يبدو أن فوز بنيامين نيتانياهو برئاسة الحكومة للمرة الخامسة جاء كطوق نجاة له للإفلات من المحاكمة فى تهم الفساد الموجهة ضده. فقد أعدت النيابة العامة كل المواد المتعلقة بالتحقيق مع نيتانياهو تمهيدا لتسليمها إلى محامى نيتانياهو لكن حتى الآن لم يتسلم المحامون هذه المواد والاطلاع عليها كى يستعد نيتانياهو لاستجواب يسبق تقديم لوائح اتهام ضده فى قضايا الفساد المتهم فيها. وقد تم تأجيل موعد الاستجواب من يوليو المقبل إلى سبتمبر المقبل بناء على طلب المحامين. وبعد هذا التأجيل, وفقا للمحلل السياسى الإسرائيلى بن كسبيت, يتصرف نيتانياهو وكأنه لا يوجد استجواب ولا محاكمة حيث تحرر من الخوف وكأن المستشار القانونى للحكومة لم يقرر تقديم لائحتى اتهام ضده فى الملفين 2000 و 4000. ويتوقع بن كسبيت أن تعتمد خطة نيتانياهو للإفلات من لوائح الاتهام على ترديد المقربين منه أن الشعب الإسرائيلى قال كلمته وبموجب ذلك على الجهات القضائية أن تذعن لرأى الشعب . ويرى بن كسبيت أن نيتانياهو لن يعتمد على « القانون الفرنسي» الذى من شأنه منع تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء فى أثناء ولايته، ولن يعتمد أيضا على قانون الحصانة الذى يسمح بالتحصن خلف الحصانة البرلمانية واستغلال الأغلبية فى الكنيست لأن هذه الأغلبية يمكن أن تتغير ورجح بن كسبيت أن يفضل نيتانياهو الحل البسيط لأن القانون الإسرائيلى لا يرغم رئيس الحكومة على الاستقالة لدى تقديم لائحة اتهام ضده، ويعتزم نيتانياهو الاستمرار كرئيس حكومة إلى ما بعد انتهاء الإجراءات القضائية، والحديث يدور عن محاكمة لسنوات طويلة، يليها استئناف واحتمال لتقديم استئناف آخر فى المحكمة العليا. وإذا نجح نيتانياهو بإرجاء الاستجواب إلى الخريف وربما لاحقا إلى نهاية السنة، فإنه ليس واضحا كم ستستمر المحاكمات. والحديث عن سنوات طويلة. و تعيين الوزير ياريف ليفين, من حزب «الليكود» وزيرا للعدل، سيكون مؤشرا على إعلان الحرب على المؤسسة القضائية. كما أن النائب العام، شاى نيتسان، أحد أكثر المؤيدين لتقديم لوائح اتهام ضد نيتانياهو، سينهى مهام منصبه فى نهاية العام الحالي. وبإمكان ليفين أن يؤثر على هوية النائب العام القادم، الأمر الذى من شأنه التأثير مباشرة على القرارات التى ستتخذ بعد الاستجواب وتابع كسبيت أن ما يعزز الاتجاه نحو منع محاكمة نيتانياهو، هو تزايد قوة حزب شاس الدينى حليف نيتانياهو وحصوله على ثمانية مقاعد فى الكنيست، مما يمنح نيتانياهو شبكة أمان كاملة فى المجال الجنائى خاصة أن رئيس شاس، أرييه درعي، متورط بشبهات فساد. وأضاف أن تزايد قوة الحريديم قلب الأوضاع رأسا على عقب ورتب لنيتانياهو ائتلافا كأنه حلم... وفى الوضع الحالي، يبدو أن ال65 (أعضاء الائتلاف فى الكنيست) مستقرة أكثر من ذى قبل وستحافظ على نيتانياهو رئيسا للوزراء تحت لائحة اتهام . وفى العام الماضى أوصت الشرطة الإسرائيلية بتقدم لائحة اتهام ضد نيتانياهو بتهمة الرشوة وخيانة الأمانة بعد التحقيق معه سبع مرات وعلى مدى عامين فى القضيتن المعروفتين بالملف 1000 والملف 2000. كما أوصت الشرطة بمحاكمة رجلى الأعمال أرنون ملتشن وجيمس بيكر المتهمين بتقديم هدايا لنيتانياهو, تقدر بنحو مليون شيكل شملت سجائر وخمور ومجوهرات لزوجته، وأيضا محاكمة ناشر صحيفة يدعوت أحرونوت نونى موزس الذى اتفق مع نيتانياهو على نشر امور إيجابية عنه مقابل أن يحد الأخير من توزيع صحفية إسرائيل اليوم المنافسة، وبعد نشر توصيات الشرطة عقد نيتانياهو مؤتمرا صحفياً أنكر فيه التهم المنسوبة إليه . وتعلق الملف 1000الذى كثر الحديث عنه بتلقى نيتانياهو وعائلته هدايا من السيجار الكوبى والخمور وغيرها، من رجال أعمال. ولعل أهم الشهود فى قضايا فساد نيتانياهو هو صاحب شركة توريد أغذية وتنظيم حفلات خاصة بكبار المسئولين فى إسرائيل والمملوكة لعائلة ليفى قامت من قبل بتنظم حفلات لرئيس الوزراء الراحل اسحق رابين وزوجته والرئيس الاسرائيلى الراحل عيزرا وايزمان ولشيمون بيريز ولغيرهم فهذه الشركة لديها تصريح من الجهات الأمنية بتقدم الطعام فى مناسبات كبار المسئولين فى إسرائيل، وصاحبا الشركة هما الأخوان إيكو وشاي، فمنذ عدة أشهر تم استدعاء إكو ليفى إلى وحدة تحقيقات الشرطة «لاهف 433» المختصة بالتحقق فى قضايا الفساد حيث ادلى بشهادته وكشف انه بمناسبة احتفال نيتانياهو بعيد ميلاده الستين قدم إلى شركته طلبا بإعداد طعام ل 25 شخصا فى منزل رئيس الوزراء لحفل حضره نيتانياهو وزوجته سارة، إضافة إلى عدد من الأصدقاء المقربين وزوجاتهم وتم الاتفاق على أن تكلفة الطعام للشخص الواحد 230 شكلا، وكشف إيكو للمحققين انه فى اثناء الاحتفال انتحى به نيتانياهو جانبا وهمس فى أذنه أن شركته ستحصل على 195 شيكلا وليس 230 حسب الاتفاق متعللا بأن الدولة هى من سيدفع ثمن الطعام وان الميزانية لا تسمح. وتعجب اكو من تصرف نيتانياهو، فهو يعنى ان الشركة ستقدم خدماتها دون ربح، وسر تعجب إيكو ان نيتانياهو يعد من أغنى من تولى منصب رئيس الوزراء فى إسرائيل وهو يحتفل بيوم ميلاده والضيوف من اصدقائه المقربين فماذا سيخسر لو انه حرر شكا بمبلغ 875 شيكلا وهو الفارق بين تمويل الدولة والسعر الكامل ؟ اكو هذا واحد من بين عشرات الشهود الذين طلبت الشرطة منهم الانضمام إلى مجموعة تحطيم الصمت والتحدث دون خوف. ولا يقتصر الأمر على نيتانياهو فقط فزوجته سارة خضعت من قبل للتحقيق فى وحدة مكافحة الفساد التابعة للشرطة الإسرائيلية لمدة 12 ساعة فى قضية ارتكاب مخالفات مالية فى مقر إقامة رئيس الوزراء .