توزيع الهدايا وكروت تهنئة باسم «الرئيس السيسي» على المواطنين بكفر الشيخ    عاجل/ سعر جرام الذهب اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 بالصاغة.. يعود للارتفاع بمنتصف التعاملات    حالة من الاستقرار في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    منافذ التموين تواصل صرف المقررات في أول أيام عيد الأضحى    استشهاد 6 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في جباليا    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    السفير الأمريكي لدى اليابان: المحادثات بشأن الرسوم الجمركية لن تقوض التحالف بين البلدين    قرار تاريخي.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية باكتساح    «فيفا» يخفض أسعار تذاكر مباراة الأهلي وإنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    حجاج الجمعيات الأهلية يواصلون أداء المناسك.. ويرمون جمرة العقبة الكبرى.. والبعثة توفر كل الخدمات في مشعر منى    في منى.. روبوتات تتحدث لغات لخدمة حجاج مصر    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    الوطنية للإعلام تنعي الإذاعية القديرة هدى العجيمي    النجم العالمي جيمي فوكس يشارك في إنتاج فيلم happy birthday ل نيللي كريم    رئيس الرعاية الصحية يواصل جولاته لمتابعة تنفيذ خطة التأمين الطبي خلال العيد    طريقة تنظيف الممبار وتقديمه فى أيام العيد    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    "الطفطف" ينشر البهجة بين زوار الحديقة الدولية فى أول أيام العيد    نيوم السعودي يستهدف ضم الجزائري رياض محرز فى الميركاتو الصيفى    رسميا.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    محافظ الدقهلية يزور دار المساعى للأيتام بالمنصورة: "جئنا نشارككم فرحة العيد"    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    وفاه الملحن الشاب محمد كرارة وحالة من الحزن بين زملائه ومحبيه    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    تحالف الأحزاب عن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ: اجتهادية    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ماذا يحث عند تناول الأطفال لحم الضأن؟    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    الونش: الزمالك قادر على تحقيق بطولات بأي عناصر موجودة في الملعب    سرايا القدس تعلن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة شديدة الانفجار في خان يونس    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    خطيب عيد الأضحى من مسجد مصر الكبير: حب الوطن من أعظم مقاصد الإيمان    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جارودي‏:‏ قرن من التحولات الفكرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 07 - 2012

بعد عمر بلغ التاسعة والتسعين بالتقويم الشمسي وزاد علي المائة بثلاث سنوات بالتقويم القمري رحل عن عالمنا في 15 يونيو 2012م أحد فلاسفة القرن العشرين, المفكر العالمي رجاء جارودي, 1331 1433ه 1913 2012م] ولد جارودي في سورمارق ببلدية شينفير بمرسيليا جنوبي فرنسا في 17 يوليو 1913م في عائلة بروتستانتية, ثم تحول إلي الكاثوليكية.. ثم انضم إلي الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1933م.. وانخرط في صفوف المقاومة الفرنسية كتائب الأنصار ضد الاحتلال النازي لفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية.. وتم القبض عليه وسجنه سنة 1940م لمدة ثلاثين شهرا قضاها في معسكر اعتقال بالجزائر في أثناء حكم حكومة فيشي, 19401945م] العميلة للاحتلال النازي التي رأسها الجنرال بيننان,18561951م].
وفي 1945م, انضم جارودي إلي اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي.. وفي 1956م انتخب عضوا بالمكتب السياسي للحزب.. كما انتخب نائبا بالجمعية الوطنية الفرنسية 1954م.. ثم أعيد انتخابه, 19561958م].. ثم أصبح عضوا بمجلس الشيوخ الفرنسي, 19591962م].
ولقد نال جارودي درجة الدكتوراه من جامعة السوربون 1935م برسالة عن النظرية المادية في المعرفة..ثم حصل علي دكتوراه ثانية, من جامعة موسكو 1954م برسالة عن الحرية.. وتولي تدريس الفلسفة بجامعة إلبي بالجنوب الفرنسي.. وبالجزائر العاصمة.. وبباريس 19581959 م, حيث أصبح أستاذا بالجامعة.. وبرزت مواهبه الفكرية كفيلسوف ومنظر ماركسي في الأوساط الفكرية خارج نطاق الجامعة. وفي سنة 1968, وإبان الغزو السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا انتقد جارودي هذا الغزو, الذي قمع الحركة الديمقراطية التشيكية ربيع براغ فتم فصله من الحزب الشيوعي الفرنسي 1970م.. فقام في العام نفسه بتأسيس مركز الدراسات والبحوث الماركسية باحثا عن شيوعية ذات وجه إنساني وأصدر حينئذ كتابه, اشتراكية بوجه إنساني].
وظل مديرا لهذا المركز البحثي مدة عشر سنوات.
وعندما اجتاح الجيش الصهيوني لبنان 1982م, ووقعت مجزرة صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين بضواحي بيروت أصدر جارودي بيانا أدان فيه الغزو والمجزرة, ونشره إعلانا في صفحة كاملة بصحيفة اللوموند الفرنسية بتاريخ 7 يونيو 1982م.. ووقعه معه عدد من المفكرين ورجال الدين الفرنسيين منهم الأب ميشيل لولون والقس إينان ماتيو وبهذا البيان بدأت الحرب بين الصهيونية وبين جارودي, وهي الحرب التي بلغت ذروتها بكتابه, الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية] سنة 1996م, والذي أعقبت صدوره محاكمته الشهيرة بتهمة العداء للسامية, والمراجعة لوقائع الهلوكوست, إبان الحكم النازي.. ولقد حكم عليه بغرامة كبيرة, أدتها عنه دولة الإمارات العربية المتحدة, فأنقذته من السجن.
وفي 2 يوليو سنة 1982م أعلن جارودي إسلامه, وأشهر ذلك بالمركز الإسلامي بجنيف, بادئا بذلك التحول الفكري الذي استقر علي ضفافه, والذي شهد عطاءه الفكري الأكثر خصوبة, في إطار مسيرته الفكرية التي شهدت الكثير من المعاناة الفكرية والعديد من الاجتهادات.. ويومها قال جارودي: لقد وجدت أن الحضارة الغربية قد بنيت علي فهم خاطئ للإنسان.. ولقد كنت عبر حياتي أبحث عن المعني الحقيقي للإنسان, فلم أجده إلا في الإسلام.. لقد أظهر الإسلام شمولية كبري استوعبت سائر الشعوب ذات الديانات المختلفة, فكان أكثر الأديان شمولية في استقباله الناس الذين يؤمنون بالتوحيد, وكان في قبوله لأتباع هذه الديانات في داره, منفتحا علي ثقافتهم وحضارتهم, والمثير للدهشة أنه في إطار توجيهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش وتمازج لهذه الحضارات, بل أيضا إعطاء زخم قوي للإيمان الجديد. وبهذا الاعلان أكد جارودي أن إسلامه قد تجاوز مجرد اعتناق دين جديد, إلي الانتماء إلي حضارة الإسلام أيضا.. لقد وجد في الإسلام وفي الحضارة التي بناها هذا الدين المعني الانساني للإنسان.. ووجد التجسيد الحقيقي للعالمية الإنسانية.. بعد أن اكتشف إبان مسيرته الفكرية السابقة عنصرية ومادية الحضارة الغربية, التي قتلت إنسانية هذا الإنسان.. فالحضارة التي أفرزت الرأسمالية المتوحشة, والإمبريالية التي امتصت دماء شعوب الجنوب, وأعادت عبودية الرق القديم وفرضته علي مئات الملايين, هي ذاتها الحضارة التي أفرزت النازية والفاشية, والتي أشعلت الحروب الكونية التي أبادت فيها عشرات الملايين من البشر.. ولقد لخص جارودي رأيه في هذه الحضارة التي تحول عنها إلي الحضارة الإسلامية في عنوان كتابه:, الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها]!.
وإذا كان إسلام جارودي وهو واحد من صفوة النخبة الثقافية الفرنسية والأوروبية, وأحد فلاسفة القرن العشرين قد مثل في الأوساط الثقافية الفرنسية هذا التحول الذي تجاوز الدين إلي الحضارة فلقد مثل ما يشبه الزلزال الثقافي والحضاري.. حتي لقد انزعج منه المستشرق الفرنسي الكبير جاك بيرك, 19101995م] فقال: هذا يوم أسود!.
ومنذ أن التقي جارودي بالاسلام الدين والحضارة تضاعفت جهوده الفكرية وإبداعاته الثقافية.. فكان المحامي الغربي القدير للتعريف بالإسلاموحضارته, والعامل علي تصحيح الفكرة الكاريكاتيرية التي تقدمها الصحافة الغربية عن الإسلام علي حد تعبيره ... وعندما أغمض جارودي عينيه عن عالمنا بعد أن لازم الفراش منذ 2004م بسبب إصابته بجلطة دماغية وهو في الحادية والتسعين من عمره لم تشر الصحافة الفرنسية إلي مكانته, ولا إلي عطائه الفكري الذي تجسد في أكثر من ستين كتابا.. وإنما عرفته فقط بالمشكك في الهلوكوست!.. فالرجل الذي عاش عمرا طويلا ملء السمع والبصر, والذي شغل الحياة الفكرية علي امتداد عقود طويلة, نجحت الصهيونية التي استبعدت الغرب في أن تجعل كبريات دور النشر الفرنسية والغربية, وحتي المكتبات تقاطع كتبه.. فعندما أصدر كتابه, نداء إلي الأحياء] باعت منه دار النشر 190 ألف نسخة.. وعندما أصدر كتابه عن, الإرهاب الغربي] قاطعته دور النشر والمكتبات, حتي باعه سرا, ووزع منه 30 ألف نسخة!.. لكن الإنسانية, التي دافع عنها جارودي تعلقت بإبداعاته الفكرية, فترجمت العديد من كتبه إلي عشرات اللغات الشرقية والغربية علي حد سواء.
المزيد من مقالات د. محمد عمارة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.