28 يوما من حكم الرئيس محمد مرسي, عاشها المصريون في حالة من الترقب, والغموض, في انتظار الكشف عن رئيس الوزراء, وحكومته التوافقية التي تحظي بدعم وتأييد القوي السياسية والشارع المصري.. ومضت الأيام, والشعب ينتظر الاعلان عن الشخصية التي ستتولي منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس محمد مرسي! فيما بين الترقب والغموض, تكاثرت الشائعات, والتسريبات من نوعية: البرادعي يتلقي عرضا بتشكيل الحكومة.. والبرادعي ينفي!.. ثم د. حازم الببلاوي يتلقي عرضا بتشكيل الحكومة.. والببلاوي ينفي!.. ومشاورات مع الدكتور محمود أبو العيون المصرفي المعروف لرئاسة الحكومة.. ثم نكتشف أنها مجرد شائعة!.. وأنباء عن مشاورات مع فاروق العقدة محافظ البنك المركزي لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.. وأنباء عن اعتذاره.. أو عدم طرح المنصب عليه من الأساس!.. وأخيرا, أسدلت رئاسة الجمهورية الستار علي أكبر عملية سرية لاختيار رئيس وزراء حكومة الانقاذ الوطني: إنه الدكتور هشام قنديل وزير الري والموارد المائية, وهو الاختيار المفاجئ الذي رحب به البعض وطالب بعدم الاستعجال في الحكم علي أدائه, بل ومنحه بعض الوقت لكي يثبت كفاءته.. بينما رفضه البعض الآخر, مؤكدين أنه قد يكون الرجل المناسب لكنه جاء في التوقيت غير المناسب! والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يفكر رئيس الوزراء الجديد؟.. هل سيأتي بحكومة تكنوقراط أم حكومة ائتلافية؟.. هل تكمن الازمة في تشكيل وزارة استغرقت عملية اختيار رئيسها أكثر من شهر؟ أم أن الحكومة ذاتها سوف تواجه أزمة حينما ستتعامل مع الملفات العاجلة للوطن, والهموم اليومية للمواطن( الأمن, والخبز, والمرور, والوقود, وانقطاع المياه والكهرباء, وغلاء الأسعار؟.. وإليكم التفاصيل: الدكتور محمد محسوب عميد حقوق المنوفية ومقرر لجنة الصياغة بالجمعية التأسيسة يؤكد أن اختيار رئيس الوزراء الجديد كان متوقعا وكنا نتمني أن يكون اختيارا غير متوقع ومدهش كما أدهشتنا الثورة, بمعني أنه للأسف سلوكيات حزب الحرية والعدالة منذ حصوله علي الأغلبية البرلمانية لم تتغير كما نتمني, فهي تميل غالبا إلي البحث عن مساعدين وليس عن شركاء, بينما المرحلة القادمة في مصر هي مرحلة تحتاج إلي مشاركة حقيقية بين جميع القوي السياسية, فمازالت مصر تتخبط في مرحلة مرتبكة حتي الآن لعدم تحقق هذه المشاركة, ولأن البعض يتعامل وكأن الديمقراطية استقرت في مصر, ومن ثم يمكنه أن يستحوذ, أو أن يحكم منفردا, أو أن يطبق برنامجه أو مشروعه النهضوي, بينما الحقيقة أنه لا توجد ديمقراطية في مصر حتي الآن, فنحن في مرحلة البحث عنها, ونحن لا نواجه مشكلات اقتصادية فقط لنبحث عن تكنوقراط لحلها, بينما نواجه معضلة سياسية هي كيفية التحول من النظام المستبد بدون معالم وملامح, ومن فوضي سياسية نعيشها في هذه المرحلة المرتبكة, وكذلك قانونية, إلي حالة ديمقراطية مستقرة يمكن بعدها لأي فصيل أن يستحوذ ويبحث عن طرق لتطبيق برامجه, والبحث عن متخصصين لتطبيق برامجه, فالحالة كانت تحتاج إلي نائب أو اثنين لهما اتجاهات سياسية مختلفة عن الرئيس, ورئيس مجلس وزراء مستقل تماما عن الرئيس وغيره ليمكن لهؤلاء تشكيل اصطفاف وطني يمكنه أن يحسم عملية التحول الديمقراطي واستعادة الاختصاصات التشريعية والقضائية والتنفيذية إلي مؤسسات الدولة المنتخبة. وهذا الاصطفاف كان يمكنه فرض تحول كامل لديمقراطية مدنية, وضمان وضع دستور متوافق عليه بشكل كامل, وتأهيل المجتمع المصري لانتخابات نزيهة يفوز فيها من يفوز بعد استبعاد المخاطر التي تحيط بعملية التحول الديمقراطي, أولها مخاطر الاستحواذ أو العسكرة. ويوضح الدكتور محسوب: لا أعلق علي رئيس مجلس الوزراء المكلف, لأنه شخص دمث الخلق, ومتخصص في مهنته واختصاصه, ولا أعلق علي المرشحين الذين قابلهم لأنهم في الغالب أكاديميين ومتخصصين, لكن كل هذا المشهد لا يعبر عما تحتاجه مصر في هذه اللحظة, بينما يعبر عن الاستمرار في معالجة الأمور بنفس الطريقة والنظرية التي تبناها مبارك والرؤساء السابقون, والذي كان ينكر حقيقة أن مصر في أزمة سياسية وتاريخية, ويحسم الأمور في مشكلة اقتصادية يسعي في مواجهتها برغم أن المسلم به أن إصلاح السياسة وتكريس الديمقراطية هو المفتاح للإصلاح الاقتصادي وتحقيق النهضة. أما الدكتور أيمن نور عضو الجمعية التأسيسية فيشير إلي ان اختيار الدكتور هشام كان مفاجأة غير متوقعة وحددت سقف طموح الرأي العام في وزارة ائتلاف وطني أو وزارة سياسية ذات صبغة قوية, فاختياره جاء مغايرا للتوقعات والاحتمالات عن وزارة تدير هذه المرحلة الصعبة والحساسة, لكننا أمام وزارة تعيدنا لوزارات التكنوقراط في وقت كنا أحوج فيه لوزارة لمواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية, فلننتظر ربما أن يصوب التشكيل الوزاري بعض المسار أو يؤكد هذا الخلل في المسار الذي نتمني أن يكون في الاتجاه الصحيح, وليس الاتجاه الخطأ, خاصة مع الملل الشديد في تكوين الفريق الرئاسي, وغياب الرؤية الواضحة في الأسابيع الأولي من الجمهورية الثانية. ليس هناك مبرر لبقاء بعض الوزراء, ومنهم منير فخري عبدالنور, والكهرباء, لكن بعض الأسماء التي يتردد بقاؤها توضع عليهم علامة استفهام بشأن الانتقادات التي وجهت من الأغلبية تجاه آداء هذه الوزارات في أثناء عمل البرلمان. رئيس الوزراء الجديد- كما يراه الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع- لم يكن صاحب حلول إبداعية حينما كان وزيرا للري والموارد المائية, بل تابعنا ما كان يحدث من مشاكل في الري عندما كان في منصبه الوزاري, مشيرا إلي أن الري لايمكن اعتباره مشكلة مصر الأولي والأخيرة, كما أن رئيس الوزراء المكلف بعيد كل البعد عن المشاكل اليومية والاقتصادية والحياتية للمواطنين, وهو ما يمكن أن يفسر اختياره لهذه المهمة, باعتباره إخواني الهوي والانتماء.. ويتساءل: ماذا سيفعل الوزير أي وزير- سواء كان من التكنوقراط أو من أي حزب آخر وهو ليس إخوانيا ولا متفقا مع برنامج حزب الحرية والعدالة؟.. لماذا يلتحق بهذه الوزارة وهو لن يكون مفيدا لتطبيق برنامج مشروع النهضة؟ وأعتقد أن كثيرا من الشخصيات التي يتوقع الناس توليهم مناصب وزارية لن يقبلوا أن يكونوا وزراء في الحكومة الجديدة. القضية في رأي السياسي والبرلماني المعروف أبو العز الحريري ليست اختيار رئيس وزراء من جماعة الإخوان أو غيرها.. من التكنوقراط أو من السياسيين.. لكن يهمني في المقام الأول برنامجه الاقتصادي والاجتماعي الذي سوف يلتزم بتنفيذه. ولا توجد مشكلة عندي في دمج وزارات قائمة كالزراعة والري, أواستحداث وزارات جديدة, كإنشاء وزارة للمرافق أو للثروة الحيوانية والسمكية, لكن كل ما يهمني هو إصدار برنامج واضح ومحدد المعالم للمشاكل القائمة حاليا, ولتفاصيل وآليات العمل التي ستقوم علي تنفيذ مشروع النهضة الذي يدور حول قضايا فرعية, دون أن يتناول القضايا الشاملة, ودون التطرق إلي طرق وآليات تنفيذها. اختيار الدكتور هشام قنديل لرئاسة الحكومة لم يكن مناسبا..هكذا قال لنا الناشط السياسي جورج اسحق عضو المجلس القومي لحقوق الانسان, إذ كان من الممكن أن يتم تعيينه نائبا لرئيس الوزراء لشئون الري مثلا, وإذا كان من الأهمية أن يكون رئيس الوزراء تكنوقراط, لكن من الضروري أيضا أن يكون سياسيا, وقد تابعنا أداء رئيس الوزراء المكلف حينما كان وزيرا للري والموارد المائية, والمشاكل التي عاناها الفلاحون في مياه الري, وجفاف الترع, وإن لم يكن قنديل هو الشخصية التي نتمناها, فنحن لا نتعجل في الحكم علي أدائه, ونتمني له كل التوفيق في كل القضايا المطروحة, ومن الضروري أن يتولي الرجل المناسب الحقيبة الوزارية المناسبة, وفي هذا الصدد لا يجب أن تخضع وزارة التعليم لأي ايديولوجيات, وإذا ذهب ملف التعليم لأي مسئول لديه أيديولوجيات تبقي كارثة!! فضلا عن أهمية الاستعانة بالخبرات السابقة, والتجارب المصرية الناجحة قبل الثورة وبعدها, ومن الخطأ أن يتصور أحد أن مشروع النهضة هو الرؤية الوحيدة التي ستنهض بمصر. من حيث المبدأ, فإن معتز صلاح الدين رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة والمهربة يقول: كنا نحتاج إلي شخصية اقتصادية لتولي رئاسة الحكومة, لكي يستطيع التعامل مع المشاكل اليومية للمواطنين, والتحديات الاقتصادية التي تشهدها البلاد حاليا, لكن يبدو أن كثيرين ممن تلقوا عرضا بتولي المنصب ذاته قد اعتذروا, وتقبل هو المسئولية بشجاعة, في وقت انسحب فيه من يدعون أنهم يحبون البلاد, ويرغبون في نهضتها واستقرارها من الساحة ولم يقبلوا رئاسة الحكومة في هذا التوقيت الحرج والحساس والصعب, ومن ثم يكون من الظلم الحكم علي رئيس الوزراء الجديد قبل التعرف علي أدائه السياسي. تشكيل وزاري إخواني مقنع ويفتقد للمرونة التخصصية لكي يتحمل أعباء المرحلة المقبلة, فمصر في الأزمة الحالية لا تحتمل تجارب هكذا تحدث الدكتور إبراهيم زهران رئيس حزب التحرير المصري وخبير البترول فنحن نحتاج أشخاصا من داخل المطبخ يمكنهم تحمل المسئولية فور جلوسهم علي الكراسي, وتجربة أساتذة الجامعات كانت منذ أيام عبدالناصر, وكان الضباط في اعتقادهم أن أستاذ الجامعة أعلي مكانة من التخصصي, لكن هو رجل علي مستوي أكاديمي عال, أما في النواحي العملية والإدارية فقد أثبتت التجارب العملية فشل أساتذة الجامعة, وكذلك التجارب الأخيرة أثبتت فشل رجال الأعمال. وكنت أتوقع مع الحرية والعدالة أصحاب مشروع النهضة, أن يكونوا مجهزين كوادر من داخل المطبخ في كل وزارة للانطلاق الفوري, أما موضوع عرض إحدي الوزارات علي أحد أساتذة الجامعات معناه اختيار رئيس مجلس الوزراء الجديد غير موفق, ورئيس مجلس الوزراء نفسه كان يعمل مديرا لمكتب وزير الري, وأثبتت التجارب أن مديري المكاتب ليست لديهم أفكار ابتكارية, فمدير المكتب ينفذ التعليمات بشكل جيد, وفرص نجاح رئيس مجلس الوزراء ستكون محدودة إلا إذا وجد تعاونا من جميع الطوائف والفصائل المختلفة, وأبدي تعاونا مع الكل, وتتبقي الأزمة المالية واسترداد الأموال المهربة في الخارج والداخل, وهذه يمكن تخطيها, ولابد من استرداد الأراضي المنهوبة التي يتعدي ثمنها تريليون جنيه, وهي رأس مال لا يعوض. والدولة لن تتحرك خطوة واحدة إلا إذا تمت تصفية جيوب الفساد, وأن تكون هناك محاسبة وشفافية لأن كل من جلس علي كرسي يتصور أنه لن يحاسب, لذلك لابد من المحاسبة الفورية والشفافية لإعلام الجميع, ولابد من إصدار قانون لتيسير الوصول للمعلومات, وهناك اتجاه لترك بعض الوزراء في مناصبهم. ويشير إلي أنني أكافئ وزير الكهرباء علي قطع التيار ليل نهار, والمفروض مساءلته علي هذا الانقطاع, وهذا دليل علي عدم وجود خطة, والمحطات لا تعمل بكفاءة, وهناك محطات متوقفة لعدم وجود وقود, فلابد من بدائل واحتياطيات, وهو موجود في الوزارة منذ سنوات طويلة ولم يبحث عن حلول غير تقليدية, فهو لم يطلب مازوت لتشغيل المحطات, وكل ما هناك هو في انتظار الغاز غير المتوفر الذي نصدره, سواء مباشرة أو تصنيعه وتسييله وتصديره بأقل من سعر التكلفة بكثير. ويري المهندس طارق الملط عضو المكتب السياسي لحزب الوسط من وجهة نظره: أنني مستبشر خيرا باختيار الدكتور هشام قنديل, والسبب الأساسي في ذلك هو السن, لأني متحيز للسن الصغيرة, ولابد من شعور شباب الثورة بالتغيير في أن القيادات الشابة تجد فرصة في قيادة هذا الوطن. لكن يعقب ذلك تنبيه علي رئيس مجلس الوزراء حتي لا نقع في فخ الحكومة التكنوقراط, وهو للأسف أكد أنها متخصصة, وأنا أخالفه في الرأي لأنه من وجهة نظري حقائب سياسية بالأساس قبل أن تكون تخصصية, والمعيار هو الكفاءة, وبالتالي يجب أن تكون اختياراته كالتالي: ثلث عدد الوزارات علي الأقل لهم خبرة ورؤية سياسية, وفي حالة التخصص يمكن الاستعانة بالمستشارين الفنيين في التخصص, وهناك نقطة مهمة أن هناك وزارات هي القاطرة للاقتصاد الوطني مثل وزارة الإسكان, لأن قطاع التشييد والبناء والعقارات يحرك أكثر من100 مهنة أخري, وكذلك وزارتي الصناعة والسياحة, فنرجو أن يوضع في هذه الوزارات القائدة شخصيات تتحلي بمهارة القيادة ولديها القدرة علي اتخاذ القرار من رأسها, ولا تنتظر التعليمات والتوجيهات, حتي لا يصاب الوطن بالشلل الاقتصادي, كما حدث في الفترة الماضية, فحكومات تسيير الأعمال السابقة أوقفت الأعمال التي كانت جارية في قطاع المشروع القومي لإسكان الشباب لأنه كان من ضمن البرنامج الانتخابي للنظام المخلوع, ومن وجهة نظري هذا إسقاط مبارك ونظامه دون إسقاط مصالح المصريين. ويشير إلي أن هذه الوزارة يمكنها تخطي المرحلة الصعبة, شريطة أن يتم التعاون بين كل الأطراف مع هذه الوزارة, وهي مؤسسة الرئاسة والمجلس العسكري, والإعلام وباقي الأحزاب والتيارات السياسية, والتفاف الشعب المصري ورغبته في إنجاح هذه الوزارة النابعة من الثورة, ولا مانع أن يستعين ببعض الوزراء السابقين في حالة الكفاءة, وعدم وجود منافس. المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة, والمفروض أن يكون هناك تعاون من الجميع, وأن نترك له الفرصة لأنه شخصية توافقية, وكان له دور جيد في نقابة المهندسين في الإصلاح بين التيار الناصري والإخواني. [email protected] - [email protected]