افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة «سيدات» بالأهلي    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالصور.. إحلال وتجديد 3 كبارى بالبحيرة بتكلفة 11 مليون جنيه    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع وزيرة الدولة الألمانية للمناخ    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    مساعدو ترامب يناقشون معاقبة الدول التي تتخلى عن الدولار    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انعكاسات استعمال القوة على واقع الفعل السياسي الدولي القوة العسكرية نمودجا بقلم شنكاو هشام
نشر في شباب مصر يوم 26 - 07 - 2011

انعكاسات استعمال القوة على واقع الفعل السياسي الدولي القوة العسكرية نمودجا بقلم شنكاو هشام
إن كثرة اللجوء إلى القوة العسكرية على مستوى العلاقات بين الدول أصبح لها انعكاسا واضحا على المشهد الدولي بحيث لا يخلوا هذا المشهد من الصراعات والحرب ثم العنف المتزايد نتيجة كثرة التدخلات العسكرية وتقتصر أسباب هذه الحروب على مجموعة من الأسباب سواء كانت اقتصادية وسياسية ومن الأسباب الرئيسية أيضا الرغبة في توسيع مناطق النفوذ وامتلاك القوة الاقتصادية والعسكرية وذلك بما يخدم مصالح القوى العظمى التي ترى أن لها الحق في ترتيب الأوضاع الدولية بما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها في السيطرة والتحكم من أجل بسط النفوذ على الدول المستضعفة، ومن أبرز القوى المتحكمة في هذا العصر نجد الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة التي استطاعت أن تنتهك القانون الدولي وتفشل مبدأ تحريم اللجوء إلى القوة العسكرية وبذلك استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصنع لنفسها سياسات عامة ترتكز على مجموعة من الأهداف ومنها السيطرة على أقطار أو معظم الأقطار العربية وذلك لضمان مصالحها ثم الاستيلاء على النفط ثم سيطرة على النفط منابعا وإنتاجا وعوائد كأنها سوف تتحكم في باقي العالم ثم جعل أمريكا في موقع يمكنها من حد أي هجوم يهددها وبهذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تصنع مشهدا دوليا يتناسب مع أهدافها ثم التسويق لمشروعاتها التي تعتمد على القوة والحرب والتدمير بدعوى الإصلاح والتغير وكل ذلك يتم بواسطة القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية، وبهذا فإن هذه الاندفاعية والخرق المستمر من طرف الولايات المتحدة لأحكام القانون الدولي ورفضها الامتثال لمواثيق منظمة الأمم المتحدة سوف ينتج مجموعة من الصراعات والحروب التي سوف يكون لها تأثير بالغ على الواقع البشري والحضاري للإنسان فالقوة التي تستعمل اليوم هي أشد فتكا وتدميرا، بحيث تم تدمير دول وإخراجها من سياق التاريخ وخرب أفغانستان، ومرورا بتدمير العراق ليس عنا ببعيد ثم محاولة تخريب لبنان كالأسلحة التي تم استعمالها في هذه الحروب جعلت منها دول بدائية ومتخلفة، وبذلك استطاعت أمريكا وحلفائها تفتيت الوضع العربي وخلق سلسلة من النزاعات المتزايدة دون حلول والإكثار من الفتن الطائفية والعنصرية كما في لبنان والعراق، وازدياد ظاهرة الصراعات الدينية في بعض الأقطار وخلق أزمات اقتصادية في الوطن العربي ثم نشر الثقافة الغربية لتضييع معالم الشخصية العربية، كل ذلك يتم عن طريق إحداث النزاعات والحروب والاعتماد على منطق القوة العسكرية الذي يعتبر كمرحلة أولية من التدمير والتخريب وعرقلة كل خطط التقدم والتنمية الاجتماعية العربية. هذه الأسباب وغيرها هي التي ساعدت على ظهور صراعات وحروب غير متوازنة في العالم العربي ينعدم فيها عنصر التوازن العسكري والاستراتيجي. بحيث هذه الدول لم تستطع مجابهة القوة العسكرية الأمريكية وحلفائها وكان من الصعب عليها مواجهة العدوان الذي سوف ينعكس على واقع الحياة الدولية ويؤسس لميدان من العنف والتطاحن المستمر، الذي سوف يؤدي إلى نشوء أغلب المصاعب أمام الحلول السلمية من أجل الحد من هذه النزاعات والحروب المستقبلية التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأمن العالمي في ظل كثرة اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية والتهديد باستعمالها مما سوف يخلق عواقب غير محمودة وسوف ينعكس أثارها على المجتمع الدولي الذي سوف يفتقد إلى الأمن والاستقرار الذي تم فقدانه بسبب عدم احترام مبدأ تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية، ومن المفيد تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين :
 المبحث الأول :بزوغ الصراع في العلاقات الدولية
 المبحث الثاني تاتر دورمنظمة الامم المتحدة بالاحدات الدولية
المبحث الأول : بزوغ الصراع في العلاقات الدولية
يعد مفهوم الصراع هو أحد أبرز المفاهيم المتداولة التي طفت على سطح النقاش المحتدم بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك مفاصل الخصم التاريخي لليبرالية والديمقراطية، ومنذ تمادي حمى التبشير بنهاية التاريخ وفق أطروحة فرانسيس فوكوياما إثر استبعاث أطروحة انعدام الإستراتيجية بين الحضارات وحروب المستقبل على يد صموئيل هلتجتون الذي يرى أن الصدام فهو نتيجة حتمية وهناك مقولة مفادها أنه "عندما يوجد السلام يوجد اثنين ينشأ الصراع بينهما وعند وجود أكثر تبدأ التحالفات"، هذه الحكمة تشير إلى قانون الصراع الذي يحكم الكون ومهما كان شكل الوحدة الإنسانية فإنها محكومة بقانون الصراع تلك قاعدة تاريخية لا تحتاج إلى إثبات، ويرى الكثير من أن الصراع ظاهرة طبيعية في حياة الإنسان وفي حياة المؤسسات جميعا فإن قانون الصراع هو الذي يحكم المؤسسات جميعا غير أن أشكال الصراع ليست واحدة في هذه المؤسسات كما أن نتائجه مختلفة فهو يتدرج في شدته فيبدأ الصراع ناعما ويصل إلى دروته على مستوى الإنسانية فقد يصل إلى جد الحروب والصدام. وعليه سوف نتناول هذا البحث من خلال مطلبين الصراع غير المتوازن في العلاقات الدولية، ثم المطلب الثاني نتائج الصراع في العلاقات الدولية.
المطلب الأول : الصراع غير المتوازن في العلاقات الدولية
عندما تختل الموازين وتتغير العلاقات الدولية فإن موازين قوى تنتصب وأوضاع جديدة تتشكل ومصالح تتوزع، ولفهم هذه السيرورة لابد من العودة إلى مفهوم الحرب لمعرفة مدى مساهمة القوة في حسم الصراعات بين مختلف الجماعات البشرية عبر العصور المتطاولة، ثم لابد من إدراك مفهوم الحرب والفكر الاستراتيجي وكيف تستخدمه الدولة لتحقيق أهدافها ومصالحها.
وبهذا فإن الحرب أصبحت تأيد اتجاها استراتيجيا لتحقيق أهدافها ومطامع اقتصادية وسياسية، والواقع الدولي يشهد على ذلك بحيث نجد أن هناك مجموعة من الحروب والصراعات وخصوصا في الشرق الأوسط وكل ذلك نتيجة لترتيبات أمنية دولية بدعوى مكافحة الإرهاب والشر في المنطقة والتي شهدت مجموعة من الصراعات التي تنعدم فيها التوازنات الإستراتيجية، فهناك احتلال أمريكي للمنطقة ومؤامرة على لبنان. وبهذا سوف نقسم هذا المطلب إلى فقرتين النموذج الدولي للصراع غير المتوازن الفقرة الأولى، النموذج الإقليمي لصراع غير المتوازن الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : النموذج الدولي للصراع غير المتوازن
سوف نناقش في هذه الفقرة نموذجين من الصراع الدولي غير المتوازن في العلاقات الدولية النموذج الأفغاني والنموذج العراقي.
1- النموذج الأفغاني :
جاءت الحرب على أفغانستان نتيجة لتدابير الإستراتيجية والأمنية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية سواء على المستوى الداخلي والخارجي، واتجاه مختلف حلفائها التقليديين والجدد نحو تهميش صلاحيات منظمة الأمم المتحدة والتي أحكمت السيطرة عليه وبدأت في تطبيق السيناريوهات المتعددة لمواجهة تبعات 11 من شتنبر ومحاربة الإرهاب الدولي
ذلك أن الولايات المتحدة رأت لنفسها الحق في أن تدافع عن نفسها في مواجهة الأنظمة المراقة التي تهدد أمنها القومي.
ويعتبر البعض أن غزو أفغانستان هو أول جولة عسكرية في الحرب على الإرهاب والقوات المشاركة في الغزو هي قوات التحالف الدولية وقوات التحالف الشمالي الأفغاني ضد حركة الطالبان، وأعطت هذه الحرب نسبة كبيرة من التأييد لسياسات بوش الخارجية إذ حصل وبالإجماع من الكنغرس ومجلس الشيوخ على 40 مليار دولار لحملة على الإرهاب و20 مليار دولار لتعويض الخسارة التي طال قطاع الطيران عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.
لكن تبعث هذه الحرب على الساحة الأفغانية أضحت واضحة للعيان، بحيث تضاعف الإنفاق العسكري الأمريكي بمعدل خمسين مليار دولار وأكدت الدراسات أن مصاريف بلغت 437 مليار دولار أضف إلى ذلك واقع حال الجنود والتحالف في هذا البلد المستضعف إذ يوميا يتم الإعلان عن سقوط المروحيات وموت العشرات القتلى من هذه القوة الغازية الشيء الذي أصبحت معه مقولة الفوز محطة خيال. وبالتالي يمكن القول بأن غزو أفغانستان كان خطأ كبيرا وكان ذلك سوء تقدير من الإدارة الأمريكية التي قضت على نفسها في العراق.
1- الموقف من الحرب على أفغانستان :
لم تكن المواقف من الحرب الأمريكية على أفغانستان شديدة التباين فالموقف العالمي بدأ مساندا للولايات المتحدة في حربها على ما أسمته بالإرهاب، أما الدول العربية فالأغلب أيد هذه الحرب بل إن بعض منها عرض المساعدة والعون على القوات الأمريكية الغازية ولكن القليل رفض هذه الحرب على استحياء.
ولقد تضاربت مواقف الدول العربية حول الحرب بين مؤيد ومستحي من هذه الحرب.
- الموقف العربي من الحرب على أفغانستان :
1- الجامعة العربية :
دعت جامعة الدول العربية إلى ضبط النفس وعدم توسيع المواجهة وذلك غداة عمليات القصف الأمريكي والبريطاني على أفغانستان، وقال أمينها العام عمرو موسى في تصريحات للصحفيين في اليوم الثاني من بدء الضربات العسكرية نرجو ونطالب حالا بتطور الاستخدام العسكري إلى المساس بأي دولة عربية.
- الموقف الدولي من الحرب على أفغانستان :
1- مجلس الأمن :
تم إبلاغ مجلس الأمن الدولي بالهجمات بعد وقوعها واستجابت الولايات المتحدة وبريطانيا لطلب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بتقديم بيان تفصيلي مكتوب حول العمليات العسكرية إلى مجلس الأمن وتم تقديم البيان في اليوم التالي لوقوع الهجمات.
2- الناتو :
بدأ حلف شمال الأطلس بالاستعداد للمشاركة في العمليات العسكرية ضد أفغانستان في اليوم التالي لوقوع الهجمات، وقالت مصادر مسؤولة بالحلف إن طائرات الاستطلاع من طراز أواكس التابعة للناتو والموجودة في قاعدة جايلنكيرش الألمانية بدأت الاستعداد بالانتشار في قواعد أميريكية وأضافت المصادر أن نشر الطائرات سيتم في إطار العمليات العسكرية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد ما يسمى بالإرهاب وأعلن الأمين العام لحلف الأطلس جورج روبرتسون تأييد الحلف المطلق للولايات المتحدة في ضرباتها على أفغانستان.
2- النموذج العراقي :
لقد بدأت بوادر الصراع الجديد مع حلول الذكرى السنوية الأولى لتفجيرات المركز التجارة العالمي بنيويورك والبنتاغون سنة 2001، وبذلك بدأت الولايات المتحدة الأمريكية إحياء الملف العراقي، بدعوى توقيف أنشطة المفتشين الدوليين بدعوى أن العراق قد استأنف أنشطة التسليح بما فيها مساعيه لإنتاج وامتلاك أسلحة الدمار الشامل مما يمثل حسب الإدارة الأمريكية انتهاكا فعليا من جانب العراق للقرارات الأممية الصادرة ضده والتي تلزمه بضرورة التوقف على الأنشطة التسلحية والتخلص منها
وبالرغم من هذا التبرير فإن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد قررت منذ عقد من الزمن احتلال العراق، ولكن حين وصول المحافظين الجدد إلى السلطة كان عليها أن تختلف أسباب لشن الحرب فوجدت ضالتها في بث الرعب في نفوس سكانها من امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل لتحصل على تأييد ممثلي شعبها في شن الحرب على العراق واستغلت أحداث شتنبر المأسواوية لتقول لمواطنيها إن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وأن لصدام حسين تعاونا مع تنظيم القاعدة فتمة احتمال أن تتسرب هذه الأسلحة إلى أيدي عناصر القاعدة ليستخدموها ضد أهداف أمريكية أو غربية، وبالتالي وجدت الولايات المتحدة في قرار مجلس الأمن خير مرتكز لفبركة حملة الافتراءات حول أسلحة الدمار الشامل العراقية ولاسيما بالسلاح النووي.
ومن الأسباب الحقيقية للعدوان الأمريكي على العراق تعود إلى أهداف إيديولوجية اقتصادية رأسمالية وصهيونية وحضارية بالدرجة الأولى، فالغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية يدركون جيدا على أن قوة العراق الحضارية كمهد للثقافات وكأرض للدائرة العربية والإسلامية هو شيء يهدد سيادة ثقافته وقيمه الديمقراطية
إن الحرب على العراق ليست لها علاقة بجلب الديمقراطية إليه ولا باحتلاله أسلحة الدمار الشامل ولا بمكافحة الإرهاب، والحقيقة أن أمريكا استذلت المناخ الذي هيأت هجوم 11 شتنبر لتعزيز إستراتيجيتها في الهيمنة، فهذه الحرب كما الحرب على أفغانستان مرتبطة بحاجة الولايات المتحدة لضمان السيطرة على إمدادات النفط في المنقطة الممتدة من وسط آسيا وحتى البحر الأبيض المتوسط، ولضمان أمن إسرائيل على مدى السنوات القادمة.
إن الحرب على العراق لا يمكنها أن تندرج في الحملة المزعومة ضد الإرهاب، إلا من خلال باب الافتعال السياسي فهي جزء لا يتجزأ من النظام الرأسمالي المؤسس على الطموح الغير المحدود للأرباح، والحقيقة هي أن الطبقة الحاكمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى إحلال أنظمة تابعة ومطلقة الولاء محل أي نظم لديها أدنى هامش من الاختلاف وذلك ضمانا لمصالحها الإستراتجية وعلى رأسها تأمين النفط.
وفي السياق ذاته فإن السعي لإقامة نظام من هذا القبيل في بلد منتج للطاقة بحجم العراق، ويعتبر التجسيد الأول لهذا التوجه، فهذا البلد توجد فيه أكبر محطات الغاز في العالم وتحوي أراضيه على محيطات من النفط وذلك سيكون في خدمة الاستهلاك الكبير للولايات المتحدة للنفط حيث تبلغ احتياطات النفط في العراق المؤكدة في 115 مليار برميل أي نحو 1.11 من الاحتياطات العالمية.
وبالإضافة إلى تلك المميزات المطلقة للنفط العراقي، هناك الربحية الهائلة في الاستثمار في هذا القطاع. خاصة وأن حقول النفط العراقية تعتبر من أغزر الحقول في العالم وأكثرها قربا من سطح الأرض مما يوفر نفقات ضخمة في عمليات التنقيب والاستخراج، وتفيد الدراسات الدولية أن معدل إنتاج البئر في العراق يتراوح ما بين 10 إلى 11 ألف برميل سنويا بينما متوسط إنتاج أبار النفط في دول أوبك الأخرى لا يزيد عن 84 ألف برميل يوميا.
لذلك قررت الامبريالية الأمريكية الانتقال من سياسة الاحتواء إلى طور الإجهاز على النظام القائم في بغداد واحتلال العراق عسكريا لسنوات طويلة.
ومن الأسباب الأخرى للتدخل الأمريكي في العراق يمكن اعتبار الحرب كمخرج للأزمة الاقتصادية حيث يمكن الحديث عن بوادر الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية وهي كدافع إضافي وحالي لنزوع الطبقة الحاكمة الأمريكية نحو الحرب.
وما يساهم في زعزعة مكانة الولايات المتحدة ليس أسلحة الدمار الشامل بل التدهور الاقتصادي الناتج عن طبيعة النظام الرأسمالي من فساده واستبداده ومن الهبوط في أرباح الشركات نتيجة ظاهرة الإنتاج الفائض الذي لا تنجح السوق الرأسمالية في استيعابه. والمخرج من هذه الأزمة هو إقرار سياسة بربرية تبيح قلب أنظمة واحتلال الولايات المتحدة للدول.
وليس هناك شك في أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة تنضاف إلى الأوجاع الطويلة المدى، فعلى الرغم من استمرار احتفاظها بمكانة الدولة ذات الاقتصاد الأكبر في العالم إلا أن الولايات المتحدة تعاني من تراجع متواصل وتاريخي في حصتها من إجمالي الناتج العالمي، وبالتالي انعكست الأزمة الاقتصادية الأمريكية على توجهات الرأي العام داخليا، خاصة بين أوساط الطبقة العاملة.
كما أن هذه الحرب أصبح لها تأثير وتداعيات على القانون الذي اصطبغ دائما بالطبع الخاص ومزدوج الرؤية والتطبيق بالقدر الذي تجد فيه الولايات المتحدة الأمريكية أو تمنع من تدوينه وتطوره المضطر عبر إحجامها أو امتناعها عن التصديق على كثير من الاتفاقيات الدولية والجماعية التي تهم تدوين القانون الدولي في بعض المجالات الدولية التي تعرف فراغا تشريعيا دوليا، بالقدر الذي تنظر فيه إلى القانون الدولي كجزء من القانون الأمريكي الذي يسمح لها بالعمل على تنفيذ أحكامه وجبر مطالب فيه على الخضوع له.
ولعل هذه الرؤية المزدوجة والسلوك الدولي المتناقض للولايات المتحدة الأمريكية وعبر كثير من ممارستها الدولية هو ما يفسر لناشر فرقها لقواعد القانون الدولي كما هو متعارف عليه عالميا وفي نفس الوقت تبرير خروقاتها المتعددة لهذا القانون كونه تصويب لهذا القانون ودفاعا عن حرمته وعدم انتهاكه من طرف المجتمع الدولي.
ولعل هذه الصورة تتوضح أكثر وبجلاء من خلال توسيع قرار بحرب العراق كونه قرار ينسجم مع القانون الدولي في حدود اعتباره جزء من القانون الأمريكي الذي يسمح لها بالدفاع الشرعي الوقائي والاستباقي ضد خطر كامن ومرتقب تمثله العراق من خلال حيازته لأسلحة الدمار الشامل.
وفي السياق ذاته عبر كل من جورش بوش وتوني بلير عن احتقارهما شديد للقانون الدولي والمؤسسات الدولية في قمة جزر الأزور عشية الغزو الأمريكي للعراق وأصدر إنذار للعراق ولمجلس الأمن "عليك أن تدعن وإلا فإننا سنقوم بعملية الغزو دون أن تبصم موافقتك التافهة وإننا سنفعل ذلك سواء غادر صدام وعائلته البلاد أم لا"، إن عصب المسألة هو أن الولايات المتحدة مصرة على أن تحكم العراق لقد أعلن جورج بوش بأن الولايات المتحدة لها تخويل مطلق باستخدام القوة العسكرية للدفاع عن أمنها القومي المهدد بالعراق مع صدام أو بدونه.
وبذلك فإن بوش يرسخ وجود القوة الأمريكية في المنطقة ولا بأس بالديمقراطية شكلية واستلامية المقبولة في الكواليس الأمريكية هذا على الأقل ما يقول التاريخ والممارسات الدولية.
عن تداعيات العدوان الأمريكي على العراق مازالت تفرز الكثير من الأحداث والمستجدات والوقائع الدولية التي لها تأثير واضح في صيرورة ومالية القانون الدولي، وبالتالي سوف نعيش في عالم الفوضى والصراعات والحروب لا تعترف بالقانون الدولي مع فشل المجتمع الدولي في توحيد المنتظم العالمي على مرتكز القاعدة القانونية تحكم الفعل السياسي الدولي.
الفقرة الثانية : النموذج الإقليمي للصراع غير المتوازن
1- الحرب الإسرائيلية لبنانية :
يبدو أن الحرب السادسة بين كل من إسرائيل وحزب الله ستكون أطول الحروب الكلاسيكية، أو غير النظامية التي قادتها إسرائيل منذ قيامها سنة 1948، وأعقدها وأصعبها ولربما قد تكون الأكثر تكلفة من الناحية الاقتصادية، ويمكن اعتبارها كذلك الضربة الكبرى التي تلقاها المشروع الأمريكي في المنطقة هذه الحرب كشفت عدة أوراق كانت موضع سر من لدن الدول الكبرى وأيضا بعض الدول العربية.
وأما على الصعيد الدولي كانت مختلف الردود تحمل حزب الله مسؤوليته عن تردي الأوضاع في لبنان وأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها صحيح أن حزب الله له أسرى لدى إسرائيل ومن حقه طبقا للمواثيق الدولية أن يعمل كل ما في وسعه لاسترداد هؤلاء، لكن الغريب في الأمر هو أن العملية التي قام بها حزب الله كانت مفاجأة للغاية وحتى الأمين العام لحزب الله قال بأن الحزب لم يكن يتوقع أن يكون رد الفعل الإسرائيلي على قتل وأسر الجنديين إسرائيليين بتلك القسوة والشدة والتدمير للبنية التحتية من مرافق عمومية حيوية كالموانئ والمطارات وقطع الجسور لتضع مختلف المدن اللبنانية تحت الحصار، ولكن الأهم من هذا وذلك المواقف الدولية خاصة الدول العربية لم تكن مفاجأة بل هي أصلا تعتبر حزب الله من المنظمات الإرهابية يجب القضاء عليها وتعتبر أمريكا وإسرائيل المعرقل الأساس لعملية السلام بين إسرائيل ودول المنطقة.
وأما على الصعيد العربي جاءت هذه الحرب والنظام العربي مازال يعاني من غزو العراق وهذا ما يكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها العالم العربي، ومن أزمة لبنان ازداد النظام العربي في عجزه وتأخره أكثر، مما كان عليه خلال حرب العراق من مارس 2003، إلى أن النظام العربي لم يستطيع التعامل مع هذه الأزمة بشكل متناسق ولكنها مراحل امتازت بتضارب الآراء وعدم توحدها بين تأييد لها قام به حزب الله وبين الرافض لما جرى
ونتيجة المنطقية لهذا الفعل أن وجدت إسرائيل الغطاء لشن الحرب على لبنان، في حين ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت إلى تأييد بعض الدول العربية للحرب على حزب الله
بعد ذلك ردت إسرائيل على عملية حزب الله بهجوم واسع ومدمر على لبنان وسميت العملية بأمطار الصيف وهي مقدمة دليل على أنها كانت تخطط لها منذ وقت بعيد كما أن أسر الجنديين لم تكن سوى ذريعة مدعومة أمريكيا لشن هجوم ممنهج على لبنان لتفكيك حزب الله ونزع سلاحه أو بمعنى آخر لتنفيذ القرار 1599 الذي كانت إسرائيل وراء صدوره تمهيدا لسلام بين الدولة العبرية ولبنان وفي خارج لبنان اعتبرت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا أن خطب الجنديين، إنما هو خرق للخط الأزرق فشرعت بذلك إعلان إسرائيل الحرب على لبنان واعتباره عملا مشروعا ودفاعا عن النفس باختصار جاءت العملية في إطار صراع حول الشرق الأوسط فقد أعلنت إسرائيل أنها تريد تغير قواعد اللعبة في لبنان وبذلك أعلن حزب الله عن حرب مفتوح مع إسرائيل.
ويكمن هدف المركزي من وراء شن هذه الحرب على لبنان والتي وضعها النائب في الكنيست الإسرائيلي زهافا فاغالنون بأنها حرب أمريكية بدماء يهودية تتلخص في تغير خارطة الشرق الأوسط وتقسيمه إلى كانتونات طائفية ومذهبية وعرقية متنابذة ولا يقر لها قرار إلا بأمر السيد الإسرائيلي والأمريكي ومنهم من يذهب إلى أن هذه الحرب ليست كباقي الحروب الأخرى ولا يريد أحد في إسرائيل المقارنة بين الآلية العسكرية الإسرائيلية وأسلحة المقاومة والتي هزت القوة الإسرائيلية.
وهناك من يذهب بدرجة اليقين إلى أن هذه الحرب فإنها قد تمت بالوساطة الإسرائيلية وإن جرى التقاطع بين الخاص الإسرائيلي والعام الأمريكي في المنطقة، فالحرب جرى الإعداد لها من قبل ومنذ سنين وتم وضع الخطة الحربية سنة 2004، وكل ذلك تم بعد أن تم وضع خطط تدريبية لمعارك افتراضية في مواقع متشابهة لحزب الله
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن تحقيق السلام لا يمكن أن يتم إلا بعد إسقاط حزب الله وإحكام القبضة على المنطقة بكاملها وخلق نظام أمني ناجح يكون ركيزته الكيان الصهيوني. تدفعه إلى ذلك مثالية تحقيق سلام الفئة عام الذي ساد في أوربا من 1815 إلى 1214 ومع ذلك فإن المنطقة سوف تشهد تغيرات في غاية الأهمية وذلك أن الترتيبات الأمريكية تريد خلق وقائع سياسية جديدة مع متطلبات المرحلة الراهنة التي يشهدها العالم في محاولة عشر قيم الليبرالية الأمريكية المتوحشة في الشرق الأوسط كمطلب إمبريالي غربي وذلك من أجل التكييف مع التحولات التي يشهدها العالم والتي تمتلك قدرة أكبر لتلبية ما يحتاجه النظام الأمريكي من بحث في أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بما يجعل النظام الإقليمي العربي الأكثر الأقاليم اندماجا في النظام الدولي الجديد على قاعدة ضمان الاحترام الأمريكي الصهيوني ومتحولا بشكل كامل نحو الغرب الرأسمالي بحيث ترسم الولايات المتحدة الأمريكية حروبها واقعا جديدا للعالم العربي باعتباره إقليميا مملوء بالثروات والمشاكل لا يحتمل أن يبقى متروكا كما وصفه أحد أبرز المعلقين الأمريكيين بأنه مجموعة من قبائل ترفع أعمال متفاوتة الألوان.
وفي هذه الحرب استطاعت إسرائيل أن توجد صورتها في عيون اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية أو بالأحرى على تعدد انتمائهم الدينية والطائفية.
ذلك أن اللبنانيين كانوا يرون إسرائيل في صور متباينة إلى حد التعارض بينهم من كان يرى فيها العدو المطلق بالمعنى الديني كما بالمعنى الوطني ولم يكن يقبل نقاشا، لهذا العداء كائنة ما كانت الذرائع السياسية وبينهم من كان يرى فيها العدو الوطني والقومي ولكن العجز عن مواجهته بالشعار الأصلي للمعركة القومية الفاصلة والحرص على السلامة الوطنية يجعل هؤلاء يسلمون مكرهين بوجود إسرائيل كدولة ويرفضون الصلح معها أو التطبيع لأسباب وطنية يعززها استمرارها في احتلال بعض التراب الوطني ومواصلتها تهديد لبنان ومحاولة ابتزاز سياسيا في هويته ودوره العربي وبالذات في علاقته بالقضية الفلسطينية لاسيما أن لبنان طرف في القضية لأسباب تتجاوز ما هو عقائدي وعاطفي وعملي.
2- الخلفيات والأهداف من الحرب الإسرائيلية على لبنان :
1- خلفيات الحرب على لبنان :
بدأت إسرائيل عدوانها على إثر عملية أسر الجنديين من جيشها 12 يوليوز/تموز 2006 وهذا العدوان كانت ترى أنها في حاجة إليه منذ عام 2000 وكانت حضرت له منذ أن ثبت عجز المحور الأميركي التشعب الاعتداء الداخلي وعربيا ودوليا عن تنفيذ قرار نقل لبنان من محور الممانعة والرفض لمشروع أمريكا إلى محور التبعية، لقد حاولت أميركا أن تستمر في احتلالها للعراق وتفرض على كل دول المنطقة الخضوع فاصطدمت بثلاث عقبات.
العقبة الأولى : إيران التي رفضت التخلي عن برنامجها النووي كما رفضت مد أمريكا بالتسهيلات اللازمة لاستقرار إحتلال العراق.
العقبة الثانية : سوريا رفضت نزع سلاح حزب الله في لبنان كما أنها لم تقدم لأمريكا الخدمات الأمنية والعسكرية في الداخل العراقي لتجعل الاحتلال فيه أمرا يسيرا كما رفضت طرد ممثلي المقاومة الفلسطينية من أراضيها.
العقبة الثالثة : في حزب الله الذي هزم إسرائيل عام 2000 واستمر في بناء قدرة عسكرية فريدة من نوعها تقع بين القوة التقليدية النظامية للجيش وغير النظامية، وصاغ هيكلة عسكرية ذات قدرات مناسبة لتشكيل تهديد جدي لإسرائيل.
2- الأهداف والنتائج من الحرب على لبنان :
تتشابه أهداف إسرائيل في حربها على لبنان العام 2006 تلك التي أعلنت عنها في العام 1982 القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وإدراج سورية من لبنان وعقد معاهدة سلام مع لبنان، ففي العام 1982 كانت منظمة التحرير تشكل تهديدا لإسرائيل في مناطقها الشمالية المحادية للبنان وبين ذلك التاريخ وتحرير لبنان عام 2000 والحرب الإسرائيلية عليه في عام 2006 كان حزب الله هو القوة العسكرية التي تهدد إسرائيل وتمكن من حصر جهودها إلى ما وراء الحدود اللبنانية واتخذ موقفا استراتيجيا في الصراع وإسرائيل تسعى لخلق ظروف السلام مع لبنان، وهذا لن يتحقق ؛إلا بالقضاء على حزب الله وقوته وبذلك وقفت إسرائيل وراء خروج القوة السورية من لبنان بقرار 559.
وبعد فإن علينا أن نتساءل عن أبعاد وأهداف هذه الحرب الإسرائيلية الدائرة على لبنان ومن سر مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل لنتساءل بعد ذلك عن مدى وآفاق النجاح الممكنة لهذين الحلفين في الحرب ولكي لا نسرف في هذا التحليل فإن الهدف المباشر المعلن لإسرائيل في حربها هذه يتمثل في تدمير حركة المقاومة اللبنانية التي يرمز إليها حزب الله وقتل حسن نصر الله زعيم الحزب ثم تجريده من السلاح على أقل تقدير إلى جانب إرغامه على الخروج ومغادرة معاقله التالية في الجنوب اللبناني مع إحلال قوات دولية محله بالتعاون مع قوات وطنية لبنانية بغية إنشاء منطقة أمنية جديدة في الشريط الحدودي في شمال إسرائيل، وتوجد أجندة أخرى ترمي إلى إعادة ترسيم الخريطة السياسية اللبنانية بحيث تتسلم مقاليد سلطة حكومة في لبنان ضعيفة وهزيلة وطبيعة لا تتراجع في عقد صفقة سلام مع إسرائيل بمباركة أمريكية، كما أن هناك هدف آخر وراء العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة ومرماه إضعاف كل من سوريا وإيران بصفتهما القوتين المحليتين التي تتبين في دعمهما المنتظم لحركة حماس وحزب الله علاوة على استمرارهما في مناهضة الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على المنطقة.
وفي نهاية لا يمكن عزل الحرب الإسرائيلية اللبنانية عن سياسة المحاور والصراعات في المنطقة كما أن الوضع اللبناني الهش والتجاذبات الداخلية والتباين بين منطق الدولة والمقاومة، أسهم كثيرا في جعل لبنان ساحة للصراع بين الداخل والخارج لذلك كان من المتوقع أن ينفجر صراع عاجلا أو آجلا بين طرفين، وبذلك لم تتمكن الحكومة اللبنانية من الإمساك بالوضع الداخلي وعدم إنجرار البلاد إلى حرب دفاعا عن المفاعل النووي الإيراني أم دفاعا عن نشر الديمقراطية التي أراد الأميركيون أن يجعلوا لبنان نموذجا لها أو منطلق لشرق أوسط جديد إلى درجة تدميره، لقد ترك العرب لبنان لأسابيع ثلاثة من دون تغطية تدمر إسرائيل بناه التحتية وتقتل شعبه وتعصف به مشاريع القرارات المنحازة أو غير المتوازنة وإن عجزهم هذا هو جزء من مشكلات لبنان مع العرب منذ الوجود الفلسطيني المسلح على أرضه وبغض النظر عن عدم قدرتهم على مواجهة إسرائيل أو عدم رغبتهم في ذلك فإن ذلك يعود إلى أنهم رأوا في صراع حزب الله وإسرائيل صراعا إيرانيا أمريكيا وخوفهم من إيران النووية وجعلهم يرون إيران عدوا مركزيا كما أن اللبنانيين لم يتضايقوا من التبعية الشعبية ولكن بعض الدول كان لها تحفظات على الحرب فالرئيس المصري حسن مبارك قال بأنه لن يقود حرب من أجل حزب الله أو لبنان فكلاهما واحد بالنسبة، وأما فيما يخص الجانب الإسرائيلي فإن المواجهة والحرب بالنسبة إليها مازالت مفتوحة وتملك أسباب تجعلها على اقتناع تام بإكمال الحرب من أجل فرض الهيمنة على المنطقة والتخلص من أعدائها وخصوصا حزب الله وإيران اللذان يعتبران كمحور الشرفي الإدارة الأمريكية، فالقيادة الشعبية مازالت في المواجهة مع أمريكا وإسرائيل وقد تدخل المنطقة في حرب إستراتيجية من الصعب التكهن بنتائجها على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي الوقت الحاضر لكل نزاع من النزاعات في الشرق الأوسط أسبابه بحيث يبقى العامل الرئيسي للصراع هو بروز إيران قوة إقليمية ذات قدرة نووية مما يؤدي هذا الأمر إلى انقلابات في التحالفات وانزلاق الوضع وإيران هي القوة الوحيدة التي تملك الإستراتيجية المتماسكة، وفيما عيون العالم متجهة نحو لبنان تتجه إيران بهدوء نحو الحصول على السلاح النووي وستحصل عليه، كما أن هذه الحرب بانعكاساتها المالية استطاعت أن تخدم غيران فهي كأي حرب في الشرق الأوسط تؤدي إلى ضغوط حول سعر البرميل البترول الذي يتعرض لارتفاع منذ سنوات عدة وفي 2005 تخطى سعر البرميل سقف 60 دولار.
المطلب الثاني : نتائج الصراع غير المتوازن
إن الصراع يجري دائما مدفوعا بمجموعة من الرغبات والحاجات الخاصة فعندما تشعر الأطراف المتفاعلة أن هناك ثمة مصالح يمكن أن تجنيها من جراء الانخراط في الصراع، فإن الدول تقدم على كسر قواعد أو انتهاك أعراف عامة لإدارة الصراع على مستويات مختلفة وتختلف أشكال الصراع وفق المصلحة وتصورات اعتقادات ورغبات القوى المتشاركة في الأدوار والصراع موجود في الواقع بحكم التوازنات، ويأتي ممتزجا بالكثير من التبريرات الاقتصادية والسياسية، فهناك دائما سبب أصيل للصراع، وبما أن هذا الصراع قائم بحد ذاته فإن غياب توازن يحكم الصراعات فإن له مجموعة من العواقب يكون لها محصلة ونتائج لها تأثير على العلاقات وبصفة عامة بين الدول
وبذلك سوف يجرنا الحديث في هذا المطلب عن تحديد بعض النتائج لصراع غير المتوازن والتي يمكن تحديدها في الإرهاب كعنف مضاد الفقرة الأولى، انعدام التوازن بين الدول الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : الإرهاب الدولي
1- العنف المضاد الإرهاب الدولي :
كانت إستراتجية الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية تتبنى سياسة الردع والاحتواء مع الاتحاد السوفياتي والدول المعادية الأخرى وتقوم هذه السياسة على نوع من تجنب الحرب والعمل على تسوية المنازعات بالطرق السلمية.
لكن بعد أحداث 11 سبتمبر تحولت هذه الإستراتيجية نحو إعطاء أولوية للحرب على الإرهاب وتبنى سياسة الحرب الوقائية لظهور تهديدات من جانب مجموعة مسلحة والعمل على توسيع دائرة الحرب لتشمل دول أخرى غير أفغانستان مع السعي لتشكيل تحالفات عسكرية متعددة الأطراف والتخلي عن سياسة العزلة.
وفي الوقت نفسه احتفظت السياسة الأمريكية لنفسها بحق استخدام الأسلحة النووية بشكل غير محدود ضد الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة دولا مارقة ترعى الإرهاب وتهدد السلم العالمي لامتلاكها أسلحة الدمار الشامل مثل العراق وكوريا وإيران، ولقد أدت هذه التغيرات في مفهوم سياسة الأمن الأمريكية إلى إعادة تحديد مهمة جهاز المخابرات وإمكانية استخدام مصادر المعلومات جديد وفتحت لإسهام القطاع الخاص للمشاركة في هذا المجال عن طريق تطوير التكنولوجية الأمنية مثل أجهزة كشف الأسلحة والمتغيرات، كشف عن الممارسات الفعلية عقب أحداث 11 شتنبر عن استخدام مفرط للقوة العسكرية وتهديد الأمن القومي لعدة دول بحجة مقاومة الإرهاب لأن أمريكا اكتشفت أنها أمام عدو من نوع جديد يتمثل في شركة واسعة من التنظيمات الفرعية التي لا تحكمها هياكل تنظيمية محددة ولا تعمل في إطار خطة عسكرية لا يمكن توقعها. لذلك عمدت أمريكا إلى سياسة الانتشار العسكري لمواجهة الإرهاب
2- الحرب على الإرهاب :
الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب حسب التبريرات المعللة هو القضاء النهائي على الإرهاب العالمي، ولكن هذه الأهداف اختلفت بحسب مرحلتين، ففي المرحلة الأولى كانت الأهداف المتوخاة من هذه الحرب مرتبطة بتشخيص العدو في أسامة ابن لادن وأتباعه في تنظيم القاعدة بالإضافة إلى حركة طالبان التي اتهمت بتقديم الملاذ إلى الإرهابيين في أفغانستان، أما في المرحلة الثانية فقد تم توسيع الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب لتشمل أطراف جديدة من بينها العديد من الحركات والتنظيمات وحكومات الحول التي أصبحت توصف بأنها دول محور البشر بسبب سعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وعلاقتها المحتملة مع الإرهاب، لذلك يتعين التمييز بين مرحلة التشخيص الأولى للأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب وبين مرحلة توسيع الأهداف المتوخاة من هذه الحرب.
لقد تميز الخطاب الرسمي الأمريكي عقب هجمات 11 سبتمبر بتشخيص العدو في الإرهاب متمثلا بشخص أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي تم وصفه بأنه تنظيم عالمي. ولكن تشخيص العدو سرعان ما شمل حركة الطالبان التي كانت حكومتها تسيطر عليها عمليا على أكثر من تسعين في المائة من أفغانستان ليتم وصفها بأنها حكومة مستبدة تقوم على التطرف ورعاية الإرهاب بتقديم الملاذ الأمني لإرهابي القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2009 وقد ينفذون هجمات أخرى مماثلة ضد الولايات المتحدة أو حلفائها الأوروبيين.
وفي هذا الاتجاه حرص الخطاب الرسمي الأمريكي على التميز بين الإسلام وبين الإرهاب وذلك باعتبار أن الإرهابيين لا يمتدون الإسلام ويحاولون مصادرة الإسلام على حد تعبير الرئيس الأمريكي جورج بوش، وقد برز هذا التمييز إثر الضجة التي أثارها استخدام الرئيس الأمريكي لمصطلح الحملة الصليبية في وصفه للمعركة القادمة مع الإرهاب من جهة ولتنامي الاعتداءات على العرب والمسلمين القائمين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولطمأنة الرأي العام الإسلامي تم التنويه بعلاقات الصداقة التي تجمع بين الولايات المتحدة والكثير من الدول الإسلامية، وتم التأكيد من كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين على أن الحرب على الإرهاب ليست حربا دينية ضد الإسلام وإنما هي حرب على الإرهاب مع الإبقاء الغموض الواضح بشأن التمييز بين الأصولية الإسلامية وبين الإرهاب.
لكن توسيع صفة العدو لتشمل أفغانستان على عهد حكومة الطالبان تم ربطه بحق الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها وعن حرية العالم بأسره، فبعد مقتل ثمانية جنود أمريكان في معركة شاهي كوت 2 مارس 2002 في شرق أفغانستان صرح الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستدافع عن نفسها بأي ثمن في الحرب الدائرة في أفغانستان وأن الدفاع عن الحرية قضية عادلة في مواجهة من يردون حرب الولايات المتحدة وحرمانها من الحرية. فالحرب على الإرهاب حسب التصريحات الأولى للرئيس الأمريكي ووزير دفاعه رامسفيلد ستستمر سنوات أو عقود ولن تنتهي باحتلال منطقة أو بانهزام قوة عسكرية معادية وإنما ستشمل عملية ضبط سياسي وأمني واستخباري على المدى الطويل وتحقيق الشفافية في الأنشطة السياسية والاقتصادية والمالية في جميع الدول من أجل القضاء على الإرهاب مثل هذه الحرب المفتوحة لا يمكن تبريرها فقط بتهديد مصدر دولة نائية من محاور التدخل الأمريكي المباشر والمراكز الحيوية للمصالح الأمريكية في منطقتي الشرق الأوسط والشرق الأقصى، فأفغانستان التي اتهمت برعاية الإرهاب دولة بعيدة كل البعد عن امتلاك أي قوة عسكرية حقيقية فإنها معزولة دوليا ومدمرة بفعل حروب استمرت أكثر من عشرين عاما وضعيفة التأثير في محيط بيئتها الدولية والإقليمية.
وكل ذلك يعني بأن العدو الجديد لا يتمثل في دول معينة أو في جيش محدد أو في جماعة محددة ولا يقتصر على قوة ظاهرة وواضحة المعالم يمكن تحديدها جغرافيا وإنما هو عدو شرس قادر على ضرب الولايات المتحدة من جديد لا ينحصر في تنظيم القاعدة ولا في حركة الطالبان وإنما يشمل مجموعة كبيرة من الحركات والتنظيمات والعديد من الدول التي تعتبر شريرة في نظر الولايات المتحدة وتهمتها الإرهاب أو رعايته ودعمه أو إقامة علاقة محتملة معه.
وهذا يعني أن الخطاب الرسمي الأمريكي لم يتغير من حيث جوهر فالولايات المتحدة وحلفاؤها ومن ضمنهم إسرائيل يمتدون الخير في الصراع مع الشر مع اختلاف في طبيعة العدو فقد حلت الأصولية الإسلامية محل الشيوعية وحلت بعض الدول الإسلامية بصفة خاصة محل الفاشستية والدول الشيوعية وكما الشأن بالنسبة للحرب العالمية الثانية أو فترة الحرب الباردة أو فترة ما بعد حرب الخليج، فإن الولايات المتحدة تواجه كعادتها دولا سماها الرئيس الأمريكي بدول محور الشر.
وهكذا فالحرب على الإرهاب وهي حرب حظيت بإجماع عالمي بما في ذلك إجماع الدول العظمى والقوى الإقليمية الكبرى وهي حرب بين الخير والشر وصراع بين العالم الحر والتطرف الإرهابي وبين الحضارة والهمجية وهي بالإضافة إلى ذلك حرب أصبح من الواضح أنها تستهدف أساسا استئصال الأصولية الإسلامية عبر القضاء على المنظمات والجمعيات والحركات الأصولية والإسلاميين المتشددين على امتداد العالم الإسلامي في مصر اليمن باكستان كشمير إندونيسيا والفلبين وغيرهما، كما أنها تستهدف من ناحية ثانية الدول المارقة أو المتمردة على إرادة الولايات المتحدة وهي دول توصف بأنها راعية للإرهاب أو المستقبل ويجوز العمل على قلب نظام الحكم فيها أو إضعافه بجميع الوسائل بما في ذلك الوسائل العسكرية كما حدت مع حكومة طالبان في أفغانستان.
هذا التوجه الجديد نحو توسيع الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب تأكد بخطاب الرئيس الأمريكي حول حالة الاتحاد يوم 29 يناير 2002 وبلغ دورته في إعلان الرئيس الأمريكي في ذكرى مرور ستة أشهر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002 بأن الحرب على الإرهاب ستمتد بعيدا عن أفغانستان.
ففي خطاب ألقاه بالبيت الأبيض بمناسبة إحياء ذكرى مرور ستة أشهر على الهجمات المذكورة تعهد الرئيس الأمريكي بأن تستمر الولايات المتحدة في قيادة الحرب ضد الإرهاب العالمي حتى يتم القضاء عليه وتحقيق النصر ودعا كل دول العالم إلى أن تدرك أن الحرب ضد الإرهاب لها هدف مزدوج هو حماية حرية وأمن الولايات المتحدة والعالم المتحضر، مضيفا بأن الدول المتمدنة تدافع اليوم على أمنها المشترك وحث الرئيس بوش دول العالم على المساهمة والمشاركة في هذه الحرب قائلا إن الولايات المتحدة تتوقع من كل حكومة أن تساعد في القضاء على الإرهاب الذي يهدد جميع الدول والسلام في العالم.
وهكذا فخطاب 11 مارس 2002 كان الغرض الأساس فيه هو تصعيد التعبئة وسط الشعب الأمريكي من أجل مواصلة الحرب على الإرهاب في أفغانستان وخارجها فقد أوضح بأن إدارته مستعدة لمواصلة الحرب على الإرهاب لأطول فترة ممكنة طالما ظل هذا الأمر ضروريا هذا يعني أن التدخل العسكري والعمل السياسي والدبلوماسي سوف يستغرق وقتا طويلا وسيشمل أعداء آخرين للولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد أيام قليلة من هذا الخطاب صرخ الرئيس الأمريكي بأن بلاده دخلت مرحلة ثانية من الحرب على الإرهاب ستكون طويلة ولن تتعب منها وحدد إستراتيجية المرحلة الثانية من هذه الحرب بقوله إن إستراتيجية هذه المرحلة الجيدة تكمن في جعل كل إرهابي يعيش مطاردا عالميا وهارب ولا مكان يمكن أن ترتاح ويستقر فيه ولا مكان لإعادة تنظيم قواه ولا مكان يختبئ فيه ولا حكومة يختبئ وراءها، ثم دعا دول العالم والمجتمع الدولي إلى النظر بجدية بالغة إلى نظر الإرهاب ولذلك علينا منع انتشار أسلحة الدمار الشامل لأنه لا مجال للخطأ الهامش
3- الإستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب الدولي :
إن أحداث الحادي عشر من شتنبر 2001 شكلت لقطة تحول فاصلة في النظام الدولي بعد اجتماع قمة مالطا، حيث أصبح الإرهاب الدولي وفي حلته الجديدة الشكل الرئيسي للصراع المسلح على الساحة الدولية والبديل الراهن للحروب التقليدية، والمحفز الحقيقي في إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، التي لم تكتف فقط في شن حملة دولية واسعة ضده، بل ستتبنى موقفا تصاعديا في وقفه ومحاسبة الدول التي ترعاه.
ولعل الإستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب الدولي بعد 11 عشر من شتنبر انبثت على الاستخدام المكتف للقوات العسكرية حيث سارعت وبمجرد وقوع تفجيرات نيويورك وواشنطن بالتلويح بالقيام برد عسكري على هذه الأعمال الإرهابية ضد الأطراف التي تقف وراءها ومر المجتمع الدولي للاصطفاف وراءها في تحالف غير مسبوق في التحالفات الدولية يغلب عليه الجانب السياسي بالدرجة الأولى، كما يرتكز على التعاون والتنسيق في المجالات الأمنية والاستخبارية والمالية من أجل تعقب وضرب الجماعات والأطراف الدولية التي ترعاه وتأويه وتجفيف موارده المالية من أجل شل حركته.
ومن أجل تطبيق هذه الإستراتيجية سعت الولايات المتحدة الأمريكية وكما هو دأبها في إدارة الأزمات الدولية التي تدخل ضمن مصالحها وإستراتيجيتها على استثمار الشرعية الدولية من خلال الارتكاز على قرارات الأمم المتحدة لتتدخل بموجبها زجريا وبشكل عسكري أو غير عسكري في هذه الأزمات، أما الأمر يتعلق بإدارة أزمة كانت مستهدفة فقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة التحالف الأوروبي والدولي لمكافحة الإرهاب ودشنته في أفغانستان بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1368 الذي صدر بالإجماع يوما واحدا بعد وقوع عمليات الحادي عشر من شتنبر واستتبعته بإصدار قرار ثاني من مجلس الأمن القرار رقم 1373 بتاريخ 28 شتنبر 2001 بضرورة مواجهة مخاطر الإرهاب الدولي بكل الوسائل السياسية والعقابية. في تناعم تام مع السياسة الإسرائيلية الصهيونية في الأراضي المحتلة التي تعاملت مع القرار بالتفسير والفهم الأمريكي في ضرب البنيات التحتية للإرهاب دون تمييز بين الإرهاب الدولي وحق النضال والكفاح المشروعين ضد الاحتلال الغاضب من طرف الشعب الفلسطيني المناضل.
وباسم تطبيق الشرعية الدولية والتي تجسدها قرارات مجلس في موضوع العقوبات المفروضة على العراق وذات العلاقة بنزع أسلحة الدمار الشامل المزعومة توافرها لديه، سعت الولايات المتحدة الأمريكية للإضافة بنظام صدام حسين وخرق سافر للشرعية الدولية التي تحثها على إتباع الوسائل السلمية لحل الأزمات الدولية وعدم استعمال القوة في العلاقات الدولية أو التهديد باستعمالها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها، وكان تدخلها في العراق ساخرا من حيث خرقها قواعد الشرعية الدولية لعدم احترامها انتظار صدور قرار من مجلس الأمن يجيز استخدام التدابير العسكرية ضد العراق.
وعلى المستوى الداخلي ركزت الولايات المتحدة الأمريكية ومها حليفتها التقليدية بريطانيا على تطوير تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب وتشديد الإجراءات الأمنية على التدخل إلى الولايات المتحدة والإقامة بها كما تبنت الإستراتيجية الأمريكية في مكافحة الإرهاب على إصدار قانون جديد يجهز على الكثير من الحقوق الحريات الفردية. ويشدد من الإجراءات الداخلية اللازمة لمحاربة الإرهاب مثل الاعتقالات بدون إذن قضائي والمحاكمات العسكرية واعتراض البريد الإلكتروني ومواقع الانترنيت وغيرها، وكلها إجراءات تتعارض مع قيم الديمقراطية الكونية والعربية، هذا بالإضافة إلى التحرش ببعض الأنظمة السياسية لبعض الدول العربية والإسلامية للقيام بإصلاحات جدرية على نظمها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى نظم القيم والثقافة السائدة بها.
وبذلك انطلقت الخطوات العملية الموالية في محاربة الإرهاب الدولي على أكثر من واجهة استثمرتها الولايات المتحدة الأمريكية لغرب أفغانستان في المرحلة الأولى، ثم ضرب العراق ونظر لسياسة الإستراتيجية وتدابيرها الأمنية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي واتجاه مختلف حلفائها التقليديين والجدد وكذا اغتصابهما للولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن عزم الولايات المتحدة الأمريكية على شن حرب على العراق لم يحملها التريث طويل لاستصدار قرار مجلس الأمن يسمح لها أو يسبغ شرعية على تدخلها وهو مطلب على الأقل كانت تطلب به الدول الممثلة في الأمم المتحدة باستثناء بريطانيا ولما فشلت في الحصول على هذا القرار سارعت إلى خوض الحرب دون قرار ودون شرعية دولية تمنعها من شن مثل تلك الحرب.
لقد بدأت الولايات المتحدة الحرب على كل من أفغانستان والعراق وصنعت نهايتها في المستنقع العراقي والأفغاني في تحد سافر منها لكل المبادئ العامة التعارف عليها دوليا، وأعطت لنفسها الحرية لشرعنة تدخلاتها من أجل إسقاط النظم السياسية والحرب الاستباقية هي من بين المبادئ التي أصبحت تستعمل في العلاقات الدولية بدعوى مكافحة الإرهاب والإعداد للخطر، وبذلك استطاعت الولايات المتحدة ممارسة القوة وخرق القانون تحت مبرر واحد وهو الحفاظ على الأمن الأمريكي والدولي لصلاحيات الأمم المتحدة خصوصا ما يخص شرعية اتخاذ التدابير القمعية من طرف مجلس الأمن الذي أحكمت السيطرة عليه وبدأت في تطبيق السيناريوهات المتعددة لمواجهة تبعات الحادي عشر من شتنبر ومحاربة الإرهاب الدولي.
وكانت الخطورة الأولى في هذا الاتجاه عملية الانتشار الاستراتيجي والتي تقضي برفع درجات الاستعداد العسكري للقوات الجوية والإستراتيجية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وتحريك الأسطول الأمريكي من قاعدته في نورفولك نهاية الشواطئ الأمريكية وبالخصوص مدنية نيويورك ونشر القوات العسكرية وشبه العسكرية على المواقع والأهداف الإستراتيجية داخل الولايات المتحدة الأمريكية مع تطبيق الإجراءات الأمنية المشددة على المطارات.
كما أن الولايات المتحدة عملت إلى جانب هذه الإستراتيجية في مكافحة الإرهاب إلى القيام بخطوة أخرى كان لها تداعيات وتأثير بحيث أعدت الخطة لإسقاط النظام العراقي، وتدرعت بمجموعة من الأسباب حسب رؤية المحافظين الجدد على اعتبار العراق أحد دول محور الشر، ثم التزام العراق بالقرارات الدولية للتخلص من أسلحة الدمار الشامل ثم هناك قول بأن هناك روابط بين العراق ومنظمة القاعدة أخطر المنظمات الإرهابية والمسؤولة عن أحداث 11 من سبتمبر فضلا عن اعتبار النظام العراقي نظام استبدادي يحكم شعبه بالحديد والنار الأمر الذي استوجب إسقاطه واستبداله بنظام ديمقراطي عميل.
الفقرة الثانية : انعدام التوازن بين الدول
تختلف الدول عن بعضها البعض من حيث عناصر القوة التي تملكها وإذا كان من الصعب إجراء تقييم دقيق للعناصر المادية التي تساهم في تكوين قوة الدولة بالمقارنة مع دولة أو دولة أخرى، فإنه يمكن التأكيد على أن قوة الدولة لا ترتكز على عامل واحد فقط، فالاتساع الجغرافي مثلا لا يمكن الادعاء بأنه يشكل العنصر الحاسم في قوة الدولة وإن كان عدد السكان أو التطور الاقتصادي والتكنولوجي أو غير ذلك من عوامل القوة لا يمكن اعتبار أي منها الأساسي الوحيد لقوة الدولة.
فالواقع أن قوة الدولة لا تنبني على عامل واحد فقط وإنما ترتكز على عوامل متنوعة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مكتسب.
وهناك أيضا ما يسمى بالعناصر المكتسبة والتي تشكل عناصر القوة للدولة والتي تزيد وتنقص تبعا لمستوى التقدم الاقتصادي والتكنولوجي ودرجة الاستعداد العسكري وكفاءة القيادة السياسية والروح المعنوية، فهذه العناصر تساهم في تكوين قوة الدولة بشكل مباشر ومؤثر.
1- مستوى التقدم الاقتصادي والتكنولوجي :
ويمكن التمييز بين ثلاث عناصر أساسية تبرز دول العالم الاقتصادي كعامل من عوامل القوة في المجال الدولي، وهذه العناصر هي التقدم الصناعي ومدى التطور التكنولوجي والمصالح الاقتصادية، وامتلاك الدولة للموارد الطبيعية لا يعتبر في حد ذاته مصدرا من مصادر القوة إذا لم تكن تملك إلى جانب ذلك الوسائل الكافية لاستعمال هذه الموارد في الأهداف العسكرية والصناعية ولذلك فإن التقدم الصناعي الذي تعكسه الطاقة الإنتاجية والآلات الحديثة وخبرة العمال ومهارة المهندسين والعبقرية الابتكارية، وحسن الإدارة هو من العوامل الهامة التي تؤدى بدون شك إلى التأثير في الشؤون الدولية، ومن الملاحظ أي التغيير في درجة التقدم الصناعي كان مصحوبا في العادة يتبدل ميزان القوة، فقد ظلت بريطانيا أقوى دولة في العالم طيلة المدة التي لم يوجد فيها من ينافسها كدولة صناعية كما أن تدهور مركز فرنسا كدولة عظمى بالنسبة إلى ألمانيا تزامن مع تأخر فرنسا وتفوق ألمانيا صناعيا بحيث أصبحت هذه الأخيرة الدولة الصناعية الأولى في القارة الأوروبية في فترة ما بين الحربين العالميتين، وعندما يقال اليوم بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أقوى دولة في العالم فإن المقصود بذلك هي الدولة الصناعية الأمريكية، وليس هناك أدنى شك أن تفوق الولايات المتحدة واحتكارها للأسلحة النووية في السنوات الأولى بعد الحرب العالمية الثانية كان ثمرة لتفوقها الصناعي، وإن كان الاتحاد السوفياتي استطاع أن يبرزها في بعض الميادين كميدان الفضاء، ويحقق توازنا إستراتيجيا منذ نهاية الخمسينات فإن كفة التقدم الصناعي مازالت إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة مع روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي ويمكن القول بأن التقدم الصناعي تختلف درجته من دولة إلى أخرى، ولكن التقدم الصناعي والتحسن الكبير لوسائل الإنتاج الذي حصل في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان، أدى إلى قيام تفاوت بين الدول وانقسام العالم إلى دول صناعية متقدمة تحظى بالرفاهية دول تعاني من التخلف الاقتصادي، ولذلك فإن الأمل معقود على تصنيع دول العالم الثالث المتخلفة للقضاء على هذا التخلف الناتج عن تخصص المركز المتقدم في الإنتاج الصناعي والإنتاج الصناعي الأكثر تطورا، وتخصص الأطراف أو المحيط في الإنتاج الأولي والإنتاج الصناعي الهامشي.
ومؤدى ذلك أن جوهر التقدم الصناعي يتمثل في إقامة الصناعات التحويلية لا الصناعات الاستفراضية وحدها والمقصود بالصناعات التحويلية الصناعة التي تنصب على تحويل المواد الخام والمواد الأولية إلى سلع مصنعة ونصف مصنعة بينما تنصب الصناعات الاستخراجية على استخراج المواد الخام ومعنى ذلك أن التقدم الصناعي يعني قيام قطاع تحويلي هام متقدم تقنيا بحيث يصبح هو القطاع القائد في الهيكل الاقتصادي المحلي، ويصير الاقتصاد الوطني كله بالنتيجة اقتصادا صناعيا وهذا ما ينطبق على أوربا والولايات المتحدة واليابان والاتحاد الروسي، والواقع أن هناك علاقة بين التقدم الصناعي والتكنولوجي، فالدول المتقدمة صناعيا هي في ذات الوقت دول متقدمة تكنولوجيا وعلى العكس من ذلك فالدول المتخلفة صناعيا هي دول متخلفة تكنولوجيا.
التقدم الصناعي والتكنولوجي يتجلى في مستوى النمو الذي وصلت إليه الدولة من حيث الصناعة والكفاية الاقتصادية والتنظيم، فمهما توافرت الموارد الطبيعية والمادية فإن هذه الموارد تظل من قبل الإمكانيات المعطلة أو المهدورة إذ لم يتم استغلالها بكفاءة من الناحيتين الاقتصادية والتكنولوجية ويمكن من واقع المقارنات بين الدول الصناعية والدول التي لازالت تحارب التخلف الاقتصادي والاجتماعي، تلمس الفارق في مستوى القوة الاقتصادية التي تتمتع بها كل من هاتين الفئتين من الدول، فحينما يرتفع حجم الدخل القومي ومتوسط الدخل الفردي، وتتسع قاعدة الإنتاج وتزداد معدلات الاستهلاك عند الفئة الأولى، فإنه يلاحظ بالنسبة للفئة الثانية هبوط الدخل القومي وانخفاض مستوى المعيشة وتزايد الاعتماد الاقتصادي على الخارج وليس من قبيل الصدفة أن نجد أقوى دول العالم اليوم هي أقواها اقتصاديا وأرقاها في مستويات التطور الإنتاجي والتكنولوجي.
وفي تاريخ العلاقات الدولية أمثلة عديدة للمنازعات والصراعات التي حدثت بسبب المصالح الاقتصادية، ويدخل في هذا الإطار الصراع الذي أعقب الثورة الصناعية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر من أجل التحكم في المواد الأولية والسيطرة على منافذ التجارة الدولية، أو الحصول على الأسواق اللازمة لتصدير المنتوجات المختلفة لقد أدت الحاجة إلى الأسواق الجديدة بسبب الإنتاج المتعاظم للمصانع الكبيرة إلى تزايد التنافس الاستعماري ونتيجة لذلك اشتد الصراع من أجل السيطرة على إفريقيا وآسيا وأوربا فإنها إلى جانب ذلك تتميز بوجود مخزونات ضخمة من البترول.
كما أنها من الأسواق الكبرى لاستهلاك سلع ومنتجات الدول الصناعية وخاصة الأسلحة، فقد تضاعفت قيمة الأسلحة المستوردة من قبل الدول العربية في الشرق الأوسط من سنة 1973 إلى سنة 1976، كما أن ثلاث دول بترولية هي السعودية والعراق وإيران استوردت سنة 1979 ما يعادل 64% من واردات السلاح. وكل ذلك يعني أن المصالح الاقتصادية جعلت الدول الكبرى تتنافس من أجل الحصول على امتيازات ومكاسب في هذه المنطقة، وقد كان ذلك هو السبب الذي دفع ببريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى أتباع ما سمي بدبلوماسية البترول في الشرق العربي، أي إقامة مناطق النفوذ التي تمكنها من الوصول وحدها إلى مخزونات البترول في هذه المنطقة والملاحظ أن هناك ارتباطا تاريخيا بين المصالح الاقتصادية للدولة ومصالح الرعايا التابعين لها.
هذا الارتباط كان نتيجة منطقية للأخذ بمفهوم الدولة الليبرالية التي لم يكن لها مصالح مباشرة في الخارج غير مصالح رعاياها، وبواسطتهم وكانت وظائفها تقتصر على الدفاع الوطني والأمن الداخلي والقضاء والتمثيل الدبلوماسي مع ترك النشاطات الأخرى للمبادرة الفردية وعدم التدخل في العلاقات بين الأفراد والاكتفاء بدور الحكم.
لذلك كان من الطبيعي أن يقوم الاتفاق والتلاقي بين مصالح الخواص والمصالح الحيوية للدول، فالقوة الاقتصادية للدول في الخارج تدعم نفوذها السياسي وعلى أساس هذه الوحدة بين مصالح الدولة ومصالح الخواص التابعين لها، سيطرت الدول الأوروبية والولايات المتحدة على النشاط الاقتصادي في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية خلال القرن الماضي واتبعت حكومات هذه الدول أسلوبين لتدعيم قوتها الاقتصادية في الخارج وهما أسلوب التغلغل الاقتصادي وأسلوب الضغط العسكري، في الوقت الحاضر يمكن القول بأن المصالح الاقتصادية للدول الغربية لها ثلاث مجالات رئيسية في الاستثمارات والتجارة والمواد الأولية، فما من شك في أن ضخامة الاستثمارات العربية في دول العالم الثالث تجعل مصلحة الدول الغربية في المحافظة على هذه الاستثمارات وضمان مردوديتها.
ومن حيث التجارة فمن مصلحة هذه الدول المحافظة على الأسواق وعلى طرق الوصول إليها وربما أنها تزود بنسب متزايدة من المواد الدولية، فمن المهم اقتصاديا إستراتيجيا لها أن تستمر هذه المواد في تغذية الأسواق الغربية مع حد أدنى من التقلبات سواء في الأسعار أو الكميات.
لكنه لا يمكن إغفال عامل مهم يؤثر على المصالح الاقتصادية للدول العربية في العالم الثالث وهو أثر الصراعات الداخلية المسلحة، على هذه المصالح فعند تصعيد العنف المسلح تصبح التكاليف الاقتصادية أكثر ارتفاعا وتصبح الاستثمارات والأموال الغربية مهددة مباشرة، فالاقتصاد الذي تضر به الحرب يصبح غير مربح كما في الماضي وعبء الحرب يثقل اقتصاد الدولة ويكون له أثر سيء وضار على الصادرات الغربية لاسيما إذا لم تستطع الدول الغربية بين الأسلحة للدولة التي يوجد فيها ذلك الصراع العنيف لكن الآثار تكون أخطر وأسوأ فيما يتعلق بإمدادات المواد الأولوية إذا كانت هذه الإمدادات غير منتظمة وغير متحكم فيها فإن ذلك سيحدث أثار اقتصادية وسياسية ضارة بالنسبة للغرب ومنها ارتفاع الأسعار وهذا ما يفسر قيام معظم الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بإرسال أساطيلها الحربية إلى منطقة الخليج سنة 1987 نتيجة لتصعيد حرب الناقلات من جهة وزرع الأنغام في مياه الخليج من جهة أخرى ومشاركتها في حرب الخليج ضد العراق في يناير 1991.
أما بالنسبة للمصالح الاقتصادية لدول العالم الثالث فيمكن القول بأن هذه الدول رغبة منها في الحصول على منافع أكبر تلجأ إلى إتباع سياسات مشتركة في مجال إنتاج وتسويق المواد الأولية وذلك عن طريق التكتلات الاقتصادية مثل منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك التي تسمح لها بالدفاع عن مصالحها المشتركة وتنسيق مواقفها ويمكن اعتبار الأوبك من أهم التكتلات الاقتصادية للدول النامية وأكثرها دفاعا عن مصالح هذه الدول منذ منتصب السبعينات كما أنها من أكثر القنوات تأثيرا ونفوذا لدى الدول الصناعية.
والواقع أن المصالح الاقتصادية للدول كثيرا ما تنعكس على مواقفها السياسية وتعاملها الدولي وتدفعها بالتالي إلى تمتين روابط التعاون الاقتصادي المشترك فيما بينها ويتجلى ذلك بصورة أوضح في التعاون الاقتصادي المشترك بين الدول الأوروبية، فالرغبة هي عقوبة التعاون بين الدول الأوروبية التي تربطها مصالح متبادلة هي التي شجعتها على إقامة تكتلات اقتصادية بين دول أوروبا الشرقية سابقا والسوق المشتركة بين دول أوروبا الغربية، وإلى جانب عامل الاقتصادي توجد عوامل أخرى مكتسبة من أهمها درجة الاستعداد العسكري والتي تفرق بين قوة الدول إلى جانب الروح المعنوية.
2- جاهزية الاستعداد العسكري :
يمثل الاستعداد العسكري المظهر الرئيسي للقوة في المجال الدولي فمن البديهي أن تكون أقوى الدول هي أقواها من الناحية العسكرية وهذا ما يجعل الولايات المتحدة وروسيا القوتين الرئيسيتين في العالم بحيث أن التوازن الإستراتيجي يقتصر عليهما ولا يمكن للدول الأخرى ولو كانت مجتمعة أو تعادل من حيث القوة العسكرية ما تمتلكه إحداهما من هذه القوة وهذا ما يؤكد أن الاستعداد العسكري يضفي الأهمية الفعلية على عوامل القوة الأخرى وبالتالي يكون أساسيا وضروريا لدعم وتنفيذ الدولة لسياستها الخارجية، وتتجلى درجة الاستعداد العسكري في تقنية الحرب والقيادة ونوعية وضم القوات المسلحة فالتفاوت في تقنية الحرب جعل الدول الاستعمارية في أوروبا تفوق على البلاد الأخرى في إفريقيا وأسيا وتسيطر على العالم الجديد في النصف الغربي من الكرة الأرضية ذلك أن إدخال سلاح الإشارة والمدفعية على أسلحة الحرب التقليدية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر أدى إلى تحول ضخم في توزيع القوة لفائدة الدول الأوروبية التي تمتلك هذه الأسلحة الجديدة قبل غيرها.
وقد شهد القرن العشرون ابتكارات جديدة في تقنية الحرب، وأعطت ميزة مؤقتة للجانب الذي استخدمها قبل خصمه أو قبل أن يتمكن هذا الخصم من وقاية نفسها منها. وكانت الغواصة هي الابتكار الأول في الحرب العالمية الأولى إذ استخدمتها ألمانيا ضد السفن البريطانية، وظهرت في وقت ما كافية لتقرير نتيجة الحرب لصالح ألمانيا إلى أن وجدت بريطانيا في نظام القوافل، الرد على هذا التهديد الشديد الخطورة وكانت الدبابة السلاح المبتكر الثاني إذ استخدمتها بريطانيا بأعداد كبيرة ومركزة ضد ألمانيا التي لم تعرفها إلا في المرحلة النهائية في الحرب العالمية الأولى، ولاشك أن الدبابة كانت عامل من عوامل انتصار الحلفاء في هذه الحرب وكان الابتكار الثالث هو التنسيق والتعاون بين القوات الجوية والبرية والبحرية مما أسهم إلى حد كبير فيما حققته ألمانيا واليابان من تفوق في المرحلة الأولى من الحرب العالمية الثانية، وقد أخذت الهزائم الذريعة التي ألحقها اليابانيون بالأمريكان والبريطانيين والهولنديين برا وبحرا في 1941 و1942 أهمية تفوق اليابان في تقنية الحرب وأساليبها.
وإلى جانب ذلك ظهر في الحرب العالمية الثانية، إبتكار جديد في تقنية الحرب أثر في مجرى الحرب وهو استخدام المطارات العائمة المنتقلة المتمثلة في حاملات الطائرات من قبل الولايات المتحدة واليابان.
ولكن أهم ابتكارات تقنية الحرب تتمثل في إنتاج واستخدام السلاح النووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية. بل إن احتكارات الولايات المتحدة للسلاح النووي ببضعة أعوام بعد الحرب العالمية الثانية منحها ميزة تقنية ضخمة في مجال القوة العسكرية ولم يتبدل هذا الوضع إلا في نهاية الخمسينات حينما بدا واضحا أن الاتحاد السوفياتي حقق توازنا إستراتيجيا في الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة وأصبح في إمكانه إصابة الأهداف الأمريكية بواسطة الصواريخ العابرة للقارات.
والواقع أن ظهور تقنية الحرب النووية كان بداية لجيل جديد من الابتكارات العسكرية التي لم تعد تقتصر على الحرب في الأرض وفي أعماق البحار والمحيطات وإنما أصبحت تتعدى ذلك إلى الفضاء الخارجي بسبب اختراع الأسلحة الفضائية والإشعاعية التي قد لا يستدعي استخدامها سوى بعض ثوان ومؤدى ذلك كله أن الدول المتقدمة تكنولوجيا من الناحية العسكرية تستطيع أن تحرز ميزات حاسمة على أعدائها الذين لم يحرزوا مثل هذا التقدم التكنولوجي رغم قدرتهم على حشد قوات ضخمة غير مدعمة بأساليب الحرب الحديثة، وهذا ما تجلى واضحا في حرب المالوين بين بريطانيا والأرجنتين عام 1982 وحرب الخليج عام 1991 وحرب كوسوفو عام 1999.
وإلى جانب التقنيات الجديدة في مجال الحرب تلعب القيادة العسكرية دائما دورا حاسما في مجال القوة العسكرية فقوة بروسيا في القرن الثامن عشر كانت إلى حد كبير تشكل انعكاسا للعبقرية العسكرية التي امتاز بها فريدريك الأكبر ولكن فن الحرب تبدل تبدلا كبيرا بعد موت فريدريك الأكبر عام 1786 عندما استطاع نابليون في معركة فيينا عام 1806 تحطيم الجيش البروسي الذي كان من ناحية مستواه العسكري وقوته معادلا تماما لما كان عليه قبل عشرين عاما ذلك أن قادة الجيش البروس أصبحوا يفتقرون إلى العبقرية العسكرية التي امتازوا بها في معارك فريدريك الأكبر في أوربا بأسرها، إذ انتقلت هذه العبقرية إلى الجانب الآخر ممثلة في نابليون الذي طبق أفكاره الجديدة في فن القيادة التي قررت دون شك مصير المعركة لفائدة فرنسا.
وقد أصبحت نفسية خط ماجينوا التي سيطرت على القيادة العليا الفرنسية في فترة ما بين الحربين العالميتين مثالا للتفكير العسكري الخاطئ، ففي الوقت الذي مالت فيه اتجاهات التقنية الحديثة نحو حرب الحركة السريعة واستعمال الآليات في النقل والمواصلات ظلت القيادة العامة الفرنسية تفكر في إطار حرب الخنادق التي سادت الحرب العالمية الأولى، أما القيادة العامة الألمانية فقد أدركت من ناحية أخرى المزايا العسكرية للحرب الآلية لذلك وضعت خططها على أساس حركية لم يسبق لها مثال وقد أدى التصادم بين هذين المفهومين وليس في معركة فرنسا وحدها ولكن في معارك بولونيا والاتحاد السوفياتي أيضا إلى أن حققت حرب الصاعقة الألمانية تفوقها، كاد يصل بها إلى حد النصر النهائي لولا أن الدول المغلوبة على أمرها وجدت سندها في التقنية المتفوقة للولايات المتحدة وفي القوة البشرية الهائلة للاتحاد السوفياتي من أجل إحباط إبتكارات هتلر وإلحاق الهزيمة بجيوشه
ولكن عناصر القوة في المجال العسكري لا تقتصر على الأخذ بتقنيات الحرب الحديثة وكفاءة وعبقرية القيادة العسكرية وإنما تشمل أيضا نوعية وكم القوات المسلحة، فقد يتيسر للدول الحصول على تقنيات الحرب الحديثة وقد يتفوق قادتها العسكريين في مجال فنون الحرب ولكنها مع ذلك تظل ضعيفة من الناحية العسكرية. وبالتالي من الناحية السياسية إذ لم يتوافر لها الجهاز العسكري اللازم لأداء المهام الموكولة إليه سواء من حيث الكم أو حيث الكف.
ولاشك في أن متطلبات القوة العسكرية الكافية كما وكيفا تختلف من دولة إلى أخرى لعدم وجود تجانس بين الدول من الناحية المادية فهل يتحتم على الدولة أن تحتفظ بقوات عسكرية كثيرة العدد أو من الناحية المادية، فهل يتحتم على الدولة أن تحتفظ بقوات عسكرية كثيرة العدد أو من الأفضل لها أن يكون لها جيشها مكونا من وحدات صغيرة عالمية التدريب والتجهيز ؟ وهل من المفيد للدولة عسكريا أن تتسلح بالأسلحة الدفاعية أو بالأسلحة الهجومية ؟ وهل يمكن الوصول بالحرب إلى نتيجة حاسمة عن طريق سلاح جديد كالمدفعية في بداية القرن الخامس عشر والغواصة والدبابة في الحرب العالمية الأولى والطائرة بالنسبة لفترة ما بين الحربين العالميتين والأسلحة النووية والفضائية بعد الحرب العالمية الثانية ؟
إن الإجابة الخاطئة على مثل هذه الأسئلة أوصلت كل من بريطانيا وفرنسا إلى حافة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية التي تطلبت أساليبها التقنية العسكرية ردودا مغايرة لتلك الأسئلة وما من شك في أن الإجابة على هذه الأسئلة بصورة صحيحة أو خاطئة تؤثر تأثيرا مباشرا على قوة الدولة فحجم القوات المسلحة وحده لا يكفي وإنما يلزم أيضا التركيز على الجوانب الكافية في إعداد القوات وتجهيزها للقيام بمختلف المهام التي ستسند إليها ورفع مستوى قدرتها القتالية.
وإلى جانب ذلك فالاستعداد العسكري يتطلب من الدولة القدرة على حشد طاقاتها وإمكانياتها بأكبر ما يمكن من السرعة لأن الدول التي تفشل في التعبئة الشاملة والسريعة لقواتها في الوقت المناسب تفقد ميزات في مواجهة أعدائها كما أنه يستدعي إلى جانب ذلك إعداد الجبهة الداخلية لخدمة الجهود العسكرية، فحشد إمكانيات وطاقات الدولة للحرب لا يمكن أن ينحصر في الإطار العسكري وحده وإنما يجب أن يمتد إلى الجبهة العسكرية والمدنية في نفس الوقت
المبحث الثاني : تاتر دور منظمة الامم المتحدة بالاحدات الدولية
من المؤكد أن التصرفات الدولية الحالية للدول الكبرى الأعضاء في الأمم المتحدة ما هي إلا انعكاسا للتطورات الدولية الراهنة التي يمر بها المجتمع الدولي في الوقت الراهن والتي تدل دلالة واضحة على انفراط العقد الدولي وجنوح الأعضاء في التنظيم الدولي الحالي إلى التحلل من القيم والمبادئ الدولية الراسخة التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة والأعراف والأخلاق الدولية والتي حضت على السلام بدلا من الحرب وعملت جاهدة على إنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي في مختلف المجالات وصولا إلى تحقيق غايتين أولهما حماية الأمن القومي الدولي وثانيهما تحقيق الرفاهية لجميع شعوب في العالم.
وتجلى المسلك الدولي الخاطئ والرافض للقيم والمبادئ الدولية في انتشار جرائم الإرهاب الدولي والتدخل في الشؤون الداخلية لكثير من الدول بالمخالفة لنص المادة 712 من الميثاق والتي حرمت التدخل حتى على المنظمة الدولية في الشؤون الداخلية للدول، وكذلك جرائم العدوان والاحتلال الحربي غير المشروع والمخالف لقواعد القانون الدولي وللمواثيق والأعراف الدولية مما كان له أكبر الأثر في أداء المنظمة الدولية على المستوى الدولي في عرقلتها وإعاقتها عن أداء مهامها وتحقيق أهدافها ومبادئها التي قامت من أجل تحقيقها، مما كان له عظيم الأثر في إلغاء الأمم المتحدة وذلك لعدم فاعليتها على المستوى الدولي ولعجزها عن حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيق رفاهية الشعوب، وسوف نعمل على تبين في هذا البحث أثر التطورات الراهنة على الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم الدولي، ثم مدى نجاحها أو فشلها في تحقيق السلم والأمن الدولي.
وعليه سوف نناقش هذا البحث من خلال مطلبين الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم والأمن الدوليين المطلب الأول، فشل منظمة الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين المطلب الثاني.
المطلب الأول : الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم والأمن الدوليين
من المؤكد أن هيئة الأمم المتحدة كمنظمة دولية عالمية قامت من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين في المقام الأول، ثم منع الحروب بعد ذلك، ولقد تأكد هذا من خلال ديباجة ميثاقها والتي جاء فيها "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا على أنفسنا أن ننقد الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف.
وجاء أيضا في مادته الأولى أن من مقاصد الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين ولإزالتها تقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وتتدرع بالوسائل السلمية وفقا للمبادئ العدل والقانون الدولي وجل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم لتسويتها.
وبسبب التطور الدولي الذي ساد الحياة الدولية عجزت المنظمة وفشلت، فعليا في حفظ السلم والأمن الدوليين وسوف نلقي الضوء في هذا المطلب على الوسائل السلمية لحفظ السلم والأمن الفقرة الأولى، الوسائل الغير السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : الوسائل السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين
لقد نص على هذه الوسائل في الفصل السادس من الميثاق وعلى الأخص في المادة 33 منه والتي حددت هذه الوسائل في الوسائل السياسية أو الدبلوماسية والوسائل القضائية، وكذا اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية
وتبدو وسائل الحل السلمي أو الودي سندها في المادة 312 من الميثاق والتي ألزمت الدول الأعضاء في الجماعة الدولية وليست الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن يسووا ما بينهم من منازعات بالوسائل السلمية شريطة ألا يتعارض هذا مع الميثاق أو أن يضر بالسلم والأمن الدوليين أو أن يعرضه للخطر نفس الحكم نصت عليه المادة 33/1 من الميثاق والتي أوجبت على جميع الدول في جميع المنازعات التي من شأنها أن تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر أن يبادروا إلى حله بطريقة المفاوضة والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو أن يختاروا اللجوء إلى التنظيمات والوكالات الإقليمية أو أن يختاروا الحل الذي يناسبهم.
وتكمن وسائل الحل السلمي فيما يلي :
أولا : الوسائل السياسية أو الدبلوماسية
وتعتبر هذه الوسيلة من أحسن الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية وأيسرها وهي وسيلة تتميز بالاحترام الشديد للسيادة الوطنية للدول الأخرى، وهي من الوسائل الاختيارية ولا تفرض على الدول ولما لها من مزايا فهي وسيلة أو وسائل واجبة الإتباع لجميع الدول كبيرها وصغيرها لكونها مجرد اقتراحات تقدم للدول وغير ملزمة لهم معا يعني الاعتراف للأطراف بحق البحث عن وسيلة أو وسائل أخرى خارج نطاق القانون لحل نزاعهم.
وتتلخص الوسائل السياسية أو الدبلوماسية فهي ما يلي :
‌أ- المفاوضات :
وتعني التحاور والنقاش بين أطراف النزاع وصولا إلى اتفاق بشأن النزاع يجمع بين وجهات النظر المتفرقة أو كما عرفها البعض أنها "ما يتم بين الأطراف مباشرة من الحكم رد بشأن موضوع النزاع مما قد يسفر عن اتفاق بين أصحاب الشأن في حله".
ومن المتفق عليه أن التفاوض قد يقوم به رؤساء الدول المتنازعة أو رؤساء الحكومات أو وزراء الخارجية أو أي أشخاص آخرين يوكل إليهم القيام بهذه المهمة ويتوقف تحديد أشخاص التفاوض على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف، وعلى طبيعة الموضوع محل البحث أو التفاوض وتعد المفاوضات من أقصر وأيسر الطرق السياسية والدبلوماسية لحل المنازعات وذلك لعدم تقيدها بإجراءات شكلية معينة، ولقد نجحت هذه الوسيلة في تسوية العديد من المنازعات. ويلاحظ عند استعمال الأطراف المتنازعة لهذه الوسيلة أن نجاحها يتوقف على مجموعة من العوامل المجتمعة نذكر منها :
1- حسن النية لدى الأطراف المعنية.
2- الجدية في تسوية النزاع والرغبة الأكيدة في الوصول إلى حل النزاع.
3- طبيعة النزاع المراد حله.
4- طبيعة العلاقة بين الأطراف المتنازعة.
5- مراعاة التساوي أو على الأقل وجود نوع من التوازي في مراكز الأطراف المتنازعة لأن هذا التعادل أو التوازي.
أمر يتوقف عليه حل العديد من المنازعات الجوهرية وأخيرا إذا لم تنجح المفاوضات المباشرة في الوصول إلى حل النزاع وجب على الأطراف إفساح الطريق أمام أي دولة أخرى ثالثة وذلك بالسماح لها بالتدخل كوسيط بين الأطراف المتنازعة وهو ما نراه في الوسيلة الثانية على النحو التالي :
‌ب- الوساطة :
تعتمد الوساطة على تدخل دولة من دول الغير فيما بين الأطراف المتنازعة وذلك من أجل التقريب بين وجهات المتنازعين بل له أن يقدم المقترحات لهم لحل هذا النزاع، ورغم دور الوساطة إلا أنها وسيلة غير ملزمة، فالأطراف لها القبول أو الرفض دونما أدنى مسؤولية عليها.
وإن كان هذا الرفض يعد عملا عدائيا في بعض الأحيان والمثل الواضح لرفض الوساطة رفض حكومة المغرب عام 1996 وساطة مصر لحل النزاع الدائر بين مصر والجزائر، وبخصوص رسم الحدود بينهما وبين الجزائر بخصوص رسم الحدود فيما بينها وتفصلها عرض النزاع على منظمة الوحدة الإفريقية وأحيانا تنجح الوساطة في حل النزاع مثال ذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية أواخر 1989 فيما بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل لحل النزاع الدائر بينهما حول شبه جزيرة سيناء التي كانت محتلة من طرف إسرائيل، والتي انتهت إلى إبرام اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية كامب ديفيد 26 سبتمبر 1989 وكذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية بين فلسطين وإسرائيل لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ 1991 والذي انتهى إلى إبرام اتفاق أسلو واحد وأسلو 2، والذي اعترف بموجبه بالسلطة الفلسطينية وبحقها في إقامة دولة فلسطين على منطقة غزة وأريحا وهذه الوساطة لازالت مستمرة لحد الآن.
‌ج- التحقيق :
ويقصد بالتحقيق البحث والتحري واستجلاء الأمر لكشف الغموض الذي يحيط بنزاع، إما بواسطة لجنة مكونة من شخصين أو أكثر بمعرفة كلا الأطراف المتنازعة تسمى باسم لجنة تقصي الحقائق وتكون مهمتها كلها معرفة أسباب النزاع ودوافعه والطرف البادئ بالعدوان واقتراح الحل الأمثل للنزاع لمساعدة الأطراف على حله وتنتهي اللجنة إلى رأي قانوني يسنده الاقتراح المقدم من اللجنة وهو رأي قانوني غير ملزم رغم أنه يتسم بالحياد ويسهل على الأطراف الوصول إلى حل النزاع.
وإلى جانب التحقيق هناك وسيلة تعتمد على التقريب بين وجهات النظر تمهيدا لحل النزاع وهو التوفيق.
‌د- التوفيق :
تعتمد هذه الوسيلة على بحث النزاع ومحاولة فهم ومعرفة دوافعه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع وهي وسيلة غالب ما تتم على يد خبراء متخصصين، ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم كما قلنا ببحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع، وهي الوسيلة غالبا ما تتم على يد خبراء متخصصين ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم على بحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل غير ملزم للأطراف بالمرة وهو ما يميز هذه الوسيلة عن غيرها من الوسائل كالتحكيم، ولقد اتبعت هذه الوسائل في ظل عصبة الأمم المتحدة حيث أبرم العديد من المعاهدات في ظلها وذلك بهدف تنظيم التوفيق بوصفه أحد الوسائل الناجحة لحل العديد من المنازعات، ومنذ الحرب العالمية الثانية اكتسب التوفيق أهمية كبرى في حل العديد من المنازعات كالنزاع بين مصر وإسرائيل عام 1989 بشأن قضية طابا ولكن قلت أهمية هذه الوسيلة في الوقت الحاضر لصعوبة تشكيل مثل هذه اللجان.
‌ه- التحكيم الدولي :
ويقصد به حل المنازعات الدولية من خلال أحكام قضائية تصدر ع ن محاكم أو هيئات تحكيم مختارة أي من خلال قضاة يختارهم الخصوم، وتطبق في أحكام هيئات التحكيم القواعد القانونية التي يختارها الخصوم المستمدة من القانون الدولي أو القواعد القانونية الأنسب للنزاع، وبذلك لا يكاد يختلف التحكيم الدولي عن القضاء الدولي لأن كلاهما يستهدف حل النزاع بيسر وسهولة ولكن رغم هذا التماثل والتشابه إلا أن هناك فروقا واضحة بين هاتين الوسيلتين، فالتحكيم يغلب عليه الطابع الرضائي أو الاتفاقي، فهو وسيلة لا يمكن اللجوء إليها إلا من خلال اتفاق أو رضاء الأطراف المتنازعين أيضا أن التحكيم الدولي ذا طابع اختياري فهو يتشكل من قضاة مختارون من قبل الأطراف وهو ليس موجودا في القضاء، فعن طريق اتفاق يبرم فيما بين المتنازعين سلفا يسعى باسم مشارطة التحكيم يقوم الأطراف المتنازعون باختيار المحكمين بين فقهاء القانون والخبراء المتخصصين أيضا، فإن الحكم القضائي الصادر من المحاكم الدولية يتمتع بقوة ملزمة إلا أن حكم التحكيم إن كان يتمتع بقوة الإلزام بالنسبة لأطرافه إلا أنه يتخذ بالقوة لأن تنفيذه يتوقف على إرادة الدول الصادر لمصلحتها، وذلك لعدم وجود السلطة الدولية القائمة على تنفيذ الأحكام القضائية الدولية بالقوة ومع ذلك فالمتتبع للممارسات الدولية يجد أن هناك اتجاها واضحا نحو احترام أحكام محاكم التحكيم وتنفيذها بالقوة، وذلك قياسا على وضع أحكام محكمة العدل الدولية التي عهد الميثاق بتنفيذها بالقوة لمجلس الأمن عملا بأحكام المادة 94 من الميثاق.
ومن المستقر عليه أن حل المنازعات الدولية عن طريق التسوية القضائية المتجسدة فيما يصدر عن المحاكم الدولية من أحكام قضائية على سند من القانون، يكفل لها الوجود الدائم الذي من خلاله تتمتع الأحكام القضائية بالثقل أو القوة الذاتية. وبالتالي تعد هذه الأحكام أحكاما نهائية فيما قضت به ولا يجوز الرجوع فيها أو تعديلها إلا من خلال تعديل الاتفاقيات الدولية نفسها وهذا ما يميز هذا القضاء عن هيئات التحكيم التي يغلب عليها طابع التأقيت.
وهذا وللقضاء الدولي تاريخ طويل فقد وجد هذا النوع من القضاء منذ أن وجد التنظيم الدولي فتعد المحكمة الدائمة للعدل الدولي أول محكمة دولية ذات اختصاص عام وشامل بنظر المنازعات التي تثور بين الأطراف، ورغم النص عليها في المادة 14 من عصبة الأمم إلا أنها كانت تعد جهازا مستقلا عن العصبة حتى أن نظامها الأساسي كان بمثابة الوثيقة المنفصلة عن عهد العصبة.
وتمارس المحكمة اختصاصا قضائيا عند تصديها للمنازعات التي تثور بين الأطراف وفق نظامها الأساسي، وإلى جانب اختصاصها القضائي ولها وظيفة إفتائية واستشارية، وفق ما يطلب منها من كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن وسائر فروع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وإذا كانت محكمة العدل الدولية هي أداة المنظمة الدولية العالمية القضائية الوحيدة إلا أن هذا لا يمنع من وجود محاكم إقليمية تختص بالفصل في المنازعات الإقليمية، ومن أهمها محكمة عدل الجماعات الأوروبية ومحكمة حقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا والهيئة القضائية التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول وكذلك الآلية القضائية لفض منازعات منظمة التجارة العالمية.
‌و- اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية :
من المقرر أن دساتير المنظمات الإقليمية تشتمل دوما على نص أو أكثر يقضي بإلزام أعضائها باللجوء إلى التسوية السلمية لمنازعاتها الدولية، مثل النص الذي أوردته منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الدول الأمريكية ومنظمة حلف شمال الأطلسي وجامعة الدول العربية.
ومما يذكر هنا أن لهذه الآليات أو التنظيمات الإقليمية دور ملحوظ في حل العديد من المنازعات الدولية دونما أن يؤدى هذا إلى إحداث نوع من التضارب من الاختصاصات وذلك بفضل إتباعها لمبادئ معينة نهجت على السير على منوالها أهمها:
- أنه يتعين على الأطراف المتنازعين الأعضاء في تنظيم إقليمي معين أن يلجأوا أولا إلى هذا التنظيم لتسوية مثل هذه المنازعات فليس من المستحسن أن يلجأ هؤلاء الأطراف أولا إلى مجلس الأمن لتسوية نزاعهم بدلا من تنظيماتهم بل أن مجلس الأمن يجد أولا الأطراف إلى اللجوء لهذه التنظيمات أو لا التماس لحل منازعاتهم الدولية قبل اللجوء إليه دونما أن يؤثر هذا في صلاحية مجلس الأمن في فحص أي نزاع أو موقف قد يرى أن استمراره قد يضر بالسلم أو الأمن الدولي حتى لو شرعت منظمة إقليمية في فحص النزاع ولكن يكون هذا من مجلس الأمن بصدر شديد حتى لا يعوق تدخل مساعي المنظمات الإقليمية
- ومما يذكر أن هناك العديد من الأمثلة للمنازعات الإقليمية التي كان للتنظيمات الإقليمية مع تدخل مجلس الأمن دور كبير في حلها منها مثلا النزاع العراقي الكويتي عام 1961 عند حصول الكويت على استقلالها ومعارضة العراق لذلك ومحاولة ضمها إليها على أنها جزء من أراضيها، فأصدرت الجامعة العربية آنذاك قرارا بتشكيل قوات طوارئ عربية تمركزت على الحدود بين الدولتين محل القوات الأجنبية وكذلك شكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 لاتهامها بالتدخل في شؤونها الداخلية والتي عرضت على مجلس الأمن وأجل فيها مناقشاته رغم إدراجها في جدول أعماله وذلك لسماح لجامعة الدول العربية لحل هذا النزاع ولو لا اعتراض لبنان على بحث مجلس الجامعية بالشكوى ما تدخل مجلس الأمن وبحث النزاع وتصدى له.
وهناك العديد من الأمثلة التي تدخل فيها مجلس الأمن بصحبة الجامعة العربية منها النزاع العراقي الكويتي عام 1990 والذي أصدر فيه قرار رقم 660 في 2 من أغسطس.
إلى أنه هناك مجموعة من المنازعات لا يتم حلها بالطرق السلمية أو لا توجد الوسائل سلمية لحلها لذلك كان على واضعي الميثاق أن يبحثوا على وسيلة أكثر فعالية في حل هذه المنازعات لذلك فكر واضعوا الميثاق في وضع وسائل قسرية كفيلة بردع المعتدى ومنع العدوان.
الفقرة الثانية : الوسائل غير السلمية لحفظ سلم الأمن الدوليين
من المقرر أن للأمم المتحدة العديد من الوسائل القسرية أو غير السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين وهذه الوسائل تضمنها الفصل السابع من الميثاق بدءا من المادة 39 إلى المادة 51 من الميثاق والتي حدد تلك الوسائل وهي أولا حالة الأمن الجماعي المنصوص عليها في المواد 39 و42 و43 من الميثاق، وكذلك حق الدفاع الشرعي المنصوص عليها في المادة 51 ثم حالة استخدام القوة ضد العضو الممتنع عن تطبيق حكم محكمة العدل الدولية عملا بالمادة 94 من الميثاق، ولقد تعددت هذه الحالات ومنها :
‌أ- حالة الأمن الجماعي : لقد استحدث الميثاق نظاما للأمن الجماعي ضمنه الفصل السابع منه وخاصة المادة 39 والمادة 42 من الميثاق وهما اللتين أعطتا لمجلس الأمن مهمة تطبيق الوقائع والأحداث وتحديد ما إذا كان هناك نزاعا ما من شان استمراره أن يهدد حفظ السلم والأمن الدولي أو أن يعرضه للخطر أو أن يكون هناك عدوانا بوصفه الجهاز الوحيد صاحب القدرة والاختصاص بحفظ السلم والأمن الدولي، فإذا ما تأخذ من وجود حالة من هذه الحالات كان له أن يعمل أحكام المادة 42 من الميثاق والتي أعطت لمجلس الأمن إذا رأى أن ما نص عليه المادة 41 من الميثاق لا يكاد يفي بالغرض المطلوب أن يتخذ بطريق القوة الجوية والبحرية والبرية مما يلزم من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ويجوز أن تشمل هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق قواته الجوية والبرية والبحرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة وإن كان الأمر أخف وطأة من إتباع نص المادة 41 من الميثاق والتي أعطت لمجلس الأمن دعوة الأطراف لحل النزاع عن طريقة اختيار إحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق وهي وسائل الحل السلمي للمنازعات وهو ما يعني عدم التزام مجلس الأمن بإتباع الترتيب الوارد في الميثاق.
وإن كان أمر إتباع إجراء دون الآخر مسألة تقديرية لمجلس الأمن الذي له حرية إتباع إجراء دون آخر، فمثلا أحيانا قد يرى مجلس الأمن أن أمرا ما قد يعد إخلالا بالسلم أو عدوى، فمثلا بشأن الوضع في روديسيا الجنوبية أصدرت وزارة رقم 232 لسنة 1966 من 16 ديسمبر 66 حيث أشار فيه المجلس إلى أنه يتصرف وفقا لنص المادتين 39 و41 من ميثاق الأمم المتحدة بوصفه أن الأمر كله يشكل تهديدا للسلم والأمن الدولي وقريب من هذا القرار رقم 660 والصادر في 2 أغسطس 1990 بخصوص الغزو العراقي لدولة الكويت واحتلاله لكامل أرضه إذ أكد القرار أن مجلس الأمن إذ يقرر أنه خرق للسلم والأمن الدوليين فيما يتعلق الغزو العراقي للكويت وإذ يتصرف بموجب المادتين 32 و40 من ميثاق الأمم المتحدة، وبخلاف الحال فيما يتعلق بقراره رقم 418 بخصوص جنوب إفريقيا والصادر عام 1977 والذي أخذ فيه امتلاك جنوب إفريقيا للأسلحة والمعدات المتعلقة بها يشكل تهديدا للمحافظ على السلم والأمن الدوليين.
ورغم الحالات المتقدمة إلى أن هناك حالات يستخدم فيها مجلس الأمن سلطاته وصلاحياته الممنوحة له بموجب أحكام الفصل السابع من الميثاق، وخاصة المادة 42 من الميثاق والتي تعد تطبيقا حيا لحالة الأمن الجماعي ذلك لأن المادة من الميثاق أعطت لمجلس الأمن عند فشل جميع الحلول الواردة في المادة 41 من الميثاق وهي الحلول السلمية أن يتخذ ما يراه ملائما من السلطات والصلاحيات اللازمة عن طريق القوات الجوية أو البحرية الموضوعة تحت تصرف المنظمة الدولية والتي تحدد أعدادها وقدرتها وصلاحياتها بموجب الاتفاقيات التي تبرم بين المنظمة الدولية ودول الأعضاء عملا بالمادة 42 من الميثاق.
ويعد القرار رقم 678 في 29 نونبر 1990 من أخطر القرارات وأكثرها تطبيقا لحالة الأمن الجماعي وهو الذي أعطى لجميع الدول المتحالفة في ظل الأمم المتحدة استخدام كافة الوسائل الممكنة من أجل إنهاء عدوان العراق على الكويت، ورغم أن هناك شبه إجماع بين فقهاء القانون الدولي على أن استخدام القوة في الخليج إعمالا لحق الدفاع الشرعي الجماعي المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق إلا أن تطبيقا لحالة الأمن الجماعي المنصوص عليها في الميثاق في الفصل السابع منه، ومما يذكر هنا أن مجلس الأمن إن كان قد سمح للقوات المتحالفة ضد العراق عند غزوه للكويت باستعمال القوة إلا أنه رفضه عند ادعاء أمريكان بأن النظام العراقي نظام خطر ومهدد للسلم والأمن الدوليين لكونه يساند الإرهاب ويمتلك أسلحة الدمار الشامل. ويلاحظ أن حالة الأمن الجماعي ليست هي الوحيدة لاتخاذ التدابير القسرية أو غير السلمية فهناك حالات أخرى منها أن يكون هناك تهديد للسلم والأمن الدوليين وفقا لنص المادة 39 من الميثاق ويتمثل في حالة تهديد السلم أو الإخلال به.
‌ب- حالة تهديد السلم أو الإخلال به : ويقصد بتهديد السلم والأمن تهديد دولة لأخرى بالدخول معها في حرب أو القيام بعمل من أعمال التدخل أو التهديد أو باستخدام إحدى صدور العنف أو من خلال وقوع صدام داخل إحدى الدول ويكون ذلك على قدر كبير من الجسامة والعنف، بحيث يؤدي إلى تعريض مصالح الدول الأخرى للخطر فإذا ما حازت أطراف النزاع على وصف المحاربين فإن الأسر يتعدى حدود تهديد السلم والأمن إلى الإخلال به بصفة فعلية
ويعد أيضا تهديدا للسلم تكوين جماعات مسلحة في إحدى الدول وتدريبها بقصد غزو إقليم دولة محاورة مثلا، ويتضح هذا النشاط حينما تتوافر المعلومات الكافية عن هذه الجماعات لدى أجهزة الدولة المهددة ومطالبتها للدولة بمصدر التهديد بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكوين ونشاط هذه الجماعات ورفض الدولة الأخيرة لهذا الطلب، ومما يذكر منا أنه ليس كافيا للقول تهديدا السلم والأمن الداخلي لدولة ما أو للسلم والأمن الدولي، توافر معلومات استخبارتية عن وجود مثل هذه الجماعات لأن هذه المعلومات ليست كافية للاستناد إليها لتكييف موقف كهذا. وللعلم فإن هذه المعلومات معلومات غالبا ما تنقصها الدقة وعدم التحديد لذلك إن تم الاستناد إليها في إصدار قرار لمواجهة مثل هذا التهديد فإن هذا يشكل قصورا من مصدر القرار ومخالفة جسيمة لأحكام وقواعد القانون الدولي وخاصة المادة 39 من الميثاق، وعليه فإن الغارة الإسرائيلية ضد سوريا في أواخر عام 2003 بزعم إيواء سوريا لمعسكرات تدريب لأفراد من شبكة تنظيم القاعدة تعد انتهاك السيادة السورية ومخالفة جسيمة لأهم مبدأ من مبادئ القانون الدولي المعاصر وهو مبدأ السلامة الإقليمية، يضاف إلى ما تقدم أن جميع الحروب الأهلية رغم أنها حروب داخلية قد تكون مهددة للسلم والأمن الدوليين إذا ما عظمت وتطورت المساعدات الخارجية لأطرافها المتناحرة وأدت إلى تطورها إلى حرب دولية، وهو رأي ليس بالحديث بل هو رأي قديم منسوب إلى محتل المملكة المتحدة أمام مجلس الأمن قد بحث المشكلة الكورية عام 1950، وعلى كل فإذا كانت مسألة تقدير وجود تهديد من عدمه متروك لمجلس الأمن إلا أن الأخير قد يتوسع أحيانا توسعا غير مرغوب فيه في فكرة بتهديد السلم والأمن الدوليين، ولقد شوهد هنا في مؤتمر رؤساء الدول والحكومات المنعقد في 21 يناير 1992 عندما عبر قادة ورؤساء حكومات العديد من الدول كالمغرب والإكوادور وبلجيكا فقد ركز بعضهم على الفقر والتخلف كأحد الأسباب الرئيسية وراء تهديد السلم والأمن الدوليين ورأي البعض أن تدفق اللاجئين عقب الحروب الأهلية يشكل أكبر العوائق أمام استقرار السلم والأمن الدوليين في حين ركز رئيس أمريكا على الإرهاب الدولي بوصفه أحد الأسباب المؤدية لتهديد السلم الأمر الذي جعل كلمة رئيس مجلس الأمن آنذاك ثمن معبرة عن جميع هذه الآراء ووجهات النظر وذلك عندما قال "5- إن لمجلس الأمن إذا رأى عدم جدوى حل النزاع من خلال الإجراء السابق أن يصدر قراره بإلزام أو توجيه الأطراف إلى إتباع إحدى الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق لحل النزاع، 6- لمجلس الأمن إصدار قراره بوقف إطلاق النار بين الجانبين مثل قراره في المسألة الأندونيسية عام 1947 بوقف إطلاق النار مع التوصية بدعوة الأطراف لحل النزاع من خلال اللجوء للتحكيم أو غيره من الوسائل الأخرى تطبيقا لذلك أصدر مجلس الأمن قرارا في 25 من أغسطس 1947 بشأن النزاع نفسه بتشكيل لجنة قنصلية عامة للسهر على وقف إطلاق النار ولجنة ثلاثية لعرض مساعيها الجيدة على الأطراف تمهيدا لحل النزاع".
ومن ذلك أيضا قرار مجلس الأمن بدعوة تركيا وقبرص بعد نزول القوات التركية أراضي قبرص إلى حل النزاع عن طريق المفاوضات المباشرة بعد إصدار التوصية بضرورة وقف إطلاق النار.
هذا ولمجلس الأمن في ممارسة هذه السلطات الحرية التامة ولا يقيده أو يحد من اختصاصاته هذه إلى قيدين :
‌أ- مراعاة مجلس الأمن بما قد تكون اتخذته الأطراف المتنازعة من إجراءات لتسوية النزاع.
ولا يعني هذا القيد التزام مجلس الأمن بالنتائج التي توصل إليها الأطراف إنما فقط مجرد مراعاة مجلس الأمن لما قد تتخذه الأطراف المتنازعة من إجراءات.
‌ب- لمجلس الأمن تقديم توصياته مع مراعاة أن المنازعات القانونية يستبعدها تماما من جدول أعماله ويوجه الأطراف المتنازعة إلى عرضه على محكمة العدل الدولية وفقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة عملا بالمادة 36/3 من الميثاق.
إلى أنه قد تسيطر بعض النزاعات السياسية على منظمة ما مثل منظمة الوحدة الأمريكية التي قامت نهاية القارة الأمريكية من حظر الحد الشيوعي، فيجب على الأطراف المتنازعة الأخذ بعين الاعتبار أن الأمم المتحدة هي صاحبة الاختصاص العام والشامل والأصيل في حل المنازعات الدولية، وعلى الدول المتنازعة أن تفاضل فيما بين المنظمة الإقليمية والأمم المتحدة عند عزمها على حل نزاع ما نشب بينها.
- دعوى الأطراف المتنازعة لحل منازعاتها وفقا لأسس خاصة عملا بأحكام الميثاق :
وتتلخص هذه الأسس فيما يلي :
1- أن شروع الأطراف لحل خلافاتهم بإحدى الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق لا يخول مجلس الأمن في التوصية بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية المناسبة للنزاع.
2- إن مجلس الأمن حر في اختيار وقد تدخله من تلقاء نفسه، ووفقا لمبادرة خاصة ودونما حاجة لإسراع انتباهه من قبل دولة عضو أو حتى من قبل الأمين العام أو من قبل الأطراف المتنازعة ذاتها.]
3- إذا كان لمجلس الأمن حرية كاملة في اختيار وقت تدخله فهو حر أيضا في رفض هذا التدخل إذا ما قدر أن تدخله غير مناسب أو أنه سوف يزيد الأمور تعقيدا.
4- لمجلس الأمن إن قدر أن الأمر أو النزاع يستدعي تدخله فهو وحده صاحب القرار في تحديد العمل أو الإجراء الذي يتخذه في مواجهة هذا النزاع فله وحده أن يقرر ما إذا كان النزاع يستدعي القيام بأعمال حربية أو أنه يقتضي فقط اتخاذ إجراءات كالتوجه بوقف الأعمال العدوانية، وغالبا ما يتم تشكيل لجنة لتسهر على تطبيق مثل هذه التوصية وخير مثال على ذلك هذا الإجراء ما قام به مجلس الأمن عام 1948 عند إصداره للقرار الخاص بوقف أعمال العنف في فلسطين وتطبيق هذا القرار السلم والأمن الدوليين لا ينبثقان فقط من عيبه الحروب والمنازعات المسلحة فتحة تهديدات أخرى غير ذات طبيعة عسكرية للسلم قد تجد مصدرها في عدم الاستقرار الذي يوجد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية، إن هذا الوضع يستوجب من جميع أعضاء الأمم المتحدة العمل داخل نطاق الأجهزة المختصة لإعطاء الأولوية الكبرى لحل مثل هذه المشاكل.
ورغم أن البعض قد رأى أن آراء رؤساء الدول والحكومات إنما جاء تعبيرا عن مجموعة من المصالح لدى عدة دول مما يستوجب إصدار توصيات بشأنها وفقا لأحكام الفصل السادس وليست تدميرا وفقا لأحكام الفصل السابع، إلا أننا نرى أن هذه الحالات تستوجب اتخاذ التدابير اللازمة والملائمة لمواجهتها لأن مثل هذه الحالات والأسباب قد تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين إن لم يكن بصفة مباشرة فبصفة غير مباشرة مما يستوجب مواجهتها باتخاذ التدابير الملائمة والفعالة لمنع تكرار حدوثها تمرة أخرى وللحد من أثارها المتفاقمة والتي ربما تهدد السلم والأمن الدوليين.
ولعل هذا يدعو إلى إمعان الفكر لضوابط والقيود اللازمة لتحديد ما إذا كان أحد هذه الأسباب يشكل تهديدا للسلم من عدمه وأهم هذه الشروط والضوابط ثلاثة :
1- حدوث مخالفة لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة كالتهديد بالحرب أو استخدام القوة ضد دولة أخرى أو التهديد بالتدخل في الشؤون الداخلية.
2- أن يدور العمل المخالف أو أن ينطوي على مجرد التهديد والترويع وليس الاستخدام الفعلي للقوة أو التدخل الفعلي في الشؤون الداخلية.
3- ألا يتعدى هذا الفعل حدود التهديد إلى الممارسة الفعلية أو إظهار النوايا الجدية في القيام بالعمل المخالف كتحريك قوات أو حشدها أو توجيه أسلحة أو إجراء مناورة على الحدود بالذخيرة الحية.
‌ج- الإخلال بالسلم : يحدث الإخلال بالسلم عند التناحر والتصادم بين حكومتين إحداهما شرعية وأخرى فعلية خلف الحدود الدولية المتعارف عليها.
ويترتب على ذلك ما تقدم من جميع أعمال العنف التي تقع فيما بين جميع الوحدات أو القوات الداخلية بين الجماعات المتظاهرة لا تعد إخلال للسلم والأمن الدوليين ولا يمكن أن يكتب أصحابها أو القائمين بها وصف المحاربين ما لم يحدث هناك تدخل من أطراف خارجية أو الاعتراف بأحد المتصارعين بوصف المحاربين، أما إن اتخذت هذه الوحدات أراضي دولة أخرى مركزا لها للانطلاق منها فإن هذا هو الإخلال بالسلم الفعلي.
ولقد حدد مجلس الأمن الدولي المقصود بالإخلال بالسلم بالقرار رقم 54 في 15 يوليو عام 1948 بشأن القضية الفلسطينية، حيث اعتبر عدم الادعان لقرار وقف إطلاق النار في فلسطين يمثل مظهرا من مظاهر الإخلال بالسلم وفقا للمادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة.
كما ذهب مجلس الأمن إلى تكييف غزو قوات كوريا الشمالية لأراضي كوريا الجنوبية باعتباره شكلا من أشكال الإخلال بالسلم، أيضا أعطى مجلس الأمن نفس التكييف لغزو العراق لدولة الكويت في 2 من أغسطس عام 1990.
- أعمال العدوان :
رغم أن واضعوا ميثاق الأمم المتحدة قد أسهبوا في بيان أحكام الفصل السادس والسابع اللذين أعطى الميثاق بموجبها صلاحيات وسلطات واسعة في مواجهة جميع المنازعات بمختلف درجاتها إلا أن الفصل السابع والخاص بمنح مجلس الأمن سلطة اتخاذ تدابير المنع أو القمع في مواجهة حالة العدوان قد خلا تماما مما يفيد تحديد مدلول أوضح تعريف محدد للعدوان، وربما يرجع إلى عدم قدرة واضعوا الميثاق آنذاك على وضع تعريف محدد للعدوان وربما يرجع ذلك إلى عدم قدرة واضعوا الميثاق آنذاك على وضع تعريف محدد للعدوان ولكون المصطلح ذاته يحتاج إلى مزيد من التحقيق بحيث يجيئ التعريف غير متسم بالعمومية والأعمال، وأكثر دقة وإحكاما وربما يرجع ذلك إلى كون أن واضعوا الميثاق لم يحيطوا علما بجميع صور العدوان وهي مسألة غير واضحة لكون أن هذه الصور سوف تكشف عنها التطبيقات العملية أكثر من إثباتها من خلال الفروض النظرية. ورغم هذا إلا أن الجمعية العامة أولت هذا الموضوع اهتماما كبيرا وشكلت العديد من اللجان لوضع تعريف محدد لمصطلح العدوان والتي وضعت تقاريرها المختلفة والتي أصدرت على هديها قرارها الأشهر رقم 3314 في 14 ديسمبر 1974 بشأن تعريف العدوان والذي جاء فيه "أن العدوان يعني استخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد سيادة ووحدة الأراضي الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأية طريقة لا تتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة".
وقد أورد القرار مجموعة من الأعمال اعتبرها عملا عدوانية وهي :
‌أ- قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو أو شن هجوم على أراضي دولة أخرى أو أي احتلال عسكري مهما كان مؤقتا ينجم عن هذا الغزو أو الهجوم أو أي ضم عن طريق استخدام القوة لأراضي دولة أخرى أو جزء منها.
‌ب- قيام القوات المسلحة لدولة ما يقصف أراضي دولة أخرى أو استخدام دولة ما لأية أسلحة ضد أراضي دولة أخرى.
‌ج- محاصرة موانئ أو سواحل دولة ما عن طريق استخدام القوات المسلحة لدولة أخرى.
‌د- قيام القوات المسلحة لدولة ما يشن هجوم على القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو الأساطيل البحرية أو الجوية لدولة أخرى.
‌ه- استخدام القوات المسلحة لدولة ما والتي تكون متواجدة داخل أراضي دولة أخرى بموجب موافقة من الدولة المستقلة استخداما يعد انتهاكا للشروط المنصوص عليها في الاتفاق بين الدولتين أو أي مدة لوجود هذه القوات في تلك الأراضي بعد انتهاء لهذا الاتفاق.
‌و- سماح دولة ما باستخدام أراضيها التي وضعتها تحت تصرف دولة أخرى من قبل هذه الدولة بارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.
‌ز- قيام دولة ما بإرسال أو إيفاد جماعات مسلحة أو جند غير نظامين أو مرتزقة لارتكاب أعمال بالقوة المسلحة ضد دولة أخرى وتكون على نفس خطورة الأعمال التي ورد ذكرها أو مشاركة الدولة الفعلية في هذه الأعمال
ومما يلاحظ من خلال الممارسة العملية والفعلية لمجلس الأمن فإن ما سبق ذكره في القرار من صور للعدوان أمر لا يقيد المجلس وذلك لكون أن مسألة تحديد ما يعد عملا عدوانيا فإنه من اختصاص مجلس الأمن وحده، ولذلك يلاحظ أن مجلس الأمن لا يستخدم مصطلح العدوان بصورة صريحة إلا في حالات محدودة على سبيل الحصر نتذكر منها عدوان روديسيا ضد موزمبيق والأعمال العدوانية لجنوب إفريقيا ضد أنجولا ثم الأعمال العدوانية لجماعات المرتزقة ضد جمهورية بنين، كذلك قيام جماعات المرتزقة ب؛إفلات مقر البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الكويت وسحب حصانات وامتيازات هذه البعثات وأفرادها بالمخالفة لمقررات مجلس الأمن وأحكام اتفاقيتي فيينا المبرمتين في أبريل 1961 بشأن العلاقات الدبلوماسية.
المطلب الثاني : فشل الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين
الحقيقة أن فعالية الأمم المتحدة وقدرتها على تحقيق أهدافها ظلت ضعيفة من الناحية العملية منذ تأسيسها، حيث لم تستند هذه المنظمة على أي شكل من أشكال القوة الحقيقية التي تؤهلها للقدرة على التأثير من مجريات الأحداث في العالم بحيث ظلت إرادتها مرهونة بإرادة الدول الكبرى والمحصلة النهائية لإرادة الطرف الأقوى من هذه الدول، وبالرغم من استخدام المنظمة عدة وسائل لمواجهة الأحداث وحفظ السلم، إلى أنها قد فشلت في حفظ الأمن الدولي وبذلك برزت طلبات عديدة في أورقة الأمم المتحدة تدعو إلى إصلاح حال الأمم المتحدة لتكون تعبيرا حقيقيا عن حال العالم اليوم
وعليه سوف يتم تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين بعض نماذج النزاعات الدولية التي فشلت الأمم المتحدة في إنهائها الفقرة الأولى، تطوير الأمم المتحدة استجابة للمستجدات الدولية الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : بعض نماذج النزاعات الدولية التي فشلت الأمم المتحدة في إنهائها
لقد فشلت المنظمة الدولية في حل النزاع الإسرائيلي المزمن الذي نتج عن عدوان إسرائيل على الأراضي العربية في 6 يونيو 1967 والذي أصدر على إثره مجلس الأمن الدولي قراره رقم 242 في نوفمبر 1967 والقاضي بإلزام إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل السادس من يونيو لعام 67 ولازال النزاع مستمرا وقائما حتى لحظة، كذلك عجزت الأمم المتحدة عن حفظ السلام في كافة العالم وليس حرب أفغانستان والوجود الدولي غير المشروع على أراضيها من قبل قوات التحالف الأنجلو الأمريكي ببعيد، أضف إلى ما تقدم فشل الأمم المتحدة في منع عدوان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على العراق، رغم تأكيد حريق التفتيش الدولي عدم العثور على أية أدلة لحيازة أو امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أو معدات إنتاج وتطوير ونقل وتخزين مثل هذه النوعية من الأسلحة الأمر الذي انتفى معه مبرر الولايات الأمريكية وحلفائها للتدخل في شؤون العراق ومن ثم ضرب العراق، واحتلت أراضيه بالكامل بالقوة دونما مبرر أو سبب معقول من الواقع أو القانون، الأمر الذي يؤكد من جديد فشل الأمم المتحدة في حل النزاعات الدولية وحفظ السلم والأمن الدوليين، وهو ما يدعونا إلى تناول بعض النماذج التي فشل منظمة الأمم المتحدة أمامها دون الوصول إلى حل هذه النزاعات.
1- الأمم المتحدة والنزاع العراقي الكويتي :
لقد تفجرت قضية النزاع العراقي الكويتي عقب الغزو العراقي لدولة الكويت والاحتلال الكامل لأراضيه في الأول، في أغسطس 1990 وذلك استنادا من العراق على مجموعة من الحجج والأسانيد دارت كلها حول وجود حق تاريخي للعراق في الكويت بوصفه أن الكويت كانت أثناء الحكم العثماني وما قبله جزء من لواء البصرة العراقي، وبالتالي كان يحكمها حاكم واحد يسمى بالقائم مقام العثماني وإلى جانب هذا فإن هناك منازعات حدودية بين البلدين نشأت عقب وقوع حالات عدوان من قبل حرس الحدود وخفر السواحل الكويتية على الحدود العراقية إلى جانب أن العراق له دين ثابت في ذمة الكويت ناتج عن حرب العراق مع إيران بوصفه أن العراق حامي البوابة الشرقية للعرب جميعا وللكويت خاصة، وفضلا عما تقدم به أدعى العراق عدوان الكويت المتكرر على البترول العراقي من خلال حقل الرميلة الواقع في الأراضي العراقية مع أحقية العراق في جزيرة وربه وجوبيان حتى يجد له منفذا بحريا على الخليج العربي وذلك لرغبة العراق في بناء وتطوير أسلحة وأسطوله الحربي في الخليج العربي.
ومما هو جدير بالذكر أن جميع حجج العراق سالفة الذكر واهية حجج واهية وليس لها سند مطلق أو من الواقع والقانون، مما جعل هذه الحجج داحضة وباطلة، ولم تنطلي على أحد من أعضاء الجماعة الدولية مما دعا الأمم المتحدة إلى التدخل من أجل إنهاء النزاع ولم تحظى مشكلة أو نزاع بعناية الأمم المتحدة مثلما أخطت مشكلة النزاع العراقي الكويتي، فلقد أصدر مجلس الأمن فيها عددا من القرارات لم يسبق صدورها في أي نزاع من قبل والتي بدأت بالقرار 660 الخاص بإدانة العراق وحتما على سحب قوتها إلى حدود ما قبل الأول من أغسطس عام 1990 وانتهاءا بالقرار 678 الخاص باستخدام القوة ضد العراق أو بالتصريح لجميع الدول الصديقة والحليفة لدولة الكويت باستخدام كافة الوسائل الممكنة ضد دولة العراق من أجل تقرير الكويت وعدة حكوماتها الأصلية والشرعي، ففي صبيحة يوم السادس عشر من يناير 1991 انطلقت شرارة الحرب ضد العراق بتوجيه ضربة جوية قاسية للقوات العراقية في الكويت تلتها حرب برية في العشرين من مارس 1991 انتهت بتحرير الكويت وعودة حكومتها الشرعية، ورغم مشروعية الهدف من هذه الحرب وصحة تكييفها القانوني إلا أنها كانت حرب متجاوزة حدود الدفاع الشرعي بكل المقاييس والسبب أن هذه القوات خاضت الحرب كانت تعمل بمفردها وليس تحت إمرة مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة وإنما كانت تحت إمرة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، فهي حرب ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب ورغم انتهاء مهمة القوات الأمريكية في هذه الحرب إلا أنها ظلت باقية في صور قواعد عسكرية وهو عبارة عن احتلال مقنع للولايات المتحدة الأمريكية لدول هذه المنطقة وهو أمر مخالف للشرعية الدولية، وهذا مما يؤكد فشل الأمم المتحدة في تطبيق القانون الدولي وحفظ السلم والأمن الدوليين
2- النزاع الأنجلو أمريكي الأفغاني :
والذي بدأ عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 وهو العدوان الذي ادعت فيه الولايات المتحدة الأمريكية أنه من تخطيط وتنفيذ أسامة ابن لادن السعودي الجنسية والمقيم في أفغانستان وهو الذي يحول العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة والعالم. وكانت الولايات المتحدة قد استندت على مجموعة من الأدلة كان أهمها شريط الفيديو المسجلة لإحدى خطب بن لادن وهو يعلق على الأحداث الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب مجموعة من المعلومات الاستخباراتية المعصومة والمدسوسة، وبالتالي تم إنشاء لجان تحقيق من طرف بريطانيا وأمريكا والتي من خلالها تمت الدعوة إلى خوض الحرب في العراق.
وقد فشلت الأمم المتحدة في مواجهة هذا الموقف ومنع العدوان الأنجلو أمريكي على أفغانستان رغم أن العدوان أمرا مخالفا للقانون الدولي وانتهاكا صارما لميثاق الأمم المتحدة، مما يستلزم تدخل مجلس الأمن بوصفه صاحب الاختصاص الأصيل بردع العدوان وحفظ السلم والأمن الدوليين أو الجمعية العامة عند عجز مجلس الأمن عن ذلك ملحقا لقرار الاتحاد لأجل السلم الذي منح الجمعية العامة الاختصاص بمواجهة جميع حالات تهديدا السلم والأمن الدوليين أو أعمال العدوان عند عجز أو فشل مجلس الأمن عن مواجهة أو تحقيق ذلك، وهذا لا يمكن أن يستخلص منه إلا نتيجة واحدة مؤداها فشل المنظمة الدولية في حفظ السلم والأمن الدوليين في تحقيق الأهداف والغايات التي أنشأت من أجلها.
3- الأمم المتحدة والنزاع الأنجلو أمريكي العراقي :
بدأت وقائع هذا النزاع منذ حدوث ضربة الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001 للولايات المتحدة الأمريكية ومشروع الولايات المتحدة من القيام بحرب دولية ضد الإرهاب على مستوى العالم ووضع مجموعة من الدول ذات الأنظمة المارقة والتي ترعى الإرهاب وعلى رأسها العراق وأفغانستان وإيران وليبيا والسودان.
فبدأت أفغانستان وأجهزت عليها ثم أعادت الكرة على العراق وبدأت رحلة طويلة مع النظام العراقي لتبادل الاتهامات وتدرج الحجج المختلفة لتدبير هجومها وعدوانها على العراق واحتلال أراضيه. وكانت أول الخطوات التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها هي السعي وراء استصدار قرار يسمح بعودة المفتشين الدوليين للعراق ويلزم العراق بفتح أبوابه أمام فرق التفتيش الدولية دونما أن تفرض على عملها أية قيود أو شروط مما دعاها إلى استصدار القرار 1441 في 8 نوفمبر 2002، وقد صدر هذا القرار بالإجماع نظرا لإحساس النظام العراقي بأن هذا القرار يعد بادرة عدوان على العراق وأن الولايات المتحدة عازمة على غزو العراق، لذلك أخضعت العراق لهذا القرار رغم ما يمثله من فرض الهيمنة والسيطرة الأمريكية على العالم. ورغم إعلان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي وكذلك رئيس فريق التفتيش الدولي في التقرير الذي رفعاه عن أسلحة العراق وقدماه لمجلس الأمن وتحت تلاوته بجلسته على خلو العراق بالكامل من أسلحة التدمير الشامل، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تجاهلت مجلس الأمن بالمرة وسعت إلى عقد قمة الأزور في البرتغال في 16/3/2003 والتي ضمت رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء بريطانيا وأسبانيا وكانت بمثابة شرارة الحرب التي أشعلت نارها، لذلك فعقب هذه القمة أمهل الرئيس بوش رئيس العراق صدام حسين مهلة 48 ساعة للخروج من العراق وإلا سيواجه تدخلا مسلحا للإطاحة به كرها وبذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحصول على تفويض بالحرب من مجلس الأمن في 25/3/2003 في جلسة مغلقة استمرت قرابة الفجر واستأنفت في اليوم التالي ولكنها باءت بالفشل بسبب عدم قبول مشروع القرار المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم هذا خاضت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على العراق بمساعدة حلفائها من 16 دولة وانتهت هذه الحرب باحتلال العراق وإسقاط النظام العراقي وهذا يفيد عجز الأمم المتحدة عن مواجهة أي عدوان أو حرب تتم بالمخالفة لنصوص الميثاق والقانون الدولي، الأمر الذي أدى إلى انتشار الفوضى الدولية وسيطرت الولايات المتحدة على مقدرات الشعوب، وبعد ذلك تعالت الأصوات بتعديل وإصلاح الأمم المتحدة حتى تساير المستجدات الدولية والأحداث التي تواجهها، وهو ما يدعونا إلى التساؤل هل يمكن أن تستجيب منظمة الأمم المتحدة للمستجدات الدولية ؟
الفقرة الثانية : تطوير الأمم المتحدة استجابة للمستجدات الدولية
من المؤكد أن النظام العالمي الحالي له سمات أو خصائص تميزه عن النظام العالمي الذي كان سائدا في الحقبة الماضية مما جعل التغير يلقي بظلاله على هيكل التنظيم الدولي المعاصر والنظام القانوني السائد فيه، ولعل أهم ما يميز النظام القانوني الدولي الحالي أنه نظام يتميز بزيادة القطب الواحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية وحيدة لا منافس لها، وسيادة القيم والمفاهيم الغربية فإنها تقلص الدور الحقيقي للمنظمات الدولية في حل المنازعات الدولية كذلك الطابع المؤقت للنظام العالمي الجديد.
ولعل تغير ملامح النظام العالمي أدى إلى تغير شكل ودور الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية في المنازعات الدولية وهو أمر بدت سماته بوضوح من خلال مسلك المنظمة الدولية ذاته في ظل هذا النظام حيث كثر تدخل المنظمة في الشؤون الدولية واتسع مدلول التدخل وتعددت أسبابه ومبرراته وكذلك كثرت اللجوء إلى التدخل المسلح وظهرت له أسباب جديدة إلى جانب الأسباب القديمة والتقليدية فظهر إلى جانب جريمة الحرب والعدوان المسلح الإرهاب الدولي كمبرر وسبب حقيقي وراء التدخل المسلح من قبل المنظمة الدولية، كذلك انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كذلك إهدار الديمقراطية داخل البلاد.
وغير ذلك الكثير مما يستلزم ضرورة تعديل وتغيير أو بمعنى أوضح تطور المنظمة الدولية استجابة للظروف والمستجدات الدولية التي ظهرت حديثا ولم يكن لها وجود من قبل ولكن كيف السبيل إلى تطوير دور منظمة الأمم المتحدة حتى يمكن أن تستجيب للظروف الحالية.
يجدر بنا قبل أن نتناول مسألة تطوير الأمم المتحدة شكلا وجوهرا، سوف نتناول بشيء من التفصيل بعض المظاهر الجديدة لأداء الأمم المتحدة والسابق للإشارة إليها وخاصة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين فضلا عن بيان مدى احترام قواعد الشرعية الدولية في المقررات الصادرة عن المنظمة الدولية وخاصة من أداتها الرئيسية وجهازها التنفيذي وهو مجلس الأمن الدولي وبيان ذلك كما يلي :
أولا : الإفراط في استعمال التدابير المنصوص عليها في الفصل السابع
الحقيقة أن مواجهة الأمم المتحدة للعدوان العراقي على الكويت أذهل المجتمع الدولي لما اتسمت به هذه المواجهة من حسن نية وجدية غير معهودة في تاريخ المنظمة الدولية، ولذلك كان أسلوب المنظمة الدولية في مواجهة العدوان العراقي على دولة الكويت فاصلا مميزا بين مرحلتين هامتين من تاريخ المنظمة الدولية.
المرحلة الأولى : وتمثل مرحلة الفشل والعجز التام للمنظمة الدولية في مواجهة المنازعات الدولية وحالات تهديد السلم والأمن الدولي عموما وذلك بسبب انقسام الدول الكبرى على نفسها وسيادة مفاهيم الحرب الباردة بين القطبين العظيمين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وظلت هذه المرحلة ردحا من الزمن حتى بداية التسعينات حتى حدت العدوان العراقي على دولة الكويت.
أما المرحلة الثانية : فتتمثل في مواجهة الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن للعدوان العراقي على الكويت وقد مثل أسلوب المواجهة تحولا جدريا في أسلوب المنظمة في مواجهة الأحداث الدولية، حيث كانت جميع قرارات مجلس الأمن تشير إلى أحكام الميثاق من غير الفصل السابع رغم أن القلة منها كانت تشير على إستحياء إلى الفصل السابع وكان من أهمها قراراته التي صدرت بمناسبة العدوان على كوريا الجنوبية عام 1950، وترجع مقدرة مجلس الأمن على مواجهة الظروف والأحداث إلى استعادة التعاون فيما بين القوى العظمى على صعيد العلاقات الدولية والذي جاء كرد فعل لانتهاء الحرب الباردة بين القطبين العظيمين فلم يعد حق الفيتو حائلا يقف أمام قيام مجلس الأمن وممارسته لوظائفه وسلطاته، فلقد واجهت الأمم المتحدة مشكلة الخليج وأصدر بمناسبتها مجلس الأمن عددا من القرارات غير مسبوق صدوره في أي نزاع آخر وكلها كانت مستندة إلى أحكام الفصل السابع من الميثاق، ولقد عكست كل هذه القرارات من حيث اعتمدها على معايير جديدة في تكييف ما يعتبر تهديد مع أداء مجلس الأمن منذ عام 1990 على عكس ما كان متبعا وسائدا في الفترة السابقة، ومن ثم فاستنادا إلى السلطة التقديرية الواسعة لمجلس الأمن والمستمدة أصلا من المادة 49 من الميثاق قام مجلس الأمن بتحديد الأعمال التي تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولم تعد تلك العوامل قاصرة على المنازعات بين الدول وأعمال القتال واسعة النطاق داخل حدود الدول بل أصبح تهديد السلم يشمل قمع الأقليات وكذلك الأعمال الإرهابية وكافة المآسي الإنسانية. وكافة المآسي الإنسانية الناتجة عن الاقتتال الداخلي وكذلك إهدار الديمقراطية في الداخل.]
ولقد بدا هذا المفهوم لمجلس الأمن من خلال القرارات التي اتخذها لمواجهة الأزمات التي عاصرت هذا المفهوم وتجدر الإشارة هنا إلى بعض النماذج منها :
فيما يتعلق بالحالة بين العراق والكويت أصدر المجلس قراره 688 في 5 أبريل وجاء فيه إن المجلس منزعج مما يتعرض له المدنيون العراقيون من قمع في أماكن متعددة في العراق وفي المنطقة التي يسكنها الأكراد أيضا مما أدى إلى نزوح مكتف للاجئين نحو الحدود أو حتى عبورهم الحدود مما نتج عنه بعض الصدمات الحدودية مما يهدد السلام والأمن الدوليين، أو من حيث أسلوب صياغة القرارات بحيث أصبحت أكثر دقة ووضوحا وتحديدا ولعل هذا التطور يصمد في مضمونه بعدين إيجابي يتمثل في قدرة مجلس الأمن على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة تتناسب مع سرعة وخطورة المواقف المهددة للسلم والأمن الدوليين، أما البعد السلبي فيتمثل في المصادر الناتجة عن إطلاق يد مجلس الأمن في العمل استنادا إلى الفصل السابع بما قد يحمله ذلك من استغلال للسلطات الخطيرة التي يتمتع بها المجلس طبقا لهذا الفصل في قضايا لا يتطلب حلها اللجوء إلى إجراءات القسر بما قد يؤدي في النهاية إلى تحول نظام الأمن الجماعي إلى نظام غير مضمون ومنعدم القيمة.
ثانيا : اتساع مفهوم تهديد السلم والأمن الدوليين
من المقرر أن ميثاق الأمم المتحدة لم يضع تعريف محددا وواضحا للأعمال التي من شأنها تهديد السلم والأمن الدولي فإن كان هذا الأمر لم يخل من الاجتهادات الفقهية وذلك لتحديد مفهوم تهديد السلم وفقا لأحكام المادة 39 من الميثاق حيث استقر الرأي على أن كل عمل صادر عن الدولة ينطوي على التهديد بالحرب أو التدخل أو استخدام إحدى صور العنف ضد دولة أخرى، ففي هذه الحالة يقوم تهديد السلم ولو لم يتبع ذلك الاستخدام الفعلي للعنف المسلح ومرجع ذلك إلى وجود تلك الحالات قد يؤدي إلى قيام خطر حال من شأن وقوعه الإخلال بالسلم ويتحقق تهديد السلم في حالة وقوع صدام مسلح داخل إقليم الدولة متى اتسم هذا الصدام بالقوة والعنف إلى الحد الذي يعرض مصالح الدول الأخرى للخطر أو عند الاعتراف لأحد الطرفين المتنازعين بوصف المحارب من قبل مجموعة كبيرة من الدول. وقد بدا واضحا أن مجلس الأمن أصبح يتبنى مفهوما واسعا جدا لكل عمل يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وهذا المفهوم أكثر اتساقا.
أما في الصومال فقد قرر مجلس الأمن في القرار رقم 794 في 3 فبراير 1993 أن حجم المأساة الإنسانية الناتجة عن النزاعات في الصومال يشكل تهديد للسلام وللأمن الدوليين.
وفي الحالة الليبية الغربية أوضح مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 748 الصادر في 31 مارس 1992 أنه إيمانا من المجلس أن قمع أي عمل دولي يعد أمرا ضروريا للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وكذلك عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر توسع مجلس الأمن في هذا المفهوم واعتبر ما تعرضت له أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر عملا إرهابيا وقرر بأن جميع الأعضاء متفقون على أن الإرهاب جريمة دولية يجب القضاء عليها أيضا اعتبر المجلس أن حيازة بعض الدول لأسلحة الدمار الشامل مما يخشى من أنظمتها وسياستها مع الدول المجاورة عملا من الأعمال التي تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين بدليل إصداره 1441 بإلزام العراق يفتح حدودها ومنشأتها النووية والحرية أمام فريق التفتيش الدولي عن أسلحة الدمار الشامل، وهو الأمر الذي ترتب عليه العدوان على العراق وأفغانستان واحتلال أراضي العراق بكاملها.
والنتيجة المنطقية على توسيع مجلس الأمن في مفهوم تهديد السلم والأمن هي زيادة قدرة مجلس الأمن على التدخل وهي نتيجة ليس من ورائها إلا هدفا واحدا هو إطلاق يد مجلس الأمن في التدخل بمعاونة وتوجيه من الدول الكبرى في أي وقت شاء وبأي كيفية شاء، ولذلك أثارت تدخلات المجلس في شمال العراق وليبيا والصومال والبوسنة والهرسك وهاييتي، ومن بعد في فتح الباب أمام الولايات المتحدة وحلفائها للتدخل في الشؤون العراقية وإسقاط نظام الحكم فيه واحتلال كامل أراضيه العديد من التساؤلات حول مدى حرية المنظمة الدولية وعلى الأخص مجلس الأمن في التدخل في شؤون الدول تحت شعار حفظ السلم والأمن الدوليين.
والسؤال المطروح دائما هل يمكن الإبقاء على الأمم المتحدة مع إدخال مزيد من التطورات والتعديلات عليها وجعلها أكثر استجابة للظروف الحالية ؟ وهل التطوير سوف يفتح لها الهيمنة على سيادة الدول بصفة عامة ؟ وهل يمكن أن تكون المنظمة عبارة عن حكومة عالمية أم يمكن الإبقاء عليها كمنظمة دولية فاعلة على الساحة الدولية قامت على العديد من المبادئ الأكثر عدالة وديمقراطية وحماية للتربية الدولية مع إدخال التعديلات على أحكام وبنود ميثاقها ؟
- الأمم المتحدة حكومة عالمية :
الحقيقة أنه قد أثيرت فكرة الحكومة العالمية عند التحضير للمنظمة الدولية وإعداد ميثاقها على أساس أن تكون هذه المنظمة كما لو كانت حكومة عليا ولها جيش منظمة يعاونها على تحقيق أهدافها وتكون لهذه الحكومة ميزانية عالمية تساهم في رأسمالها الدول الأعضاء بنصيب، وكذلك تشارك الدول في جيشها بوحدات عسكرية خاصة بها تكون على درجة عالية من التدريب.
ورغم ما لهذه الفكرة من مميزات تتمثل في وحدة المعيار والضابط الذي على أساسه تتم مواجهة الموقف أو النزاع وأنها الأقرب إلى تطبيق العدالة الدولية بين جميع دول العالم، كما أنها تحقق المساواة بين جميع الدول كبيرها وصغيرها بالإضافة إلى ما تقدم فإن الحكومة العالمية تكون على درجة عالية من القدرة والكفاءة اللازمين عن طريق جيشها الموحد لوقف العنف وحفظ السلام والأمن ومنع العدوان وأعمال الحروب في مختلف بقاع العالم إلا أن هذه الفكرة لها عيوب ومساوئ عدة تجملها فيما يلي :
‌أ- خيانة الفكرة وعدم إمكانية تطبيقها على أرض الواقع فوجود حكومة عالمية لها سيادة وإزادة تعلو إرادة وسيادة الدولة مسألة مستحيلة نظرا لعدم التوافق الدولي حول هذه الفكرة وعدم تلاقي إرادات الدول على سياسة وأسلوب واحد.
‌ب- صعوبة تشكيل جيش دولي موحد يضم كافة الوحدات المسلحة للدول لما يحتاجه هذا الجيش من إمكانية وقيادة موحدة قلما تتوافر في ظل الاختلاف في الرؤى والمذاهب والأيديولوجيات السياسية.
‌ج- تعارض فكرة الحكومة العالمية من أهم المبادئ المستقر عليها في العلاقات الدولية ومن أهمها مبدأ المساواة في السيادة وعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
‌د- سيطرة القوى العظمى على هذه الحكومة لكونها الأكثر إمدادا لها والأكبر عبئا في المنظمة، مما يجعل هذه الحكومة أداة طبيعية لتحقيق مصالحها الخاصة وأغراضها الذاتية.
وإذا كانت فكرة الحكومة العالمية فكرة غير قابلة للتطبيق العملي فما هو البديل للإبقاء على هذه المنظمة كمنظمة فاعلة على الصعيد الدولي وذلك لن يتم الأمن خلال.
‌أ- التوسيع في استخدام وسائل الدبلوماسية الوقائية لحل المنازعات الدولية :
هذه الوسيلة قد تبدو في ظل العصر الحاضر ضرورة ملحة ووسيلة مطلوبة على الصعيد الدولي وتعتمد هذه الوسيلة على الوساطة بين الدول وعلى المساعي الجديدة التي تبدل لحل المنازعات الدولية، وهذا ما أكده مجلس الأمن بعد مناقشات مكثفة في دورته التي عقدت في 18 و19 يناير 1995 حيث صدر عن رئيس المجلس بيانا أيد فيه الموقف الدولي أعرب فيه المجلس عن ترحيبه بالأولوية التي أولاها لإجراءات حل المنازعات الدولية وشجع من خلاله جميع الدول الأعضاء على أن تفيد إلى أقصى حد ممكن من أدوات الإجراءات الوقائية بما في ذلك المساعي الحميدة للأمين العام وإيفاد مبعوثين خاصين وذرع بعثات ميدانية صغيرة للدبلوماسية الوقائية وصنع السلام بموافقة البلد المضيف أو البلدان المضيفة.
أما على مستوى الجمعية العامة فقد واصل فريق العمل غير الرسمي المفتوح العضوية المعنى بحفظ السلام أعماله خلال عام 1995 بشأن العديد من القضايا الواردة في خطة السلام وفي الملحق وشجع هذا البيان الاهتمام بالإنذار المبكر لمنع المنازعات والدبلوماسية الوقائية من خلال الوزع الوقائي في كثير من الحالات.
‌ب- ضرورة التوسع في احترام حقوق الإنسان وحرياته الإنسانية :
وتعد حقوق الإنسان من الموضوعات الساخنة والحساسة على مستوى العالم والتي يعد الاهتمام بها ضرورة حالة لضمان الاستقرار والأمن لدى مختلف شعوب العالم.
في أغسطس من عام 1992 عقدت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان دورة استثنائية ولأول مرة في التاريخ للنظر في مسالة حقوق الإنسان في يوغسلافيا السابقة وطلبت بأن يعين لها مقررا لتقديم التقارير المختلفة عن حالة حقوق الإنسان في يوغوسلافيا السابقة وقد قام المقرر فعلا عام 1995 بتقديم تقارير منتظمة عن مسألة حقوق الإنسان بصفة منتظمة إلى لجنة حقوق الإنسان وإلى الجمعية العامة، وبالفعل طلبت اللجنة إلى الأمين العام أن يتيح هذه التقارير لمجلس الأمن والمؤتمر الدولي المعنى بيوغوسلافيا، وفعلا اتخذت لجنة حقوق الإنسان القرار رقم 1994/75 بشأن حالات الاعتداء على المدنيين وحالات الاغتصاب والاختفاء وعن الإجراءات التي اتخذتها لجنة الخبراء المنشأة عملا بقرار مجلس الأمن رقم 780 لسنة 1992 والمحكمة الدولية والمؤتمر الدولي المعنى بيوغوسلافيا وقوة الأمم المتحدة للجماعة ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
وترتيبا على ما سبق فقد اتخذت عدة إجراءات لحماية حقوق الإنسان في يوغسلافيا، وعنها تشكيل المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في البوسنة والهرسك وتوجيه الاتهام إلى العديد من الشخصيات التي تبث من خلال التحقيقات وتورطها في عدة جرائم ضد حقوق الإنسان ومنها جرائم القتل الجماعي والإبادة الجماعية وكذلك جرائم الاعتداء على السكان المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، وكذلك جرائم الحريق وهدم المنازل والتخريب وغيرها من الجرائم التي اقترفت ضد حقوق الإنسان وإن كان الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية يعد أحد التطلبات الملحة لتفعيل دور المنظمة الدولية وتطوير أدائها العملي إلا أن هذا المطلب يحتاج إلى مزيد من بدل الجهد حتى يساهم هذا في دفع عجلة المنظمة الدولية للإمام وتطويرها بما يتناسب والظروف الدولية الحالية.
‌ج- تفعيل التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية :
تحقيق التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية أمر ضروري تتطلبه الحالة العالمية الدائمة التغير من خلال تفعيل تطبيق الفصل الثامن من الميثاق ويأخذ التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتخذة والمنظمات الإقليمية خمسة صور أو خمسة أشكال أهمها التشاور المستمر الذي تقوم به هذه المنظمات مع الأمم المتحدة كذلك الدعم الدبلوماسي لتشجيع هذه المنظمات على المشاركة في الجهود الدبلوماسية المبذولة لحفظ السلام وردع العدوان وإعمال حق الدفاع الشرعي ورابعا الورع المشترك لهذه المنظمات من خلال إرسال البعثات والوفود إلى بؤر التوتر في العالم كبعثة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية الحالية لحقوق الإنسان في هايتي، وهو ما يسمى بالعمليات المشتركة التي تتم بالمشاركة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.
‌د- في مجال حفظ السلم والأمن الدولي :
لابد من تفعيل دور مجلس الأمن في هذا المجال من خلال الحد من استخدام حق الفيتو أو على الأقل ترشيد استخدام هذا الحق في مواجهة الأزمات ذات طبيعة معينة من شأنها أن تؤثر في مسألة حفظ السلم والأمن الدوليين فضلا عن التوسع في العضوية الدائمة في مجلس الأمن وعدم قصرها على مجموعة الدول الخمس الكبرى فقط لأن هناك العديد من الدول الكبرى التي تشكل قوى فاعلة على المستوى الدولي وتلعب دورا ملحوظا في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.
‌ه- تحديث نظام الأمم المتحدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية :
لما كان من الثابت أن قضايا الأمن والسلام تعتبر وثيقة الصلة والارتباط بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمم والشعوب ويترتب على هذه نتيجة مؤداها أن قضايا الأمن والسلام لا يمكن أن تكون بمعزل عن باقي القضايا الأخرى ومنها القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ذلك أن المسار واحد لكل القضايا على المستوى الدولي وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى الالتجاء إلى ضرورة تطوير الأمم المتحدة من خلال الارتقاء بمستوى أدائها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
ومن الجدير بالذكر أن خطة الأمين العام سالفة الذكر لم تكن هي الوحيدة من نوعها بل طرحت هناك العديد من الأفكار والمقترحات لتطوير أداء الأمم المتحدة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي نعرض لأهمها :
‌أ- ضرورة التفكير في إيجاد نظام دولي متكامل في إطار الأمم المتحدة لإدارة المساعدات الدولية ذات الصلة يدعم مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول عموما وخاصة الدول النامية وهذا مقترح يقضي نهائيا على الازدواج المؤسس داخل الهيئة الدولية نفسها، ويتسم تطبيقه باليسر بمكان من خلال إجراء حوار دولي تسهم فيه كافة المؤسسات والأجهزة ذات الصلة بهذا الموضوع وذلك بهدف تقديم الدعم المناسب للمجتمع الدولي لمواجهات العقبات التي تعترضه في هذا المجال كذلك ضرورة دفع المنظمات المتخصصة ذات الصلة بالأمم المتحدة للاضطلاع بصدور أكبر من الدور الحالي والتوصل إلى صيغة بقبوله لتخصصه وتقسيم العمل بين أجهزة الأمم المتحدة المختلفة العاملة في مجال التنمية الدولية.
‌ب- دعم الدور الإشرافي للمنظمة الدولية ووكالاتها المتخصص للإشراف والرقابة على كافة المشكلات المتعلقة بالتطور الدولي الاقتصادي والاجتماعي، ولتحقيق ذلك يجب إنشاء جهاز دولي عالي المستوى والكفاءة تناط به مهمة توجيه كافة الجهود الدولية المبذولة في إطار الأمم المتحدة لدعم التنمية الاقتصادية في مختلف دول العالم.
‌ج- ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري داخل الجهاز الإداري للمنظمات الدولية من خلال الدقة في اختيار موظفي الأمانة العامة وتفعيل دور الأمين العام المساعد للارتقاء بمستوى الأداء الإداري داخل الجهاز الإداري للمنظمة وهو أمر يعتمد على وضع معايير وأسس واضحة للاختيار مع عدم إهمال أصحاب الخبرة والتخصص.
‌د- تعزيز أداء المنظمة الدولية فيما يتعلق بمواجهة حالات الطوارئ وكذلك الحالات الإنسانية غير العادلة فهناك من الأجهزة داخل المنظمة الدولية، ما هو قادر على تقديم الكثير من المساعدات في الظروف الطارئة والإنسانية كمفوضية الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين خاصة عندما تتوافر لها الظروف الموضوعية الملائمة وللمنظمة الدولية أن تفيد في هذا الخصوص من جهود المنظمات غير الحكومية من خلال المستمر معها فضلا عن تشجيع الإسهامات التطوعية لتغطية بعض أوجه القصور في الجوانب التمويلية للمنظمة.
إن الوضع الدولي الحالي يشهد إجهاض للسلام والأمن الدوليين بالرغم من كثرة رفع شعارات الديمقراطية والإصلاح، ذلك أن العالم اليوم يعيش حالة من فرض الهيمنة عن طريق استعمال القوة العسكرية، وهذا مما سوف يولد مشاعر الكراهية والعداء بين الشعوب، فكيف يمكن للوضع الدولي أن يستقر وهناك من يعمل على تدمير كل مقومات الاستقرار والتوازن الدولي، إن الوضع العالمي في حاجة إلى الإصلاح وطي كل صفحات العداء والكراهية بين العرب والمسلمين وأمريكا وحلفائها ثم معالجة أزمة المصداقية بين الغرب والعرب بصفة عامة، وكل ذلك عبر إعمال الحكمة والرشد بعيدا عن غطرسة القوة وحتى تكتمل الصورة لابد من إنهاء احتلال العراق وفلسطين وأفغانستان ورفع تهمة الإرهاب عن المسلمين كما أن الإصلاح السوي لن يتأتى إلا بعد إعادة الهيبة لمنظمة الأمم المتحدة واللجوء إليها عند حدوث نزاعات وحروب، هذا إذا أراد المجتمع الدولي أن يعيش في عالم يخلوا من التهديد والدمار، كما أن الإفراط في استخدام القوة العسكرية والتصرف أحاديا لن يجلب سوى أزمات دولية سوف تنعكس على الجميع، ولن يسلم منها أحد فالاعتماد على القوة العسكرية واستخدامها على أصعدة مختلفة سوف يأدي إلى إقفال باب المشاورات ثم استفحال منطق أخذ لإعطاء وهذه الفكرة لن تحقق الكثير مما يصبو إليه العديد من أصحاب التوجه الفردي وخصوصا المتحكمين في صناعة القرار داخل الولايات المتحدة الأمريكية لكون هذه الفكرة تستند لأسس غير مقنعة وهشة فالقوة لا تدوم وأمريكا لن تستطيع الاستمرار لأن فكرة استخدام القوة واللجوء إليها لها كلفة اقتصادية وسياسية سوف تفيد واشنطن خسائر لا طاقة لها بها بحيث أنها لم تنجح في العراق وأفغانستان، وها هي اليوم توسع بؤرة الصراع لتشمل سوريا وإيران وحزب الله ذلك أن الخطة لم تنتهي والصراع واقع مفروض لا يمكن إغفاله.
ولعل التساؤل فيما يخص المرحلة الدولية القادمة هل فكرة الحرب والاعتماد على القوة سوف تكون من أسس تعامل الولايات المتحدة مع الدول المارقة كما تسميها ؟ ثم هل يمكن أن تكون سياسة اللجوء إلى القوة هي الحل من أجل الخروج من الأزمة التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية ؟
ثم هل يمكن تثبيت واقع فرض القوة العسكرية والنجاح في تطبيقها ؟ إن سياسة الاعتماد على القوة سوف تظل تسيطر على واقع العلاقات الدولية دون أن يكون هناك توافق بين المصالح وسوف تصبح الخصومة هي الطابع المميز للعلاقات الدولية بجانب استخدام القوة التي أصبحت بدورها تلعب دورا أساسيا داخل هذه العلاقات.
شنكاو هشام باحت في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.