سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محمد الدايرى وزير الخارجية فى الحكومة الليبية المؤقتة ل «الأهرام»:الليبيون يثقون فى تواصل الجهود المصرية المخلصة للتوصل إلى حل سياسي .. قطاعات عريضة تتوق إلى سيطرة الجيش الوطنى على الحدود واستتباب الأمن خاصة بعد حالة الانفلات فى طرابلس
تدخل ليبيا تحديا تلو الآخر فى عملية إنقاذ الدولة الوطنية، بينما تحاول أطراف عربية ودولية فى مقدمتها مصر، تسهيل عملية الحوار بين الفرقاء الليبيين. على هامش «منتدى باكو العالمى» حول مستقبل العلاقات الدولية، تحدثت «الأهرام» إلى محمد الدايرى، وزير الخارجية والتعاون الدولى فى الحكومة الليبية المؤقتة لاستجلاء مواقف بعينها سواء على مستوى العلاقات بين الحكومة المؤقتة والمجلس الرئاسى وقيادة الجيش الوطنى،أو بين المؤسسات القائمة والعالم الخارجي. فإلى نص الحوار: الأهرام: جرت تسريبات فى الآونة الأخيرة عن وجود عسكرى روسى فى الأراضى الليبية وسارعت موسكو بالنفى كما كان رد مصر واضحاً فيما يخص استخدام أراضيها. ما هو موقف الحكومة التى تمثلها من مثل تلك الأنباء؟ نحن نرى أن تلك الأنباء تستهدف إلى التشويش على الموقف الروسى، وهو موقف يدعم الدولة الوطنية فى بلادنا ويدعم بوضوح الحل السياسى والعملية السياسية وكانت روسيا بعيدة فى السابق عن الملف الليبى واليوم هى تنخرط بوضوح فيه وهو ما استدعى قيام البعض بالإدعاء بوجود عسكرى روسى فى بلدنا. فى الوقت نفسه، موسكو تدعم الجيش الليبى سياسيا فى تلك المرحلة ولو كان هناك أى مشروع مرحلى بدعم الجيش الليبي، من أجل رفع حظر السلاح، فى مجلس الأمن فمن المهم أن تكون العلاقات مع روسيا جيدة لتحقيق الهدف السابق. وروسيا لن تقدم على أى أفعال غير محسوبة فى ليبيا، وهى منفتحة على كل الأطراف شأنها فى ذلك شأن دول عربية نعتز بدعمها مثل مصر. وأعتقد أن هناك محاولة للتشويش على الموقف الروسى خاصة بعد استقبال المشير خليفة حفتر مرتين ثم استقبال عقيلة صالح رئيس مجلس النواب فى موسكو فى ديسمبر الماضي. الأهرام: لماذا لا نرى ضغوطا ملموسة على الدول الخمس الدائمة العضوية من أجل إنهاء حظر السلاح المفروض على الجيش الوطنى الليبي؟ لا أخفى على القارئ المصرى والعربى أنه قبل الضغط على الدول الدائمة العضوية، هناك دول عربية وفى الجامعة العربية هناك من يتحفظ على فقرات فيما يخص القرارات الخاصة بليبيا لأنهم كانوا يعتقدون أن رفع الحظر هو انحياز إلى طرف سياسى وعسكرى رغم أننا لا نرى الأمر بالطريقة نفسها. نحن نعتقد أن غالبية الدول العربية التى أيدتنا فى ذلك الحين تعتقد أن دعم الجيش الوطنى الليبى هو دعم لمشروع الدولة الوطنية. هناك مشروع آخر يقابل المشروع المشار إليه وهو الفوضي، حيث تزايدت فى الفترة الأخيرة التطورات الأمنية السلبية فى طرابلس من سئ إلى أسوأ من قتل إلى اغتصاب إلى خطف وحتى وصلنا إلى محاولة الاعتداء على رئيس المجلس الرئاسي. ودول قليلة جدا هى التى ترفض مطلب رفع الحظر. ولا أنسى هنا توجهى برفقة وزير الخارجية سامح شكرى إلى مجلس الأمن بعد جريمة مقتل المواطنين المصريين الأقباط فى سرت فى فبراير عام 2015 وطالبنا برفع الحظر إلا أن المجلس لم يستجب لنا! الدول الدائمة العضوية تؤكد ضرورة إيجاد حل سياسى بحيث يكون هناك جيش موحد وحكومة واحدة يتم بعدها تسليح الجيش الليبى ومنحه الإمكانيات اللازمة لضبط الحدود ودرء خطر الإرهاب. الأهرام: ما هى طبيعة الإتصالات الحالية مع إدارة دونالد ترامب فى الولاياتالمتحدة..؟ هناك إتصالات مبدئية والإدارة الجديدة مشغولة بالأوضاع الداخلية إلا أننا ننتظر اكتمال تشكيل وزارة الخارجية الأمريكية ووجود نواب ومساعدين كبار لوزير الخارجية حتى يمكن متابعة الموقف معهم وبخاصة مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط. الأهرام: المواجهات فى الهلال النفطى من الألغاز الحقيقية. هل هناك تواصل مع «سرايا الدفاع عن بنغازي»؟ ومن يدعم تلك الميلشيات؟ «سرايا الدفاع» يدعمها تنظيم القاعدة فى بيانات رسمية. فى يوليو الماضي، وفى تدفق بعض قادة تلك الجماعات القاعدية فى الجفرة فى وسط ليبيا وهم من كانوا داعمين للعمليات العسكرية التى شكلت إعتداء على حرمة وسيادة وثروات الشعب الليبى الذى هلل لسيطرة قوات الجيش الوطنى على منطقة الهلال النفطى فى سبتمبر الماضى بعد أن ظلت تلك المنطقة مشلولة- بحكم وجود جماعات من الخارجين على القانون وهم من عرقلوا تصدير النفط لمدة ثلاث سنوات- وإبراهيم الجدران والذى كان يسيطر على ما يسمى «حرس المنشآت النفطية» عرقل تصدير النفط. وكان مصطفى صنع الله مدير المؤسسة الوطنية فى طرابلس قد إتهم الجدران قبل شهر واحد من بدء عمليات الجيش الوطنى الليبى فى منطقة المنشآت النفطية فى سبتمبر الماضى بالعرقلة والكذب والابتزاز بتقديم أعداد حرس المنشآت بحوالى 32 ألفا بينما هو لم يكن يملك سوى 2000 جندى فقط. قطاعات عريضة تتوق إلى سيطرة الجيش الوطنى الليبى على الحدود واستتباب الأمن والسيطرة على كل ربوع البلاد بالنظر بشكل خاص إلى حالة الإنفلات فى العاصمة طرابلس وارتكاب جرائم وفظائع واقتتال بين بعض الميلشيات داخل المدينة. الأهرام: كيف نفهم التطور الخاص بقيام «سرايا الدفاع» بتسليم المنشآت النفطية لحكومة الوفاق قبل التطور الأخير بقيام الجيش الوطنى بإستعادة تلك المنشآت؟ دعنى ألفت الأنظار إلى ما ورد فى تقرير مجموعة الأزمات الدولية عندما نددت فى شهر ديسمبر الماضى بوجود دعم ممن يسمى وزير الدفاع فى حكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس لهذه السرايا ولمحاولة استرجاع منطقة الهلال النفطى يوم الأربعاء 7 ديسمبر. والمعروف أن هناك أطرافا داخل ما يسمى حكومة الوفاق تدعم «السرايا». دعنى أشر ايضا إلى أن البيان الصادر يوم الجمعة 3 مارس بعد الاعتداء على المنشآت النفطية من قبل سرايا الدفاع كان المجلس الرئاسى قد أصدر بيانا يندد فيه بهذا الإنتهاك للشرعية الوطنية وانحيازه للأوضاع التى كانت سائدة لكن عضوين من المجلس الرئاسى أعلنا أن «بيان المجلس الرئاسى لا يمثلنا». بمعنى أن هناك فعلا أطرافا متواجدة فى حكومة الوفاق الوطني- والتى تؤيد «سرايا الدفاع» وتقف وراء جماعات إرهابية- تعصف بمقدرات الشعب الليبى وثرواته وتهدد أمن المواطن الليبى قبل أن تهدد أمن مصر وتونس والجزائر. هناك سياسيون ومجموعات مسلحة يدعمون ما يسمى «سرايا الدفاع عن بنغازي». الأهرام: لم يكن التجاوب مع الجهود المصرية للجمع بين المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى ورئيس المجلس الرئاسى فائز السراج على قدر الطموحات المطلوبة؟ نثمن الجهود المصرية بكل أشكالها وهو جهد يتمثل فى دعم مجلس النواب والجيش الوطنى الليبى وقيادته العامة من ناحية ومن ناحية أخرى مصر بحكم عضويتها فى الجامعة العربية ومجلس الأمن ووضعها السياسى تقود جهود التقريب بين الليبيين. فنحن نثمن الدعم المصرى ولا نتوقف فقط عند الجهد الدبلوماسى الأخير وأنا متأكد أن تلك الجهود سوف تتواصل بالنظر إلى المصداقية التى تتمتع بها الشقيقة مصر فى قلوب وعقول الشعب الليبى بكل قطاعاته العريضة. الأهرام: ما هو المطلوب فى ظل تلك التعقيدات من أجل خلق إجراءات إعادة بناء الثقة بين الفرقاء الليبيين..؟ المطلوب مثلما قلنا فى البيان الصادر عن الخارجية الليبية بعد نجاح عملية استعادة سيطرة الجيش على منطقة الهلال النفطى هو وجود موقف موحد من قضية الإرهاب والمجتمع الدولي- وأنا لا أتحدث عن الشقيقة مصر لأن موقفها واضح- الذى يضغط من أجل إيجاد حل سياسى ونحن مع الحل ولكنه مطالب أيضا بتبيان الحقيقة فيما يخص الإرهاب. فهل نحن مع حل سياسى يفضى إلى التفريق؟ بالقطع «لا» .. هل نريد ضم الأطراف السياسية التى تريد بناء دولة وتريد محاربة الإرهاب أم أن الحل المقترح يفترض أطرافا وجهات وتجمعات مسلحة أيدت ومازالت تؤيد الأرهاب؟ نحن لا نتهم المجلس الرئاسى وفائز السراج بدعم الإرهاب ولكن المجلس بتشكيلته الحالية- مع الأسف- هو حبيس لمواقف تؤيد فى مجملها الإرهاب وهو ما يترجم على الأرض من خلال عمليات عسكرية إرهابية للنيل من طموحات الشعب الليبى فى إنشاء جيش وطنى وشرطة وقضاء وإقامة دولة مؤسسات حقيقية وهو ما لم نراه منذعام 2011 بسبب هيمنة وسيطرة بعض الجهات السياسية والعسكرية على مجرى الأمور فى ليبيا وبخاصة فى الغرب الليبي، الذى نحن متمسكون به لأننا متمسكون بوحدة التراب الليبي. الأهرام: بعد الإعلان بين مصر وتونس والجزائر مؤخرا.. لماذا لا يتم تفعيل آلية تنبثق من الاتفاق بين الدول الثلاث تسهم فى الحل السياسى وفى وضع تعريف محدد للإرهاب؟ نتمنى على أشقائنا فى مصر وتونس والجزائر أن يقوموا بهذا الدور ونحن نعلم أنه بعد تصريحات وزير الخارجية التونسى فى واشنطن أن هناك اجتماعا أخر على المستوى الوزارى قبل إجتماع القمة المقترح بين زعماء الدول الثلاث. ونتمنى أن يكون هناك موقف واضحا فى قضية الإرهاب. وإذا أرادت الدول الثلاث «حلا سياسيا» فعلينا أن نفصل بين الغث والسمين، وأن يكون هناك موقف واضح من القوى السياسية التى تدعم الإرهاب فى ليبيا ولا يمكن إشراكها فى الحل السياسي. ونحن نرفض إشراك الجماعات المتطرفة فى العملية السياسية. وقد لمسنا توافقا، ولا أقول تطابقا، فى وجهات النظر بين الدول الثلاث فى كل المسائل وهناك فجوة تم ردمها مؤخراً. الأشقاء الثلاثة يدركون أهمية التوصل إلى حل خاصة بعد تطورات الفترة الماضية التى شملت الهجوم على منطقة الهلال النفطى مما يسمى «سرايا الدفاع عن بنغازي» والتى تضم عناصر إرهابية من دول عربية شقيقة. الأهرام: كيف تفسر استمرار رهان قوى غربية على الإسلاميين فى ليبيا؟ قلت فى باكو وفى مؤتمرات أخري، أن الغرب كان يراهن على مفهومين الأول الإشراك وعدم الإقصاء والمفهوم الثانى الإبعاد وهو إبعاد الإرهابيين ومحاصرتهم فى مناطقهم الأصلية التى جاءوا منها. واعتقد أن الغرب أكثر إدراكا اليوم لخطورة تلك المفاهيم التى وصلت بالجميع إلى طريق مسدود. وقد سمعنا من فريدريكا موجرينى المفوض الأعلى للشئون الخارجية الأوروبية تقول فى فبراير إن الاتحاد الأوروبى ليس متمسكا بالضرورة بالتشكيلة الحالية للمجلس الرئاسي. كما تحدث بوريس جونسون وزير الخارجية البريطانية عن ضرورة وجود حقيقى لخليفة حفتر القائد العام للجيش فى أى عملية سياسية ثم اجتماع السفير البريطانى للمرة الأولى مع المشير قبل أيام قليلة . هناك تطور فى نظرة المجتمع الدولى ولكنها لم ترق إلى ما نريده. على سبيل المثال، كانت البيانات فى أحداث مثل العملية العسكرية فى الهلال النفطى تصدر عن 6 دول للتنديد بالتصعيد العسكري، وفى العملية الأخيرة صدر بيان من ثلاث دول تندد بالإرهاب فى تلك المرة. وهناك دول لم تندد بالإرهاب ونتمنى أن تتغير مواقفهم. الليبيون يتوقون إلى الأمن وخاصة أهل طرابلس وهو ما يجب أن يفهمه السياسيون فى الغرب. الأهرام: هناك جدل حول توقيع السراج إتفاقا أو مذكرة تفاهم مع إيطاليا بشأن الهجرة، فى المقابل اعتبرت أطراف ليبية مثل هذا الاتفاق «غير دستوري».. كيف تتعاملون مع الملف خصوصا الحد من الهجرة ومراقبة السواحل؟ مذكرة التفاهم الموقعة فى 2 فبراير جاءت بعد مواثيق عديدة فى السابق وهناك طموح إيطالى لدعم وجود معسكرات للمهاجرين فى ليبيا وهو مطلب يرفضه المجتمع الليبى ومجلس النواب والحكومة المؤقتة والحراك المجتمعى ضده. نعتقد أن المسألة الأساسية هى بسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها والمنافذ البرية والبحرية والتعاون مع الدول الأفريقية والأوروبية من أجل الحد من التدفقات البشرية غير المنظمة ونحن نعلم أن توقيع تلك الإتفاقيات فى موسم الانتخابات فى إيطاليا يريد أن يبعث رسالة أن الحكومة الحالية تقوم بجهد فى تلك المسألة، ولكننا نقول أن الجهد الأساسى المطلوب من الإيطاليين يكمن فى التوصل إلى حلول سياسية لانهاء الأزمات الحالية فى ليبيا والتوقف عن التساهل مع الجماعات المسلحة فى غرب ليبيا.