لا شيء يبرر الحرب... هذا ما يقوله أصحاب الضمائر الحية في جميع أنحاء العالم الذين لا يتحملون رؤية جثث الضحايا وقد تفجرت رءوسهم وتناثرت أشلاؤهم من نوع ما جري في الساحة الليبية علي مدي سبعة أشهر تحت مسمي خادع اسمه حماية المدنيين. وهنا يكون السؤال الضروري هو: هل كل هذا الموت والدمار والحزن والغم من أجل إزاحة حاكم مستبد, ظل لسنوات طويلة حليفا لمعظم الدول الأعضاء في حلف الناتو بل وكان شريكا أساسيا في تنفيذ مخططاتهم الخبيثة لإبقاء منظمة الشرق الأوسط في حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني لعدة عقود سواء بإدراك منه أو عن جهل سياسي جري توظيفه لخدمة أهداف هذه القوي العظمي?! لقد رأينا حربا قذرة تستخدم فيها الأسلحة والغازات المحرمة وتحدث مجازر بشعة تتناثر بسببها جثث الأبرياء وهي مقطعة إربا إربا في بحور من الدماء, حيث انكشفت أكذوبة الحرب النظيفة التي سبق أن تحدثوا عنها عند غزو العراق ثم كرروا ذات الكذبة مع بدء العمليات العسكرية في الأجواء الليبية بادعاء القدرة علي الاستخدام الجيد للقنابل الذكية التي ستنجز وبسرعة أفضل عملية جراحة من أجل شفاء الجسد الليبي من أورام الديكتاتورية. والحمد لله إنني رغم تأييدي لحق الشعب الليبي في تقرير مصيره بنفسه وحق الليبيين في نظام عصري مستنير يؤمن بالديمقراطية وتداول السلطة واحترام حقوق الإنسان, فإنني- علي غرار موقفي السابق الرافض لغزو العراق- لم أكن من أؤلئك الذين انخدعوا في براءة دوافع تدخل حلف الناتو, لأن لدي قناعة راسخة منذ زمن طويل بأنه لاشيء يبرر الحرب إلا إذا كانت دفاعا عن التراب الوطني وطلبا للاستقلال. وبصرف النظر عن ملابسات مصرع القذافي والروايات الكثيرة المتضاربة فإن همجية التعامل مع أسري الحرب يعطي إشارات غير مطمئنة, وبدلا من أن يكون رحيل الديكتاتور مدخلا لأمن واستقرار ليبيا ربما تؤدي شظايا هذا السلوك الهمجي إلي مرحلة أخطر وأصعب وأشرس في مجتمع تحكمه ثقافة قبلية متجذرة. وخلاصة القول: إنه ليست هناك حرب يمكن تبريرها والانخداع بأسبابها إلا في ظل ثقافة القوة والاستعلاء التي تعتبر مثل هذه الحروب نوعا من المتعة, علي حد تعبير وزير الحرب الأمريكي دونالد رامسفيلد إبان غزو أمريكا للعراق عام 2003 عندما قال بالحرف الواحد: إن الحرب هي أنبل رياضة في التاريخ! بئس ما يقولون.. وبئس ما يفعلون! خير الكلام: تعلمت الحكمة من المتهور وعرفت قيمة الصمت من الثرثار! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله