فقد الأزهر الشريف وجامعته عالما جليلا من أعضاء هيئة كبار العلماء الذين يشار إليهم بالبنان..قضى حياته فى خدمة العلم وطلاب العلم وفى خدمة جامعة الأزهر. إنه الأستاذ الدكتور طه أبو كريشة رحمه الله. عندما توليت رئاسة جامعة الأزهر، اخترته نائبا لرئيس الجامعة دون أن يعلم هو باختيارى له، وذلك لثقتى فيه ومعرفتى به ودماثة خلقه، وكرم أصله، فهو من العلماء النبلاء الذين لهم جهود تُذكر فتُشكر فى خدمة العلم والدعوة الإسلامية.. للفقيد الراحل مواقف كثيرة معي، فكان نعم العون، ونعم الزميل ونعم الصديق..ما رأيت منه فى يوم من الأيام هفوة من الهفوات، ولا كلمة نابية على أحد من الناس، فقد كان رحمه الله عف اللسان، صافى القلب، نقى السريرة، لا يذكر أحدا إلا بخير، ولا يتوانى فى خدمة جامعة الأزهر. فخلال ثمانى سنوات كاملة توليت فيها رئاسة جامعة الأزهر، وكان نائبا لي، كان يدى اليمنى فى كل عمل وكل إصلاح وكل اتفاقية علمية نبرمها مع جامعات إسلامية داخل وخارج الوطن العربي، وكان فى سائر المؤتمرات نداء حق وصوت صدق. لقد كان الدكتور طه أبو كريشة رحمه الله..نموذجا فذا للعالم الأزهرى العامل المخلص، ونموذجا فذا للعمل فى جد واجتهاد دون أن يشعر بذلك من حوله، فكان جنديا مجهولا، كما كان بحق عالما جليلا لا يشق له غبار، ومرجعا مهما فى اللغة العربية يرجع إليه كبار المسئولين والكتاب فى كبرى القضايا اللغوية.. ومن أجل ذلك نشعر بوحشة وغربة بفقد هذا العالم الجليل، الذى كانت له مواقفه فى خدمة الأزهر وخدمة الدعوة ، وما زالت أحاديثه بالتليفزيون المصرى وآراؤه ومقالاته بوسائل الإعلام المختلفة تدعو إلى الإصلاح والخير وتدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. الدكتور طه أبو كريشة.. حين نفقده اليوم نشعر بأن جزءا كبيرا من الأزهر ومن هيئة كبار العلماء يغيب عن عالمنا الذى هو فى أمس الحاجة لأمثاله، فغياب العالم وموت العالم ثلمة (نقصان) فى الإسلام. عزاء للأزهر ولجامعته وللدعوة والدعاة فى فقد هذا العالم العَلَم. نسأل الله تعالى أن يجزيه خير ما يجزى عالما وداعية، إنه نعم المولى ونعم النصير. رحم الله د. طه أبو كريشة رحمة واسعة وعوضنا خيرا وألهم آله وأسرته وتلامذته ومريديه الصبر والسلوان، وهو حسبنا ونعم الوكيل. ------------------------------ د. أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر
