10 رمضان... اكتشاف الذات(16) عندما قلت أمس إن يوم10 رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام1973 لم يبدأ في هذا اليوم تحديدا وإنما يمتد عمره لأكثر من6 سنوات لم أكن مبالغا وإنما كنت أذكر الحقيقة التي قد تغيب عن أذهان البعض. أتذكر اليوم أنه بعد ملحمة رأس العش في يوليو1967 وإغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات في أكتوبر1967 شهدت أعوام1970,1969,1968 ملاحم رائعة وضعت بذرة يوم10 رمضان. طوال عام1968 كانت معارك الدفاع النشط التي لجأت إليها قواتنا المسلحة لإزعاج القوات الإسرائيلية من خلال قصف مدفعي مركز ومحسوب بكل الدقة ومتواز مع برنامج طموح لاستكمال إعادة بناء التشكيلات العسكرية وقد نجحت هذه المرحلة التي استمرت حتي مارس1969 في إنجاز هدفين أساسيين حددتهما القيادة العامة للقوات المسلحة وهما اجتياز مرحلة النقاهة النفسية والبنيوية لقواتنا المسلحة مما أصابها في حرب يونيو1967 ورفع كل أنقاض وبقايا هذه الحرب لكي يكون المسرح جاهزا للبناء الجديد. ومع حلول شهر مارس عام1969 بدأت أخطر مراحل حرب الاستنزاف وكان أبرز عناوينها المضيئة استشهاد البطل الفريق عبدالمنعم رياض رئيس هيئة أركان حرب القوات المصرية في خط المواجهة الأمامي علي حافة قناة السويس في موقع المعدية رقم6 بمنطقة الإسماعيلية يوم9 مارس.1969 وللحقيقة وللتاريخ فإن حرب الاستنزاف كانت بمثابة الإعداد المعنوي والقتالي الصحيح الذي مكن المقاتلين المصريين من استعادة ثقتهم بأنفسهم ليس بدروس وخطب معنوية تلقي عليهم وإنما من خلال مواجهات ميدانية مباشرة كشفت عن زيف أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر. كانت حرب الاستنزاف هي البيئة التي أنجزت عنصر التطعيم القتالي, الذي اكتسبه المقاتل المصري من سلسلة مواجهات متتالية جعلت منه بعد ذلك المفاجأة الكبري في ساعات العبور الأولي التي تفوقت علي جميع مفاجآت الخداع والتسليح. ثم إن حرب الاستنزاف كانت بالنسبة لجهاز الاستخبارات العسكرية والاستطلاع بمثابة كنز ثمين ساعد علي توفير بنك معلومات لا يقدر بثمن حول عناصر القوة والضعف لدي العدو. باختصار إنها الحرب التي ساعدت علي تأكيد صحة المعدن الصلب لشعب مصر من ناحية وساعدت جيش مصر علي إعادة اكتشاف ذاته من ناحية أخري! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: بعض الأشياء تضيع لأننا لا نعرف قيمتها إلا بعد فوات الأوان! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله