نحن نظلم أنفسنا ونظلم تاريخنا عندما نختصر حرب أكتوبر المجيدة فى توقيتها الذى صنع مفاجأة مدوية أو فى وقائع القتال الذى شهدته جبهة قناة السويس لمدة 18 يوما متصلة وصنعت حدثا غير مسبوق فى تاريخ الحروب.. إن حرب أكتوبر ملحمة عمل مجيد استمر لأكثر من 6 سنوات هى الفترة الممتدة بين النكسة المؤلمة فى 5 يونيو 1967 والعبور الظافر فى 6 أكتوبر 1973 وهى فترة لا يمكن انتزاعها من أوراق حرب أكتوبر لأنها شهدت أشرف وأشرس حرب استنزاف بينما كانت تجرى أكبر وأعمق عملية إعادة بناء للقوات المسلحة المصرية ومعالجة وترميم وإعادة بناء كل ما جرى تدميره فى حرب عام 1967 فى إطار خطة إعداد لليوم الموعود الذى تعهد الرئيس جمال عبد الناصر والقيادة العسكرية الجديدة برئاسة الفريق أول محمد فوزى والفريق عبد المنعم رياض ليكون يوم الثأر ورد الاعتبار. إن الذى حققناه فى حرب أكتوبر لم يكن بالإمكان تحقيقه بدون سنوات الألم والعرق والدموع التى أعقبت نكسة يونيو 1967 والتى شهدت استعادة قدر كبير من التوازن الاستراتيجى والتعبوى والتكتيكي. وربما يكون مفيدا وضروريا أن أنقل جزءا من شهادة اللواء طه المجدوب رئيس فرع التخطيط بهيئة العمليات خلال حرب أكتوبر والتى قال فيها أن حرب الاستنزاف قد لعبت دورا أساسيا فى الإعداد المعنوى والمادى لحرب أكتوبر وكانت هى المحك الذى كشف عن قوة صمود المقاتل المصرى وقدرته على التحمل وإصراره على دحر عدوه حيث أتيحت له ربما لأول مرة فرصة الالتقاء بعدوه وجها لوجه. وليست الأسماء التى ذكرتها فى السطور السالفة سوى مجرد رموز ونماذج لمئات القادة العسكريين الكبار الذين تحملوا عبء 6 سنوات من الألم والعرق والدموع لكى نحقق ما حققناه فى نصر أكتوبر المجيد وفى مقدمتهم الفريق محمد صادق مديرا للمخابرا الحربية ورئيسا للأركان خلال ملحمة الاستنزاف ثم وزيرا للحربية بعد أحداث مايو 1971. وبعد غد«السبت» نطالع صفحات جديدة. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله;