تباين البورصات الخليجية في ختام التداولات وسط ارتفاع أسعار النفط    يعتقلون طلابهم ويحاضرون عن حرية التعبير!    وزير الخارجية الفرنسي: نرفض الحرب في لبنان لأنها السيناريو الأسوأ    «جورجييفا»: العالم لم ينجح في تشارك منافع النمو مع المناطق الأكثر احتياجاً    بوريل: الأوروبيون لن يذهبوا للموت من أجل دونباس لكن عليهم دعم كييف    سامسون يضيف الهدف الثاني للزمالك أمام دريمز الغاني    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    القبض على 12 تاجر مخدرات في حملة بأسيوط    بدء حفل الإعلان عن جائزة البوكر للرواية العربية    وزارة العمل تعلن الأحد والإثنين المقبلين عطلة رسمية بمناسبة شم النسيم وعيد العمال    طلاب جامعة حلوان يشاركون في ورشة عمل بأكاديمية الشرطة    رئيس وزراء الأردن يحذر: أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ستؤدي إلى تفاقم معاناة غزة    لترشيد استهلاك المياه.. مياه الفيوم تنظم ندوة بمسجد عزبة سرور بأبشواي (صور)    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    الدوري المصري.. المقاولون 0-0 سموحة.. فرصة خطيرة    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    جامعة الفيوم تستقبل وفدًا من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد    «بحوث القوات المسلحة» توقع بروتوكولًا مع «المراكز والمعاهد والهيئات البحثية بالتعليم العالي»    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات    «أبو الهول» شاهد على زواج أثرياء العالم.. 4 حفلات أسطورية في حضن الأهرامات    «أسترازينيكا» للأدوية تضخ 50 مليون دولار استثمارات خلال 4 سنوات    «الرعاية الصحية» تستعرض أهمية الشراكة مع القطاع الخاص وخارطة طريق الفترة المقبلة    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    تحرير 78 محضرا في حملة للمرافق لضبط شوارع مدينة الأقصر    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    استعداد وتجهيزات معهد الوفد للدراسات للمحاضرة التثقيفية.. صور    عاجل| البيت الأبيض: إسرائيل طمأنت واشنطن بأنها لن تدخل رفح الفلسطينية حتى يتسنى لنا طرح رؤانا ومخاوفنا    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    أفضل أوقات الصلاة على النبي وصيغتها لتفريج الكرب.. 10 مواطن لا تغفل عنها    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    مطران دشنا يترأس قداس أحد الشعانين (صور)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرواية الفلسفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 04 - 2019

أرسطو فى كتاب الشعر يجعل مهمة الفن هى تصوير العواطف، أما مهمة الفلسفة فهى البرهنة على صحة الأفكار. يتم تلقى النوع الأول عن طريق التذوق الجمالى فى حين أن النوع الثانى يخاطب التفكير العقلى. وهذا التباين يجعلنا نتصور أنه لا لقاء بين أسلوب السرد الذى يميز الأدب وأسلوب الحجاج الذى يميز الفلسفة، بل يجعل من الصعب أصلاً تصور وجود رواية فلسفية.
من هنا يمكننا أن نقدر الدور الريادى الذى أداه أبو بكر بن طفيل حينما كتب روايته حى بن يقظان وهى الرواية التى حظيت باعتراف كل الثقافات بأنها هى التى فتحت طريق الرواية الفلسفية.
الراوى فى هذه الرواية فيلسوف يتحدث عن طفل وُجد رضيعاً فى جزيرة تخلو من البشر وأرضعته ظبية حتى نما وكبر وارتبط بها عاطفياً فلما ماتت شعر لأول مرة بالحزن ولكنه تساءل كيف، وأمامه جسمها كاملاً، فقدت الحياة والحركة؟ ودفعه هذا التساؤل إلى تساؤلات أخرى ومقارنات بينه وبين الحيوانات التى يعيش وسطها، ثم تساؤل عن الصانع الأكبر الذى يكمن خلف هذا الوجود، كيف يعرفه؟ وكيف يكون على صلة به؟ وهكذا يصل حى بن يقظان إلى العلم والفلسفة والإيمان بالله، معتمداً على عقله وحده دون واسطة اللغة.
وحين التقى بشرا عابرين بالجزيرة وصحبوه معهم ليرى مدينتهم، راعه ما يسود مجتمع البشر من تدين شكلى ونفاق وإسراف فى الرذائل والشهوات وقرر أن يعود ليعيش وحده فى الجزيرة.
جمع ابن طفيل فى هذه الرواية بين الفلسفة اليونانية والتصوف الشرقى، وانتهى إلى إقناع القارئ بفكرته عن قدرة العقل الإنسانى وحده على الوصول إلى حقائق الكون دون عون خارجى. ترجمت هذه الرواية إلى اللاتينية ووجدت نجاحاً كبيراً فى أوروبا عند بداية العصر الحديث. واستخدم فلاسفة عصر التنوير فن الرواية فى التعبير عن أفكارهم الفلسفية، فكتب فولتير رواية كانديد والراوى فيها هو مدرس الفلسفة الريفى الساذج بانجلوس وكلها تدور حول نقد نظرية الفيلسوف الألمانى ليبنتز حول تفسيره لوجود الشر فى العالم مع إن الله خير محض، فيرى أن الحكمة الإلهية رغم كل شيء، اختارت لنا أفضل العوالم الممكنة. وتمتلئ الرواية بالحروب الشنيعة والكوارث المميتة مثل زلزال برشلونة الذى حدث فى القرن الثامن عشر.
وفى كل مرة يحاول الشاب أن يقنع نفسه بأننا رغم ذلك نعيش فى أفضل العوالم الممكنة. انتقد فلاسفة كثيرون هذا التفاؤل المفرط الذى تنضوى عليه فلسفة ليبنتز ولكن رواية فولتير الساخرة قدمت النقد الأكثر شعبية والأكثر انتشاراً. وكتب مونتسكيو روايته رسائل فارسية وتعتمد على أسلوب المراسلات لنقد مظاهر الاستبداد الشرقى وكذلك نقد صور عبثية من الحياة الاجتماعية والسياسية فى فرنسا.
وكتب ديدرو رواية جاك القدرى وسيده وهى رواية تحكى قصة رحلة يقوم بها سيد قليل الكلام وخادمه المتفلسف الثرثار الذى يستغل كل حادثة أو حكاية ليؤكد أن كل شىء مكتوب على الجبين. استطاعت هذه الروايات إذن أن تجمع بين الدعوة لأفكار فلسفية وبين التذوق الجمالى للحكاية، وفى هذا براعة، فهى ليست مجرد حيلة لشرح فكرة أو تبسيط معتقد، فهذا يفقدها الصفة الأدبية، لكنها أصبحت روايات لها مكانها المرموق فى تاريخ الأدب رغم همومها الفلسفية.
هناك بالطبع أدباء ليسوا فلاسفة ولكن تتضمن أعمالهم تأملات فلسفية عميقة على نحو ما نجد عند جوته فى فاوست وبلزاك فى الكوميديا الإنسانية وبروست فى البحث عن الزمن المفقود وجبران فى النبى ونجيب محفوظ فى أولاد حارتنا.
ولكن هؤلاء جميعهم أدباء ليست لهم معتقدات فلسفية قاموا ببلورتها فى كتب مستقلة كما هو حال فلاسفة التنوير. وأخيرا اكتسبت الرواية الفلسفية ازدهارا كبيراً مع الفلسفة الوجودية فى فرنسا، فيحكى جان بول سارتر فى روايته الغثيان عن روكنتان الذى عاد إلى بلدته بعد فترة قضاها فى فيتنام ليجد نفسه قد فقد الشعور بأى حميمية مع الأشياء التى كان قد اعتاد عليها، وصار كل ماهو مألوف غريبا، حتى صديقته، بل حتى هو نفسه، فكان يدهمه هذا الإحساس المتكرر بالغثيان والذى أراد أن يهرب منه بأن يكتب رواية. وكتب ألبير كامى رواية الغريب كمقدمة لسلسلة من الأعمال تحت عنوان العبث.
وبعد هذين الفيلسوفين الأديبين الكبيرين لا نستطيع أن نشير إلى فلاسفة يستخدمون الرواية للتعبير عن أفكارهم الفلسفية. ولكن هذا لا يعنى فقراً بل على العكس يدل على ازدهار للرواية الفلسفية. فقد انتشرت فى العقود الأخيرة أعمال أدبية كثيرة يصفها الكاتب أو الناشر بأنها رواية فلسفية. وتحظى هذه الروايات بإقبال جماهيرى معتبر ربما يعكس تطلع الإنسان المعاصر إلى نزعة روحانية جديدة تبتعد عن التعصب وتجمع بين التذوق الجمالى والتأمل العقلى فى انفعالات النفس.
لمزيد من مقالات د. أنور مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.