مع سقوط الاتحاد السوفيتي وتفكيك حلف وارسو بدأ التحرك نحو تدشين عملي علي أرض الواقع لبدايات نظام عالمي جديد, تمثل في حرب الخليج الثانية عام1991. التي تشكل فيها أضخم تحالف دولي بعد الحرب العالمية الثانية, من أجل تحرير الكويت, وردع العدوان العراقي وتدمير الترسانة العسكرية العراقية تدميرا شاملا, لتكون درسا وعبرة لكل من تسول له نفسه محاولة الشرود أو المروق بعيدا عن الحدود التي تسمح بها أمريكا, التي كانت قد بدأت تتربع وحدها علي قمة النظام العالمي الجديد. لقد كان من أهم وأخطر نتائج حرب الخليج الثانية التي تلقب بأنها أول حرب تليفزيونية في التاريخ يجري بث وقائعها الحية علي الهواء مباشرة, أنها أسقطت من العقل الغربي خطر احتمال خسارة الحرب, وأفرزت إحساسا يقينيا جديدا بأن الحرب أصبحت مضمونة النتائج محتملة الخسائر قياسا علي الحسابات الإحصائية التي أكدت أن هذه الحرب الشرسة لم تكلف قوات التحالف الدولي- منذ بدايتها حتي نهايتها- أكثر من ستمائة جندي في حين قتل من الجيش العراقي قرابة مائة ألف جندي. ولأن النتائج التي حققتها أمريكا عام1991 في حرب تحرير الكويت جاءت نتائج مدهشة وفاقت أكثر الأحلام جنونا بعد الانهيار السريع للقوات العراقية تحت وطأة الهجوم الكاسح لقوات التحالف الدولي فإن شهية أمريكا انفتحت علي أخرها لإمكان الرهان مجددا علي الحرب لخدمة هدف إعادة رسم خريطة العلاقات الدولية. وكان من أهم أسباب انفتاح الشهية الأمريكية لمواصلة خيار الحرب أن التقدم التكنولوجي الذي أحرزه الغرب بقيادة أمريكا في مجال التسليح يسمح بحرية العمل العسكري دون خوف من الخسائر البشرية التي تمثل أقوي عناصر ضغط الرأي العام علي أي إدارة أمريكية. لقد تأكد الأمريكيون في حرب الخليج الثانية أن الحروب يمكن كسبها دون حاجة لحشد مئات الألوف من الجنود, وأن القنبلة الموجهة والصاروخ المبرمج يمكن لهما- وعن بعد- إصابة أهدافهما بدقة متناهية لا توفر مجالا واسعا للمقاومة. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: إذا العبء الثقيل تلقفته أكف القوم هان علي الرقاب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله