإنفاق كفيلة بتجنب مساوئ الاقتراض وشروطة.
الافتراض الثاني أن السياسات الاقتصادية القديمة التي يعاد تطبيقها والتي تنتمي إلي سياسات النيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة بريئة, مما ينسب إليها من عيوب ومضاعفات وآثار في مقدمتها رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية وتقليص دور الدولة في القطاعات الاقتصادية وحرية رأس المال وانتقال ملكية الشركات والمصانع من الدولة إلي القطاع الخاص, وإنما تكمن العيوب والمضاعفات فيمن يقومون بتطبيق هذه السياسة والمناخ الفاسد الذي تطبق فيه.
ولا شك أن كلا الاعتراضين يتناقضان جزئيا أو كليا مع حقيقة وجوهر هذه السياسات التي تتأسس علي حرية رأس المال واستهدافه لتحقيق الربح الأقصي والحد من تدخل الدولة وتخليها عن الضعفاء والمهمشين والعمال غير المهرة, وحصر حق العمل في فئات عالية التأهيل وإضعاف النقابات العمالية وتنظيمات وآليات الحماية الاجتماعية, التي كانت تكفلها دولة الرفاهية في الغرب المتقدم والتزمت بها الدولة القومية العربية إبان صعودها في حدود المتاح والممكن.
من ناحية أخري فإن هذه الافتراضات التي تتأسس عليها هذه السياسات تتناقض والخبرة العملية والتاريخية لتطبيق هذه السياسات, ليس في مصر فحسب, وإنما في تونس وغيرهما من بلدان أمريكا اللاتينية, ولا تزال ذاكرة الشعوب تحتفظ في ثناياها بتعبير' انتفاضات الخبز' في مصر وتونس وغيرها من البلدان, وذلك فضلا عن نمو وتطور الحركات المناهضة للعولمة في أوروبا وأمريكا والتي تطالب بوجه إنساني للعولمة بدلا من الوجه العنيف والاستعلائي الذي أطلت به علينا. وهكذا ذهب النظام وبقيت سياساته مغلفة بكلام مختلف ولغة مختلفة, وبقيت شعارات الثورة المصرية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية عالقة علي أبواب النظام الجديد تطرق الأبواب, وتبحث عمن يأخذ بيدها إلي حيز الواقع.
ثمة بالتأكيد حسابات معقدة وراء هذه الاختيارات داخلية وخارجية يتعلق بعضها ربما بالتريث والتدرج وترتيب الأولويات الداخلية والخارجية وتغليب اعتبارات الاستقرار والطمأنة, ومع تقديري لهذه الاعتبارات والمواءمات فإن مصير الثورة وأهدافها وشعاراتها يفوق ما لهذه الاعتبارات من أهمية, وأن الإبقاء علي أهداف الثورة عالقة قد يكون أخطر بكثير من تبني سياسات جديدة تقترب من أهداف الثورة إن لم تحققها.
ورغم ذلك فإنه يبقي في النهاية أمران يجدر الانتباه إليهما الأول أن التغيير المأمول في السياسات قد لا يعني بالضرورة القطع النهائي مع السياسات السابقة بل قد تتعايش بعض عناصر السياسات القديمة مع السياسات الجديدة خاصة في مجالات معينة يمكنها أن تجمع بين الثبات والتغير المدروس والمحسوب.
الأمر الثاني أن تبني واعتماد سياسات جديدة قد لا يعني حل كل المشكلات فورا وتلبية كافة المطالب فورا, ذلك أن تبني هذه السياسات وتنفيذها قد ينطوي علي مقاومات شتي ويواجه عقبات لابد من تذليلها خاصة مع ضخامة حجم المشكلات المتراكمة والمطالب الاجتماعية الراهنة, وأخيرا وليس آخرا فإن السياسات التي أعنيها والجديدة ليست بالضرورة استعادة لسياسات حقبة معينة أعني الحقبة الناصرية بل سياسات تستند إلي صياغة عصرية ومصرية واجتماعية كفيلة بحل مشكلات الفقر والبطالة وتحقيق الانطلاق, قد لا تختص مصر وحدها باستمرار السياسات الليبرالية والنيوليبرالية علي الصعيد الاقتصادي بل يشارك أيضا تونس وغيرهما من بلدان الربيع العربي.
المزيد من مقالات د‏.‏ طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.