يرى أهل الصين أن أكثر ما يغيب عن دعاة العولمة أنهم يستهينون بالتحديات التى ستفرض نفسها على أرض الواقع فى ظل ذلك التسارع الرهيب لحجم المتغيرات العميقة فى السياسة والفكر بنفس درجة السرعة المذهلة التى ينطلق بها التقدم العلمى والتكنولوجى وهو ما يستلزم ضرورات المراجعة المستمرة للأوضاع الاقتصادية ومرتكزاتها كما أن من الخطأ الكبير أن يعتقد دعاة العولمة أن الرأسمالية خيار وحيد لا بديل له ومن ثم يسرفون فى تجاهل سلبيات وتداعيات النزعة المتوحشة للرأسمالية ا. والمدهش أن أهل الصين لا يجادلون فى أن العولمة باتت إحدى الحقائق المؤكدة فى العصر الحاضر نتيجة لثورة الاتصالات والمعلومات التى حولت هذا العالم الفسيح على امتداد قاراته الست إلى قرية صغيرة مفتوحة على جميع الاتجاهات ومن ثم فإنه من العبث السياسى والفكرى أن ينظر أحد إلى العولمة على أنها شر كلها لأن بها - بالقطع - جوانب إيجابية عديدة ولكن جوهر التحدى يكمن فى أن شرور العولمة لو تركت بغير حصار وبغير ضوابط يمكن أن تتحول إلى شرارات لهب قد تصعب السيطرة على نيرانها فى دول ومجتمعات مازال بنيانها السياسى والاقتصادى يماثل أكواخ معظم ساكنيها والمشيدة من القش والطين القابل للاشتعال. ومهما تباينت آراء أهل النخبة فى الصين فإن هناك إحساسا عاما بوجود مخطط تقوده أمريكا لتغييب معظم آليات النظام العالمى الذى اعتادته البشرية منذ الحرب العالمية الثانية والذى تعبر عنه منظمة الأممالمتحدة والهيئات والمؤسسات الدولية التابعة لها باعتبارها الملجأ الذى يتساوى أمامه الجميع حيث لا فارق بين دولة كبرى ودولة صغرى فإن متطلبات الهيمنة الأمريكية تتجه لشل إرادة الأممالمتحدة وهو ما برز بوضوح فى إعطاء حلف الناتو وقمة دول الثمانى الكبرى صلاحيات البت فى أمور وقضايا عالمية تمثل صلب وجوهر وظيفة المنظمة الدولية.. ومعنى ذلك إننا أمام واقع عالمى جديد يحرض على الغضب والاحتجاج. وغدا حديث آخر من بكين خير الكلام: من يكثر النظر إلى الذهب يفقد بصره! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله