فى يوليو 2015 بدأ نشر حلقات (صنايعية مصر) بشكل منتظم فى ملحق الجمعة، قبلها بعامين بدأ البحث و النشر فى أماكن أخرى بشكل غير منتظم، كانت الرحلة بين قوسين، قوس الفضول الشخصى للمعرفة والبحث، وقوس التعبير عن الشعور بالإمتنان والفضل لأسماء كثيرة رسمت تاريخ حياة سكان هذا البلد. بدأت بقائمة طموحة بها ما يقرب من سبعين اسما قدم كل واحد منهم الشىء الذى لم يحصل على مقابله العادل من التوثيق و أضواء التاريخ، وبعد كل هذه الفترة كانت النتيجة التى يمكن ان يرضى عنها الواحد قائمة بها ما يقرب من أربعين اسما، فى الطريق تخلى الواحد عن بعض الأسماء مرغما لعدم وجود مادة كافية عنهم فى اى مكان يحتمل أن يكون قد وثق تاريخهم، لا أتحدث عن أرشيف المؤسسات الصحفية فقط، ولكن أتحدث أيضا عن بعض الأسر التى تحمل اسم صنايعى مهم من صنايعية مصر لكنها لم تهتم بتوثيق تاريخه، أذكر فى إحدى المرات وصلت لحفيد إحدى هذه الشخصيات بصعوبة، و لمست تهربه من المقابلة، ثم أعترف لى أن لا أحد فى محيط أسرته يعرف معلومات كافية يمكن حكيها، سالته إن كانت الأسرة تحتفظ بأية مادة منشورة عنه، قال لى أن أحد الصحفيين زار والده قبل سنوات و أخذ المادة التى كان يحتفظ بها الأب على وعد من الصحفى باستخدامها لعمل كتاب، لكن الصحفى والمادة لم يظهرا مجددا ولا أحد يتذكر اسمه. الاهتمام بالتوثيق والكتابة والبحث والتحليل والأرشفة فى مصر يدور فى دائرة مغلقة، الكل يهتم بالأسماء نفسها ولا يسعى لتوسيع الدائرة، سيظل التوثيق فى مصر يدور حول محمد عبد الوهاب على سبيل المثال و ستجد الكتابة عن تجارب الموجى أو محمد فوزى مثلا تجارب فردية يقوم معظمها على التعبير عن المحبة و حكايات قليلة متداولة و مكررة، يصنع كثيرون مزيدا من الأضواء طوال الوقت فقط حول الأشخاص الموجودين فى الضوء أصلا، من هنا كانت صعوبة العثور على مادة تجعل العمل أسهل قليلا، فكان أن سقطت فى الطريق بعض الأسماء. البعض الآخر بعد الكتابة عنهم اكتشف أنهم أصحاب تجارب ناجحة فقط، لكنهم من غير المؤسسين أو أصحاب الإنجاز الذى تحول إلى تفصيلة فى الحياة العادية للمصريين، فتخلى الواحد عن البعض الآخر. كان الواحد يصر على أن يذكر مصادر المعلومات عنهم، ليس من باب الأمانة المهنية فقط، لكن من باب توجيه الشكر لكل من اهتم و لو بتوثيق سطور قليلة عن أي من الشخصيات التى كانت موجودة فى القائمة، كان الواحد يفرح بسطر فى موقع او كتاب أو تحقيق صحفى قديم أو معلومة عابرة فى حديث تليفزيونى، كانت تلك الاكتشافات ممتعة ومثيرة، لكن التجربة إجمالا كانت مرهقة، و تحتاج إلى وقفة من أجل تجديد دمائها، بالبحث عن أسماء جديدة و مصادر جديدة، نقطة نظام تفتح الباب أمام قائمة صنايعية جدد بمزيد من البحث عن كل ما له علاقة بهم، و هو أمر يحتاج إلى بعض الوقت، لذا أرجو السماح لى بتجميد سلسلة الصنايعية قليلا، واستبدالها بفكرة أخرى ستبدأ مع العدد القادم، وأرجو أن يكون لها الصدى نفسه الذى حققته سلسلة صنايعة مصر بشكل كان يشجع الواحد على الاستمرار فى البحث و التنقيب، و احتراما لهذا الصدى كان لابد أن أذهب بمقالات الصنايعية إلى ( التوكيل) طلبا لما يجعلها إن لم تطور لياقتها تحافظ عليها على الأقل. العمل فى صنايعية مصر لا يمكن الكلام عنه بمعزل عن كل من قدم له الدعم، و فى المقدمة السادة القراء الذين لم تنقطع رسائلهم ما بين إضافة و تعليق و تصحيح معلومات و تقديم مفاتيح تساعد فى البحث بخلاف الرسائل التى تقدم كل مودة و تقدير، الشكر أيضا للزملاء العاملين فى قسم المعلومات فى الأهرام و الذين أرهقتهم بالبحث عن ملفات مدفونة نادرا ما يطلبها أحد، و الزملاء فى قسم الميكروفيلم بالمؤسسة و الذين ساعدوا كثيرا فى البحث بعرض أرشيف الأهرام فى سنواته الطويلة بحثا و لو عن خبر صغير قد يكون مفيدا أو نشرة نعى تساعد فى الوصول لأى من عائلات الصنايعية، و الشكر للكاتب الصحفى الأستاذ أنور عبد اللطيف الذى أتاح لى الفرصة و المساحة و تعامل مع أى تقصير بمنتهى اللطف مقدما طوال الوقت توجيهات كان لها عظيم الأثر فى العمل. وشكر خاص لأستاذتنا فى المهنة الذين كان إنتاجهم فى فترة شبابهم الصحفى من أهم مصادر العمل، يحسب لهم أنهم اهتموا قبل سنوات بعيدة بعمل حوار أو كتابة تحقيق عن أسماء عرفوا بحسهم الصحفى وقتها أنها ستكون مؤثرة، شكرا لحسن البصيرة ولتقديم مادة عمرها يقترب أحيانا من الخمسين عاما مازالت صالحة حتى يومنا هذا وكان العثور عليها بمثابة العثور على كنز مهنى، شكرا للاساتذة الكبار صلاح منتصر وفهمى هويدى ومفيد فوزى و الراحل سعد الدين وهبة. ................................................... انتهى الجزء الأول من سلسلة صنايعية مصر، ولنا لقاء قريب مع الجزء الثانى، لكن الأسبوع القادم لنا لقاء مع سلسلة مقالات جديدة إن شاء الله.