عبد الوهاب حامد : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لأن أمشي علي جمرة أو سيف أو اخصف نعلي برجلي, أحب الي من أن أمشي علي قبر مسلم, وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق. فقد شرع الإسلام زيارة القبور والتسليم علي الأموات والدعاء لهم, ونهي عن غير ذلك مما فيه أذي للأموات أو عدم احترام المكان, وقد كره النبي صلي الله عليه وسلم أن يمشي أحد علي قبر مسلم أو يجلس عليه ونهي من ذلك فقال عليه اسلام: لا تجلسوا علي القبور ولا تصلوا اليها ورهب عليه السلام من الجلوس علي القبر حتي قال: لأن يجلس أحدكم علي جمرة فتحرق ثيابه فتخلص الي جلده خير له من أن يجلس علي قبر أي أن يجلس الانسان علي جمرة من النار حتي تحرق ثيابه وتصل الي جلده أحسن له وأهون من أن يجلس علي قبر, وكذلك رهب النبي صلي الله عليه وسلم من قضاء حاجته بين القبور وجعله مشابها لمن يقضي حاجته وسط السوق بين الناس. كره النبي عليه السلام كذلك المشي بالنعال بين القبور وكان صلي الله عليه وسلم يمشي يوما فمر بقبور المسلمين وحانت منه نظرة فاذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان فاستنكر الرسول ذلك فلما عرف رسول الله خلعهما فرمي بهما, فمن تدبر نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الجلوس علي القبر والاتكاء عليه والوطء عليه علم أن النبي انما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رؤوسهم. واذا كان المشي بالنعال بين القبور مسألة خلافية بين العلماء الا أنه بالجملة: فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا فإن القبر قد صار داره, وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كسر عظم الميت ككسره حيا. وفي هذا اشارة الي أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا. فدل علي أن احترامه في قبره كاحترامه في داره, والقبور هي ديار الموتي ومنازلهم ومحل تزاورهم وعليها تنزل الرحمة من ربهم, والفضل علي محسنهم, فهي منازل المرحومين, ومهبط الرحمة, ويلقي بعضهم بعضا علي أفنية قبورهم, يتجالسون ويتزاورون كما تضافرت به الآثار.