لقد أسقطت ثورة25 يناير.2011 أسوأ نموذج للتنمية شهدته مصر علي مدي تاريخها الحديث, حيث تم من خلاله النهب الممنهج للثروات العامة, وعوائد التنمية, لصالح النخبة الحاكمة. لذلك فإن النموذج الجديد للتنمية الاقتصادية في مصر لابد أن يبدأ بسرعة حصر وتعويض ما لحق بالإقتصاد القومي من خسائر كبيرة, طالت الأصول العامة والخاصة والاستثمار وموارد الدولة, ثم معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي, وذلك من خلال معالجات ملائمة, وتطبيق قواعد جديدة توفر أكبر قدر من الرعاية للفئات الفقيرة والأكثر إحتياجا في المجتمع حتي تحفظ لها الحد الأدني من العيش الكريم. وحتي لا تضطر الفئات المقهورة إلي اللجوء إلي الإحتجاجات والمطالبات والوقفات كمرجع أخير ضد الشعور بالجور الاجتماعي. لذلك فإن حكومة الدكتور هشام قنديل يجب أن يكون جل اهتمامها التركيز علي عدد من المبادئ الرئيسية يراها الخبير الاقتصادي الدكتور وجيه دكروري, انها تستحق الاهتمام من رئيس الحكومة الجديدة وهي بالمناسبة حكومة الثورة الحقيقية, موضحا ان السعي إلي تحقيق تنمية حقيقية, يجب ان تكون غايتها, هي توفير الكرامة الإنسانية لكل المواطنين, والتي بدورها لن تتحقق بدون حرية حقيقية لهم, فليس بتوفير رغيف الخبز أو بالدعم وحده يطالب المحتجون والمتظاهرون. بل يجب وضع البعد الاجتماعي والإنساني للنمو والتنمية في قلب تحركها. فدور الحكومة كمنظم ومراقب للنشاط الاقتصادي وتشجيعها للقطاع الخاص, يجب أن يقابله دور أساسي وثابت في حماية الفئات الأقل حظا ويصبح وقوفها إلي جانب الفقراء, والفئات الأولي بالرعاية والشباب, هو شغلها الشاغل. ويقول ان هناك12 خطوة لابد ان تركز عليها حكومة الدكتور هشام قنديل وهي: قطع الطريق علي الفساد, بوضع الأطر القانونية المحكمة لغلق كل الأبواب أمام المفسدين وخاصة في مجال الوظيفة العامة, والحكم المحلي واستغلال أراضي الدولة, وتنفيذ المشروعات العامة, والتأمين الصحي... وغيرها. تأكيد أن الرأسمالية في مصر يجب أن تدرك من اليوم أنها سوف تعمل متلازمة مع منظومة قوية للعدل الإجتماعي تؤمن الطبقات الأولي بالرعاية ويحميها المجتمع وتصونها قوة القانون. إن الحكومة الجديدة في سعيها لإدارة مرحلة التحول الثوري, يجب ألا تتوسع في استخدام الدين الحكومي أيا كان نوعه خارجيا أو داخليا, فهي إن فعلت ذلك اليوم, فهي تحمل الأجيال القادمة بتكاليف باهظة لخدمة الدين. تفعيل الوسائل الحاسمة لتحقيق كفاءة وحسن إدارة المرافق العامة للدولة. ووضع آلية صارمة لمحاسبة أي محاولة للفساد, وإعادة النظر في تغليظ العقوبات علي جرائم التلاعب أو استغلال أو نهب أي أموال أو موارد أو سلع حكومية وخاصة ما يوجه لدعم الطبقات الفقيرة. كبح التضخم غير المبرر, من خلال سرعة إعادة عملية الإنتاج, وزيادة المعروض من السلع والخدمات. ولذلك فلابد من مراجعة القيود القانونية والرقابية علي الأسواق والشركات لمنع الإحتكار والتهريب والغش والتزوير لتحقيق غايات تجارية ضارة بالإنتاج. السعي إلي جذب الإستثمار الأجنبي لتوسيع قواعد الإنتاج وإيجاد فرص العمل للشباب والتواجد بالمنتجات المصرية في الأسواق العالمية, علي ألا يفصل التوجه نحو تشجيع الإستثمار الأجنبي عن سياسة ثابتة لدعم القطاعات الوطنية الرائدة في الإقتصاد القومي المؤهلة للمنافسة محليا وعالميا, مع ابتكار سياسات مساندة من الحوافز لجعل المناخ أكثر جاذبية للعمل والإنتاج للجميع وخاصة بسيناء والصعيد. إن الحكومة في المرحلة المقبلة, يجب أن تدرك أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه قطاع الأعمال العام وذلك من خلال دعم قطاعاته الأكثر حساسية لخدمة شبكات الضمان الاجتماعي وخاصة في مجال تقديم السلع الأساسية المدعومة لمحدودي الدخل والمساعدة الفعالة في ضبط الأسعار وضرب الاحتكارات. ضرورة التفرقة بين الملكية, والإدارة في إدارة الأصول المملوكة للشعب. ويعني ذلك أن الحكومة تملك الأصول وترسم سياستها العامة, ولكن عليها أن تترك مهمة إدارتها لغيرها. صياغة وإدارة منظومة فاعلة للعدل الاجتماعي, وذلك من خلال تقديم الخدمات بعيدا عن الجهاز البيروقراطي, بمعني الإعتماد علي آليات آمنة لإيصال الخدمات لمحدودي الدخل. ومضمون ذلك إتاحة فرص مشاركة المستفيدين في تقرير الإستفادة مما توفره الحكومة عند اختيار السلع أو الخدمات التي يجدون فيها ما يناسب رغباتهم ويرضي احتياجاتهم. والتجارب الكثيرة, تبين كيف أن مشاركة المستهدفين في التنفيذ تؤدي لخفض تكلفة الدعم وتحقيق النتائج بأداء أفضل ورضا جماهيري. إعطاء جميع العاملين أينما كانوا الحقوق التي تعتبرها- الدول المتقدمة أمرا مفروغا منه. كما يجب أن تضمن حقوقهم المتمثلة في وضع الحد الأدني للأجور والمعاشات, ومعايير الصحة والسلامة والرعاية الاجتماعية, وألا يطرد العامل من عمله أو يستغني عنه دون تعويض عادل. السعي إلي تحقيق الفاعلية والكفاءة في الإنتاج, من خلال إعادة تدريب وتأهيل وتوجيه العمالة الفائضة ذات الكفاءة الإنتاجية المنخفضة والتي تعوق العمل بالتعقيدات الإدارية والتنظيمية وكذا السعي إلي فاعلية الإدارة في الوظائف العامة. إن الحكومة التي تسعي إلي إحداث نقلات نوعية لمستويات معيشة المواطنين, يجب أن تسرع في التوجه نحو تحقيق مستوي أفضل من التعليم بجميع أنواعه ومراحله وتخصصاته لتنهي من خلال- آليات محكمة- منابع الأمية, ونصنع خريجين قادرين علي سد احتياجات سوق العمل ومتطلبات المنافسة في كل المجالات, ومدعمين بروافد البحث العلمي القادر علي تنمية روح الإبداع والابتكار لتتوسع من خلالهم قواعد العمل وتتقلص مستويات البطالة إلي حدها الأدني.