ما هذا الهراء وهذه الأكاذيب؟! هل من الممكن أن تفرط مصر ورئيسها فى شبر واحد من أراضى مصر؟ هذا ما اشاعته بعض المصادر الإعلامية حول مشاركة مصر فى حل النزاع بين إسرائيل وفلسطين، والحل عند إسرائيل إما قيام دولة واحدة أو قيام دولتين، وفى حالة قيام دولة واحدة فإنها تشترط أن تكون هذه الدولة غرب الحدود الأردنية، وتشمل الضفة الغربيةوغزة، بحيث يضم هذا الكيان الشعبين الفلسطينى واليهودى ولن يكون ذلك مريحا مطلقا لدولة إسرائيل فمستقبلا سيذوب الشعب اليهودى وسط الشعب الفلسطينى المتزايد، وتنتهى بذلك «يهودية الدولة»، فهى الآن قائمة فعلا ولقبت إسرائيل نفسها بأنها دولة يهودية ديمقراطية ويعتبر معظم مواطنيها يهودا بديانتهم أو قوميتهم بجوار أقلية هى عرب إسرائيل ووصفها نفسها بالديمقراطية لتوهم العالم بأنها علمانية غير عنصرية، كما تصبغ على نفسها صفة الدولة اليهودية ردا على بعض الدول التى توصف بأنها «إسلامية». وإذا عدنا بالذاكرة عند قيام دولة إسرائيل، فإننا نجد أنه هربا من الرومان بدأت الهجرة والشتات أولا إلى الجزيرة العربية واليمن ومصر، ثم توالت الهجرات إلى روسيا ودول شرق أوروبا ثم غربها، ولم يكن سعى «بلفور» لإقامة وطن قومى لليهود حبا فيهم (حيث قاوم دخول المهاجرين منهم إلى بريطانيا)، ولكنه كان نتاج تغيرات كثيرة فى العالم، فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانكسار الإمبراطورية العثمانية هرولت بريطانيا عام 1920 إلى فرض الانتداب البريطانى على فلسطين وجعلت الصهيونى «هربرت صموئيل» مندوبا ساميا بريطانيا، وكان الجو الأوروبى العام قد ضاق باليهود، ووجد انه ليس من مصلحة أى بلد أن يقوى نفوذ اليهود فيه، وأيضا بسبب ما عانوه من اضطهاد فى ألمانيا، اصبح انشاء دولة يهودية صهيونية ضرورة لهم. وتحت هذا الانتداب البريطانى وضعت التسهيلات التاريخية للحركة الصهيونية فى النزوح إلى فلسطين وشراء الأراضى واقامة المستعمرات إلى أن جاء قرار التقسيم الذى اصدرته الأممالمتحدة عام 1947 لتصبح دولة رسميا عام 1948. إذن هى دولة يهودية من الأصل وتوسعت بسبب الحروب المتتالية مع العرب وحدودها هى الأراضى التى يقف عليها الجندى الإسرائيلي. وبهذه الصفات لا تستطيع إسرائيل أن تفرط فى يهوديتها إذا قامت دولة واحدة والأسئلة التى تطرح نفسها هى: ماذا ستفعل بالشعب الفلسطيني؟ هل سيحصل مثلا على جواز سفر إسرائيلي؟ وهل الدولة التى تمنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم سترحب بوجود (عرب إسرائيل)، وأهالى غزة بين صفوفها؟ إذن حل الدولة الواحدة لن تقبله إسرائيل وبالتأكيد لن تقبله فلسطين. أما الحل الثانى الذى تتبناه معظم الدول وأمريكا ومصر وبرغم بساطة طرحه فهو (كما تبغى إسرائيل) حل كارثى إذا ما تم حسب ما يدور فى فكرهم، فإذا كان التصور للدولة الفلسطينية قد ارتبط بالضفة الغربية وقطاع غزة فإن الوضع تغير الآن فعمليات تهويد الضفة الغربية تتمدد وعدد اليهود داخل المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة يصل إلى أربعمائة ألف يهودى والاستراتيجية الأمنية لإسرائيل تقوم على انه لا توجد دولة غربى نهر الأردن غير إسرائيل، أما الدولة الفلسطينية فستكون فى غزة التى تعتبر من اكبر مناطق العالم ازدحاما بالسكان الذين يصل عددهم إلى مليونى نسمة يعيشون على 360 كيلو مترا مربعا. إذن ما هو الحل؟.. هم يتصورون ان الأمور ستسير بهدوء فى ظل (العروبة والشقيقة الكبري) وستتمدد بقعة غزة رويدا رويدا حتى بغير اتفاقات بتبادل أراض أو ما شابه ذلك، وعندما يشارك «الأبالسة» المتطرفون الذين لا يؤمنون بالوطن، ومعهم الدواعش فى اللعبة السياسية فإنهم يلجأون لعملياتهم الوضيعة المكشوفة بحرب العصابات فى شمال سيناء ضد الأمن المصرى ويسبقهم الخيال إلى ما حدث فى سوريا والعراق من التهجير القسرى للمواطنين وإخلاء مدن بكاملها، وبغباء شديد يحاولون تطبيق ذلك فى مصر بمدينة العريش فيقتلون بعض الأسر ويجبرون البعض الآخر على الهروب. واقول لهؤلاء لن تنجحوا «فالعنوان غلط». د. عادل وديع فلسطين