هناك من المحللين والخبراء المؤرخين العسكريين من يؤكد صراحة إن ما أنجزته التكنولوجيا العسكرية المتطورة في حرب الخليج الثانية هو الترجمة الفعلية لنبوءة قديمة أطلقها المحلل الاستراتيجي الصيني صن تسو في القرن الخامس قبل الميلاد أنه سوف يجئ يوم يمكن فيه تحقيق الانتصار من دون قتال. ولعل ذلك هو ما شجع الأمريكيين علي الثقة في قدرتهم علي أن يشنوا في المستقبل حروبا هوليوودية علي غرار حروب السينما الأمريكية التي تبدأ وتنتهي دون أن يفقد الأمريكيون قتلي بحجم محسوس يشكل عليهم ضغوطا غير محتملة في ساحات الرأي العام!. ثم إن ذلك أيضا أنبت عقيدة قتالية جديدة في القاموس العسكري الأمريكي وهي العقيدة القائلة إنه ليس ضروريا هزيمة الخصم عسكريا وإنما يمكن هزيمته دون طلقة رصاص واحدة إذا تم تجريده من أسلحته المعنوية. لكن أخطر دروس حرب الخليج الثانية- ثم حرب غزو العراق- أنها كشفت أكذوبة اشمئزاز المجتمع الغربي عامة والمجتمع الأوروبي خاصة من خطيئة التورط في حروب قتل جماعي. لقد اتضح أن أمريكا في سبيل بلوغ أهدافها مستعدة لسحق آلاف الأرواح تحت وابل نيرانها دون أن تلقي بالا لأي انتقادات يمكن أن توجه إليها أو أن تصف سلوكها بالبربرية والوحشية. وقد تأكد ذلك بوضوح مرة أخري في إصرار أمريكا علي غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين عام2003 برغم المعارضة الشديدة من جانب أوروبا ثم قيادتها لقوات حلف الناتو في ضرب ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي عام2011 بمعاونة أوروبا التي تتحمس حاليا لإسقاط نظام بشار الأسد ضمن المخطط الواسع لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط من جديد. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: لقد وعظتنا خطوب الزمان وبعض الخطوب كبعض الخطب! http://[email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله