نحن في مصر نمر بعملية تحول شبيهة بالمراحل الكبري التي غيرت مجريات التاريخ الانساني التي يعاد فيها تشكيل فكر المجتمع والدولة وينبثق عنها نظام سياسي واجتماعي واقتصادي جديد. ان اجندة اقتصادية جديدة يجب ان تبني علي مجموعة محاور اساسية وهي: اولا: التشغيل ومكافحة البطالة والفقر يجب علي النظام الاقتصادي للثورة ان يعمل للجميع, وتوفير فرص العمل والدخل لكل مواطن في سن العمل هو معيار الاداء الاقتصادي الجيد وحق من حقوق الانسان, اذن يجب ان نفعل استراتيجية وبرامج مفصلة للتشغيل الكامل دون ان يؤدي ذلك الي ارتفاع للاسعار, والالية الرئيسية لحل معضلة القضاء التام علي البطالة دون حدوث تضخم هي في توفير طلب مرن علي العمل بالحد الادني للاجور لايعتمد علي اليات السوق واوضاع منشآت الاعمال, كما انه يجب ان يكون مرنا ايضا بالنسبة لنوعية عديدة من المهن من جانب وفي مناطق جغرافية متعددة من جانب اخر, ولاتوجد غير الحكومية لاداء تلك المهمة ويتحدد الحد الادني للاجر من خلال تلك البرامج التي تضعها الحكومات اثناء الازمات الاقتصادية والظروف الصعبة للموازنة العامة. ويعتبر هذا النوع من التشغيل في برامج الانفاق العام افضل في موازنات الازمات من تأمين البطالة والذي يكمن اقراره في اثناء فترات الرواج, وكما ان التجارب الاقتصادية العالمية في هذا الشأن تظهر انه كلما زاد التحسن في الاوضاع الاقتصادية بعد ذلك وارتفعت نسب التشغيل في قطاعات الاعمال المختلفة تراجعت اعداد الذين يستفيدون من البرامج الحكومية للتشغيل مما يتيح توجيه موارد اضافية في الموازنة العامة لتقوية شبكات الضمان الاجتماعي ولبرامج تدريب الشباب ولتطوير نظام التأمينات الاجتماعية. تعد الاحتجاجات العمالية والمطالب الفئوية المتكررة منذ سنوات دليلا علي فشل نمط الادارة في مصر في القطاعات العامة والخاصة والاستثمارية نتيجة ضعف ادارة القوي البشرية والفجوة الشاسعة في الاجور داخل المؤسسة الواحدة وغياب آليات الحوار بين الادارة والعاملين, والعمل ليس هو الدخل فقط ولكنه ايضا الكرامة الانسانية والمكانة في المجتمع لكل من يعمل بصرف النظر عن نوعية وطبيعة العمل, ثانيا: الاصلاح المالي من الضروري ان تتوجه السياسات المالية للحكومة نحو زيادة موارد الدولة لتلبية احتياجات المواطنين في الصحة والتعليم والثقافة ولتأمين ذوي الدخول المحدودة ولرعاية الطفولة والشيخوخة وذوي الاحتياجات الخاصة وبل لتحقيق فائض في الموازنة العامة لتمويل برامج الانفاق الاستثماري العام وايضا لتلبية خدمة الدين المحلي الذي يؤدي تفاقمة إلي طبع نقود وارتفاع في الاسعار وخدمة الدين الخارجي الذي يؤدي ارتفاعه الي مزيد من الاستدانة الخارجية بتكلفة عالية مثال: اليونان وايطاليا حاليا نتيجتها في النهاية تدهور سعر الصرف, وتعظيم الموارد المطلوبة لدعم الغذاء والذي لن تتمكن اية حكومة من تخفيضه قبل الارتقاء بمستوي معيشة غالبية الشعب المصري الواقع ان الضرائب هي المورد الاساسي للموازنة العامة, ممايتطلب استبعاد كل انواع التنازلات الضريبية التي تقدمها الدولة لذوي الوفرة وتطبيق اهم ادوات العدالة فعالية وهي الضريبة التصاعدية علي الدخل, والضريبة التصاعدية هي المعالج الرئيسي للفجوة بين الدخول ولتحقيق تماسك النسيج الاجتماعي داخل الوطن, وكما ان تطبيق ضريبة الثروة وتدرج سلم ضريبة المبيعات حسب نوعية المنتجات والخدمات وطبيعة المستهلكين لها سيؤديان الي زيادة ملموسة في الموارد, علاوة علي ان الاتفاقات ضمن اطار منظمة التجارة الدولية تسمح بتعديل بنود التعريفة الجمركية اثناء الازمات الاقتصادية لحماية الانتاج الوطني. ومطلوب تدخل حكومي في مجال حركة الاموال الساخنة والتي تختلف تماما عن حركة تدفقات الاستثمار الخارجي المباشر حيث يأتي الخطر علي الاقتصاد وسعر الصرف من تحركها الكثيف والسريع في آن واحد ممايؤدي الي هشاشة الاسواق المالية وتذبذب الاسعار فيها بغض النظر عن عوامل الانتاج, ويأتي التدخل الحكومي بوضع ضوابط علي التدفقات المالية الداخلة والخارجة باستثناء ارباح الاستثمار الخارجي المباشر ومن بين تلك الضوابط فرض ضريبة علي التعاملات قصيرة الاجل في البورصة مما يشجع علي شراء الاسهم بهدف الاستثمار متوسط وطويل الاجل ويؤدي الي استقرار البورصة حول اسعار للاسهم تعبر عن المراكز والاوضاع الحقيقية للشركات وتقلل بشكل جذري الشراء والبيع بهدف المضاربة وتحد من نزيف خروج الاموال من مصر وتدهور الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي لمساندة الجنيه المصري. ثالثا: الانتاج والاستثمار. تدفع استراتيجية الانتاج والاستثمار بالتنمية الاقتصادية عندما تستخدم الدولة مزيجا من سياسات الحماية والتجارة الحرة وتحقق التوازن بينهما حسب المتغيرات والاحتياجات والقدرات الوطنية وتدرك اهمية المعرفة والتعليم ورأس المال البشري وتشجع التنوع وديناميكية الابتكار والتكنولوجيا وكلها عوامل يصعب تفعيلها عن طريق قوي السوق وحدها وتقوم فلسفة تأسيس القطاع العام في اقتصاد السوق علي اعتبارات عدة منها احجام القطاع الخاص عن الدخول في انشطة حيوية للاقتصاد لكونها لاتحقق جدوي اقتصادية في المدي القصير او لاقامة مشرعات بالمناطق الفقيرة والنائية بهدف تحقيق المساواة بين المواطنين او في حالة الاحتكارات الطبيعية مثل الغاز والكهرباء والسكك الحديدية. اما بالنسبة للاستثمار الاجنبي المباشر فقد اثبتت التجارب العالمية ان الاستفادة من هذا النوع من الاستثمار تصل الي اقصاها عندما تقوم الدولة بوضع ضوابط منظمه له. وعلينا ان نطلق برنامجا للقضاء علي الفاقد في الاقتصاد المصري, وتستخدم الحصيلة في تمويل برامج الطاقة المتجددة, ان مستقبل التنمية وتنافسية مصر علي المستوي الدولي يعتمدان علي استراتيجية طويلة ومتوسطة المدي للطاقة يقرها مجلس الشعب الجديد كمشروع اقتصادي قومي لبناء دولة مابعد عصر مشتقات الكربون.