منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ساد انطباع في أوروبا بأن الحرب لم تعد خيارا مقبولا ولا محتملا في ضوء ما خلفته الحرب من دمار اقتصادي رهيب وخسائر بشرية راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر.. وقد عزز من صحة هذا الانطباع أن أحد أهم نتائج الحرب العالمية الثانية أنها أفرزت واقعا دوليا جديدا يسمح بتوازن للقوي بين الشرق الذي يقوده الاتحاد السوفيتي والغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية, الذي عبر عنه علي أرض الواقع حلفان عسكريان.. حلف وارسو الذي يضم دول أوروبا الشرقية الشيوعية, بزعامة السوفيت, وحلف الأطلنطي الذي يضم دول أوروبا الغربية الرأسمالية بزعامة الأمريكيين. هكذا عاش العالم قرابة نصف قرن, منذ عام1945 عندما وضعت الحرب العالمية أوزارها وحتي مطلع التسعينيات من القرن الماضي, حيث بدأت إشارات تحلل وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط حائط برلين وانهيار المنظومة الشيوعية وانفراط عقد حلف وارسو.. وبالتالي غياب التوازن الدولي الذي سمح للمجتمع الدولي بأن يتجنب خيارات الحرب الواسعة لكنه لم يحل دون نشوب النزاعات الإقليمية المحدودة التي كان العملاقان الكبيران الاتحاد السوفيتي وأمريكا يمسكان بخيوطها حتي لا تتجاوز خطوطا حمراء شبه متفق- ضمنيا- عليها فيما بينهما!. لم يكن هناك سلام آمن وإنما كان هناك- علي مدي45 عاما- ما يمكن وصفه بسلام الرعب فالحرب الباردة علي أشدها والخوف والذعر والهلع يسيطر علي الجميع من أي خطأ غير محسوب, ربما يؤدي لانطلاق الصواريخ عابرة القارات المحملة بالرءوس النووية لكي تعلن قيام القيامة ونهاية الدنيا! باختصار يمكن القول: إنه برغم كل سوءات حقبة الحرب الباردة إلا أن قانونا أساسيا كان يحكم تصرفات الجميع, وهو زيادة اليقين لدي الشرق والغرب- معا- بأن الحرب ليست مضمونة النتائج حتي لو شعر أي طرف من الجانبين بأنه الأقوي والأفضل.. ولكن هذا القانون سقط تماما مع انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكيك حلف وارسو في مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: ومر زمان وجاء زمان وبين الزمانين كل العجب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله