الثلاثاء 23 ديسمبر 2025.. الذهب يواصل الصعود وعيار 21 يقترب من 6 آلاف جنيه للجرام    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    مقتل 5 أفراد الشرطة الباكستانية في هجوم مسلح بإقليم خيبر بختونخوا    هجوم روسي على كييف والبنية التحتية للطاقة.. وطائرات بولندية لتأمين مجالها الجوي    بعد أحداث الشمال السوري.. مصر تدعو إلى خفض التصعيد في سوريا وتغليب مسارات التهدئة والحوار    شاهندا المغربي حكماً للمقاولون والطلائع في كأس عاصمة مصر    «الكاف» يتغنى بإنجاز صلاح الاستثنائي في أمم أفريقيا    إخماد حريق شب داخل منزل فى الحوامدية دون إصابات    الأرصاد تحذر من انخفاض الحرارة.. وهذه المنطقة الأكثر برودة فى مصر    حريق بمخازن أخشاب بالمرج وإصابة 5 مواطنين في حادث على طريق الضبعة    تموين القاهرة يشن حملات مكبرة ويحرر 185 محضرا    إحالة مديري مدرسة التربية السمعية الحالية والسابق للمحاكمة لإهمالهما في واقعة اعتداء جنسي على تلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المدرسة    وفاة الماكيير محمد عبد الحميد وتشييع الجنازة بعد صلاحة العصر من مسجد الشرطة بالشيخ زايد    الرعاية الصحية: إدخال أحدث تقنيات الفاكو لعلاج المياه البيضاء ودعم السياحة العلاجية بجنوب سيناء    الحمصاني: الحكومة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محطة رفع صرف صحى بطاقة 15 ألف م3 يوميًا لخدمة قرية الفهميين بالجيزة ضمن حياة كريمة    مصرع 5 عناصر إجرامية شديدة الخطورة وضبط مخدرات بقيمة 103 ملايين جنيه في أسوان    هندسة بنها بشبرا تحصل على جائزة الإبداع والتميّز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    محمد صلاح يعادل الصقر ويتخطى أبو جريشة فى قائمة هدافى أمم أفريقيا    مرموش: نحتاج لمثل هذه العقلية في البطولات المجمعة    خالد أبو المكارم ممثلاً لغرفة الصناعات الكيماوية بمجلس إدارة اتحاد الصناعات    ترامب: المحادثات مع روسيا وأوكرانيا تسير بشكل جيد    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    قافلة المساعدات ال100 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    عصام عمر يقتحم ملفات الفساد في «عين سحرية»    وزير الثقافة يلتقى خالد الصاوى لبحث إنشاء المركز الدولى للتدريب على فنون المسرح    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بعد قليل.. رئيس الوزراء يتفقد عدداً من مشروعات حياة كريمة بالجيزة    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرة التخطيط تعقد جلسة مباحثات مع وزير الاقتصاد الأرميني لمناقشة الشراكة الاقتصادية بين البلدين    أسعار السمك اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة يناقش مع مدير المركز الأفريقي للأمراض تطوير آليات الاستجابة السريعة للتحديات الصحية الطارئة    اليوم.. نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    قائد الجيش الثاني الميداني: لن نسمح بأي تهديد يمس الحدود المصرية    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    إدارة ترامب توقع اتفاقيات صحية مع 9 دول أفريقية    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    مشروع قومى للغة العربية    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حماية القلب وتعزيز المناعة.. فوائد تناول السبانخ    منتخب مصر يتفوق بصعوبة على زيمبابوي 2-1 في افتتاح البطولة الأفريقية    القانون يضع ضوابط تقديم طلب اللجوء إلى مصر.. تفاصيل    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدد حياتك (10): صدمة المعرفة


أرأيتم لو أن أحدا من الناس اعتزل.
وانغلق على نفسه.
وكف عن متابعة أحوال الزمان.
وأخبار البشر.
وانطوى على أموره المعيشية اليومية الخاصة.
كل ذلك والدنيا من حوله تدور.
والأحداث تتجدد.
وحركة الحياة تمضي.
وطبيعة الثقافة وأنماط المعيشة في مجتمعه تتغير وتتحول.
فسوف يفاجأ بعد ذلك بأنه عاجز عن الفهم.
غير قادر على استيعاب الأحداث من حوله.
وسوف يشعر بأنه تائه.
مذهول.
مشتت الفكر والوجدان.
ثم تقع الأحداث المتجددة، والمبنية على التراكمات التي غاب هو عنها.
فتقع له صدمة المعرفة.
ويجد أنه لا يفهم سياق تلك الأحداث.
ولا يعرف لماذا وقعت.
وكل هذه التداعيات توصله إلى نتيجة خطيرة جدا.
ألا وهي عجزه عن إصدار تجاوب مناسب، وتفاعل سليم، مع الأحداث من حوله.
لأنه لا يستوعبها، ولا يفهم سياقها، ولا يتابع تاريخها وتطورها وتراكماتها.
*****************
فغياب الإنسان عن المتابعة والرصد لأحوال زمانه يبعده عن المعرفة.
ويدخله في كهف.
فإن اضطر بعدها للتعامل.
اصطدم بمعرفة أمور يعجز عقله عن استيعابها.
فيضطرب في تعامله معها.
وتكون ردود أفعاله انفعالية، وقتية، حادة، متشنجة.
غير مستوعبة ولا محيطة.
فيتخبط.
***************
أما إذا ما اتسع عقله للمعرفة.
واطلع على أحوال الزمان.
ورصد ما يدور في وقته ومجتمعه والعالم من حوله.
مع معرفة بالجذور والخلفيات.
وتواريخ الأمور.
وكيفية تطوراتها وتصاعدها.
فإنه يتمتع بالاستيعاب، والإحاطة.
ويهضم عقله الأحداث بيسر.
ويتأملها بسكينة.
وينظر إليها من خارج.
فيستطيع عقله أن يراها بوضوح.
وأن يتجاوب معها على بصيرة.
وأن يكون تفاعله معها، وردود أفعاله عليها منضبطة، متراكمة.
بحيث يقوم ببناء مواقفه بصورة منتظمة.
غير مشوشة، ولا متناقضة، ولا قاصرة، ولا جزئية.
****************
ثم هو يضيف إليها تحليله المنهجي.
وتفسيره العميق المستنير للأحداث والمواقف.
ثم يخلص منها إلى معرفة ما وراءها من مبادئ وأفكار.
ثم يترقى منها إلى أصولها العليا، التي تفضي به إلى مزيد من معرفة الحق سبحانه.
وشهود حكمته.
فيصنع بذلك الأحداث كما يريد.
ويبنيها كما يشاء
ولا يبقى طوال عمره مرهونا بأفعال الآخرين.
دائرا في فلك الأمم من حوله.
مقتصرا على رد فعل لما يقومون هم به عن معرفة وإدراك، يحقق مقصودهم، ولا يحقق مقصودنا.
***************
أما العقل الأول.
الواقع في صدمة المعرفة.
العاجز عن الاستيعاب.
المتخبط في بناء المواقف وردود الأفعال.
فإنه يذكرني بأهل الكهف، الذين قص الله تعالى علينا شأنهم في القرآن الكريم.
وما أدراك ما أهل الكهف؟؟!!!!!
******************
لقد دخلوا الكهف فرارا بدينهم.
فضرب الله على آذانهم في الكهف سنين عددا.
ثلاثمائة سنة وأكثر.
وهم في غفوتهم ونومهم.
والدنيا من حولهم تدور.
وأحوال الأمم والشعوب تتبدل.
على مدى ثلاثة قرون.
فتزول دول وتنشأ دول.
وتموت أجيال وتولد أجيال.
وتتغير أنماط المعيشة.
وهيئات الملابس.
وأشكال النقود.
وتتحول ثقافات الناس ومناهج تفكيرهم.
وطرق تعاملهم.
وتتراكم أحداث التاريخ، ومعارف البشر في كافة شئونهم.
ثم يبعثهم الله تعالى لحكمة.
ويطلع الله تعالى الناس على قصتهم العجيبة، وخبرهم الغريب.
حتى يتحقق الناس من قضية البعث.
ويشاهدوا نموذجا عمليا له.
ثم يلطف الله تعالى بأهل الكهف.
فيقبضهم بعدها مباشرة، بعد أن تحقق المراد الإلهي من بعثهم.
فما لبثوا بعد بعثهم في الحياة إلا يسيرا.
وكان هذا من لطف الله بهم.
فلو أنهم خرجوا إلى مخالطة المجتمع بعد ثلاثة قرون من التغيير والتداعي في حياة البشر.
لأصيبوا بصدمة معرفية.
ولتعذر عليهم التعامل.
وقد تغير وجه الأرض كلها من حولهم.
ولاحتاجوا إلى سنوات يستوعبون فيها أحداث التاريخ التي وقعت على مدى ثلاثة قرون كاملة.
حتى يستطيعوا استئناف المعيشة، والتفاعل مع أحداث زمانهم الجديد.
***************
وقد يقع نظير ذلك بصورة مصغرة للأفراد أو الأمم.
التي تنكفئ على نفسها.
وتنشغل بالأمور اليومية الحياتية البحتة.
فيغيب الناس عن الوعي بالتدريج.
ويدخلون في كهف من العزلة والتجنب للمعرفة.
فيتعاملون مع واقع لا يستوعبونه.
*****************
ولعلك تستحضر هنا صورة شخص وقعت له مفاجأة.
لم تكن في حسبانه قط.
ولم تخطر له يوما على بال.
ثم فوجئ بها.
فكيف يكون رد فعله بعد ذلك؟؟
سيكون مصدوما.
مبهوتا.
مشتت الفكر.
عاجزا عن الاستيعاب والتصور.
فينشأ من عجزه عن الاستيعاب أن تصدر عنه ردود أفعال مضحكة.
فيبكي، ويفرح، وينفعل، ويضحك، ويتشاجر، في وقت واحد.
ولربما أغمي عليه.
وهكذا أبدا.
كلما ضاق التصور، وعجز العقل عن الاستيعاب، صدرت في المقابل أفعال غير محسوبة.
ولا منضبطة.
وازداد الإنسان غوصا في جهله.
فيخرج بالتدريج إلى هامش الحياة.
ولا يبلغ دين الله.
ولا يقوم بمراده.
ولا يشارك في صنع ثقافة العالم من حوله بصورة فاعلة ومؤثرة.
*****************
وكل ما سبق يفضي بالإنسان إلى ميزان دقيق.
بحيث لا ينشغل بتفاصيل الأحداث والأشخاص لذاتها.
حتى يغرق فيها.
فيتحول إل السطحية.
وهو في المقابل لا يهملها، ويتجاهلها.
حتى يصطدم بعد ذلك بتراكماتها، وتأثيراتها على حياته العامة والخاصة.
*******************
وكل ذلك من شأنه أن يصنع الإنسان المؤمن الرباني.
العارف بزمانه.
المقبل على شأنه.
المستوعب لأحوال عصره.
القائم بواجب وقته.
المتحمل لدين الله تعالى عن بصيرة.
المعبر عن قيم هذا الدين واتساعه.
الذي يرى الناسُ من خلاله جلالَ هذا الدين في تكوين الإنسان الواسع.
الرحيم.
الذي يتحرك بالهداية.
ويعلم الجاهل برفق.
*****************
وكل ذلك من شأنه أيضا أن يبني في الإنسان عقلا مستنيرا.
يتحلى بسمات وصفات عريقة، جليلة.
منها عمقه.
ومنهجيته.
وربانيته.
وتحليله.
واستيعابه.
وإحاطته.
وغوصه على اللآلئ.
ونفاذ بصيرته إلى الماورائيات.
واتزان شئوون الدنيا والآخرة عنده.
وشدة شهوده لعظمة المولى سبحانه في تدبير أمور خليقته.
وفي تسبيب الأسباب لتحقيق مراده.
فيترقى إلى كثرة ذكره سبحانه وشكره.
فيزداد نورا وحكمة ومعرفة.
ويتألق عقله ويبدع.
ويسعى في الأرض بالعمران.
مع ابتغاء الدار الآخرة.
وللحديث بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.