إعلان القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب الخميس المقبل، وانطلاق الدعاية الانتخابية رسميا    تفاصيل أولى جلسات مجلس إدارة الهيئة العامة للاستعلامات بعد تشكيله    أعترض على قرار رئيس الوزراء!!    قمة "ميد 9" تؤكد دعم السلام والاستقرار وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    اتفاق أمريكي- أسترالي ب8.5 مليار دولار لتأمين المعادن النادرة    الأهلي السعودي يكتسح الغرافة برباعية ويتصدر دوري أبطال آسيا للنخبة    احتفالات لاعبى الأهلى بلقب البطولة الأفريقية الثامنة لكرة اليد للرجال.. صور    باع له تليفون الضحية.. استدعاء صاحب محل موبايلات بواقعة قتل تلميذ الإسماعيلية    إصابة 10أشخاص فى حادث تصادم سيارتين ميكروباص بالبحيرة    الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل    انطلاق ورشة الفنون التشكيلية بالمسرح القومى للأطفال برعاية وزير الثقافة فى نوفمبر    بحفل كامل العدد.. عمر خيرت يمتع جمهور مهرجان الموسيقى العربية بمقطوعاته الموسيقية    وزارة الصحة: إصابات الإنفلونزا تمثل خطرا على أصحاب الأمراض المزمنة    «رجال يد الأهلي» بطلًا لإفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة    إطلاق فعاليات المبادرة القومية «أسرتي قوتي» بديوان عام محافظة الجيزة    أكتوبر والغناء للوطن    هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب    ميكا ريتشاردز يدعم قرار سلوت باستبدال محمد صلاح في مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد: "لا أحد أكبر من الفريق"    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يفتتح الملتقى الثاني لعُلماء باكستان "تنسيق المواقف ووحدة الكلمة"    وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور    يسرا تشعل الجونة برقصها على "جت الحرارة "وتتصدر التريند    هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم    حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز    منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة    نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت    بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب    محافظ أسوان يتفقد مركز الأورام ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    سيراميكا كليوباترا: الأهلي فاوض أحمد هاني.. ولا مانع لانتقال القندوسي إلى الزمالك    أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه    محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة    نساء 6 أبراج تجلبن السعادة والطاقة الإيجابية لشركائهن    «القومي للبحوث» يناقش تطوير علم الجينوم بمشاركة خبراء من 13 دولة    نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس    هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر    مصدر من الأهلي ل في الجول: ننتظر حسم توروب لمقترح تواجد أمير عبد الحميد بالجهاز الفني    ليست الأولى.. تسلسل زمني ل محاولة اغتيال ترامب (لماذا تتكرر؟)    قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية    الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة غرب الإسكندرية لتيسير حركة المرور    مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    اتصالان هاتفيان لوزير الخارجية مع وزيري خارجية فرنسا والدنمارك    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    موانئ البحر الأحمر: تصدير 49 الف طن فوسفات عبر ميناء سفاجا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة    طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه    تأجيل محاكمة 3 متهمين بالتنظيم الثلاثي المسلح لسماع أقوال شاهد الإثبات الأول    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية    حبس المتهم بانتحال صفة موظف بخدمة عملاء بنك للنصب على مواطنين بالمنيا    أسعار البقوليات اليوم الاثنين 20-10-2025 في أسواق ومحال محافظة قنا    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    وزارة الرياضة : ننسق مع اللجنة الأولمبية واتحاد تنس الطاولة لمتابعة تطورات وتحقيقات الأزمة بين لاعبين ببطولة أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى نبنى العقول؟

أرى أن مؤسساتنا التعليمية بأكملها لم تعد صانعة للعقول، بل صارت في غاية العبثية، وتحولت فلسفتها التعليمية من بناء العلماء والخبراء واكتشاف المواهب، إلى اعتصار الطلاب والتلامذة لجني الأموال من خلال الدروس الخصوصية، دون أدنى نظر إلى بناء شخصية خبير مؤهل لحمل أمانة الوطن، ومن المعلوم أن العقل على ثلاث مراتب: عقل سطحي، وعقل عميق، وعقل مستنير.
* أما العقل السطحي: فهو الذي تعوّد أن يقف عند ظواهر الأمور، ويكتفي بإدراكها والعبور عليها، دون غوص ولا فكر ولا تحليل، فهو مشغول دائما بالأحداث والأشخاص، يلهث وراء مجريات الحياة التي لا تنتهي، ويغرق في ضجيج الحياة، وأحوال الأشخاص، وشئون معيشتهم، وهو شغوف بمعرفة من باع ومن اشترى، ومن خاصم ومن صالح، ومن تزوّج ومن طلّق، ومعرفة الأسواق، والأسعار، والأقارب، وما جرى بينهم، ومن مرض منهم، ثم كيف شفي، ولماذا، ومعرفة ما يقع يوميا من الأولاد وزملائهم، والجيران وجيرانهم، ورفاق العمل ومشكلاتهم، وكثيرا ما يقع لهؤلاء جميعا إشكالات ووقائع، وقضايا، فيغرق ذلك العقل فيها، وفي تطوراتها، وفي تداعياتها، ويظل طوال العمر وهو يغوص في تلك الرمال المتحركة، حتى يتحول ذلك العقل بالتدريج إلى مستوى شديد التفاهة، لا يعرف من الأمور إلا ضجيجها وتسارعها وتقاطعها.
* العقل الثاني: عقل عميق: ينظر إلى الأحداث والأشخاص والأحوال والوقائع، فيعرفها ويدركها، لكنه لا ينشغل بها، ولا يتوقف عندها، ولا يكتفي بسردها والحديث عنها، بل يرتقي إلى تأمل ما وراءها من قضايا، وما يتسبب فيها من أفكار، وكلما طرأت عليه أحداث الحياة بضجيجها وصخبها وزحامها، انصرف عن ذلك كله إلى ما يحرك كل ذلك من عوامل، فتتجرد في نظره كل الأحداث من أثوابها وزخارفها، حتى يرى بوضوح من أين تبدأ وتنشأ، وإلى أين تمضي وتؤول، فهو يرى كل أحداث الحياة من منصة عالية، تسمو فوق أحداثها الصاخبة المتلاحقة اللاهثة، فلا ينجرف في جزئياتها، ولا تغمره بأمواجها، بل يراها من أعلى، من منظور (عين الطائر) كما يسميه هواة التصوير، فكأنه طائرٌ حرٌّ، محلقٌ فوق كل الأحداث، يراها من أعلى، فإذا هي أمامه واضحة، من بدايتها إلى نهايتها، يعرف منشأها ومآلها، فيحكم على كل حدث وعلى كل شيء حكما سديدا، مستوعبا، فهذا العقل العميق هو الذي يصلح للقيادة، وهو الذي يعرف كيف يفكّر، وهو الذي ينشأ على يده البحث العلمي المنهجي، وهو الذي ينتج الاكتشافات والاختراعات، وهو الذي يعرف الناسُ منه الحكمة، وهو الذي يصنع العمران، وربما وظف صاحب العقل العميق مهاراته وعلومه في الانحراف بالعمران إلى العدوان والاستعمار والقتل والتخريب.
* العقل الثالث: عقل مستنير: يعرف الأحداث والأشخاص، ويرصد كل ذلك، ويلم بمجريات الحياة كالعقل الأول، ثم يغوص إلى أعماقها، ويرى ما وراءها كالعقل الثاني، ثم يربط كل ذلك بالله، فإذا به عقل أنارت أمامه الكائنات والحادثات والوقائع، وزادته ربطا بالمولى سبحانه، وهو عقل يتأمل، ويحلل، ويفكّر، فيرى الله تعالى في كل شيء، فإذا كل واقعة، وكل شخص، وكل حدث، وكل أمر، وكل قضية، تسمو به وترتقي، فتذكّره بالله، وهو يغوص في أحداث الحياة، فلا يكون حظه فقط أن يصل إلى الأعماق، بل هو يصطاد اللؤلؤ، ويلتقط جواهر المعرفة، ويخرج من كل حدث بزيادة في إيمانه، وارتقاء في سعة معرفته بربه، وهو يرى الحكمة الإلهية في كل واقعة، وتبصر عينه مشاهد الجلال والصنع الإلهي في كل حدث.
«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ»، فتعالوا لنرى مسلك أصحاب تلك العقول في التفكير: أولا: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ»، فذكرُ الله تعالى حاضرٌ على ألسنتهم وفي وجدانهم، في كل وقت، وعلى كل حال، وجلال الربوبية حيٌّ نابضٌ حاضرٌ في أفئدتهم، يتداعى سريعا إلى أذهانهم كلما أرادت الفكر، فلا ينشغلون بأحداث الحياة، وزحامها، وتدافع البشر فيها، رغم معرفتهم بكل ذلك، بل تنصرف عقولهم إلى ما وراء ذلك من الحِكَمِ والدوافع، فينطلق العقل حرا من الأثقال والأغلال، مصحوبا بأنوار ذكر الله تعالى، يستنير بها، وينطلق العقل ليفكر، فكانت النتيجة: (وَيَتَفَكَّرُونَ) وهو المبدأ الثاني بعد الذكر، فأمعنت عقولهم في البحث العلمي التجريبي، المتعلق بعلوم الأرض والفضاء، وأمعنوا النظر والتأمل والتدبر والبحث والتفتيش في شئون السموات والأرض، فارتبط كل ذلك عندهم بالمولى سبحانه، ورأوا فيه مشهد الجلال الرباني، وشهدوا فيه الحكمة والتدبير والتقدير: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، ويوم أن تعود مؤسساتنا التعليمية لصناعة العقول، وتسخير كل مدخلات حركة التعليم فيها لصناعة هذا المنتج المعرفي، نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح لبناء وطن وصناعة حضارة.
لمزيد من مقالات د.أسامة السيد الأزهرى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.