إذا كنا نسلم بأن الإسلام في جوهره نظام للتنوير وإنارة العقول ومنهج واضح للتعليم الروحي من أجل تصحيح السلوك ونشر الفضيلة فإن من الضروري أن يصحب ذلك جهد واضح من جانب المسلمين أنفسهم حتي يحققوا كل ما نص عليه الإسلام.. فان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم! أريد أن أقول بوضوح: إن نهضة الإسلام ممكنة وحتمية إذا توافرت العزيمة الصادقة.. وهذه النهضة تبدأ أولا بتحرير العقل المسلم من الأحكام المسبقة والخزعبلات غير الموثقة وذلك بواسطة التوحيد في صورته الأساسية كما وضعها القرآن.. والإيمان عن قناعة بأن الدين هو الذي يرتفع بالأرواح إلي مستوي النبل والكرامة. ولست أضيف جديدا عندما أقول إن الإسلام أكد كل هذه المعاني ولم يجعل للإنسان من امتيازات سوي امتيازات العلم والمعرفة. والحقيقة إن التراث الحقيقي لأية أمة ليس فقط في مخطوطات ومجلدات وإنجازات الماضي وإنما التراث الحقيقي هو في الفكر والعلم المعاصر فالتراث النافع لأية أمة هو آخر شوط قطعه الفكر الإنساني في مرحلته الحاضرة, ولعلنا نتذكر جيدا أن تراث أوروبا الغربية كان في يوم من الأيام هو آخر ما قدمه الفكر العربي إلي الثقافة العالمية. ومعني ذلك إن تراثنا الحقيقي لا يتم الحفاظ عليه بدعوات الجمود والانعزال والانكفاء علي النفس والاغتراب عن الآخرين وإنما التراث الحقيقي هو القدرة علي متابعة واكتساب ما جري علي امتداد الكرة الأرضية من إنجازات علمية وتيارات فكرية ضمانا لاستمرار تجديد العقل والتزود بالمعرفة. وأظن إن مسك الختام لهذه الخواطر السريعة يتطلب التأكيد علي أهمية استنهاض الأمة الإسلامية لنفسها وأن السبيل لذلك يبدأ بتصحيح ضروري لرؤية ومفهوم الإسلام من الداخل وعدم التخلف عن مواكبة ما يجري من تقدم علمي وفكري علي امتداد العالم وتحت مظلة من إحدي ثوابت الفكر والشريعة الإسلامية اسمها صيانة حقوق العقل البشري لأن أعظم ما في الإسلام أنه كرم الإنسان ودعا إلي إعمال العقل في كل شئ... أعقلها وتوكل! خير الكلام: لا شئ يتطلب السرعة غير إطفاء نار الفتنة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله